في سورة الأعراف الآية 127 يقول الله عز وجل: (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون). يبدو أن تاريخ مصر يعيد نفسه، الكذب والبهتان الذي يصنعه ويمرره الإعلام الرسمي المصري بدون حجج ولا دلائل ليسحر أعين الناس وتكتمل صورة التآمر والانقلاب على الشرعية الديمقراطية والإطاحة بالإخوان المسلمين، قتلا وسفكا للدماء كما حدث على عهد فرعون الأول، لهو تآمر على الإسلام قبل الإخوان الذين يلصقون بهم تهمة الإرهاب عنوة. الشعوب العربية تصرخ وتنادي بالإرادة الشعبية لمصر وتطالب بحقن الدماء، رغم أن بعض قادتها تضامنت كليا مع الانقلاب وحكم العسكر، مما يدل على موقفها المعادي للثورات الربيع العربي والتغيير الديمقراطي، في حين اعتبر الغرب أن ما حدث في مصر يعد انقلابا عسكريا ضد الديمقراطية، ويُعتبر أيضا موقفا مساندا نوعا ما للإخوان، ربما لخوفهم حصول مظاهرات ومجال جديد من الصراع بوجود الإسلاميين في الغرب، بينما تضل أمريكا مُمسكة بنصف العصا، فلا هي سَمّت ما جرى بانقلاب عسكري ولا هي راضية عن ما يقع من مجازر تنتهك حقوق الإنسان الدولية. الاستخدام الدموي لفض الاعتصامات لم يحل المشكلة، ولم يحقق الاستقرار ولم يُرجع هيبة الدولة مثلما وعد النظام العسكري، بل خلق أزمات اكبر، وبذر بذور الفوضى، وبات الوضع الأمني والسياسي خارجا عن السيطرة كليا في مصر، سَبّبَ في إغلاق المصانع وهروب المستثمرين الأجانب وانقطاع المعونات والمساعدات الأوربية والأمريكية وتدهور السياحة التي تعد المصدر الأساسي لتدفق أموال خزينة الدولة. وتبقى الأوضاع الحالية في مصر مفتوحة على كل الاحتمالات باستثناء التوصل إلى حل سلمي سياسي يحقن دماء المصريين، والديمقراطية التي يطالب ويتغنى بها الانقلابيين بقيادة ‘عبد الفتاح السيسي’ هم أول من خرق مبادئها بتضليل الإعلام واستعمال العنف والذخيرة الحية لفض اعتصامات سلمية، فكيف المطالبة بالديمقراطية وفي نفس الوقت الشروع في قتل متظاهرين سلميين من بينهم أطفال يطالبون بالشرعية والديمقراطية؟ وقد أكد خبراء أمنيين، أن القمع التي تمارسه السلطات المصرية قد يغذي الفكر الجهادي بمصر والمنطقة، وفي الظروف الحالية لا يكمن استقراء ما يمكن أن يحدث لحل الأزمة في مصر، لكن هناك احتمال تحقق مزيج من سيناريوهات مرعبة، ابتداء من السيناريو الجزائري، ومرورا بالسيناريو الليبي وانتهاء بالسيناريو السوري، وكلها سيناريوهات دموية مرعبة للأسف الشديد. ويبقى الانقلاب على الانقلاب والعودة إلى الشرعية الديمقراطية أو إعادة الانتخابات والمصالحة الوطنية الخيارين الوحيدين المتاحين لانتهاء دوامة الصراع الداخلي، أما التمسك بالعناد من كِلى الطرفين فيظل طريقا مسدودا قد يؤدي إلى الدمار الشامل.