رام الله ـ «القدس العربي»: تواصلت ردود الفعل الإسرائيلية على عملية القدس الفدائية، لكنها اتخذت شكل الحرب الإعلامية بين سلطات الاحتلال وأذرعها المختلفة وبين قيادات من حركة فتح في الضفة الغربية. فقد اتهمت إسرائيل بوزرائها وساستها السلطة الفلسطينية بالتحريض، وأن العملية جاءت كنتيجة طبيعية لهذا التحريض، فيما ذهب يؤاف مردخاي المعروف باسم «المنسق»، وهو مسؤول الإدارة المدنية التابعة للاحتلال في الضفة الغربية، الى اتهام منير الجاغوب رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح بأنه يحرض على الاحتلال الإسرائيلي.
وكان الجاغوب قد قال «ان إسرائيل وحدها تتحمل ردود الفعل الفلسطينية على جرائم الاحتلال كاملة، وعليها إذا ما استمرت في عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني ألا تتوقع إلا المزيد من العنف، وان الممارسات الإسرائيلية اليومية والانتهاكات الاحتلالية بحق شعبنا في كل مكان هي سبب لكل دوامة العنف».
واضاف «على إسرائيل أن تدرك جيداً تبعات ما تقوم به من استمرار دفعها باتجاه خيار العنف وسياسة هدم البيوت والتهجير القسري للمقدسيين والاقتحامات المتوالية من قبل قطعان المستوطنين لباحات المسجد الأقصى المُعززة بقواتها ليل نهار وقتل الفلسطينيين بدم بارد على حواجزها المنتشرة في الأراضي المحتلة عام 1967 ».
وأوضح ان «عملية القدس جاءت بعد تغليب كل الأصوات الإسرائيلية فوق كل الفرص الداعية للسلام وانعدام تحقيق أي رؤية تؤمن حقوق الشعب الفلسطيني، مؤكداً حالة اللجوء الواضحة للاحتلال الإسرائيلي إلى خيار القوة العسكرية ضد أبناء شعبنا والتي لا تفرق ما بين الكهل والطفل الفلسطيني والمرأة من جرائم باتت جزءا من يوميات الفلسطينيين أمام آلة الحرب والتنكيل الإسرائيلية».
وأكد ان «رفض إسرائيل للامتثال لكل المواثيق الدولية والاتفاقات التي تلزمها بوقف الاستيطان المتفشي داخل أراضينا الفلسطينية ورفضها إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية وتركيزها على توسعة استيطانها في الأراضي المحتله عام 1967 وتحقيق مشاريعها العنصرية ضد كل مبادئ الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي حول المشهد الداخلي لواقع يائس بعيد عن طموحات وتطلعات شعبنا وأحلامه بالحرية والاستقلال، وعلى إسرائيل ان تنهي احتلالها لأراضينا وان تنسحب منها وان تؤمن بسلام حقيقي بعيدا عن العنف والإذلال اليومي للفلسطينيين».
وعلى الفور رد المسؤول الأول في الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية يؤاف مردخاي بالقول «منير الجاغوب رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم لحركة فتح لم يفوّت أبدًا أيّ فرصة ليصب المزيد والمزيد من الزيت على كل نار رآها، ولم يهتم أبدًا بشؤون الجمهور ونسيج الحياة ولكن هدفه المركزي هو الحصول على العنوان الإعلامي. وفي هذه المرة قدر منير أن عملية العنف التي شهدناها هذا الصباح يقع اللوم فيها على إسرائيل لا غيرها، وكان على إسرائيل أن تعرف أن أعمالها تؤدي إلى الإرهاب ضدها. وننصح منير بمطالعة قصيرة لكتب التاريخ غير البعيد حيث سيكشف أن لعبة العنف تؤدي في نهاية المطاف إلى شقاوة الجمهور الفلسطيني والفوضى وفقدان السلطة لصالح حماس. مرة أخرى نجد قياديين في فتح وهو يحرضون ويشجعون الإرهاب».
