الناصرة- «القدس العربي»: حمل رئيس الحكومة ووزير الأمن الأسبق إيهود براك على كتاب «فخ 67» لمؤلفه ميخا غودمان وحمل على استنتاجاته، معتبرا أن رفض تسوية الدولتين سيحول إسرائيل لدولة ثنائية القومية رافضا مخاوف اليمين من هذه التسوية.
وفي مقال نشرته صحيفة «هآرتس» أكد أن غودمان في كتابه الذي يعتبر تسوية الدولتين فخا، قد أعطى وزنا أكبر لمزاعم اليمين الإسرائيلي.
ورفض مساواة غودمان بين مخاوف «اليسار» الإسرائيلي من عدم حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ومخاوف اليمين من تسويته والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967. ووفقا لباراك، فإن «إسرائيل هي الدولة الأقوى في المنطقة، وهذه المساواة والمقارنة التي يصفها غودمان ليست موجودة، لافتا إلى أن غودمان يساوي بين تهديد وجودي أكيد على مستقبل المشروع الصهيوني (التوازن الديمغرافي) ومخاطر تقنية عسكرية، تتمثل باستقرار قوة معادية غرب نهر الأردن في المستقبل أو صواريخ و»إرهاب» من الخارج أو الداخل، التي يحظر الاستخفاف بها، إلا أنها لا تهدد وجود إسرائيل، ويوجد أكثر من رد واحد عليها.
أغلبية عربية
ويوضح باراك أنه يوافق مع من يحذر من مخاطر الدولة الواحدة ووجود أغلبية عربية فيها ويؤكد أن الكارثة «الأمنية» الناجمة عن تسوية الدولتين التي يتحدث عنها اليمين ليست بالحجم نفسه. باراك الذي يدعو اليوم لتسوية الدولتين ولدولة فلسطينية منزوعة السلاح مع تدابير أمنية واسعة يعتبر أن الانفصال عن الفلسطينيين ليس تهديدا وجوديا، مؤكدا أن الادعاء أنه في أعقاب هذا الانفصال لن يكون بالإمكان الدفاع عن إسرائيل ليس صحيحا . ولفت إلى أن «معظم رجال الأمن الإسرائيليين، الذين يؤمنون بالأمن قبل وبعد أي شيء آخر، يرون في الانفصال عن الفلسطينيين في يهودا والسامرة ( الضفة الغربية) من خلال ضمان سيطرة أمنية على كل المنطقة طوال المستقبل المنظور هو جزء من أي تسوية مرحلية. وتابع مسوغا موقفه «هم يرون بـ «التسوية الإقليمية» و»الدولتين للشعبين» جزءا من أي تسوية دائمة. وإذا لم نتمكن من دراسة التسوية الإقليمية سنقف أمام خطر، ليس فقط على صبغة الدولة ومكانتها في العالم، وإنما قبل كل شيء سنقف أمام خطر أمني، بما في ذلك محاربة «الإرهاب. بما أننا أقوياء وندرك جيدا المصلحة الأمنية، فإن تسوية مرحلية أو دائمة، نوافق عليها، لا يمكنها أن تشكل خطرا وجوديا على إسرائيل».
وقال براك إنه يقرأ بين صفحات الكتاب عن «فخ»، لكن عندما ينظر إلى الواقع فإنه يرى فرصا… لكن تبني الادعاءات الواردة في الكتاب من شأنها أن تشوش على قراءة الواقع، وتعزيز المخاطر والتسبب بعمى لنا ومنعنا من رؤية الفرص».
يحذر من فخ ويسقط فيه
وأشار إلى أن غودمان يبدو كمن يضع نفسه في وسط الخريطة السياسية، ويحلل وينتقد اليمين واليسار. لكن، عمليا، عن وعي أو دون وعي، هو يتبنى فرضيات اليمين، رغم أن بعضها مفند». ووفقا لباراك، فإنه خلافا لكتبه السابقة، بحث غودمان في كتابه الحالي في مواضيع «ليست في مجال اختصاصه. وهذا الأمر جعل المؤلف يسقط في فخاخ يحذرنا من السقوط فيها. ورأى أن الكتاب يعاني من عيبين كبيرين: «الأول، هو أنه يظهر في أماكن كثيرة في الكتاب الادعاء المفند أنه من دون سيطرة إسرائيلية كاملة على قمم جبال الضفة الغربية لا يمكن الدفاع عن إسرائيل. ويتابع باراك الذي يعتبر نفسه الخبير الأمني الأول اليوم «كل الوصف لوضع إسرائيل الأمني مشوب بهلع عميق، بالإمكان فهمه عاطفيا، لكن حقائقه الأساسية ضعيفة».
