من الممتع كراهية «الجزيرة»

حجم الخط
0

«الجزيرة هي قائدة لكونها تغير آراء ومقاربات الناس. سواء أحببتم ذلك أم لا، فهي فعالة بالتأكيد»، هذا ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في شهادتها أمام لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ في 2 آذار 2011.
الفعالية الحقيقية لقناة «الجزيرة» لا تقاس ببيانات مشاهدتها (في الذروة وصل عدد المشاهدين إلى 70 من مئة من المتحدثين بالعربية)، بل بمستوى الاشمئزاز والخوف الذي يكنه لها معظم زعماء الدول العربية، والآن إسرائيل أيضًا. المَسُّ بالأمن القومي والتسبب بضعضعة الاستقرار وشبكة تدعم الإرهاب والصفات المشابهة جميعها تشهد على قوتها وتأثيرها.
في هذا الأسبوع في «هآرتس» خرج عبد ل.عزب عن أطواره من أجل أن يثبت بالأدلة والبراهين خيانة القناة في كل ما يتعلق بـ «الشأن العربي»، حيث أنها لم تقم بتغطية التمرد الشيعي في السعودية (22/8). وقد هاجم مباشرة التلفظات الفظة التي أطلقها فيصل القاسم ضد بشار الأسد. «تصريحاته والأقوال التي اختارها لا تتساوق مع المعايير الأخلاقية للصحافة، ولا مع أدنى احترام للذات»، كتب. كيف بربكم يتجرأ صحافي سوري على التحدث بهذا الشكل عن قاتل مثل الأسد.
فيصل القاسم الذي هو من الصحافيين الكبار في «الجزيرة»، وهو درزي (مثل وزير الإعلام أيوب قره)، ويحمل الجنسية السورية والبريطانية، والذي يعتبر برنامج «الاتجاه المعاكس» الذي يقدمه من البرامج الأكثر شعبية بين البرامج المتلفزة العربية بسبب الجرأة والحدة، قام بنفسه بإثارة ثورة في الصورة التي يعالج بها الإعلام العربي المواضيع المختلف عليها، سواء كان الأمر يتعلق بحقوق المرأة أو التيارات الدينية أو الزعماء القتلة.
إن الميثاق الأخلاقي للقناة هو بالتحديد ما يزعج عزب، وليس حقيقة أن «الجزيرة» هي التي كشفت للعالم عن حرب افغانستان، عندما لم يسمح لوسائل الإعلام الغربية بالدخول إلى المنطقة، وهي التي قامت بعرض المذابح التي نفذتها قوات التحالف الدولي أثناء الحرب في العراق، وعندما اضطر صحافيون غربيون لمرافقة القوات الأمريكية (لهذا تلقت قنبلة مباشرة من طائرة أمريكية قتل فيها مراسل من مراسليها).
هذه «القناة الخائنة»، كما يسميها عزب، هي التي نشرت عن انتحار محمد بوعزيزي في نهاية 2010، في الوقت الذي نظروا فيه في الغرب إلى هذه الحادثة قضية جنائية محلية، وعملت على تأطير الحادثة موضوعا عربيا. هذه القناة أوجدت خطابا عربيا جديدا أثمر أيضا أفكار ثورة الربيع العربي.
نعم، «الجزيرة» قامت بثورة في الإعلام بعد أجيال رافقت فيها وسائل الإعلام العربية الزعماء العرب في قص الأشرطة والخطابات النارية، وأحيانا من دون صوت، خوفا من أن يقوم شخص غير مرغوب فيه بالتفوه ضد الزعيم. لهذا، كما يبدو، يتوق الليبرالي العربي.
«الجزيرة» كشفت عن الفساد في السعودية، إلى حين قامت السعودية بإغلاق مكاتبها في المملكة. وفي هذه السنة فرضت إغلاقا محكما على قطر، في الأساس بسبب هذه القناة المتقدة. قناة الجزيرة «الكاذبة» هي الشبكة الوحيدة تقريبا التي ما زالت تقدم التقارير عما يجري في قطاع غزة.
صحيح أن «الجزيرة» ليست موضوعية، فهي ممولة من عائلة أمير قطر، وهي لا تقوم بانتقاد الفساد والظلم في الإمارة.
أيضا صحيفة «إسرائيل اليوم» حتى الآونة الاخيرة، وشبكة «فوكس» الأمريكية لا تقوم بانتقاد أصحابها وسادتها، ولا «يديعوت احرونوت» كانت هي التي كشفت عن العلاقة بين صاحبها ونتنياهو. ببساطة، من الجبن وعدم الصدق الانضمام إلى بون ـ تون العربي والإسرائيلي من أجل طلاء القناة بالزفت والتلويح بها عدوة للشعب.
إن سحب هُوية الصحافة من إلياس كرام هو عمل يائس من قبل الدولة. خاصة من قبل الوزير الذي اخترع إنسانا آليا مدهشا. بجرة قلم يستطيع في الغد أن يخترع اختراعا أو ذريعة يغلق فيها عددا من وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية والغربية، لكن على الأقل ستبقى للإسرائيليين قناة «الجزيرة»، التي يمكنهم من خلالها معرفة ما يجري في بلادهم وفي المناطق التي قاموا باحتلالها.

هآرتس ـ 23/8/2017

من الممتع كراهية «الجزيرة»
«هذه القناة قامت بثورة في الإعلام بعد أجيال رافقت فيها وسائل الإعلام العربية الزعماء العرب في قص الأشرطة والخطابات النارية»
تسفي برئيل

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية