هل المطلّقة سلعة (سَكنْد هاند)، وهل الزّنوجة عاهة؟

حجم الخط
41

قالت السيدة: كيف يمكن للأمير البريطاني هاري الزواج من امرأة مطلّقة هي الممثلة الأمريكية ميغان ماركل؟
قالت الثانية: ثم إنها تكبره سنًا؟
قالت الثالثة: ثم إنها من وسط سينمائي موبوء. إنها ممثلة نصف فاشلة!
قالت الرابعة: ثم إنها من جنسية أخرى. فهي أمريكية من عامة الشعب وهو أمير بريطاني.
قالت الخامسة: الأهم من ذلك كله أنها مطلّقة. هل يعقل أن يتزوج أمير ـ وسيم مثل هاري ـ تتمنى الزواج منه أجمل أميرات أوروبا الصبايا العذارى هل يعقل أن يختار امرأة كهذه.. ثم إن والدتها ووالدها مطلقان!!..
قالت السادسة: وفوق ذلك إنها ليست جميلة!..
قالت السابعة: لأنها من أصول زنجية! حماة الأمير هاري الآتية هي من نسل العبيد الزنوج!
سألتني صديقتي التي اقتادتني إلى تلك السهرة الباريسية: ما رأيك؟ لم أجب! وها أنا أنفجر كتابة كعادتي!

هل المطلقة امرأة (مستعملة مستهلكة)؟!

كان انتقاد السيدات وكلهن من أصول عربية ينصب على كون خطيبة الأمير هاري مطلقة. ولكن ماذا في ذلك؟
هل كون المرأة مطلقة تهمة مشينة؟ ماذا لو كان الزوج هو المسؤول عن دمار الحياة الزوجية؟ ثم إن ذلك لا يعني بالضرورة أن يتكرر الأمر في الزواج الثاني، بل يعني أن المرأة إنسان، ولا يمكن تحويلها إلى نفاية لمجرد أن سبق لها الزواج.. والمرأة لا يجعل منها الطلاق ـ أيا كانت الأسباب ـ امرأة مستهلكة مستعملة (سكند هاند)!

(المطلقة) هدف جنسي سهل ومجاني للذكور؟

حسنا.. لنعترف.
في معظم بلادنا العربية ينظر الكثير من (الذكور) إلى المطلقة نظرة دونية، لكنهم يلاحقونها، فالعلاقة (الجنسية) معها مجانية، ولا تترتب عليها نتائج عقابية، كالعقاب بالزواج منها بتهمة فض بكارتها!
المطلقة العربية في عين بعض الذكور فرصة لعلاقة ممتعة من دون دفع (الثمن) الاجتماعي الباهظ، بينما الصلة بعذراء قد يترتب عليها حتى القتل لغسل الشرف (الرفيع) من الأذى.
أنا لا أدافع عن ميغان ماركل بل عن المرأة المطلقة عامة والعربية بالذات في مواجهة النظرة القاسية غير الإنسانية اليها. معظم الرجال العرب لا يرغبون عن الزواج من مطلقة، وموقفهم شبيه بموقف نساء تلك السهرة. ولكن كون المرأة مطلقة لا يعني أنها مستعملة او مستهلكة، فالمرأة إنسان، قد تزيدها التجارب تألقا كجوهرة، وليست سلعة يتم استهلاكها ولا سيارة (سكند هاند) ينقص ثمنها..

«خذوا عيني وشوفوا بها»!

ثمة أغنية تونسية جميلة جدا أحبها لحنا وصوتا، تقول كلماتها ما معناه: سألوني ما الذي يعجبك فيها، قلت للذين غاروا مني خذوا عيني وانظروا بها..
وسيدات السهرة اللواتي لم يجدن ميغان ماركل جميلة كان عليهن أن يتذكرن أن العاشق يرى الحبيبة بعينه هو وقد يجدها أجمل النساء ويريد أن يعطي الآخر عينه ليرى بها.
حسنا. ميغان قد لا تكون جميلة بمعنى (الصورة) او (النجمة السينمائية) ولكن الأمير هاري العاشق وجدها الأجمل وعلى المنتقدات النظر بعينه غليها!!
الأمير شارلز والد هاري سبق له أن وجد المطلقة زوجته الحالية أكثر جمالا من زوجته باهرة الجمال الأميرة ديانا وتزوجا ويعيشان بحب وبلا فضائح.
أما عن كون ميغان تكبر الأمير هاري سنا، فلا يبدو ذلك في عصرنا عقبة حتى في وجه إنجاب الأولاد، وشقيقة مايكل جاكسون جانيت أنجبت لزوجها العربي طفلا جميلا وهي في الخمسين..

