الطيران الروسي يمطر إدلب السورية بالصواريخ ويدمر منظومة الدفاع المدني ويتسبب في نزوح جماعي

حجم الخط
1

عواصم – «القدس العربي»: قتل 12 مدنياً، أمس الجمعة، بقصف جوي روسي استمر لليوم الرابع على التوالي، على محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية شمالي البلاد. وأعلنت منظومة الدفاع المدني في ريف إدلب الجنوبي، أمس خروج مركزها في مدينة خان شيخون عن العمل بشكل كامل، وتعطل آلياته، عازيةً السبب الى غارات روسية مكثفة استهدفت المركز، كما استهداف الطيران الحربي الروسي المراكز الحيوية والبنى التحتية في المناطق المحررة شمال سوريا على مدى ايام، بغارات عنيفة أسفرت عن تدمير عدد من المدارس والمراكز والنقاط الطبية وأجبرت المئات على النزوح الى مراكز الايواء على الحدود السورية التركية. وبلغ عدد قتلى القصف خلال الأيام الأربعة الماضية 35 مدنياً.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية عبرت في بيان امس، عن قلقها إزاء استهداف المدنيين بالقصف الجوي في إدلب. وأشارت الوزارة إلى أن القصف الذي استهدف كذلك العاملين في القطاع الطبي والدفاع المدني، يشبه ذلك الذي تنفذه طائرات النظام وحليفتها روسيا. ومنتصف سبتمبر/أيلول الجاري، أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وآيران)، توصلها لاتفاق بإنشاء منطقة خفض توتر في محافظة إدلب، وفقًا لاتفاقٍ موقع في مايو/أيار الماضي.
و قالت وزارة الدفاع الروسية إن غواصة روسية أطلقت صواريخ موجهة على مواقع في محافظة إدلب بسوريا أمس الجمعة مستهدفة متشددين إسلاميين حاولوا نصب كمين لمجموعة من الشرطة العسكرية الروسية هذا الأسبوع. وكانت الضربة التي نفذت من الغواصة فيليكي نوفجورود في البحر المتوسط جزءاً من عملية مضادة ردا على هجوم شنه المتشددون على مناطق تسيطر عليها الحكومة بشمال غرب سوريا قرب حماة يوم الثلاثاء.
وقالت وزارة الدفاع الأربعاء إن المتشددين حاصروا 29 من أفراد الشرطة العسكرية الروسية نتيجة لذلك الهجوم وإن روسيا اضطرت لفك الحصار في عملية خاصة مدعومة بالقوة الجوية.
وقالت امس في بيان إنها أطلقت صواريخ كاليبر على المتشددين أنفسهم من على بعد 300 كيلومتر فأصابت مراكز قيادة ومركبات مدرعة وقواعد للمتشددين الذين شاركوا في الهجوم الأصلي. بينما شرح احد المتطوعين لدى مركز الدفاع المدني في مدينة خان شيخون، لـ«القدس العربي» الاسباب التي أدت الى خروج منظومة الدفاع المدني في المدينة عن العمل، عازيا السبب الى تكثيف الغارات من قبل الطيران الروسي، خلال الايام الثلاثة الفائتة، حيث قال ان طائرة حربية استهدفت المركز في تمام الساعة الثانية بعد منتصف ليلة أمس بخمس غارات متتالية، استخدمت خلالها القنابل الفراغية الشديدة الانفجار، مما أسفر عن دمار كبير وخروج المركز عن الخدمة بشكل كامل.

