بيروت – «القدس العربي»: شهدت ساحة عوكر ومحيط السفارة الأمريكية، أمس، تظاهرة لمئات المعتصمين الذين حضروا لإعلان رفضهم لاعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، بدعوة من حركة الناصريين المستقلين – المرابطون والأحزاب والقوى والمنظمات الشبابية اليسارية والفصائل الفلسطينية، تحت شعار «شدوا الرحال الى فلسطين». وتوافد المتظاهرون الى منطقة ضبية بالباصات لتتجمع عند مفرق ال ABC، وتنطلق في تظاهرة حاشدة في اتجاه السفارة الأمريكية، رافعين الأعلام الفلسطينية واللافتات، ومطلقين الهتافات المنددة بقرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس.
ووصلت بعض المجموعات الشبابية وبدأت ترشق القوى الأمنية بالزجاج والحجارة، محاولين اجتياز الشريط الشائك ما دفع القوى الأمنية الى إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
أمريكا راعية الإرهاب الأولى
والقى الأمين العام «للحزب الشيوعي اللبناني» حنا غريب، كلمة في التظاهرة دعا فيها الدولة اللبنانية وسائر الدول العربية الى «وقف كل برامج التعاون مع الولايات المتحدة وطرد سفرائها». وقال: «اخترنا عن سابق تصور وتصميم التظاهر في اتجاه سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، لنقول للعالم أجمع إن الولايات المتحدة الأمريكية هي رأس الإرهاب العالمي الذي يجب مقاومته، إنها عدوة فلسطين وقضيتها، هي عدوة كل الشعوب التواقة إلى الحرية والتحرر من الظلم والتبعية. إنها الراعي الأول للكيان الصهيوني وإن سفارتها في بيروت هي رمز العدوان والغطرسة الامبريالية، اخترنا التظاهر والاعتصام أمام سفارتها لنطلقها بأعلى صوتنا إدانة عارمة للقرار العدواني، الذي اتخذه الرئيس الأمريكي ترامب معترفاً بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، نطلقها صرخة مدوية من قلب لبنان المقاوم الى كل الشعوب العربية وشعوب العالم أجمع، بأن لا تتركوا الشعب الفلسطيني وحده في المعركة بل قفوا الى جانبه، ادعموه بكل ما لديكم من إمكانيات وطاقات بالدعوة لإطلاق التحركات الفورية أمام السفارات والمصالح الأمريكية في كل مكان: انتصاراً للقدس عاصمة للدولة الفلسطينية الديمقراطية العلمانية على كامل التراب الفلسطيني، وانتصاراً لحق العودة وتقرير المصير ووحدة الأرض. وهي تظاهرة لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني وتوجيه تحية الإجلال والإكبار لشهدائه وجرحاه المنتفضين ضد الاحتلال في شوارع وأحياء الضفة الغربية وغزة وفي كل قرية ومدينة في الداخل».
تواطؤ قيادات خليجية
وأضاف «أن هذا القرار ما كان ليصدر لولا تواطؤ الأنظمة العربية الرجعية مع إسرائيل، وفي مقدمها السعودية، التي عرضت بشخص ولي عهدها محمد بن سلمان على رئيس السلطة الفلسطينية التخلي عن القدس والقبول ببلدة أبو ديس بديلاً عنها. إن ملوك وأمراء هذه الأنظمة الرجعية هم بالذات الذين فتحوا أبواب بلدانهم للقواعد العسكرية الأمريكية ولمكاتب تمثيل المصالح الإسرائيلية، وهم الذين بددوا ثروات شعوبهم في أسواق البورصات العالمية والإنفاق غير المجدي على مصالحهم وملذاتهم الشخصية وعلى صفقات السلاح المشبوهة وشراء ذمم قيادات النظام الرسمي العربي الراهن، وهم أيضاً من أنفق عشرات المليارات من الدولارات بهدف تدمير سوريا والعراق واليمن وليبيا، خدمة للمصالح الامبريالية والكيان الصهيوني».
وتابع غريب «وبالنسبة الينا كلبنانيين، تسقط هنا سياسة النأي بالنفس، لأنها تعني امرين أساسيين: أولهما، السكوت على الخيانة وطمس حقيقتها ومساواة الخائن والعميل بالمقاوم، وثانيهما، تكريس المصالح الطبقية لأطراف التحالف السلطوي الحاكم، وترسيخ النظام السياسي الطائفي، نظام المحاصصة والفساد والتبعية».
مطلوب جبهة مقاومة عربية جديدة
وسأل رئيس حركة الشعب ابراهيم الحلبي الحكام العرب «هل ما حصل هو نتيجة المقاومة أم نتيجة المعاهدات والمفاوضات؟»، معتبراً «ان كل ما يحصل الآن له علاقة بالمسار التفاوضي لكامب دايفيد الى اوسلو»، داعياً الجميع في العالم العربي الى «جبهة مقاومة عربية تقوم بالفعل بكل الامكانات للخلاص من هذا الكابوس ومن المصالح الأمريكية واعتبار الولايات المتحدة الأمريكية عدوة للعرب كذلك الكيان الصهيوني».
