تونس – «القدس العربي» : قال عصام الشابّي الأمين العام للحزب الجمهوري التونسي إن حزبي «نداء تونس» و«النهضة» يسعيان لتأسيس ترويكا جديدة في الحكم بالتحالف مع حزب «الائتلاف الوطني الحر» تقوم على محاولة إسقاط حكومة يوسف الشاهد وتشكيل حكومة جديدة «طيّعة» تحت غطاء «العودة للشرعية الانتخابية» التي قال إنها فشلت مع حكومة الحبيب الصيد، وتهيئة البلاد مبكرا للانتخابات المقبلة عام 2019، داعيا الشاهد إلى التحرر من ضغط أحزاب الائتلاف الحاكم واستبدال الحزام الحزبي بشرعية شعبية عبر مواصلة الحرب على الفساد وإطلاق حملة جديدة للحد من الفقر والبطالة ومعالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد.
وأكد، من جهة أخرى، أن حزبه «اكتوى» في نار الانصهارات الحزبية السريعة التي لم تنجح في النهاية، مشيرا إلى أنه يقوم – بالمقابل – بالتنسيق مع الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية (الوسطية) لتشكيل «قوة سياسية تفتح طريقا ثالثا أمام التونسيين وتعيد لهم الأمل والمصداقية للعملية السياسية». كما برر خروج حزبه من الحكومة بتزايد الضغوط الممارسة على الحكومة ومحاولة إخضاعها لـ»أهواء» الحزبين الحاكمين، مشيرا إلى أن حزبه رفض المشاركة بشكل صوري في الحكومة والتعامل مع الحكم كـ»غنيمة» ومسايرة الأحزاب التي تقود الائتلاف الحاكم.
وقال الشابي في حوار خاص مع «القدس العربي»: «فوجئنا بأن النداء والنهضة يسعيان لتشكيل ترويكا جديدة بضم حزب الاتحاد الوطني الحر برغم تتبعات قضائية تلاحق رئيسه سليم الرياحي تتعلق بالفساد وتبييض أموال وصكوك من دون رصيد وسوء إدارة وتسيير أحد أعرق الأندية الرياضية في تونس، في الوقت ذاته الذي تعلن فيه الحكومة استمرارها في الحرب على الفساد، وهذا يؤكد عدم جدية هذين الحزبين (النداء والنهضة) في إعلان تأييدهما لحرب الحكومة ضد الفساد».
وأضاف «نبهنا في وقت سابق إلى احتمال حدوث مفاجآت غير محسوبة العواقب إذا تمكنت الترويكا الجديدة من إزاحة الحكومة ووضع حكومة جديدة «طيعة» تحت غطاء العودة إلى الشرعية الانتخابية، وهي شرعية جُربت وفشلت مع حكومة الحبيب الصيد وأقر بذلك رئيس الجمهورية قبل غيره، وبالتالي العودة إلى رفع شعار الشرعية الانتخابية هي محاولة لإضعاف الحكومة ووضع اليد مباشرة على القصبة وتهيئة البلاد للاستحقاق الانتخابي (البرلماني والرئاسي) في 2019، ومحاولة غض النظر والاستخفاف بالأزمات التي تهز البلاد اليوم، وهذا الأمر قد تكون عواقبه وخيمة مستقبلا».
وكان سليم الرياحي رئيس حزب «الاتحاد الوطني الحر» انتقد خروج الحزب الجمهوري من الحكومة، مشيرا إلى أنه تنقصه الخبرة في التعاطي مع الشأن العام، فيما أكد جنيدي عبد الجواد القيادي في حزب «المسار الديمقراطي» أن خروج الجمهوري من الحكومة أحرج حزبه بحكم التنسيق الدائم بين الحزبين.
وعلق الشابي على ذلك بقوله «نحن نتقبل النقد الأخوي من الأحزاب الصديقة كحزب المسار، وأفتهم ما قاله جنيدي عبد الجواد، وهذا الكلام مرده أن حزبي الجمهوري والمسار تربطهما علاقات تاريخية وكنا دائما في حالة تشاور وتنسيق مستمرة إلا أن تقديرنا للوضع الذي بلغته الأزمة السياسية في البلاد وتدهور العلاقات في الحزام المحيط في حكومة الشاهد، كان مختلفا عن أصدقائنا في المسار الذين نحترم رأيهم ونقدر موقفهم المستقيل، لكننا لم نعد نحتمل البقاء في موقع شاهد الزور على ما يحدث». وفي رده على تصريح الرياحي، قال الشابي «بالفعل نحن تنقصنا الخبرة، ولكن في تبييض الأموال وإصدار صكوك من دون رصيد وإفلاس الفرق الرياضية الكبرى وفي البهلوانيات السياسية التي يعتمدها سليم الرياحي، فهو مزق وثيقة قرطاج وأعلن أن الحكومة دخلت في طاعة مونبليزير (مقر حركة النهضة) والعائلة الحاكمة، وبعد ذلك يعود ليقول بأننا تنقصنا الخبرة، الحزب الجمهوري خبِره التونسيون في انحيازه للحريات والعدالة الاجتماعية، وقد دافع عن التونسيين عندما كان سليم الرياحي في ليبيا بصدد تجميع ثروة ثمة أكثر من إشارة استفهام حول مصدرها وشرعيتها».
