تونس – «القدس العربي»: قال محمد إقبال بن رجب رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين في الخارج: إن السلطات التونسية تتبع سياسة اللامبالاة والهروب نحو الأمام في تعاملها مع ملف التونسيين العالقين في الخارج، وأشار إلى أن الدبلوماسية التونسية أظهرت «عجزا» في استعادة التونسيين الموجودين في بعض بؤر التوتر كليبيا وسوريا، مقترحا تشكيل لجنة خاصة بشؤون التونسيين العالقين في الخارج ضمن وزارة الخارجية.
واتهم، من جهة أخرى، السلطات الإيطالية بانتهاك حقوق الإنسان في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، مشيرا إلى وجود معلومات مؤكدة تتحدث عن قتل عدد من المهاجرين التونسيين من قبل الجيش الإيطالي في إحدى الجزر، مشيرا إلى احتمال استغلال المهاجرين التونسيين من قبل شبكات الاتجار بالبشر في إيطاليا.
وقال ابن رجب في حوار خاص مع «القدس العربي»: «لدينا معلومات حول وجود أكثر من ألفي سجين تونسي في إيطاليا، وقد طالبنا الدولة التونسية للتحقيق حول هذا الأمر خاصة في ظل إبلاغ أكثر من خمسمئة عائلة تونسية بفقدان أبنائهم على الشواطىء الإيطالية، وبرغم أن رئيس الجمهورية أذن بتشكيل لجنة للبحث عن التونسيين المفقودين، إلا أن هذه اللجنة تقوم بعمل سلحفاتي (بطيء جدا) ولم تتوصل إلى نتائج حتى الآن، وكان من الممكن التوجه إلى هؤلاء الشباب في السجون ومساعدتهم، إلا أن الدبلوماسية التونسية عاجزة بأتم معنى الكلمة».
وأضاف «طالبنا مؤخرا بتشكيل لجنة متفرغة للتونسيين العالقين في الخارج داخل وزارة الخارجية، لأننا نعتبر أن الدولة التونسية تتبع سياسة عجز أو هروب نحو الأمام فيما يتعلق في ملف التونسيين العالقين في الخارج، حيث تم في البداية تشكيل كتابة دولة مختصة في شؤون التونسيين في الخارج ضمن وزارة الخارجية، ثم تم إلغاؤها وتشكيل كتابة دولة أخرى حول ذات الموضوع في وزارة الشؤون الاجتماعية، ليتم لاحقا إلغاء هذه الكتابة وتشكيل كتابة أخرى مجددا حول هذا الأمر في وزارة الخارجية، وقد تقدمنا بملفات عديدة حول تونسيين مفقودين في الخارج للبرلمان ولهذه الهيئات جميعها (كتابات الدولة) لكن في كل مرة يتم فيها إلغاء كتابة المختصة بشؤون التونسيين في الخارج لا نعرف مصير الملفات التي تقدمنا بها إليها، يعني وكأن الدولة تمارس معنا لعبة الاختباء».
مقابر جماعية
وكان النائب أسامة الصغيّر رئيس لجنة التونسيين في الخارج في البرلمان أشار مؤخرا إلى أن عمدة جزيرة «لامبيدوزا» الإيطالية أكد له وجود مقابر جماعية لمهاجرين تونسيين غير شرعيين في لامبيدوزا لم يتم التعرف على هُوياتهم، واعتبر أن هذا الأمر «غير مقبول»، مشيرا إلى أن البعثة الحكومية التي كانت من المفترض ان تتنقل الى لامبيدوزا للبحث في ملف المهاجرين أجلت هذا الأمر بسبب مشاركة أعضائها في مناقشتها ميزانية عام 2018.
وعلّق ابن رجب على ذلك بقوله « سمعنا مرارا عن المقابر الجماعية في لامبيدوزا من قبل منظمات المجتمع المدني الإيطالية، وأود الإشارة إلى أن السلطات الإيطالية لديها تأريخ غير جيد في معاملة المهاجرين وهذا موثق في وسائل الإعلام، وقد ورد إلى مسامعنا أن بعض المهاجرين التونسيين وصلوا بــ (الخطأ) إلى إحدى الجزر الإيطالية ولكن تبين أنها منطقة عسكرية، حيث تم قتلهم من قبل الجيش الإيطالي، ليس لدينا دليل قاطع في هذا الأمر، ولكني سمعت هذه القصة من شخص موثوق به وهو تابع للدولة التونسية ولكن لا أرغب بذكر اسمه».
