غوارديولا ومورينيو صراع المثالية والواقعيةّ!

حجم الخط
0

لا شك أن العالم الكروي انقسم في السنوات الاخيرة الى معسكرين، واحد عاشق لريال مدريد والآخر لبرشلونة، وتشعب الامر ليصبحوا مشجعين لبيب غوارديولا ومحبين لجوزيه مورينيو، يتمجدون بانجازاتهم وانتصاراتهم ويجدون الاعذار لكل اخفاقاتهم، لكن يظل الصراع الأبدي على عقلية المدربين، ففيما رأى البعض ان أسلوب برشلونة خلال حقبة غوارديولا كان أمتع ما رأته كرة القدم في تاريخها، اقتنع آخرون بأنه لا يعرف أي مدرب كيفية الفوز بالألقاب سوى مورينيو.
مدرب بعقلية هجومية واستحواذية بحتة تبحث دائما عن المثالية، وآخر حذر يدافع بصلابة وشراسة ويركن «حافلة الفريق» أمام مرماه بحسب تعبيره، لكنه واقعي ويتفاعل مع ما يراه من أخطار.
القصة تعود الى 1996، عندما أخذ المدرب الانكليزي الشهير بوبي روبسون معه مترجمه مورينيو الى برشلونة، وجعله ساعده الأيمن، وحينها التقى مع غريمه غوارديولا للمرة الاولى، حتى ان علاقتهما توطدت، وشوهدا كثيرا في نقاشات تكتيكية خلال فترات الراحة. والموسم التالي أصبح غوارديولا قائدا للبارسا، ومورينيو مساعدا للمدرب الجديد فان خال، لتصبح العلاقة بينهما أكثر توطيدا، لكن في العام 2000 انفصلا، فشق مورينيو طريقه مدربا في البرتغال، ورحل بيب بعد 17 عاما في البارسا، ليلعب في الدوري الايطالي.
الاسفين الاول بين الرجلين جاء في 2008 من ادارة برشلونة، التي كان تبحث عن خليفة لفرانك رايكارد، وكان مورينيو المرشح الأبرز، بعدما أثبت نفسه في بورتو وتشلسي، لكن ادارة البارسا ارادت وجها جديدا، فاختارت بيب مدرب فريق الاحتياط. كان الرفض مؤلما لجوزيه، فتحين فرصة الثأر بترو، فبعدما حقق ابرز انجاز في مسيرته باحراز الثلاثية مع انتر ميلان، وافق على أول فرصة سنحت للحظة الثأر، بتدريب ريال مدريد في 2010، حيث كان سيط بيب يلمع ويكبر، فانقسم العالم الكروي حينها فلقتين، ما بين البارسا وميسي وبيب وبين الملكي ورونالدو وجوزيه.
التفوق كان هائلا لبيب بأسلوب «التيكي تاكا» والضغط العالي والاستحواذ المطلق، فلجأ جوزيه الى القوة البدنية والخشونة والدفاع بحذر بالغ، فكانت نتيجة اللقاء الاول خماسية للبارسا، آلمت جوزيه، لتمر بعدها شهور مضنية وقاسية على الطرفين، لتكون مباريات الكلاسيكو الاكثر حدة وشراسة وحرارة في تاريخها، تخللتها شجارات في الملعب وصدامات عنيفة، أثرت حتى على روح المنتخب الاسباني، الذي حوى عددا كبيرا من لاعبي الفريقين، ليصل المدربان الى درجة الانهاك، فاضطر غوارديولا الى اخذ سنة راحة بعيدا عن اللعبة فيما أفرغ مورينيو كل ما في جعبته في الموسم الثالث ولم يعد لديه ما يضيفه الى الريال، ورحل على صرخات مشجعيه بعد الأجواء المسمومة التي صنعها خلال أعوامه الثلاثة.
تشكلت عقلية المدربين الى أقصى حد، فجوزيه يؤمن بالبناء من الخلف ويدافع باستماتة وصلابة، بهدف تحقيق الألقاب وهو الهدف الأسمى في مسيرة كل مدرب وفريق ولاعب. والآخر يؤمن بالبناء من الامام والهجوم بضراوة بلا هوادة وبدون كلل أو ملل. ولكل مدرب نظريته المقنعة.
واليوم يتشاركان في مدينة واحدة، شقها الاحمر هو الانجح وصاحب التاريخ والالقاب، فيما الشق الأزرق ما زال يحبو لكن يملك طموحا جباراً. كل الاشادات تذهب اليوم الى الاسلوب الساحر الذي ينتهجه بيب مع مانشستر سيتي، وغزارة الاهداف التي يشهدها ملعب «الاتحاد» لا مثيل لها، في حين يتردد أنصار يونايتد في اعطاء رضاهم الكامل عن يونايتد، فيقول بعضهم: السير أليكس لما كان يدخل مباراة ليفربول بهذه السلبية والدفاع المحبط.
هذا مثير الى أقصى الحدود وهذا ممل الى درجة الغثيان، لكن أنصار مورينيو سيهبون للدفاع عن رمزهم، وسيشيرون الى أن الموسم الماضي كان شاهدا على نجاعة أسلوب «السبيشال وان»، ففي حين أخفق غوارديولا في احراز أي لقب للمرة الاولى في مسيرته التدريبية خلال موسم، نجح مورينيو في رفع ثلاثة ألقاب (بينها الدرع الاجتماعية)، وسيجادلون أيضاً أن مسيرة مورينيو التدريبية تحوي 25 لقبا، فيما أحرز بيب 21 لقباً، وهذا هو ربما ما سيتذكره عشاق اللعبة بعد عقود.

غوارديولا ومورينيو صراع المثالية والواقعيةّ!

خلدون الشيخ

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية