كلمات كنا نسمعها من ابائنا وأجدادنا الذين لم تسمح لهم الظروف بالاغتراف من معين العلم وكانوا اقصى ما يتمنونه هو الحصول على لقمة العيش بكد اليد، والأعمال التجارية الفردية التي لم ترتقي الى استحداث وحدات اقتصادية يمكن ان نطلق عليها شركات، وعندما كبرنا ادركنا ما كانوا يعنونه من الاقتتال الذي حدث بين بني امية الذين استولوا على السلطة عنوة وبالمكائد والدسائس وجعلوا السلطة في بنيهم لا تفارقهم الى غيرهم، وبني العباس الذين ظلوا طيلة تلك السنوات يضمرون في انفسهم افعال الامويون الشنيعة بحق آل البيت ومن والاهم. وكان للعباسيين ما ارادوا فظلوا يحكمون العالم العربي والإسلامي من اقصى ايران الى بحر الظلمات ‘المحيط الاطلسي’ واستوزروا غير العرب وامتزجت الثقافة العربية بثقافات الامم الاخرى وشهدت الدولة العباسية افضل ايامها فازدهرت كافة مناحي الحياة. بسبب الاعمال الاجرامية التي قامت بها الدولة العثمانية بحق رعاياها من غير الاتراك من عرب وأرمن وأكراد، انتهز العرب فرصة الفساد الذي استشرى في الدولة وأصاب مفاصلها فسارعوا الى اعلان الانفصال عن الامبراطورية العثمانية فكان ان استقلت كل من سورية الكبرى والعراق ودول شمال افريقيا التي كانت تتبع الامبراطورية العثمانية. نشأ حزب البعث ذو العقيدة العلمانية (الدين لله والوطن للجميع) ببلاد الشام بجناحين ‘العراق وسورية’ إلا انه سرعان ما دب الخلاف بينهما على اتفه الاسباب وليعود التطاحن ‘الاعلامي’ بين بغداد ودمشق من جديد والى خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ابان تربعهما على السلطة بدلا من السعي الى توحيد امكانيات القطرين للنهوض بالأمة التي تكالبت عليها المصائب من كل حدب وصوب.وللأسف الشديد والى حد الان لا يزال جناحا الحزب يضمران لبعضهما البعض الكراهية والزوال فاحدهما يعتبر خارج القانون منذ عشر سنوات’غير شرعي’ والآخر مصوبة نحوه كافة المدافع لإسقاطه وإلحاقه بالجناح الاخر. يستعمل الغرب الاستعماري سياسة فرّق تسد ويساند طرف ضد اخر كي يستمر اللاعب الاساسي في الميدان، وللأسف فإننا نلحظ بأم اعيننا التطبيق الفعلي للمقولة سالفة الذكر حيث صار التطاحن بين ابناء الوطن الواحد ويخيل اليك ان العرب يعيشون عصر ما قبل الاسلام حيث كان التطاحن بين القبائل على اشده ولا زلنا نذكر حرب داحس والغبراء لأجل السباق بين جوادين وحرب البسوس لأجل مقتل ناقة، ولكنهم كانوا يتحدون عندما يستشعرون عدوانا خارجيا، وفي ظل الاوضاع الراهنة التي تشهدها بعض البلاد العربية وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الامور بلبنان اخذت الطابع الطائفي بين اناس يعيشون في محبة ووئام فكثرت اعمال القتل والخطف للحصول على فدية مجزية، اما في ليبيا فقد اصبح الاقتتال منتشرا لأتفه الاسباب ببعض المناطق بين القبائل والمدن والقرى المتجاورة مستخدمين كافة انواع الاسلحة وما يصحبها من قتلى وجرحى الذي من شانه تعميق الخلافات بين مكونات الشعب بمساندة بعض اركان الحكم الحاليين الذين لا يريدون للدولة ان تقوم.بل لإطالة مدة حكمهم. ولعل الظاهرة الحسنة في هذا الوقت هو وقوف بغداد الى جانب دمشق في محنتها الحالية لأنها استشعرت حجم الخطر المحدق بالأمة. اما بقية الحكام العرب فهم خائفون على عروشهم لا ينبسون ببنت شفه علّ الازمة تمر دون ان تقتلعهم فهم اعجاز نخل خاوية. اجمالا نعيش كل يوم مآسي وانتهاك اعراض ونستحضر مشاهد من مسلسل ليلة سقوط غرناطة،سقطت بغداد حاضنة العلم والمعرفة وتنزف دما لا ينقطع وتسقط ببطء حلب الشهباء مدينة الحمدانيون التي انجبت رجال شجعان كان لهم شان بنشر الاسلام وحماية الحدود ضد الروم، اما القاهرة فإنها اسيرة منذ اتفاقية كامب ديفيد وأصبحت مقهورة لا تقوى على فعل شيء وسقوط بقية المدن على الطريق ان لم يفق العرب من سباتهم العميق وطرد الخونة الذين يسعون الى تشتيت مقدرات الامة ليبقوا ظل الغرب على ارض العرب. ميلاد عمر المزوغي