وأوضح أكثر بقوله «ثمة عدة تقارير صحافية وشهادات تؤكد انتهاك السلطات الإيطالية لحقوق الإنسان خلال تعاملها مع المهاجرين، سواء بعدم إنقاذهم من الغرق أو معاملتهم (في حال نجاحهم بالوصول إلى الشواطىء الإيطالية)، فضلا عن تعاون الدولة الإيطالية مع الدول الأخرى فيما يتعلق بملف المهاجرين أو الأشخاص المفقودين، كما أننا تلقينا شهادات من أمهات يؤكدن فقدان أخبار أبنائهن بعد وصلهم إلى الشواطىء الإيطالية وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول استغلالهم من قبل شبكات الاتجار بالبشر أو تجارة الأعضاء البشرية». وكان خبر اصطدام خافرة عسكرية بمركب لمهاجرين غير شرعيين أثار جدلا في تونس، حيث اتهم الناجون من الحادث الخافرة بإغراق مركبهم وهو ما نفته وزارة الدفاع كليا، مشيرا إلى أنها شرعت في إجراء تحقيق دقيق لتحديد أسباب الحادث.وقال ابن رجب «لدينا ثقة كبيرة في الجيش التونسي ويستحيل أن يتعمد الجيش إغراق المهاجرين، ولكن قد تقع تجاوزات فردية من قبل بعض الأشخاص، ولو كان لدينا أي شك بسيط أنه تم إغراق قارب المهاجرين أو مس كرامتهم من قبل الجيش لتوجهنا بعريضة (احتجاج) للسلطات التونسية، وعموما القضاء العسكري سيتكفل بهذا الأمر».
عدد التونسيون في السجون
وحول عدد التونسيين الموجودين في السجون الليبية، قال ابن رجب « لدينا معلومات حول وجود نحو 300 تونسي في سجون متفرقة في ليبيا، وبعضهم محتجز لدى مجموعات مسلحة، وهناك 21 طفلا عند قوات الردع (ضمن سجن معيتيقة في طرابلس)، وكذلك هناك 17 طفلا عند الهلال الأحمر الليبي في مصراتة».
وتواترت الأنباء المتناقضة حول مصير الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري المختطفين منذ 2014 في ليبيا، حيث سبق لتنظيم «الدولة الإسلامية» ومجموعات متطرفة أخرى أن أعلنت مرات عدة «تصفيتهما»، إلا أن إحدى القنوات الخاصة أكدت مؤخرا أنهما ما زالا على قيد الحياة، فيما أكدت الحكومة التونسية في أكثر من مناسبة أنها تتابع ملفهما، من دون تقديم المزيد من التفاصيل حول مصيرهما.
وعلق ابن رجب على ذلك بقوله «بالنسبة لليبيا، ثمة أشخاص كثيرون تنقطع أخبارهم عدة سنوات، ويعتقد أهلم أنهم قُتلوا، ولكن بعد ذلك يأتي بعض الأشخاص كانوا معهم في السجن وتم الإفراج عنهم ويؤكدون أنهم ما زالوا على قيد الحياة، وقد ينطبق ذلك أيضا على سفيان ونذير، ولكني متأكد أن الإجابة الوافية حول هذا الملف موجودة لدى المشير خليفة حفتر».
وحول التونسيين الموجودين في السجون السورية، قال ابن رجب «كنت موجودا ضمن وفد زار سورية مؤخرا، وقد أخبرتنا السلطات التونسية بوجود 43 تونسيا دخلوا للبلاد بطريقة غير قانونية ولم تتم محاكمتهم لأنهم لم يقوموا بأعمال إجرامية، وهم محتجزون منذ 2013، إلا أن السلطات التونسية لم تقم بأي عمل جدي لإعادة هؤلاء الشباب، برغم أنهم يتمتعون بأهمية كبيرة كونهم شهود عيان على الأشخاص الذين قاموا بتجنيدهم في تونس وإرسالهم إلى بؤر التوتر، وقد خاطبنا السلطات السورية مرات عدة للحصول على عدد أو أسماء جميع التونسيين الموجودين في سورية لكنها لم تجبنا لأنها لا تتعامل مع جمعيات، في وقت لم تسعَ السلطات التونسية لمعرفة مصير أبنائها، حتى أبناء الجالية التونسية في سورية تم إهمالهم بشكل تام وكأنهم ليسوا تونسيين».
حسن سلمان: