لندن ـ «القدس العربي»: أعاد الشيخ سلمان العودة إشعال الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي في السعودية والعديد من الدول العربية وذلك بعد مرور شهر كامل على اعتقاله دون أي محاكمة أو تهمة أو إدانة، حيث اشتعلت شبكات التواصل مجدداً بالحديث عن العودة الذي لا يزال مختفياً في السجون السعودية دون أن تتضح أسباب اعتقاله.
وشارك مئات المغردين السعوديين على «تويتر» في حملة تهدف إلى التذكير باعتقاله، كما طالبوا بإطلاق سراحه على الفور وأعادوا التذكير بمئات المعتقلين الذين أصبحوا وراء قضبان السجون في السعودية.
وكانت قوات الأمن السعودية اعتقلت العودة من منزله يوم العاشر من أيلول/سبتمبر الماضي، كما ألقت القبض في الليلة نفسها على الشيخ عوض القرني ولم يتم إخبار أي أحد عن أسباب أو مكان الاعتقال.
وقال حساب «العهد الجديد» على «تويتر» إن «اعتقال نظام آل سعود للشيخين العودة والقرني جاء بعد أن اتصل الديوان الملكي بالشيخين وطلب منهما موقفا ضد قطر. أجابهما الشيخان: لن نكون معكم. قالوا لهم: نعتقلكم. قالا: إفعلوا ذلك.»
وأطلق النشطاء السعوديون على «تويتر» الوسم (#شهر_على_اعتقال_الشيخ_العودة) ضمن حملة لإحياء ذكرى الشيخ والمطالبة بإطلاق سراحه، حيث استقطب الوسم عدداً كبيراً من المغردين منهم من تعاطف مع الشيخ ومنهم من حاول تبرير اعتقاله وتأييد النظام وأجهزته الأمنية فيما فعل، وذلك على الرغم من أن الشيخ العودة لم يتم عرضه على أي محكمة ولا توجيه أي تهمة له.
وغرد عبدالله العودة وهو ابن الشيخ المعتقل قائلاً: «للذين يسألون عن الوالد (فرج الله عنه) لم نسمع منه أي شيء مطلقاً منذ لحظة اعتقاله، ولا نعلم عن حالته الصحية.. #شهر_على_اعتقال_الشيخ_العودة».
وكتب مغرد آخر مستنكراً: «شهر على اعتقال الشيخ العودة بتهمة الصمت، أهلاً بك في بلاد يقال عنها تُطبق الشريعة فقط في مصلحيها وعلمائها وتعطي الحرية المطلقة للفاسد».
وكتب حساب يُدعى (معتقلي الرأي) على «تويتر»وهو أشهر الحسابات التي ترصد حملة الاعتقالات التي تشهدها السعودية منذ أسابيع، مؤكداً «تم خرق المادة 24 من نظام الإجراءات الجزائية بتوسيع صلاحيات رجال الأمن السعودي باختطاف سلمان العودة من منزله من دون تهمة».
وقال الحساب إن «منع العودة وباقي المعتقلين من التواصل مع محاميهم مخالفة صارخة للمادة السبعين من نظام الإجراءات الجزائية السعودية».
وكتب أحد المغردين إن «اعتقال المفكرين والدعاة بسبب اختلاف وجهات النظر يهدد الأمن الفكري للمجتمع ويورث أحقادا وكراهية تجاه الدولة».
ونشر مغرد يُدعى سعد عدو بشارون: «اللهم فك أسر الشيخ سلمان العودة وجميع العلماء المسجونين عاجلا غير آجل اللهم آمين. اللهم احفظهم بحفظك اللهم آمين. اللهم اكفهم شر جميع خلقك اللهم آمين».
وكتب آخر: «شهر والصالحين المصلحين في غياهب السجون، شهر فيه الظلم والفساد على أشده، شهر من القرارات التعسفية لا سامحكم الله».
وعلق الكاتب محمد الشنقيطي قائلاً: «بمناسبة شهر على اعتقال الشيخ العودة: لا مستقبل لأمةٍ يهان خيارها ويُقيد أحرارها وهي قاعدة راكدة».
وكتب الناشط إبراهيم آل حرم: «يغيبون أمثال سلمان العودة حتى يسود الجهال والمنافقون.. لايُصلح الناسُ فوضى لا سراةَ لهم، ولا سراة إذا جهالهم سادوا».
وغرد آخر قائلاً: «اعتقال العلماء في بلادنا هو بمثابة ختم الشرف لهم.. لأن الخائن يبغض الأمين ويقرب منه المنافق». فيما قال الدكتورسيف عبد الفتاح: «فك الله أسر العودة.. حتى حق الصمت مرفوض في الدول القمعية».
وعلقت نورة الحربي بالقول: «اعتقلوك يا ابن الكرام، ولكنهم لم يعلموا أن الحرّ رغم القيد حر، وأن البطل رغم الأسر جيش».
وكتب الناشط السعودي تركي الشلهوب: «شهر على اعتقال الشيخ العودة وأهله لم يسمعوا منه أو عنه أيّ شيء منذ اعتقاله، ولا يعرفون شيئاً عن حالته الصحية.. اللهم فرجك له ولمن معه».