الأمن الحقيقي
واعتبر أن هذا وصف مبالغ فيه ومبسط ويقول إنه صحيح أن مساحة إسرائيل صغيرة، «ولو كان بالإمكان توسيعها بجرة قلم، أو صلاة أو أمنية، من دون مخاطر وأثمان أخرى، لاخترنا ذلك جميعا، لكن من الواضح أن الحال ليست بهذا الشكل. وتساءل أليس من هذه الحدود المقلصة، حققنا أعظم انتصاراتنا مقابل ثلاثة أعداء؟. ويوجد الآن اتفاقيات سلام مع اثنين منهم، والثالث، سوريا، غارق في حرب أهلية منذ ست سنوات. ويرى أن ثمة الكثير الذي ينبغي فعله، لكن لا مكان للمخاوف من أجل العمل.
والعيب الثاني في الكتاب، حسب باراك، هو أن جبال الضفة المطلة على السهل الساحلي الإسرائيلي « ليست كل الصورة، لافتا إلى أن الأمن ليس مناظر مطلة ومواقع للسلاح فقط لأن الأمن هو مجموعة أمور. ويضيف «مجمل القدرات العسكرية، والمدنية، السياسية وكذلك المعنويات القومية. لا يوجد ذكر لهذه الحقائق في الكتاب أيضا».
ويرى أن «التهديد الديمغرافي»، أي زيادة عدد العرب بين النهر والبحر على عدد اليهود، هو «تهديد أكيد» وأن «المجال الزمني لتحققه يقاس بسنوات ليست كثيرة، وليس بأجيال. ويلفت إلى أن هذه حقائق وليست معتقدات وانتقد إعطاء وزن في الكتاب لجهات في اليمين الإسرائيلي من الذين ينفون التهديد الديمغرافي.
النقطة العمياء
ويشير باراك إلى أن «النقطة العمياء» في إدراك اليمين لمهمة الأمن في الضفة الغربية تتعلق بمحاربة المقاومة الفلسطينية، التي يصفها بـ«الإرهاب» وشدد على أن «الحقيقة معاكسة. ويقول إن تقديرات الجهات الأمنية بالنسبة لـ «الإرهاب» من داخل سكان مدنيين، هي أنه من الأسهل محاربته من وراء «خط فاصل» معرّف، ومن خلال الحفاظ على حرية العمل خلفه، من العمل داخل مزيج كامل من السكان، الذي يصعّب الحصول على معلومات استخباراتية وقدرة الرد على سقوط ضحايا».
وضمن الدفاع عن رؤية اليسار الصهيوني المعارض يرى أن «اليسار المسؤول لا يدعي أنه ينبغي الاعتماد على أحد ما، فلسطيني أو آخر. وقول إن اليسار المسؤول يدعي أيضا أن خطرا أمنيا كبيرا يكمن في مجرد استمرار السيطرة على الضفة الغربية. ويمضي بتسويغاته «اليسار المسؤول هو التيار السياسي في إسرائيل الذي يحمل معه العبرة الصهيونية الحقيقية أنه بالإمكان الاعتماد على أنفسنا فقط، مع إضافة نظرة شاملة وواسعة وعميقة لجوهر الأمن، نظرة تتعامل مع الأفق وليس مع الحاضر وحسب. وهي نظرة تدرك أن الأمن في القرن الواحد والعشرين هو ليس فقط تلال مطلة وإنما مجموعة واسعة من الأمور».
سياسة الأمر الواقع
كما اعتبر أن «اليسار المسؤول» هو الذي يواصل العمل بموجب مفهوم بن غوريون ودايان وبيريز ورابين ومفهومه هو، سوية مع كثيرين آخرين. وهذا المفهوم برأيه يحقق في رؤيته وأفعاله بناء «الجدار الحديدي» الذي أفضى إلى انتصارات في حروبنا، وجلب مصر والأردن إلى سلام ويساعد اسرائيل اليوم في الحرب ضد «الإرهاب». زاعما أن هذا هو المفهوم الواسع، الذي دفع العالم العربي للانتقال من «لاءاته الثلاثة» التي اعتمدها في قمة الخرطوم بعد نكسة 1967، إلى «المبادرة السعودية» لعام 2002 التي تبنتها جامعة الدول العربية.
وخلص إلى أن «اليمين، في المقابل، الذي دافعه العميق، والحقيقي، هو «الأرض الكاملة» على حساب «سلامة الشعب»، يسعى إلى التهرب من حسم سياسي إلى حين يخلق البناء خارج «الكتل الاستيطانية الكبيرة» وضعا يكون غير قابل للتغير.
وديع عواودة