نيويورك (الأمم المتحدة) ـ «القدس العربي»: تحت بند «السلم والأمن الدوليين» عقد مجلس الأمن الدولي جلسة حول الاتجار بالبشر في حالات الصراع، استمع خلالها إلى سبعين متحدثا من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة، ومفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، في ظل تقارير مثيرة للقلق بشأن «بيع» مهاجرين أفارقة كرقيق في ليبيا.
قال الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، في كلمته إن المجرمين والإرهابيين يستفيدون من الفوضى الناجمة عن الصراع ويطيلون أمدها، ويستغلون الضعفاء لتمويل جرائمهم. وقال: «في الأيام الأخيرة، روعتنا جميعا صور مهاجرين أفارقة يباعون كسلع في ليبيا. إن مسؤوليتنا المشتركة تحتم علينا وقف هذه الجرائم. يجب أن نعمل بشكل عاجل لحماية حقوق وكرامة المهاجرين. يعني هذا تقديم الجناة إلى العدالة. ويعني زيادة المساعدات الإنسانية على الفور».
كما يعني ذلك أيضا، وفق الأمين العام، مساعدة السلطات الليبية على تعزيز قدراتها لحماية ومساعدة الرجال والنساء والأطفال الضعفاء
ولكن هناك أيضا حاجة ملحة لخلق مزيد من فرص الهجرة النظامية، واستعادة سلامة نظام حماية اللاجئين، وزيادة عدد اللاجئين الذين تتم إعادة توطينهم في العالم المتقدم. «لا مكان في القرن الحادي والعشرين للعبودية وغيرها من مثل تلك الانتهاكات المروعة».
وقال الأمين العام إن وحشية من يستغلون الضعفاء في حالات الصراع تشمل الاستغلال الجنسي، والعمالة القسرية، ونزع الأعضاء البشرية والعبودية. وأشار إلى استعباد البشر من قبل جماعات إرهابية مثل داعش وبوكو حرام وحركة الشباب وجيش الرب للمقاومة وغيرها من الجماعات الإرهابية. وقال إن تلك الأعمال هي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وقد تصنف بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
تحدث في الجلسة أيضا المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات، والممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالاتجار بالبشر وخاصة النساء والأطفال.
ووفق التقرير الصادر عن المكتب حول الاتجار بالبشر، فإن عددا متزايدا من الأشخاص الذين تم الاتجار بهم في العراق وسوريا والصومال، وجدوا بعد ذلك في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
وكان مجلس الأمن الدولي قد إتخذ خطوات مهمة ضد الاتجار بالبشر، بما في ذلك اعتماد القرار رقم 2331 (2016).
ثم تم التصويت على القرار الجديد رقم 2388 بالإجماع أيضا.
ويدعو القرار إلى استهداف التدفقات المالية إلى المتاجرين بالبشر ويحث كل الدول على اعتماد وتطبيق معاهدة الأمم المتحدة المناهضة للجريمة المنظمة العابرة للدول والبروتوكول الملحق بها بشأن الاتجار بالبشر. كما يدعو إلى متابعة وتفكيك عصابات الجريمة المنظمة وتبادل المعلوماتمع الدول الأخرى بشأن المجموعات التي تمارس الآتجار بالبشر. ودها القرار إلى ضرورة تكثيف تلك الجهود، والاستفادة بأقصى قدر من جمع المعلومات وتحليلها والأدوات والمساعدة التقنية المقدمة من مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات وغيره من وكالات الأمم المتحدة، وخاصة العاملة في مناطق الصراع وحالات منع نشوب النزاعات.
ودعا إلى تعزيز فهم أسواق وطرق الاتجار بالبشر ومنع تلك الانتهاكات. وأقر القرار الجديد أن الاتجار بالبشر هو قضية تتعلق أيضا بالتنمية. فمنع حدوث الأوضاع التي تؤدي إلى الاتجار بالبشر، يعني التصدي للفقر والإقصاء بما يتماشى مع أجندة التنمية المستدامة 2030. كما طالب القرار الدول جميعا بأن تفعل المزيد لدعم الضحايا والناجين من الاتجار بالبشر. «يجب أن يعاملوا باعتبارهم ضحايا بدلا من احتجازهم ومقاضاتهم ومعاقبتهم بسبب أعمال غير قانونية اضطروا للقيام بها من أجل البقاء على قيد الحياة».
المندوب الليبي لدى الأمم المتحدة، المهدي المجربي، قال إن منع نشوب الصراعات المسلحة واستخدام الدبلوماسية الوقائية هما أفضل السبل لتجنب المآسي والمعاناة الانسانيه التي لا توصف. «ولكن، للأسف، فان هذه الآمال كثيرا ما تعوقها التدخلات الأجنبيه السلبية التي تحفزها مصالح متناقضة والتي غالبا ما تكون السبب وراء الصراع. وقد اوجد ذلك مصاعب خطيره تصل إلى أبعد من الحدود الوطنية وتسبب في النهاية قلقا دوليا متزايدا».
وقال إن المناطق التي تعاني من الصراع المسلح وعدم الاستقرار هي الأكثر عرضه للاتجار بالبشر، وليبيا ليست استثناء، ولكنها حريصه على التصدي لهذه الانتهاكات. وأعرب عن استيائه من وسائل الاعلام التي تشهر بيع المهاجرين وتظهرها كنوع من العبودية في ليبيا، وأضاف المجربي أن بلاده تدين هذه الاعمال وتشجبها بوصفها أفعالا لا إنسانيه ولا تتمشي مع التشريعات الوطنية والقيم المجتمعية. وقد شرعت السلطات في إجراء تحقيق في هذه الادعاءات وستحاسب مرتكبيها.
وقال إن ليبيا بلد عبور للتدفقات الكبيرة والمستمرة من المهاجرين غير الشرعيين، وهي تمر في أوقات عصيبة، مضيفا أنه من غير المنصف توقع أن تتحمل المسؤولية عن عواقب الهجرة. ويتفق الجميع على أن العبء يتجاوز القدرات الوطنية، وأن الحل العملي يتمثل في النظر في أسباب طرد الناس من أوطانهم، ووضع الحلول. ورفض المندوب الليبي أي محاولة لتوطين المهاجرين في ليبيا علي أساس الأخطار والتداعيات المحتملة على النسيج الاجتماعي والثقافي للبلد، ودعا المجتمع الدولي إلى مساعده بلده في التصدي للتحديات التي تطرحها الهجرة غير النظامية بدلا من استغلال التحقيقات الاعلاميه المغلوطة لأغراض تشهيرية.