واكد علي فيصل باسم الجبهة الديمقراطية «ان النبض العربي سيبقى حياً لأن فلسطين هي قضيتنا»، مطلقاً صرخة المقاومة الشاملة «بأن فلسطين لن تحررها الحكومات الحكومات العربية إنما الكفاح الشعبي»، مؤكداً «الاستمرار في النضال وان قرار ترامب لن يغير من المركز القانوني للقدس باعتبارها مدينة محتلة كما كل فلسطين».
وانتهت التظاهرة بعد مواجهات بين المتظاهرين والقوى الامنية بعد محاولة البعض تسلّق السياج الحديدي الضخم في ساحة عوكر والقيام بأعمال شغب.
وقد غرّد أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان عبر حسابه الخاص على «تويتر قائلاً: «عوكر ليست غزة والقوى الأمنية اللبنانية ليست اسرائيلية وممتلكات المواطنين الخاصة والعامة ليست مباحة للاعتداء عليها، فالتضامن والتظاهر لدعم القدس لا يعني استباحة القوانين اللبنانية.» ورأى رئيس الكتائب النائب سامي الجميل عبر تويتر «ان السماح بتحويل منطقة عوكر الى ساحة لبعض المشاغبين للتعدي على الجيش اللبناني وعلى هذه المنطقة المسالمة الأمنة وأهلها ومحالها هو عار على هذه السلطة التي لا تستقوي إلا على من يدافع عن لبنان».
باسيل: الثورة الآن أو الموت البطيء
وكان وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل ألقى كلمة باسم لبنان في مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة جاء فيها «الويل لنا إذا خرجنا اليوم بتخاذل، إما الثورة وإما الموت لأمة نائمة»، مضيفاً: «أنا لست هنا باسم لبنان لأستنكر عملية سلب، ولا لأستذكر هوية عربية نحن من صناعها، ولا لأستفسر عن انتماء عميق يراد إضاعته في نزاعات الهائية، تريد تقسيمنا الى ملل ومذاهب، الى قبائل وعوائل، وتحويلنا أمة مفتتة يستسهل إهانتها وسرقة رموزها، واغتصاب أرضها، بدل أن تكون رابطة تشارك، يجمعنا فيها العلم والتطور والحوار. وأنا بالطبع لست هنا لاستصدار بيان عقيم، أو إدانة رمزية يمحى حبر ليلها ويستهزئ بها من سامعيها».
واضاف «نحن هنا، لأن عروبتنا لا تتنازل عن القدس، ونحن في لبنان لا نتهرّب من قدرنا في المواجهة والمقاومة حتى الشهادة. نحن من هوية القدس لا نعيش إلا أحراراً وننتفض بوجه كل غاصب ومحتل. أرادتنا غولدا مائير عند إحراق الأقصى عام 1969 أن نكون أمة نائمة، وحوّلنا أنفسنا الى أمة فاشلة، وأرادنا البعض الآخر أمة غائبة ومتلاشية ومنعدمة، وذلك لانعدام الرؤية الواحدة بيننا وغياب أيديولوجيا منفتحة تجمعنا. غفوة نحن لا نرضاها بل نوقظها بلبنانية فريدة ونربطها بمشرقية واسعة، تتطلع الى عروبة متوقدة ومتطورة. نحن من هوية القدس، كرامتنا لا تمس وهويتنا لا تخطف، بل تعود لتتحرر فتنطلق من لبنانيتها الى مشرقيتها الى عروبتها. نحن هنا لنستعيد عروبتنا الضالة ما بين سنة وشيعة، والمهدورة بين شرق وغرب، والمتلهية بصراع عربي- فارسي، والمدفوعة وهماً الى تخويف إسلامي- مسيحي متبادل، فيما البابا شنودة والبطريرك إغناطيوس الرابع هزيم والمطران جورج خضر والأب يواكيم مبارك هم أكثر من حملوا العروبة قضية حياة، وقد أدرك بطريرك العرب أن الحروب في بلداننا ليس هدفها إنهاء النظام في بلد بل إنهاء هذا البلد. ذلك إلهاء عن قضية فلسطين، من ربيع عربي واقتتال سني – شيعي، وخلق قوى تكفير وتعرض لوجود أقليات، وكلنا بمعنى ما أقليات. حروب اختلقت وفشلت فكان الانتقال بعد الفشل الى نقل سفارة وتهويد قدس.»
سعد الياس:
تحية للبنان ولفلسطين . ولكل مناضل عربي . شكرا لوزير خارجيتنا .السيد جبران باسيل.لموقفه من القدس الشريف. ولوقوفه بوجه السعودية عندما كان الرءيس الحريري في الاقامة الجبرية في الرياض.