مصادقة العصر والإنسانية

وما دام (القاضي راضي) كما نقول في الشام وهاري يُحب ميغان، لِمَ الاعتراض على ذلك في عصر صارت فيه المرأة كالرجل قد تتزوج ممن يصغرها سنا، وينجح الزواج كما في نموذج رئيس جمهورية فرنسا إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت التي تكبره سنا بنحو ربع قرن، وهي مطلقة، ولها أولاد بعضهم يكبر زوجها سنا.
أظن أن على الكثيرات والكثيرين مصادقة العصر وبعض قيمه، الأكثر عدالة حين يتعلق الأمر بالزواج من مطلقة، أو أكبر سنا من الزوج وأقل جمالا من بقية نجمات هوليوود(!) فعين العاشق ترى أن الحبيبة هي الأكثر جمالا وبهاء.. وكما يقول قيس ابن الملوح عن حبيبته ليلى: لم تزل ليلى بعيني طفلة/لم تزد عن أمس إلا أصبعا!
وشكرا للحب الذي يعيد العدالة الإنسانية إلى نصابها.. وباختصار أظن أن على مجتمعاتنا العربية إعادة النظر في رؤيتهم للمرأة المطلقة العربية، فهي ليست مستهلكة ولا (سكند هاند)، إنها إنسان، فشل زواجها، ولكل إنسان الحق في فرصة ثانية. أما انتقاد سيدات السهرة للأصول الزنجية لميغان ماركل فقد استفزني أكثر من أي شيء آخر.

متى «بابا نويل» الزنجي؟ و«ماما نويل»؟

باريس ترقص أضواءً بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية الجديدة. «بابا نويل» هو سارق الأضواء من سيدنا المسيح صاحب الميلاد، ونجد «بابا نويل» في أحلام الأطفال وفي المخازن الكبرى والشوارع، فضلا عن احتلاله شاشات الأفلام التلفزيونية بالذات حيث ننام ونصحو على لحية بابا نويل البيضاء كما بَشَرَته وقبعته الحمراء ومركبته الطائرة بين الغيوم.
إنه «رجل أبيض» والكثيرون مثلي يفتقدون «بابا نويل» الزنجي، أسود البشرة، أم أن السيد نويل الحالي رمز لسيادة «الرجل الأبيض» الغابر على الزنجي؟
نفتقد أيضا «ماما نويل»؟ أليس في غيابها الرمز لسيادة الرجل على المرأة حتى في حقل أحلام الأطفال؟

هل المطلّقة سلعة (سَكنْد هاند)، وهل الزّنوجة عاهة؟

غادة السمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حمودان عبد الواحد/ كاتب عربي وأكاديمي من فرنسا:

    المرأة عند أصناف من الرجال، جمالُها قاتلُها! (2)

