عمان- «القدس العربي»: يُرجَّح أن خطة التيار الإسلامي الأردني التكتيكية القاضية بالتقارب من السلطة وتوجيه «رسالة ود» جديدة عبر الانتخابات الداخلية الأخيرة لمجلس النواب فقدت هامش المناورة وأخفقت سياسياً بعد ظهور نتائج هذه الانتخابات. فالتيار الإسلامي عبر كتلة الإصلاح التي تدعمها جماعة الإخوان المسلمين كان قد اتخذ قراراً بالتصويت لمصلحة المرشح أحمد الصفدي في انتخابات موقع الرجل الثاني في سلطة البرلمان.
والهدف؛ استناداً إلى مصدر بارز في الحركة الإسلامية كان توجيه رسالة توحي بأن التيار الإسلامي مصر على «عدم التصعيد» ويسترسل في سياسة التسكين والاحتواء وتجنب المواجهة والأهم يظهر قدرته بالتوازي مع رغبته في «التعاون» مع خيارات السلطات الرسمية في تشكيل المؤسسة التي تحكم مجلس النواب بالداخل.
من الواضح تمامًا أن هذا الهدف لم يتحقق حيث خسر المرشح الذي دعمه التيار الإسلامي عبر كتلة الإصلاح الوجبة الانتخابية كما سجل الإعلامي الخبير في البرلمان وليد حسني برغم حصول خيانات فردية للصفدي الذي يعتبر من أبرز النواب مرحلياً.
لم يقف الأمر عند هذه الحدود عمليا فقد استهدف التيار المناهض للإسلاميين في تجمعات المستقلين ومؤيدي المرشح الفائز خميس عطية مرشحي كتلة الإصلاح الإسلامية في المواقع الأخرى الأساسية حيث خسر مرشح الكتلة موسى الوحش في مواجهة اختيار مساعد لرئيس مجلس النواب.
الأهم أن هذا الاستهداف يفترض أن يتواصل ضد مرشحي وأعضاء كتلة الإصلاح البرلمانية في وعند اختيار اللجان الأساسية في عملية التشريع، الأمر الذي قد يؤدي إلى خروج النكهة الإسلامية من مجمل لجان العمل والمواقع الأساسية خصوصًا في اللجنة القانونية وزميلتها المالية. بمعنى آخر؛ استثمار التيار الإسلامي عبر كتلته داخل المجلس لم يحقق أهدافه بسبب مجموعة معطيات ووقائع واصطفافات أطاحت خيارات المجلس عندما تعلق الأمر بانتخاب كبار أعضاء المكتب الدائم في الوقت الذي تظهر فيه السلطات أصلا ميلًا أقل حدة للتأثير في المشهد والمعطيات أو على الأقل للظهور بصيغة الحياد بين الجميع.
حكومة الرئيس هاني المُلقي هي الأخرى خرجت من المولد نفسه بلا حُمُّص وكانت شريكة للتيار الإسلامي في نقطة خسارة جولة في الانتخابات الأخيرة ومن المقرر أن تبذل عبر خبرائها في لعبة البرلمان والتشريع من الوزراء لاحقاً جهداً إضافياً لضمان إيداع اللجان المهمة والأساسية بأحضان شخصيات إما «وادعة» أو غير معارضة.
اهتمام الحكومة هنا مُنصب على لجنتي المالية والقانونية بشكل خاص حيث حزمة تريدها الحكومة من التشريعات المرتبطة بالملف الاقتصادي حصريا وسط مناخ يتحدث فيه الجميع عن تصعيد ضريبي متوقع وعن رفع مرجح لأسعار الخبز ضمن سلسلة إصلاحات تقول الحكومة إنها إصلاحية للشذوذ الاقتصادي.
الملك في خطاب العرش الأخير ركز مجدداً على سياسة الاعتماد على الذات لتدبير الشئون الاقتصادية ووجه الحكومة والبرلمان إلى العمل معا خلال المرحلة المقبلة بصورة تو حي ضمنياً أن حكومة الملقي «باقية» وليست بصدد سيناريو الرحيل بوقت مبكر والمطلوب هو «التعايش». أما رئيس الديوان الملِكِي الدكتور فايز الطراونة في لقاءات التشاور الأخيرة التي تحدث فيها نيابة عن القصر الملِكِي بحضور منسق الملف الداخلي منار الدباس فكان حريصاً ومرات عدة على استعراض صعوبات التحدي الاقتصادي مع إشارات مستمرة إلى أن التركيز على مرحلة «الاعتماد على الذات».
وبرغم أن التيار الإسلامي المعارض يحذر على لسان محمد الزيود الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي من تفسير مبدأ الاعتماد على الذات على أساس ضوء أخضر لإرهاق المواطنين ورفع الأسعار إلا أن مصدراً بارزاً في كتلة الإصلاح يلفت نظر «القدس العربي» إلى ضرورة ملاحظة أن التيار الإسلامي يُبْعِد قصدا وفي إطار إظهار «حسن النوايا» ملف الأسعار والمعيشة عن لعبة الشارع ويكتفي بالبيانات التي تمتلئ فيها الساحة عمليا.
وتعزف حكومة الملقي على الوتر عينه حيث يمكن تلمس أن غالبية المسؤولين في الأردن هذه الأيام يتحدثون عن سياسة وفلسفة الاعتماد على الذات خيارا اقتصاديا اضطراريا لمواجهة التحدي المالي الذي تعيشه الحزينة خصوصًا مع تواصل زيارات وجولات صندوق النقد الدولي ووصفاته وتدخلاته برغم أنه في بيانه الأخير أعلن أنه لا يطالب الحكومة برفع أسعار الخبز بل يريد من خطة الحكومة عدم المساس بالفقراء. وعلى هذا الأساس ينقل مقربون من مكتب رئيس الحكومة عنه الإشارة إلى ضرورة وجود نواب متفهمين أو يمكن التفاهم معهم بخصوص الأجندة الاقتصادية بسبب صوبة المرحلة وخشونة التحديات المالية والاقتصادية.
بسام البدارين: