إدلب – «القدس العربي»: قال مقربون من تنظيم الدولة وسكان محليون في ريف دير الزور، إن اتفاقاً للهدنة ابرم بين تنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية في منطقة الجزيرة في ريف دير الزور، في سابقة نادرة، بالنظر الى بنودها وآليات تطبيقها، المختلفة عن التسويات السابقة للانسحاب في القلمون والرقة.
وحصلت «القدس العربي»، على نسخة من تعميم داخلي للتنظيم، يتحدث فيه عن تفاصيل الاتفاق، الذي اطلق عليه «موادعة»، وينص على وقف لاطلاق النار، وعدم التعرض لجنود التنظيم خلال هجماتهم على طرف آخر، في اشارة للنظام السوري، كما يتحدث الاتفاق عن العمل على اطلاق سراح الاسرى وفتح المعابر التجارية واحتفاظ التنظيم بآبار النفط القليلة التي ما زالت تحت سيطرته، وتسهيل نقل الجرحى للعلاج.
وعلى مدى الأيام الماضية، تحدثت «القدس العربي» الى عدد من السكان المحليين في قرى جزيرة الفرات شمال دير الزور، كأبو حمام والغرانيج، حيث كان اتفاق الهدنة يسري عملياً منذ أيام عدة، اذ ذكر الاهالي ان مناطقهم لم تعد تشهد قصفاً من قوات التحالف، كما ان حركة نقل البضائع عادت لطبيعتها، وقبل ساعات نقل شهود عيان ان التنظيم اذاع خبر الهدنه عبر مكبرات الصوت في الجوامع، في توقيت مقارب لتسريب وثيقة الاتفاق الداخلية.
يقول الصحافي العراقي عمر الفلاحي، الذي كان أول من نشر وثيقة التنظيم الخاصة بالاتفاق، يقول ان هذه الخطوة جاءت متأخرة من قبل التنظيم، لتحييد احد الخصوم، بعد ان خسر معظم اراضيه، ووجد الجانب الكردي ان التنظيم لم يعد يهدد مصالحه شمالاً، خصوصاً ان اهم حقول النفط باتت بيد قوات سوريا الديمقراطية، ويرجح الفلاحي ان التنظيم سيعمل على تركيز هجماته على النظام السوري في منطقة الشامية التي تشهد معارك مستمرة الى الآن.
لمصلحة الطرفين
وتحدثت «القدس العربي» الى الصحافي السوري محمد حسان، المنتمي لدير الزور، وقال انه يعلم من خلال اتصالاته بالقرى القريبة من مناطق سيطرة «قسد»، بوجود حالة تهدئة منذ نحو عشرة أيام، وان اعلانها بدأ ببلدة هجين، ويرى حسان ان القوى الكردية كانت ستواجه صعوبات في مواصلة المواجهة مع التنظيم في تلك المناطق، بسبب قلة عدد المقاتلين الأكراد، وان التنظيم ايضاً انهك وحوصر، فكان هذا الاتفاق لمصلحة الطرفين.
وبعد تقدم النظام في دير الزور على خط جنوب الفرات «الشامية»، وتقدم الأكراد على خط شمال الفرات»الجزيرة»، تراجع وجود تنظيم الدولة الى بضع قرى على ضفتي وادي الفرات، ونهر الخابور، واحتشدت عشرات الآلاف من العائلات النازحة من المعارك، في قرى شمال دير الزور، هرباً من قوات النظام، وتجمعوا في قرى الجزيرة القريبة من مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، مثل الجمة وابوحمام والكشكية وغرانيج وهجين والسوسة والباغور ودرنج -والسيطرة عليها مناصفة بين القوات الكردية والتنظيم، اذ يعتقد السكان ان طريقة تعامل «قسد» مع النازحين تبعث على الاطمئنان، خاصة مع قبولها بالوساطات العشائرية التي نجحت في اتمام تسويات عدة مع عناصر تنظيم الدولة في المدن المحاصرة، كما حصل في الرقة. الشيخ عمار الحداوي، احد وجهاء قبيلة العكيدات، وهو الذي لعب دوراً في المفاوضات السابقة بين تنظيم الدولة وعشيرته في بلدة الشحيل قبل سنوات، يقول لـ»القدس العربي»، ان هذا الاتفاق يهدف على ما يبدو لتحقيق مصلحة الطرفين، فالتنظيم لم يعد قادراً على مواجهة عدوين في الشامية والجزيرة في آن واحد، ويضيف الشيخ الحداوي «ان الاكراد غير قادرين ايضاً الى مواصلة استنزاف قواتهم، بينما يريد التنظيم التركيز على مهاجمة النظام في قرى الشامية، وبالفعل بدأت هجمات شرسة على قرى عدة كانت تحت سيطرة النظام، كبلدة الصبيخان قرب العشارة، وقد ابلغني احد اعضاء مجلس الشعب السوري عن دير الزور، ان قوات النظام فقدت نحو 200 مقاتل في هجوم مباغت للتنظيم».
