عمان – «القدس العربي» : يشك سياسيون كبار في الأردن في إمكانية بقاء حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي لفترة أطول بعد العبور من تحدي ميزانية الدولة مطلع العام الجديد. فالانطباع المتشكل وسط النخبة السياسية اليوم يؤشر على أن الرئيس الملقي تجاوز سيناريو التغيير الوزاري الذي عصف بقوة في وجه الحكومة مباشرة بعد جريمة السفارة الإسرائيلية الشهيرة في عمّان.
ويبدو أن الملقي عبر من الاحتمالات نفسها برغم الضجيج المعاكس ضد حكومته في إيقاع الشارع بعد ملفات تصعيدية باسم الضريبة وإخفاق ملموس من الطاقم الاقتصادي في احتواء الأزمة المالية الخانقة وهضم التحولات والتقدم بوصفات مهنية حرفية خارج المحيط الحيوي لبرنامج رفع الأسعار والضرائب. وبرغم المشكلات التي تواجه طاقمه الوزاري يبدو الملقي محظوظًا جدًا في البقاء لفترة أطول في الحكم برغم تكاثر الملحوظات وتراجع الخدمات العامة والأداء الذي يمكن أن يكون أفضل بكثير كما قال أمام «القدس العربي» نائب رئيس الوزراء الأول الدكتور جواد العناني.
سلسلة الحظ لها مسوغات وخلفيات، فالمجازفة بوزارة جديدة وطاقم مستجد يواجه البرلمان والشارع في مشروع ميزانية عام 2018 مسألة ليست بين الخيارات.
والمخاطرة برئيس جديد للوزراء من خارج النادي المتعلق بالتنفيذيين على حد وصف وزير البلاط الأسبق مروان المعشر، غير واردة ولا مبرر لتقديم وزارة جديدة مع ميزانية صعبة في أول مشوارها وحجم رضا مراكز الظل والنفوذ على الحكومة يحفز على بقاء الحكومة وإطالة عمرها.
وعلى هذا الأساس يصر المعنيون على أن الرئيس الملقي يحتفظ بحظوظه الإيجابية وهو يعبر العام الثاني في الإدارة، حيث لا تجاوب من أي نوع مع دعوات تشكيل حكومة إنقاذ وطني كلها أو دعوات العودة لطبقة رجال الدولة، لأن الظروف الموضوعية لم تنضج بعد بتقدير مركز القرار لتغيير تقاليد التنميط السياسي عندما يتعلق الأمر بتشكيل الحكومات. لذلك تضطر المؤسسات المشاركة لحماية وتغطية حكومة الملقي وقد يضطر البرلمان لاحقاً للوقوف معها لأن خيارات الإصلاح والتقشف المالي والاقتصادي وتعديل صيغة الضريبة لم تعد أصلاً خيارات حكومية بعدما تدخل القصر الملكي مباشرة في الملف ثلاث مرات على الأقل أظهرت بشدة للمتحرشين برئيس الوزراء كلهم أن الاحتفاظ بوزارته لا يزال القرار السياسي المعتمد.
ومعايير الحظ الجيد وبإجماع المراقبين «مدروسة» بدقة لمصلحة الملقي ومشكلات طاقمه وحضور فريقه الاجتماعي تبقى في التقويم المرجعي أخف بكثير من تداعيات التخلص من الحكومة، لأن الخيار الثاني يعني إرهاق الحكومة اللاحقة مسبقاً. لكن هذه المعايير ليست ثابتة بالمطلق السياسي، فرئيس الوزراء بتقدير من يلاحظون دعمًا خلفيًا غير مسبوق له، مطلوب منه في الأسابيع القليلة المقبلة توفير المساعدة الضرورية لدعاة وأصدقاء ورموز بقاء الحكومة واستمرارها.
وبدون ذلك تتلاعب الريح السياسية بمصير الحكومة مباشرة، بعد تمرير موازنة الدولة في الشهر الأول من العام الجديد، حيث تصبح الظروف حساسة جداً في الشارع، لأن تداعيات الإصلاح الضريبي ستبدأ بالظهور والتأثير في مستوى معيشة الجميع، مع أن الملقي نفسه وعد من دون إيضاحات الرأي العام قبل عشرة أيام أن يرى الأردن «النور» منتصف عام 2018. تلك بطبيعة الحال كانت عبارة غامضة، ولم تفسر، وأثارت سخرية من الجمهور، عبر وسائط التواصل، ولم يتطوع أي من أعضاء الفريق الوزاري لشرحها أو توضيحها للناس، فيما لم يفعل رئيس الحكومة الذي يتذمر دومًا من فهم وسائط التواصل خطأ حديثه وتعليقاته.
النور الغامض الذي يتحدث عنه الملقي علنًا قد لا يكفي للحفاظ على وظيفة الحكومة، وكي يحتفظ الوزراء الحاليون بوظائفهم.
الواضح تمامًا اليوم أن رحيل الحكومة الحالية ليس خيارًا في كل الأحوال، قبل تمرير مشروع الموازنة، وهي عملية قد تلتهم شهرا ونصف الشهر من العام الجديد 2018. لكن الواضح أيضًا أن على الملقي أن «يساعد نفسه» ويساعد المرجعيات التي تصر على تمكين حكومته من كامل فرصته. ومن يقترحون على الملقي نصائح بهذا الخصوص خلف الستارة كثيرون. لكن هؤلاء لا يقدمون وصفات شفافة ومكشوفة للبقاء لأطول فترة ممكنة، خصوصًا أن القياس بين الملقي وسلفه عبدالله النسور بدأ يميل لجهة الثاني. وعندما يغرق الناصحون في التفصيل يمكن التحدث عن تفعيل إضافي لطاقة الحكومة وإخراج الوزراء الذين يسحب وجودهم من رصيد الحكومة، والمجازفة باستقطاب شخصيات قوية صلبة وطنية منوعة سياسياً للطاقم مع تمكين وتفعيل والاستثمار في المماثلين الموجودين.
يتطلب ذلك أن يقبل رئيس الوزراء دخول شخصيات «قوية» فعلاً إلى حكومته، حتى يطول عمرها، وتتصرف بثقة أكثر، لأن حلقات الضعف في منطقة «محاورة الأردنيين» ملموسة، ولا يمكن إنكارها في الطاقم وعدد الوزراء المحسوبين على لغة الأرقام فقط يفوق بكثير خبراء اللعبة والشارع والسياسة من الشخصيات ثقيلة الوزن.
وهي معادلة يرى حريصون على بقاء الملقي أنها ضرورية إذا أراد الاحتفاظ بوظيفته لما بعد ربيع عام 2018. الملقي في حاجة لتعديل وزاري فارق وقوي، وللتخلص من الوزراء الذين حظوا بالمواقع لأن الرئيس يعرفهم شخصياً، فهؤلاء أصبحوا حجة على الحكومة، وقد يحتاج للتخفيف قليلاً من تأثير استحكام قوى «الظل» بتفصيلات عمل رموز وزارته وأدائها وخططها كلها.
بسام البدارين
الحكومات أكذوبة صدقه شعب دجنه بالوطنية من وطنيتهم مرتبطة بجنسيتهم الثانية. فهم أكثر ولاء لوطنهم البديل.
الحكومات ليست ناجعة لا للوطن ولا للشعب الذي تتصرف في رزقة وفق حصص تُسلب وفق قانون قننه الشعب نفسه عبر من فوض لهم أمره وهم لا يقيمون له أي اهتمام غير التضييق عليه في معيشته ليرضخ.