وعاود الجاغوب الرد على تهديدات من يسمي نفسه منسقاً بالقول «إن إسرائيل وكعادتها بعد كل عمل من أعمال العنف التي تزجّ فيها المنطقة برمتها خرجت علينا بتصريحات بائسة لتلقي باللوم على السلطة الوطنية الفلسطينية بلهجة تهديدية جاءت تعبيراً عن الفشل الذريع الذي تتعرض له إسرائيل كل يوم، متهمةً السلطة بالتحريض على العنف، متناسيةً عن سابق إصرار أن الاحتلال والاستيطان هما أبشع حالات التحريض وأول مصادر العنف وعدم الاستقرار وإراقة الدم، وهو النار والزيت والحريق الذي يتهدد المنطقة كلها».
واعتبر إن إسرائيل من خلال هذه التصريحات والتهديدات إنما تمارس سياسة الهروب من الاعتراف بالفشل حتى في توفير الأمن لذاتها ولجنودها رغم كل ما تمارسه يومياً من قتل واعتقال وهدم للبيوت ومصادرة أرضنا وحريتنا. وأضاف «إننا في حركة فتح مستمرون في نضالنا من أجل تحقيق أهدافنا التي تكفلها لنا الشرائع والمواثيق الدولية، وملتزمون بخيار المقاومة الشعبية في مقاومة الاحتلال، وعلى إسرائيل أن تدرك أن استمرارها في التنكر لحقوقنا لن يوفر لها الأمن والسلام، وعليها الإنصات الى صوت العقل بإنهاء احتلالها الإجرامي والقبول بحل الدولتين، وإلا فإن البديل هو دولة واحدة في فلسطين التاريخية بحقوق وواجبات متساوية». وختم بالقول «لن ترهبنا ولن تفلح في إنقاذ إسرائيل من فشلها المحتوم. وفِي النهاية تستطيع دولة الاحتلال ان تحول حياتنا الى جحيم لكنها لن تستطيع تحويلنا الى عبيد».
وقال لـ «القدس العربي» أن هذا الهجوم الذي تشنه إسرائيل على السلطة الفلسطينية إنما يأتي لعدم إيمانها بالسلام، بل أنها تراهن على الوقت لمزيد من الاستيطان والسيطرة على الأرض، كما أن هذا الهجوم يعني بالضرورة أن بيان حركة فتح أزعجهم.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إنه وبالتزامن مع الزيارة التي يقوم بها جيسون غرينبلات، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون المفاوضات الدولية للمنطقة، نظمت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو احتفالاً مركزيا في مستوطنة «غوش عتصيون» بمناسبة ما تسميه «مرور 50 عاماً على تحرير يهودا والسامرة، غور الأردن وهضبة الجولان» والاستيطان فيها، بمشاركة أركان الائتلاف اليميني الحاكم وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأدانت الخارجية السياسة الاستيطانية الاستفزازية، التي يمارسها الاحتلال على طول وعرض الأرض الفلسطينية المحتلة، مؤكدة أن هذه الفعالية وغيرها دليل إضافي على الدعم الرسمي الإسرائيلي غير المحدود للاستيطان ونهب الأرض الفلسطينية وتهويدها، انسجاما مع أيديولوجية وثقافة اليمين الحاكم، القائمة على تكريس الاحتلال وابتلاع الأرض الفلسطينية المحتلة، وتقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية الى جانب إسرائيل، وهو ما يشكل عقبة أساسية في طريق الجهود المبذولة لحل الصراع بالطرق السياسية.
ورأت أن تخلي المجتمع الدولي عن تحمل مسؤولياته الحقيقية اتجاه شعبنا ومعاناته، يشجع سلطات الاحتلال على التمادي في الاستيطان وتدمير حل الدولتين، ومواصلة التمرد على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والاستهتار بهما. كما أن صمت المجتمع الدولي على الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا وأرضه، بات يثير الكثير من التساؤلات والشكوك، حول مدى جدية الدول والمؤسسات الأممية في الدفاع عن حل الدولتين ومدى مصداقيتها في حماية وتطبيق مبادىء القانون الدولي والدولي الإنساني على الحالة في فلسطين.
فادي أبو سعدى: