قبل أكثر من عشرة ايام.. قبيل وبعيد خطاب أوباما، وتحويله أمر قرار الضربات للكونغرس، بعد أن كان هناك شبه إجماع بين الناس على أن الضربات قاب قوسين ساعات لا أكثر، طرح ابني علي عدداً من الأسئلة يريد بها الاطمئنان على القادم.. وما يمكن أن يحصل. وحين طرحت عددا من الاحتمالات لم يقبلها وقتها.. وقال مستحيل. قلت له الكيماوي هو ما يهمهم أساساً وليس دماءنا، ولا أي شيء آخر، وإن وضعوا أيديهم عليه.. فلا مبرر لأية ضربة. قال مستحيل.. هيبة الرئيس وأمريكا تصبح في الحضيض. قلت: هذه أمور ثانوية يعرفون كيف يبلعونها ويلتفون عليها، فالسلاح الكيماوي هدفهم، وما تبقى ثانوي.. وقد أعلنوه مراراً بخجل، ثم بطلبات واضحة، وانهم يريدون ضمانات للمستقبل كي لا يُستخدم ‘ضد دول الجوار’. كان بذهني احتمال آخر يكمل الأول: إمكانية عقد صفقة كبيرة بين الروس والأمريكان.. تكون بلادنا جزءاً منها. وفي ما يخص سورية كان السؤال الكبير المطروح: هل انتهى الدور الوظيفي للنظام السوري؟ أم ما زالوا يتمسكون به؟.. والمعلومات التي كانت ترد من جهات صهيونية متناقضة: طاسة باردة وطاسة ساخنة.. وبما يعني لمن يريد أن يحلل، أن القابلية على المدّ بعمره، بطريقة من الطرق، ما زالت قائمة.. ببشار القاتل، أو دونه، وإن تضخيم دور ‘القاعدة’ والمتطرفين يجد صداه في ما يفكرون ويخططون.. وسؤالهم بين بعضهم: هل مجيء المتشددين افضل من نظام خبروه وعجنوه وخبزوه؟.. وهل يستبدلونه وهم اليوم اقدر على عجنه أكثر وأكثر ليلبي جميع مطالبهم، واولها الكيماوي.. وآخرها تدمير ما تبقى من البلد.. وإغراقه بحرب مذهبية قد يذهب مداها طويلاً. كان الاحتمال الثالث يدور حول مراهنتهم على مفاعيل التلويح بالقوة في إحداث انهيارات، او انقلاب داخل النظام يأتي بنوع من تغيير ويفتح الطريق لعلمية انتقالية تتوافق وتصوراتهم عن جنيف ومستقبل سورية. في هذه الاحتمالات جميعها فإن البحث الصادق عن مصلحة الثورة، عن إيمان هؤلاء بنظام ديمقراطي حقيقي، عن موقف المعارضة الذي انقسم بين اللهاث خلفهم، والتأييد والرفض في آخر اهتماماتهم.. حتى لو برر البعض مواقف التأييد بلقاء المصالح عند تقاطع ما، وحاجة الثورة إلى من يعينها، او الترحيب بما ستخلقه الضربات من معطيات جديدة قد يكون سقوط الطغمة من بينها، او تعديل ميزان القوى على الأرض.. نظام المقايضة يبيع ويشتري بكل شيء، وهو مستعد لأية صفقة، وأمن إسرائيل هو المهم بالنسبة للإدارة الأمريكية، وغيرها من الدول الغربية. وعبر ذلك تجري اليوم مشاريع المفاوضات، أو التلويح بالقوة.. والسؤال الذي يطرح نفسه علينا: إذا اتفقوا على وضع الكيماوي تحت تصرفهم او تدميره.. هل تبقى اية تبريرات للضربات التي يتحدثون عنها؟ وأين هي دماء الشهداء السوريين؟ وما هو الموقف من غير الكيماوي في عمليات الإبادة المنظمة؟. يبقى السؤال المركزي: ما هو دورنا؟ واين يكون موقعنا؟ وكيف يمكن أن نمسك بقرارنا الوطني فلا يبقى مطية الدول الكبرى وغيرها؟ وكيف نحدد أولوياتنا اعتماداً على قدراتنا الرئيسة بالاساس، ودعم الأشقاء المخلصين؟