حلب – «القدس العربي»: اعتبرت شخصيات سياسية سورية معارضة خلال حديثها لـ«القدس العربي»، ان الحراك السياسية التي جرى خلال الأسابيع الماضية بشأن سوريا، ابتداء من اجتماع الرياض2 ونتائجه وصولاً إلى جنيف وانتهاءً بتصريحات المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا تضع الثورة السورية أمام تحديات خطيرة لـ«تصفيتها»، من قبل بعض الدول الإقليمية وبمساعدة بعض السوريين حسب قولهم.
وكان دي ميستورا، الذي أعلن منذ أيام فشل المفاوضات السورية في جنيف بين وفدي النظام والمعارضة، قد طالب مجلس الأمن بتقديم أفكار لصياغة دستور وتنظيم انتخابات لإحياء الحل السياسي بعدما توفيت «الفرصة الذهبية» وفق وصفه في جولة المفاوضات الأخيرة، معتبراً أن المقترحات حول الدستور والانتخابات ستؤدي إلى «عملية تحفيز لاستشارات أكثر اتساعاً».
سمير نشار رئيس الأمانة العامة لإعلان دمشق أكد على أن ما يسعى إليه المبعوث الأممي دي ميستورا محاولة لـ»اختصار الحل السياسي والانتقال السياسي» اللذين نصت عليهمذا القرارات الدولية بقضية إصلاحات دستورية أو ربما تعديلات على دستور نظام الأسد لعام 2012 وإجراء انتخابات تزعم إشراف الامم المتحدة عليها. واعتبر في تصريح لـ«القدس العربي»، إن كل ذلك يجري وسط صمت مريب من الدول الشقيقة والصديقة.
افشال المفاوضات
وأضاف نشار أن المثير للشك عدم وجود أي ردود فعل من قبل وفد مؤتمر الرياض2 الذي شارك بوفده الموسع الذي شمل منصة موسكو والقاهرة على إحاطة ديمستورا امام مجلس الامن واكتفوا بتحميل النظام مسؤولية افشال المفاوضات، وكأن النظام المدعوم من الدول الضامنة يكترث لموقفهم. وأشار إلى موقف رئيس منصة موسكو في مؤتمره الصحافي الذي اعتبر أن بشار الاسد ونظامه خصم سياسي وليس عدواً، متسائلاً كيف يصبح جزءاً مهماً من قرار وفد مؤتمر الرياض والتفاوض!
وحسب نشار فإن الثورة السورية والمعارضة قبل مؤتمر الرياض2 مختلفة جداً عما بعده من حيث تمثيلها، وبالتالي لا يجوز تسميتها وفد قوى المعارضة والثورة وانما وفد مؤتمر الرياض2. ووفق نشار فإن «بعض مندوبي الدول من السوريين الذين يزعمون انتسابهم للمعارضة والثورة يقدمون تنازلات مجانية ويهرولون وراء اجندات الدول، حيث أن دي مستورا الذي كان حاضراً في الرياض اثناء المؤتمر عرف تماماً كيف يتعامل مع وفد الرياض باعتباره لا يتمتع بأي صدقية ومشروعية لدى السوريين».
وأبدى استغرابه من المفارقة الخطيرة عندما قال رئيس وفد التفاوض الدكتور نصر الحريري في مؤتمره الصحافي أن النقاش شمل الانتقال السياسي بينما الوسيط الدولي لم يأت على ذكر الانتقال السياسي وإنما فقط ذكر الانتخابات والارهاب والدستور، في المؤتمر الصحافي الذي عقداه بعد انتهاء الجولة الثامنة من جنيف.
وأكد على أن مجتمع المعارضة والثورة أمام تحديات خطيرة تهدف لتصفية الثورة السورية من قبل بعض الدول الإقليمية وبمساعدة بعض السوريين، وبالتالي علينا كمعارضين وكثوار التصدي لتلك المحاولات والوقوف بوجه تلك المؤتمرات وعدم منحها شرعية سورية وهذا أضعف الإيمان، حيث أن نهزم أشرف من أن نستسلم.
ووصف الأمين العام لحزب التضامن السوري، الدكتور عماد الدين الخطيب، مقترحات ديمستورا امام مجلس الامن بخصوص سوريا لانهاء الصراع كمن يبحث عن ابرة في كوم قش.
