ما زال الإعلام العمومي في المغرب أسير النظرة التقليدية التي تجعل وظيفته منحصرة في مباركة التوجهات الحكومية وتلميع صورة أصحاب القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومَن يدور في فلكهم.
ولا يدور في خلد أصحاب هذه النظرة أنهم ـ بذلك ـ ينفّرون المواطن من السياسة والسياسيين ومن متابعة الإعلام الرسمي، كما أن تصديق خطاب هذا الإعلام يصير مطلبا بعيد المنال.
مَن يتابع نشرات الأخبار في التلفزيون المغربي يقف على هذه الحقيقة، إذ لم يعد للطواقم التلفزيونية من شغل سوى اقتفاء أثر وزراء بعينهم، وهم يقومون بـ «زيارات ميدانية تفقدية» لمجموعة من مناطق البلاد، من أجل التعرف على سير عمل الإدارات المحلية التابعة لهم. غير أن المسألة لا تعدو أن تكون حركة استعراضية، تتوخى ضرب عصفورين بحجر واحد: أولهما إظهار الوزير بمظهر الحريص على قطاعه وعلى تنفيذ برامجه، وثانيهما محاولة الإيهام بوجود جهود قوية من أجل تطوير القطاع المعني، عبر التركيز على نماذج إيجابية قليلة، وغضّ الطرف عن مناطق الظل والقصور. ومما يثير الاستغراب، انشغال كاميرات التلفزيون بوزير مخصوص بعينه، يحظى بنصيب الأسد من الأضواء الإعلامية؛ ولا ينحصر ذلك في التلفزيونات فقط، بل يشمل أيضا الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية وغيرها.
لم يستفد عدد من الوزراء المغاربة من إجازاتهم السنوية هذا العام، ولم يذهبوا للاستجمام في المنتجعات الصيفية التي اعتادوا التوجه إليها. الأمر لم يكن بأيديهم ولا من محض إرادتهم، وإنما هو تنفيذ لتعليمات ملكية؛ فالعاهل المغربي غاضب بسبب تعثر مشاريع التنمية في الريف، والأوضاع هناك ما زالت تغلي: احتجاجات متفرقة تواجَه بالمنع والقمع، وناشطون يقبعون خلف القضبان، ويهددهم ممثلو النيابة العامة بأقسى العقوبات!
بيد أن نشرات الأخبار تغض الطرف عن الواقع الاجتماعي القاتم، وتقدم الصورة الوردية الزاهية: مهرجانات «التبوريدة» (الفروسية)، وإقبال الناس على الفنادق ومراكز الاصطياف والشواطئ الممتلئة!
زمن «العين الحمراء»!
لم تعد برامج النقاش السياسي في المغرب مجرد أداة لترويج خطاب ديماغوجي فحسب، وإنما أمست ـ أيضا ـ تمرر نوعا من التهديد المبطن والوعيد الشديد تجاه كل من يعتزم القيام بعمل احتجاجي سلمي أو يرفع عقيرته بنداء مطلبي. هذا ما تبيّن من خلال الحلقة الأخيرة من البرنامج التلفزيوني «ضيف الأولى»، حيث قال محمد أوجار، وزير العدل، إن الدولة القوية ستعود من أجل تطبيق القانون، بعدما كانت تتساهل في ذلك خلال السنوات الأخيرة.
والأرجح أن هذا الجواب كان معدا سلفا، وأن أسئلة منشط البرنامج كانت بتنسيق مع الوزير نفسه، لكي يصول ويجول ويظهر «العين الحمراء» للدولة. فالخصم اللدود للدولة ـ كما يمكن أن يُستشفّ من أسئلة صاحب البرنامج ومن أجوبة الوزير ـ هو المواطن البسيط المغلوب على أمره، وليس المسؤولين الفاسدين الذين يتهاونون في القيام بواجبهم ويخونون أماناتهم، وبعضهم يُتركون يسرحون ويمرحون، دون تقديمهم للمحاكمة العادلة. فالقانون ـ عموما ـ لا يُطبّق بعدل ومساواة بين جميع المواطنين، بل ثمة انتقاء في المتابعات القضائية وفي تنفيذ الأحكام. وكم من فضائح مرت مرور الكرام على رؤوس الأشهاد، رغم أن «أبطالها» شخصيات عمومية تولّت مناصب رفيعة!
أما مَن يخرق القانون، فهم ـ مثلا ـ الباعة المتجولون وأرباب المقاهي، حسب قول صاحب برنامج «ضيف الأولى» في حلقته الأخيرة. وكلام شبيه بذلك، وأخطر منه، ردده الشخص نفسه في قناته الافتراضية على «النت»، معلّقا على خطاب الملك بمناسبة «عيد العرش»، إذ قال صراحة إن المشكل في المغرب هو مشكل الشعب. واستثنى من ذلك «أقلية» فيها نقاط ضوء، تقود المواطنين. ونسي أن يدعو إلى إزالة هذا الشعب، واستقدام شعب آخر من بلاد لا توجد سوى في خياله العجيب!
بن كيران الضاحك المضحك!
ربما أراد عبد الإله بن كيران، رئيس الوزراء السابق وأمين عام حزب العدالة والتنمية (الإسلامي) أن يبحث عمن يسليه ويطرد عنه الوحدة ويملأ وقته، فاستقبل في بيته صياح أمس (الخميس) الشخص الذي كان يسخر من طريقته في الكلام على قناة «نسمة» التونسية وعلى إذاعة «أم أف أم» المغربية، الكوميدي محمد الشرقاوي. وانتشرت الصورة الفوتوغرافية التي تجمع الضيف والمضيف انتشار النار في الهشيم، حيث بدا بن كيران يضحك حتى ظهرت نواجده. ولعله بذلك يريد تمرير رسائل عدة من بينها: أنا لست مكتئبا ولا حزينا بسبب إقصائي من الاستمرار في رئاسة الحكومة، كما أن «قشابتي واسعة» (بمعنى دشداشتي واسعة، كناية عن سعة الصدر) ولا مانع لدي من أن ينتقدني أحد أو يسخر مني، وأنا ما زلت ملهم الكثيرين في الحضور والغياب بمن فيهم فنانو السخرية!
كاتب من المغرب
الطاهر الطويل
لقد إشتاق إليك الشعب المغربي يا بنكيران
فلم يعرفوا قيمتك إلا بعد أن جربوا غيرك !
ولا حول ولا قوة الا بالله
أحسنت الأخ داود٠هاته المرة أتفق معك٠
بنكيران اجرم في حق قطاع التعليم والصحة وووو فهو صاحب المقولة التي سمحت للوبيات الفساد ان تستاسد ( عفا الله عما سلف)..كان منافقا كبيرا يكفي المقارنة بين موقفه في مسالة طقوس البيعة ..قبل الاستوزار وبعده ..ليس في القنافذ املس
بن كيران صالح المغاربة مع السياسة بصدقه العفوي وتحديه للدولة العميقة….
الكروي داود هذه المرة كان على حق…برافو عليك..