بوضوح شديد، فإنني شخصياً مع أي ضربة غربية أو أمريكية ضد قوات بشار الأسد وشبيحته، ولقد أدركنا مبكراً، أنه لا يمكن لبشار الأسد أن يسقط إلا بالتدخل العسكري بطريقة ما، ضربات جوية أو منطقة عازلة أو تسليح الثوار، وقد طالبنا بهذا منذ بداية الثورة،إلا أننا لا نقبل بدخول قوات برية إلى الأراضي السورية. لا يعقل أن يقوم الأسد بقتل 150 ألف سوري وتهجير اثني عشر مليوناً، ودفن الناس أحياء، وذبح الأطفال أمام أهليهم واغتصاب النساء، والتفاخر بكل ذلك ولا نتمنى الإطاحة به بأي طريقة. في الوقت نفسه أدركنا منذ البداية أن السياسية الأمريكية – الغربية تقوم على إمهال الأسد وإعطائه الفرصة تلو الأخرى ليستطيع إبادة الشعب السوري وإنهاك البلاد، خدمة للكيان الصهيوني. بالنتيجة، يبدو لنا أن ضربة عسكرية غربية قادمة بالأفق، مما يطرح أسئلة مشروعة، مثل: ما الذي يدفع البيت الأبيض وبريطانيا وفرنسا للقول مباشرة، إن الضربة العسكرية لا تهدف إلى إسقاط الأسد أو إزاحته عن الحكم. وما الذي يستدعي أن يركز المسؤولون في تلك الدول على أن الهدف تأديب الأسد ومعاقبته فحسب؟ تعيد هذه الأقوال إلى الأذهان تصريحات حلف الناتو بأن الغرب أو الحلف لن يتدخلا عسكرياً في سورية. وتذكرون أن كل تصريح في هذا الإطار أنتج مجزرة فظيعة في سورية يندى لها جبين الإنسانية. فهل قصد كارني وكاميرون طمأنة الأسد على مستقبله؟، أم أرادا له أن يتورط فيبقى في سورية فلا يخرج منها على الإطلاق؟ الأسد يقتل الشعب السوري منذ عامين ونصف بمختلف صنوف الأسلحة، بما فيها الصواريخ والطائرات فلماذا لم تهتز مشاعر أمريكا الحنونة إلا اليوم؟ لماذا لم تقم أمريكا بتسليح الثوار السوريين والاستغناء عن التدخل العسكري؟ بل لماذا منعت أمريكا شحنات الأسلحة من الوصول إلى الثوار؟ هل يبقى الأسد حاكماً في سورية لو مرت شحنات الأسلحة تلك؟ ألا يعني أن الغرب وأمريكا حافظا على الأسد طيلة هذه السنوات؟ أعتقد أن أمريكا والغرب عموماً يرغبون في الحفاظ على الأسد، إلا أن عليهم اليوم تغيير سياستهم وذلك للمبررات الآتية: ثبت للأمريكان أن الأسد لم يعد يسيطر على سورية بشكل محكم، وبالتالي فقد يصل السلاح إلى الثوار مما يشكل أكبر الخطر على الكيان الصهيوني. كما أن نظام بشار لم يعد يسيطر على منطقة الساحل التي تمثل خط الرجعة للغرب بعمومه. ولا شك أن القيادات الغربية تفاجأت بسرعة توغل الثوار في تلك المنطقة. بدأ ظهر الكتائب الإسلامية ينكشف اليوم بعد أشهر طويلة من الاختراقات الأمريكية، ولا نشك أن صواريخ كروز ستوجه أيضاً إلى مواقع تلك الكتائب. حفظ مصداقية أمريكا والغرب أمام الرأي العام العربي والمحلي أيضاً، فالموقف الغربي الداعم لبشارالأسد سيأتي بردات فعل غير مناسبة لتلك الحكومات من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية أيضاً. فرض الحل السياسي الذي تريده الولايات المتحدة. والمتابع للسياسة الأمريكية يعلم أنها تتدخل دائماً في اللحظة المناسبة لمصالحها وما علينا إلا أن نتذكر ما فعلته عندما سرقت ثورة الأفغان ضد الروس بمؤتمر جنيف، وسرقت جهاد البوسنيين بمؤتمر دايتون والأمثلة كثيرة. إذا صدقت التصريحات الغربية عن عدم الرغبة في إسقاط الأسد، فهذا يعني أيضاً إطالة عمر الصراع إلى أبعد مدى ممكن والقضاء علي أي أمل ببناء سورية حديثة محررة. أخيراً ستستخدم الحكومات الغربية تدخلها اليوم لشرعنة أي تدخل في المستقبل في الشأن السوري. ومع ذلك فإننا نجد في هذه الضربة فرصة حسنة للثوار للانقضاض على بشار الأسد وشبيحته والتخلص منهم نهائياً، ومن هنا يحدوني تفاؤل بأن الضربة على محدوديتها ستكون مفتاح تحرير سورية رغماً عن الأسد وعن أمريكا نفسها. د. عوض السليمان – فرنسا