وأضاف لـ«القدس العربي»، إن دي ميستورا يقترح صياغة دستور من خلال هيئة حوار وطني يستفتى عليه من الشعب، ثم اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية يشارك فيها جميع السوريين دون استثناء في الداخل والخارج وبلاد اللجوء، مما يضع الجميع امام مشاكل عوائق قانونية عدا عن عدم موافقة النظام على هذه المقترحات التي يعتبرها تدخلاً في السيادة الوطنية.
وأردف ان انتخابات الداخل السوري قد تتم باشراف دولي وحضور مرعب للنظام من خلال ممثليه، حيث أن هذا الوضع تعود عليه السوريون منذ خمسين عاماً، إلا أن المشكلة الكبرى التي ستلاقي اعتراضاً ورفضاً من قبل النظام هي الانتخابات الخارجية والتي سيتذرع النظام بان المنتخبين او المشاركين ليسوا سوريين باعتبار ان النتيجة ستأتي في غير صالحه وسيطعن بأغلبية القوائم.
وفيما يتعلق بالثورة السورية قال الدكتور الخطيب إن الثورة تتعرض للتصفية منذ انطلاقتها لانها ارتبطت بالدول الداعمة لها والتي تسيرها في الاتجاه الذي يحقق مصالحها، فانفصلت قياداتها عن حاضنتها الشعبية ولم تعد محل ثقة الشارع على الاطلاق، وذلك نتيجة الضغوط الدولية على قيادة الثورة والمعارضة والدعم المفرط للنظام.
إدخال منصتي موسكو والقاهرة
وقال المعارض السياسي السوري ناصر الحريري لـ«القدس العربي»، إن دولاً إقليمية نجحت في إدخال أعضاء منصتي القاهرة وموسكو إلى وفد المفاوضات السورية، بالرغم من عملهما لصالح روسيا والنظام، وبالتالي فإن ما يروج له دي ميستورا اليوم حول إجراء انتخابات سيدعم من داخل الهيئة التفاوضية مستقبلاً.
واعتبر أن ما جرى في مؤتمر المعارضة في الرياض مؤخراً سيسهل ما ترمي إليه بعض الدول الإقليمية عبر المبعوث الأممي في إجراء انتخابات وترشح الأسد، خاصة بعد إزاحة الدكتور رياض حجاب وزملائه عن وفد المفاوضات الذين وقفوا عقبة في طريق تمرير المشاريع الروسية في سوريا، وأصروا على تحقيق مطالب الثوار بإسقاط نظام الأسد وتقديم رموزه للمحاكمة والمحاسبة على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري.
من المبكر التشكيك بوطنية هيئة المفاوضات فعلى الرغم من أنها دمجت منصتي القاهرة وموسكو، بالمناسبة أشار إليهما 2254، فإن بيان رياض 2 لم يفرط بثوابت الثورة برأينا وهو سيكون المرجعية للوفد المفاوض. أكثر من ذلك، لأول مرة يطالب الوفد المفاوض رسميا بوضع مصير الأسد على طاولة المفاوضات برغم من أن الروس كانوا دائما يصرون أن ذلك ليس مطروحا للمفاوضات. هناك تفسير حسن لاستقالة السيد رياض حجاب وغيره من الوطنيين كالسيد سمير نشار، فقد يكون ذلك لإتاحة الفرصة لهم للعب دور هام في هيئة الحكم الانتقالي وخاصة السيد حجاب لطالما له خبرة حكومية كونه رئيس وزراء سابق حيث أن أعضاء الوفد المفاوض لايمكنهم المشاركة في هيئة الحكم الانتقالي حسب الميثاق الداخلي لهيئة المفاوضات.
نحن نشارك السيد نشار مخاوفه من اختصار الحل السياسي بإصلاحات دستورية وانتخابات إذ أنه حسب جنيف1 و 2254 فإن كتابة الدستور والانتخابات هي من مهام هيئة الحكم الانتقالي أي يجب تشكيل هيئة الحكم الانتقالي أولا، ولكن لم يتضح إلى الآن أن هيئة المفاوضات تخلت عن ذلك. على العكس تماما فإن انسحاب وفد النظام السوري من المفاوضات يشير إلى أنه واجه وفد مفاوض قوي للمعارضة.