وأضاف في تغريدة ثانية: «لا يُراد للوطن أن يكون فيه كتّاب أو شيوخ أو ناشطين (مستقلين) وإنما فقط؛ مطبلون ومنافقون! ما هكذا تُبنى الأوطان!». وتابع: «لن تُفلح أمة يقبع مصلحوها في السجون، ولا تقع على مُفسديها وناهبي ثرواتها العيون».
وانتقد الشلهوب بشدة مؤيدي اعتقال الشيخ العودة ومن يهاجمونه قائلاً: «لا يوجد أحقر ولا أتفه ممّن يصفق لاعتقاله ويبرّره.. إذا لم تستطع قول الحق، فلا تصفق للباطل!». وأضاف: «الجبان هو الذي يسخّر قلمه لمهاجمة معتقل لا يستطيع الدفاع عن نفسه. نعم جبان، مهما كان منصبه، ومهما امتلك من قوة».
وكتبت هالة الدوسري: «هذه الاعتقالات تطرح الحاجة لمعالجة قانونية وضمانات تشريعية لحريات الرأي والتعددية».
أما الدكتور تاج السر عثمان فكتب مغرداً: «شهر على اعتقال الشيخ العودة.. كيف يغيب هذا المفكر الكبير عن جمهوره؟ وكيف يحرم الناس من طرحه الوسطي الذي يخاطب العقل؟ وكيف قبل ذلك تقيد حريته؟».
وغردت الأستاذة الجامعية والناشطة الدكتورة عروب الرفاعي قائلة: «لا أفهم كيف يُسجن الداعون للتصالح بل والصامتون أيام الفتنة، ويُترك المؤججون وناشروا الكراهية في غيهم يعمهون».
وكتب الناشط الكويتي أحمد الكندري قائلاً: «اللهم أعد الشيخ سلمان والمشايخ الفضلاء لأهلهم وأبنائهم وأحبابهم، اللهم إن للفراق لوعة فاجمع شملهم بكرمك يا كريم».
مؤيدون لاعتقاله
وبينما انتشرت الحملة الداعية إلى إطلاق الشيخ العودة ووقف الاعتقالات في السعودية، فان عدداً من المغردين هاجم العودة ودافع عن اعتقاله وأوجد المبررات لذلك، ومن بين المغردين من استعرض تسجيلات للشيخ العودة يعرض فيها رأيه المؤيد للثورات العربية معتبراً أن هذا مبرر كاف لاعتقاله دون أي محاكمة.
وكتب أحد المغردين المؤيدين للسلطات في السعودية: «لو احترم (سلمان العودة) نفسه وكان مواطنا عاديا واستمتع بحياته كان بين أطفاله، لكنه أبى إلا ان يسير إلى هذه النهايه التي تليق به».
وغرد معلق آخر قائلاً: «الدولة أعزها الله ما ظلمت أحدا وتعرف من الظالم ومن المظلوم لو ما عندها اثباتات عليه ما قبضت عليه». فيما قال آخر: «يأكل ويشرب في السجن وبصحة ولكن هناك من أزهقت أرواحهم بسبب تحريضه، هناك أمهات لا يعلمن إن كان أولادهم أحياء أم أموات».
وكتب آخر: «يعدون الأيام على سجن شخص أُوقِف بتهُمة، وبكل تأكيد تحمل في طياتها الأدلة والبراهين، سيوقف وسيواجه بالأدلة وسيعرض على القضاء النزيه، ولله الحمد والمنة إن قضائنا عادل».
وحسب مغرد يُطلق على نفسه اسم «عبد الله بن عاصي» فإن «من خالف أنظمة الدولة سيُطبق بحقه الجزاء الرادع وهناك من آل سعود من تم تطبيق القصاص في حقهم فالعدل أساس الحكم».
وكانت وكالة «رويترز» قد أكدت الشهر الماضي نبأ اعتقال كل من سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري ليتبين لاحقاً أن اعتقالهم كان ضمن حملة واسعة في المملكة طالت عدداً كبيراً من الناشطين ورجال الدين والرموز المؤثرين في الرأي العام، وقالت العديد من التقارير إن هذه الاعتقالات تأتي بالتزامن مع التمهيد لتولي الأمير محمد بن سلمان مقاليد الحكم في السعودية.
وسبق لهؤلاء الدعاة توجيه انتقادات للحكومة، لكن لم تُسمع عنهم تصريحات في الأزمة الأخيرة مع قطر، ولم يعلنوا أيضا دعم موقف السعودية.
وتم سجن عوض القرني من عام 1994 إلى 1999 لدعوته إلى التغيير السياسي في السعودية وانضمامه إلى «حركة الصحوة» التي يسود الاعتقاد أنها متأثرة بفكر جماعة الإخوان المسلمين.
وشددت السلطات السعودية قبضتها ضد المعارضة بعد ثورات الربيع العربي، وسعت إلى تخفيف الغضب الاجتماعي برفع الرواتب، وزيادة الإنفاق الحكومي.