انتقادات شديدة
هذا التفاهم، قد لا يعلن عنه التنظيم رسمياً، كما سبق وحصل عند ابرام التنظيم لاتفاقات لسحب مقاتليه في القلمون والرقة، دون اعلان رسمي، ويبدو الاتفاق، متسقاً مع سياسة التسويات التي انخرط بها التنظيم اخيراً بعد تراجع قوته، وانحسار نفوذه في قرى صغيرة عدة، وتجمع الالاف من العائلات المهجرة وبينها عائلات لعناصر التنظيم على ضفتي الفرات ونهر الخابور والحدود السورية العراقية، مما شكل ضغطاً كبيراً على قيادة التنظيم، خصوصاً بعد انتقادات شديدة بات يتعرض لها التنظيم في مناطق سيطرته، تتعلق بسوء ادارته لملف حماية المدنيين وتأمين سلامتهم خلال المعارك، بسياسته المعروفة بمنع السكان من الخروج وتطبيق احكام مجحفة حد الاعدام للهاربين من المدن، خصوصاً في العراق، بينما اخرج التنظيم عناصره وعائلاتهم من مناطق محاصرة عدة كالقلمون والرقة، وقبلها الفلوجة، مما اثار موجة استياء شعبي غير مسبوق ضد التنظيم في مناطقه، ودفع حتى ببعض عناصره للانضمام للمجموعات العشائرية في قوات سوريا الديمقراطية بعد تدخلات من شيوخ ووسطاء. ويسود اعتقاد، ان الهجوم التركي المحتمل على بلدة عفرين الكردية، دفع القوات الكردية لسرعة سحب عناصرها من مناطق المواجهات في دير الزور، اضافة لمحدودية عدد وقدرة القوى الكردية المسلحة على ادارة هذه المناطق العشائرية البعيدة عن التجمعات الكردية شمالاً.
ومن المستبعد ان يؤثر هذا الاتفاق على إيقاف عجلة التراجع لتنظيم الدولة، وبالرغم من ان التنظيم قد ينجح في الايام المقبلة باستعادة بعض القرى من قوات النظام وشن هجمات عنيفة عليها، مستفيداً من هدوء جبهته مع الاكراد، الا ان الهدف الاهم للتنظيم يبدو انه تأمين اخراج آلاف العائلات النازحة ومنها عائلات لقيادييه، واندماج بعض عناصره بالمجتمعات المحلية في تسويات ذات طابع عشائري، ويأتي هذا الاتفاق غير المسبوق، في وقت تروج فيه دعوات اطلقها بعض الاسلاميين من العرب السنة، بضرورة تحييد القوى الكردية في العراق وسوريا، ووصل الأمر بالبعض للمطالبة بتنسيق وتحالف مع الاكراد، ضد الخصم المشترك المتمثل في السلطة المركزية لبغداد ودمشق.
وائل عصام:
عجيب أمر التحالف الذي يسمح لداعش بالخروج من أماكن الحصار بالرقة وغيرها
كما فعل حزب حسن بالحدود السورية اللبنانية مع داعش أيضاً !!
من المستفيد من عدم القضاء على داعش بسوريا ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
هل خيبة أمل الأكراد ورفض العالم لدولة كردية يدفع بالأكراد لتقرب من تنظيم الدولة