وأشار، في السياق، إلى أن حزبه شارك في حكومة يوسف الشاهد بعد أن أدى دورا كبيرا في المعارضة، في إثر إقرار الرئيس الباجي قائد السبسي بأن «هناك أزمة حادة تعيشها البلاد ودعوته الجميع لحوار وطني للبحث عن حل، وقد شاركنا في هذا الحوار إلى جانب قوى اجتماعية مهمة وأحزاب في الحكم والمعارضة وانتهينا إلى صياغة وثيقة كنا ولا زلنا نعتقد أنها شخصت الواقع التونسي بكل دقة ووضعت توجهات عامة على أساسها تكونت حكومة الوحدة الوطنية، وحين عرض علينا المشاركة في هذه الحكومة قبلنا لنسهم في إنقاذ البلاد وتنفيذ الأولويات التي أمضينا عليها والتزمناها».
وأضاف «نحن اعتبرنا أن حكومة الوحدة الوطنية وجدت لتنفيذ وثيقة وتعهدات التزمتها أمام الشعب وليس لتنفيذ أهداف للحزبين الكبيرين اللذين لهما أغلبية برلمانية، وفي ظل الضغط الممارس على رئيس الحكومة من قبل الحزبين الحاكمين، اضطررنا إلى عقد لجنة مركزية وطرحنا عليها تقويم مشاركتنا في الحكم ، وأعلنا للرأي العام مغادرتنا لحكومة الوحدة الوطنية بناء على استحالة تقديم الإضافة من خلال وجودنا فيها وبناء على قرارات تؤكد أن هذه الحكومة لم يعد بإمكانها تقديم المزيد طالما أن الحزام السياسي المحيط بها يعاني من تدهور وتعفن غير مسبوق». وتابع الشابي «غادرنا الحكومة لكي ننبه الرأي العام ونكون في موقع الضاغط من أجل وضع حد لهذا التدهور السياسي، وندعو الشاهد إلى التحرر من ضغط أحزاب الائتلاف الحاكم والاستعانة بالسند الشعبي عبر التوجه للقضايا الحقيقية المتمثلة في مواصلة الحرب على الفساد والحرب على الفقر والبطالة، وذلك كي تستمد الحكومة شرعيتها من الشعب ولا تقبل بالتنازلات التي ستعوقها عن القيام بدورها، وبالتالي يصبح تغيير هذه الحكومة مطلبا شعبيا قبل أن يكون مطلبا حزبيا». وحول احتمال تكرار الحزب الجمهوري لتجربة «الاندماج» مع أحزاب أخرى، قال الشابي «تونس اليوم في حاجة إلى قوة سياسية تفتح طريقا ثالثا أمام التونسيين وتعيد لهم الأمل والمصداقية للعملية السياسية التي نالها التدهور وفقدان المصداقية، والحزب الجمهوري سيسعى أن يكون ضمن هذه القوة، لكن ما استخلصناه من تجاربنا السابقة هو عدم القفز على المراحل وعدم استعجال الإعلانات السياسية قبل ضمان نجاح أسسها، ونحن منذ أشهر في مشاورات مع أحزاب سياسية ديمقراطية وأصدرنا موقفين يتعلقان بالانتخابات البلدية وظروفها ووضعية هيئة الانتخابات، من دون أن نعلن أننا في تحالف أو بصدد بناء جبهة».
وأضاف «نحن بصدد بناء الثقة بيننا والتنسيق كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وهذا التنسيق مستمر إلى اليوم وهناك لقاءات تشاورية مستمرة بين هذه الأحزاب، نحن نخطو خطوات بطيئة لكنها مهمة لبناء الثقة وعلى قاعدة ما يتم التوصل به من خلال هذه النقاشات يمكن أن نأخذ خطوة موالية لتعطي شكلا أرقى للتنسيق يين هذه الأحزاب.
نحن اكتوينا بنيران الانصهارات والاندماجات السريعة ولكننا لن نتخلى عن مد يدنا لكل القوى الديمقراطية الاجتماعية من أجل إنقاذ تونس وفتح طريق جديد أمام التونسيين».
حسن سلمان