    قلت مقهقها، وغالباً ما أتصرّف هكذا حين أشعر أنّي في ورطة: لماذا تضيفين “عربي”، يكفي أن أجيبك كرجل!؟ لكنها لم تعطيني فرصة لأخذ أنفاسي بل أفرغت نحوي رشاشة فضولها مردّدة: عربي، عربي، هل فهمت؟ رجل عربي، من فضلك !
    قلت، وقد بدأ الزهو يربت بأصابع حسّه الدقيق الخطير على أوتار أناتي الذكورية، ورضيت بأن أتخلّى عن رجولتي وعروبتي، وأرمي بنفسي في لعبة التفلسف: الجمال مشكلة، وجمال المرأة خطر عليها وعلى عقلها قبل أن يكون خطراً على الرجل، وما يعجبني أو يحيّرني فيها هو أنها عندما تكون أمام المرآة لا تنظر إلى نفسها إلا بعين الرجل. ولا أفهم لماذا تشتكي من استغلال الرجال لها والتنقيص من عقلها، وهي التي إنْ سُئلت عن ما يعجبها في إطراء الرجل لها، إمّا بالجمال وإمّا بالذكاء، فضلت مديح الجمال !
    قالت محاوِرتي: أرجو أن لا تكون جادّاً في كلامك! قلت مازحاً: طبعاً لا، إنّما أنا آُهرّج !
    ثم استرسلتُ مجيباً، هذه المرة، عن رأيي كرجل عربي في المرأة التي تفكّر: «هل تعلمين أني في غالب الأحيان في صدام فكري مع ابنتي الكبيرة التي تدرس في الجامعة ؟ إنها كلما عبّرتُ عن فكرة بشأن قضية ما إلا وانبرت لي بالمرصاد وعارضتني ناسية أني أبوها. وأنّي كلما انتظرتُ من زوجتي أن تذكّرها بذلك تبتسم وتلقي باللائمة علي لأني ـ حسب رأيها ـ أنا المسؤول عن تربية التفكير الحر والنظرة النقدية والنزعة الفلسفية التفكيكية في مواقفها مما يقال ويحدث في العالم، ويتعلق بحياتها من قريب أو بعيد».
    تسألني محاورتي بعد أن شكرتني على هذا الجواب الذي أثار دهشتها: إذن، أنت لست شقيّاً ! هل أنا مخطئة ؟
    قلت دون أن أفكّر، مردّداً عبارة شهيرة للشاعر الفرنسي أنطوان سانت إكزوبيري: «لا بد لكل وردة من أشواك تحمي بها نفسها، شيء طبيعي »، ثم أضفت : « لا يجب علي كرجل أن أخاف من المرأة التي تفكر، أو أخاف عليها. المرأة التي تفكّر لا تحمي نفسها فقط ، بل يزيدها ذلك جمالا على جمال. وعلى الرجال أكانوا أباءً أو أزواجاً أو إخواناً أو آخرين أن يعتبروها هديّة من السماء!».
    استأذنتُ سائلتي التي تحولت إلى محاورتي في الانصراف، واستأنفت متابعا قضيتي التي جئت من أجلها. وبينما أنا كذلك فوجئتُ بكوني أتصبّب عرقاً !

  2. يقول حمّودان عبد الواحد/ كاتب عربي وأكاديمي من فرنسا:

    جمال المرأة عند أصناف من الرجال، قاتلُها (1)

    كنت أبحث في سكريتارية الشعبة التي أدرٌس فيها في كلية إكس بروفانس عن زميلة عمل مسؤولة عن بعض الملفات الإدارية تخصني، إذ سمعتُ صوتا يناديني فالتفتّ وإذا بي أمام امرأة تعمل في قسم مواجه لي تقول دون مقدمات: لقد اشتريت الكتاب الذي كنت تتكلم عنه، في الشهر الماضي، مع زميلتي الفلانية! أجبت مندهشا: كتاب ! أي كتاب ؟ قالت لي: سيدي، يبدو انك نسيت! انه كتاب مُنى شولي وعنوانه“الجمال القاتل”! استدركت الموقف وعلقت بسرعة قائلا انه كتاب مهِم يقدم تحليلا ميدانياً نقديا لنظرة بعض أصناف الرجال الفرنسيين للمرأة! وقبل ان أتم كلامي استوقفتني باحترام وقالت: أكثر من هذا، إنه كتاب يضع تعامل رجال أوساط الفن والسينما والتصوير والأعمال والكوسميتيك والموضة الخ .. مع المرأة، تحت مجهرٍ تحليلي يعرّي نفاقهم ويفضح نظرتهم الاستغلالية للجمال الأنثوي من أجل الشهرة والمال والأرباح ..”.
    وافقتها بهزّ رأسي في سرعة خاطفة، وتمتمت مكمّلاً: يعني لا شيء غير الاستهلاك! أصحاب النفوذ من الرجال في هذه الأوساط لا يهمهم من المرأة الا ما تساويه كبضاعة تباع وتشترى! المرأة الجميلة عند هؤلاء هي كيان جنسي لا تفسير لوجوده الا الاستهلاك الجنسي! أضافت في حزن واضح: نعم، هذا ما تُلِّح عليه الصحافية منى شولي المختصة في دراسة النساء الجميلات، لان الكثير من اصحاب دور الأزياء والمصورين وصناعة السينما ووسائل الاعلام لهم قناعة بأن على المرأة أن تكون جميلة وتصمت، والشيء المرعب فيها هو أن تحاول التفكير!
    هنا سألتني المتحدّثة معي عن رايي الشخصي في المرأة التي تفكر فانزعجت من سؤالها وظهرت علي علامات الاضطراب، لكنها أنقذتني مثيرة اهتمامي أكثر بالموضوع عندما قالت: يهمني رأيك كرجل عربي قبل ان تكون أستاذا وباحثا. أجبتها في هذه اللحظة بأني أشاطر رأي كاتبة “الجمال القاتل” في طريقة معالجتها لواقع المرأة المثقفة تاريخياعند العرب، وخصوصا عند المثقفين والخلفاء، وعبّرت عن اعجابي بما ذكرته عن عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي التي انتقدت بشدة نظرة الأوساط الثقافية والفنية التي تنم عن استعلاء ‘حضاري’ وجهل بحقيقة حياة المرأة العربية والدور الذي لعبته ثقافيا وفكريا وسياسيا في التاريخ العربي والإسلامي.
    لم يقنع جوابي سائلتي، فجائني صوتُها الأنثوي معاتبا برفقة ابتسامة تشع نضارة وذكاء:لم تجبني كرجل عربي!