استهداف مراكز الإسعاف

وأكد المتطوع ان الغارات الروسية دمرت جميع سيارات الاسعاف في المركز، وأعطبت معدات البحث والانقاذ، وألحقت دماراً واسعاً في البناء الخاص بمركز الدفاع المدني، فيما نجا عناصر المركز ممن كانوا بداخله خلال الغارات بسلام دون اصابات تذكر.
مدينة خان شيخون، التي وصفها أهلها بالمنكوبة إثر تعرضها لأكثر من 75 غارة على مدى 72 ساعة، خسرت خلالها ثلاثة مراكز حيوية، الاول منها مركز طبي، والثاني مركز للدفاع المدني، اضافة الى تدمير محطة كهرباء وخروجها عن الخدمة، وأدت الغارات بحسب مصادر اهلية الى وقوع أكثر من عشرة ضحايا من المدنيين، ثلاثة منهم من عائلة واحدة، كانت قد نزحت الى خان شيخون بسبب قصف الطيران الحربي الروسي على بلدة خطاب في ريف حماة.
وافاد الناشط الاعلامي عبد الله جدعان من محافظة ادلب في تصريح خاص ان الريف الجنوبي في المحافظة مازال يتعرض لحملة شرسة من القصف بالصواريخ الارتجاجية والفراغية من قبل الطيران الروسي والسوري، مما خلف اكثر من عشرين شهيدًا وعشرات الجرحى بالاضافة لدمار كبير في المباني السكنية والبنى التحتيتة .
واكد المتحدث انهم وثقوا اكثر من 180 غارة جوية استهدفت الريف الجنوبي لادلب فقط، عدا الغارات التي استهدفت ريف حماه الشمالي، قائلا ان «هذه الحملة تسببت في حركة نزوح كبيرة للأهالي من مناطق القصف باتجاه مخيمات اللجوء على الحدود السورية التركية وايضاً باتجاه القرى والبلدات البعيدة عن مناطق القصف التي تعتبر قريبة من مناطق الاشتباك في ريف حماه الشمالي، حيث شهدت كل من القرى والمدن والبلدات التالية نزوحاً كاملاً، وهي حسب المصدر «التمانعة خان شيخون والهبيط وعابدين والنقير وترملا وقسم من كفرنبل واغلب قرى وبلدات الريف الجنوبي».
وتوزعت الغارات الروسية على مدن وبلدات التمانعة، وبلدتي سكيك وترعي، ومدينتي خان شيخون ومعرة النعمان، والهبيط وترملا، ومعرزيتا وتحتايا وصهيان، وكفرنبل والحامدية بريف إدلب الجنوبي، ما أدّى لإصابة عدد من المدنيين ودمار البنى التحتية.
مدينة خان شيخون شمال غربي سوريا، تبعد مسافة 35 كلم عن مدينة حماة و100 كلم عن مدينة حلب و70 كلم عن مدينة إدلب، وهي تابعة إدارياً لمحافظة إدلب، تعتبر احدى المدن المحررة والتي تؤوي مئات المهجرين والنازحين من ريفي حلب وحماة، وتضم عشرات العوائل المتحدرة من المناطق التي تعتبرها موسكو خاضعة «للعصابات الارهابية»، والتي تتعرض بحسب نتائج الحرب التي تشنها روسيا على الشعب السوري الى حملات ابادة وتطهير، حيث كانت مدينة خان شيخون قد تعرضت الى قصف طيران النظام في تشرين الثاني /نوفمبر من العام الفائت، بالقنابل العنقودية والفسفورية، وفي مطلع شهر نيسان /ابريل من العام الجاري، تعرضت المدينة لمجزرة كيميائية، قصف النظام السوري خلالها الاهالي والمدنيين، بغاز السارين فقتل ما لا يقل عن مئة شخص، بينهم 25 طفلاً، وأصيب أكثر من أربعمئة شخص.

تدمير البنى التحتية

وقال «رامز العبد الله» أحد الناشطين في مجال العمل الإنساني في الشمال السوري لـ «القدس العربي»: «ما يحصل في محافظة إدلب وريف حماة يمثل انتهاكاً كبيراً في حقوق الإنسان، ولا يمكن لأي جهة دولية فاعلة في الملف العسكري السوري تبرير قصف البنية التحتية من مشافٍ ومراكز دفاع مدني ومدارس بحجة محاربة تحرير الشام، فطيران الإستطلاع لا يغادر المنطقة، وفي مقدوره التمييز بين المناطق العسكرية والنقاط المدنية، ولكن ما يجري هو زج المدنيين والمراكز الحيوية ضمن دائرة الأهداف المباشرة من قبل الطائرات الحربية والسورية.
وأضاف «العبد الله» خلال اتصال هاتفي معه: «ما يجري اليوم في محافظة إدلب وريف حماة هو دفن حقيقي لأي حياة مدنية في المناطق المذكورة، وتزايد وتيرة استهداف المنشآت المدنية يعني خلق حصار جائر تدريجي يطال الأهالي المقيمين والنازحين من مدن وبلدات ريف دمشق».

إدلب… وسيناريو حلب الشرقية

أما الناشط الإعلامي «ياسر محمد» فقال لـ»القدس العربي»: ما تعيشه محافظة إدلب اليوم، هو تكرار مشابه تماما لما فعلته الطائرات الحربية الروسية في أحياء حلب الشرقية، حيث عملت قوات النظام السوري والطائرات الروسية على استهداف أي منشآة مدنية من مشافٍ ومدارس ونقاط دفاع مدني، وخلال أشهر قليلة باتت تلك الأحياء مدمرة كلياً ، مما أنتج ذلك استسلاماً واضطر الاهالي ومقاتلي المعارضة للرضوخ للشروط الروسية.
ما يجري في إدلب، بحسب مصادر اهلية هو محاسبة الأهالي في جريرة هيئة تحرير الشام، حيث تعتبر القوات الروسية كل ثائر مدني أو مواطن عادي عنصراً تابعاً للقاعدة ويجب معاقبته، وما يحصل على الاراضي المحررة بحسب الناشط ليس عقاب بالموت فقط، بل هو قتل وتجريد المناطق المحررة من معالم الحياة المدنية، وصولاً إلى ما تريده روسيا وهو إكراه مئات آلاف المدنيين بقبول الأسد تحت وطأة القصف الذي لا يهدأ ليلاً أو نهاراً.

 الطيران الروسي يمطر إدلب السورية بالصواريخ ويدمر منظومة الدفاع المدني ويتسبب في نزوح جماعي

هبة محمد ووكالات

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول علي النويلاتي:

    أين هو هذا الطيران الروسي عندما يعتدي الطيران الإسرائيلي ويقتل ويدمر الشعب والجيش السوري؟؟؟

إشترك في قائمتنا البريدية