السبيل الوحيد لوقف الإرهاب يتمّ من خلال استيعاب الحركات الإسلامية للتّعبير عن نفسها ضمن الهياكل والمؤسسات الشرعية، لأنّ هذه وليدة تلك، وإن اختلفت التسميات من الاعتدال إلى التطرّف، وإن وجدنا في البلد الواحد خطابا إسلاميا منغلقا وآخر معتدلا وثالثا جهاديّا ورابعا انسحابيّا صوفيا. ويبدو أنّ جماعات الإسلام السياسي في تونس ومصر، لا بدّ أدركت أنّ قيادة المجتمع والدولة مسألة معقّدة جدّا، تتطلّب خبرات لا مراهقة سياسية، الأمر الذي دفع بعضها إلى القيام بمراجعات مهمة على صعيدي النظري والأيديولوجي، وأصبحت أكثر وعيا من ذي قبل في استيعاب العلاقات الدولية، ولعلّ قبولها مفهوم التداول والتعددية ينهض دليلا على تغيّر الخطاب السياسي، الذي اندمج في العملية السياسية وقبل آليات العمل الديمقراطي، وهذا في حدّ ذاته يعتبر أمرا غاية في الأهمية.
فنبذ العنف وتبنّي فكرة التغيير عبر الآليات الشرعية ضمن أطر الدولة المدنية وأجهزتها التسييريّة يُعدّ تطوّرا في الفكر والنظر. وفي هذه الأثناء يبقى تطوير الخطاب الفقهي والاستفادة من التراث وترجمة المفاهيم والمصطلحات الفقهية إلى مفاهيم ومصطلحات حديثة مطلبا حضاريا ملحّا. فالدين من دون ثقافة وعمق فكري يمكن أن يسقط في السطحية والتعصب والإطلاقية، مجرى المزالق الفكرية كما الثقافة من دون دين تتّسم بالسطحية وغياب العمق، لأنها «تتحاشى الأسئلة الكبرى».
وقد أدرك أمثال عبد الوهاب المسيري ومحمد عمارة وطه عبد الرحمن وفرحات الدريسي وغيرهم، أهمية البعد الثقافي ومحاولاتهم الاشتغال ضمن الاسلام الفكري أو الحضاري أو الثقافي، أو تحديدا الحضارة الإيمانية المتنوّرة تُعدّ مشاريع جدّية لتطوير الفكر الاسلامي المتحرّر من قيود الدوغمائية والأصولية العلمية، وفق رؤى جديدة تتفاعل مع العصر الحديث بمختلف متطلّباته وعلى التيارات السياسية ذات المرجعية الدينية الاستفادة من الجهود العميقة والمهمة لهؤلاء المفكّرين.
الحركات الاسلامية يجب أن لا تُقصى أو تُستبعد لأنّ ذلك سبيل للاحتراب والفوضى والعنف المتواصل ومثال ذلك مصر. فالعملية الديمقراطية تستوجب استيعاب الجميع ضمن أطر العمل المدني والمؤسساتي، بوضع شروط وضوابط محدّدة للعمل السياسي ومؤطرة للفعل الديمقراطي، بحيث تكون كفيلة بحماية المجتمع المدني ومكاسب الديمقراطية المفترضة بمعنى منع التوتاليتارية الشمولية وأشكال التغوّل الحزبي على الدولة والسيطرة على مؤسساتها، إذ يجب أن يبقى دائما مجال للتّمييز بين مطالب الدولة والمجتمع من جهة ومطالب الحزب من ناحية أخرى. وعندها فليتنافس المتنافسون والطرف المفلس فكريا وعمليا ولا يقدّم شيئا للدولة والمجتمع بعد وصوله للحكم سيفقد مشروعيته لا محالة وسيُقصى انتخابيا بآليات الديمقراطية ونواميسها. فنظام الحكم تداولي ودولة المؤسسات باقية. ومن هنا وجب أن تُميّز المؤسسات نفسها عن النظام وأن تنصهر دائما في خدمة الدولة والوطن الذي يشترك فيه الجميع.
ويبدو إن المهم في تجربة الإسلام السياسي في تونس تجاوز الاحتجاج على الأشياء الهامشية (برنامج تلفزيوني خارج عن المألوف مثلا…) والنهضة كحركة إخوانية طوّرت خطابها السياسي نسبيا، واستطاعت التجاوب مع خطر المتغيرات الإقليمية، التي عصفت بأكبر الأحزاب الإخوانية في مصر بالتحديد. ويبقى المطلوب منها توضيح البرنامج السياسي والاقتصادي والثقافي، ضمن مشروع مجتمعي يخدم الوطن ومصالح الجماهير، انطلاقا من مفاهيم إنسانية إسلامية أهمّها العدل والحوار. ولا يغيب عنّا الإشارة إلى أنّ ما ينقص الحركات الاسلامية المدنية أنّها لا تتجاوب بشكل جيّد مع جماهيرها، بمعنى ليس هناك عمل جادّ لإرشاد الجماهير المنتمية أو المتعاطفة مع مثل هذه الأحزاب الاسلامية، فمثل هذه الفئات مازالت ذات طابع فوضوي وسوادها الأعظم يحمل أفكارا متعصّبة وضيّقة الأفق ولا يستوعب طبيعة المجتمعات الحديثة وإطار العمل داخل الدولة المدنية الراهنة.
كاتب تونسي
” السبيل الوحيد لوقف الإرهاب يتمّ من خلال استيعاب الحركات الإسلامية للتّعبير عن نفسها ضمن الهياكل والمؤسسات الشرعية، لأنّ هذه وليدة تلك، وإن اختلفت التسميات من الاعتدال إلى التطرّف، وإن وجدنا في البلد الواحد خطابا إسلاميا منغلقا وآخر معتدلا وثالثا جهاديّا ورابعا انسحابيّا صوفيا.” إهـ
صدقت يا أستاذ لطفي, ولكن هل يسمح الغرب بذلك ؟
ألم يقفوا ضد نجاح حماس بالإنتخابات الفلسطينية ؟
ألم يساندوا الطغاة والعسكر الإنقلابيين في بلادنا ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
السبيل الوحيد لنجاح الديمقراطية هو أن تتخلى حركات الإسلام السياسي بكل انواعها …الارهابية إلى السلفية العلمية مرورا بالمتدثرة بالديمقراطية و أنا اسميها الحركات الإسلامية البهلوانية…. هو ان تندمج فى ايطار الدولة المدينة العلمانية وفق قواعد هذه الأخيرة….اى الفصل التام بين الدين و السياسة و بالتالى الفصل التام بين الدين و الدولة….و كل ما يتحدث عنه من العدل و التسامح و الحب و….و…..هو ثقافة إنسانية تجدها فى بلاد الهندوس كما تجدها فى بلاد البوذيين كما تجدها فى بلاد المسيحيين و هى ليست حكر على المسلمين و الديانة الإسلامية….تحيا تونس تحيا الجمهورية
أنه لمن الظلم أن تحسب حركة النهضة على الإسلام السياسي، تصريحات زعيمها أية (ألغنوشي) في غير مناسبة أن حركته ديموقراطية علمانية مدنية عصرية بخلفية أو طابع اسلامي،،وهذا المزيج ينتج مركب هجين غير متناسق ولا متجانس