  3. يقول سامي1:

    المرأة الزوجة في المجتمع العربي والإسلامي في أغلب الأحوال هي التي تسيررجلها، وتفرض عليه ما تريد. كفى ترديدا للأسطوانة المشروخة أن المرأة العربية مستضعفة من الذكور، وأن المطلقة مستباحة. المطلقة يحميها أبوها وإخوتها أوأعمامها وأخوالها.

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      لا أعرف يا أختي سلمى, ربما تجربتك خاصة وليست عامة.

  4. يقول فؤاد مهاني المغرب:

    دائما ما ينظر في ثقافتنا العربية للمراة المطلقة نطرة دونية وكأنها سلعة بائرة إنتهت صلاحيتها وبشعورها بذلك تكون ربما أحرس من المرأة العذراء على الإحتفاض بشرفها وشخصيتها لكل تبين لمجتمعاتنا بهذا الموقف اتجاه المرأة المطلقة أنها أشرف من الشرف ويمكنها أن تبني بيتا ناجحا من جديد ويا من امرأة مطلقة استطاعت ذلك لتجربتها واستفادتها من أخطائها السابقة.
    بالمناسبة أحيي المرأة المناضلة إبنتنا وأختنا غادة الشاويش الذي آلمني خبر سجنها بالأرض المحررة بسوريا.ريحانة فلسطين كانت دائما تتمنى الشهادة وربما هو الدافع لها لدخول سوريا.أرجو أن يطلق صراحها بأسرع وقت وتعود إلينا على هذه الصفحات.

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      صدقاَ يا أخي فؤاد مهاني هذا أخر ماكنت أتوقعه عن غياب الأخت غادة الشاويش ودعائنا لها بفك أسرها وعودتها لنا حرة معافية وبمشيئة الله.

  5. يقول الجاحظ ايران:

    شكرا مقال جميل فقط لدي ملاحظة لغوية و هي لا يرغب عن مطلقة حيث ان رغب عن امتنع و رغب ب عكس ذلك اعتقد وقع خطأ سهوا في حين ارادت الكاتبة الكبيرة عدم الرغبة لا للنفي و رغب عن ايضا نفي فيصبح المعنى ايجابا مع شكري

  6. يقول فؤاد مهاني المغرب:

    وأنا كذلك أخي العزيز أسامة أتوسل من الله تعالى أن يفك أسرها قريبا وتعود إلينا سالمة غانمة وبصحة جيدة وأن يلم شملها مع عائلتها.

  7. يقول مفيدة عمري تونس:

    سودة بنت زمعة رضى الله عنها ثانى زوجات رسول الله
    كانت رضى الله عنها سوداء البشره أرملة ممتلئة الجسم ولكنها كانت بيضاء القلب

  8. يقول د. أسماء سنجاري...كندا:

    تحياتي: استخدام مفردة زنوج ربما باتت غير مستساغة كما تعلمين أديبتنا القديرة.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية