ضحك الممثل السوري جلال الطويل، بما يوحي بتواضع جمّ، وربما بخفر، كما لو أنه يؤكد كلام المذيعة وهي تسأله في مقابلة إذاعية عن الشبه بينه هو شخصياً، وشخصية الحسن الوزاني، أو ليون الأفريقي، الدور الذي يؤديه في مسرحية عرضت أخيراً في باريس. ضحك الطويل، وراح يسرد بعض التشابهات.
كان الممثل السوري المعارض قد تحدث للتو عن الشخصية البديعة للحسن بن محمد الوزاني، أصغر دبلوماسي في العالم، المتحدث بما لا يقل عن سبع لغات، والذي سافر مع عمّه في قافلة تاهت ومات نصفها في الصحراء الإفريقية ليجد نفسه قائداً لها، ثم لينجو بها وهو لم يزد عن الأربعة عشر عاماً من العمر. تحدث عن تأليفه الكتب، وعن ثقافته العظيمة، ثم كيف يخطفه قرصان فيشعر بأهميته وثقافته الرفيعة فيهديه للبابا ليون العاشر، ذاك الذي يهبه اسم عائلته (ليون)، ومن ثم يتحدث الممثل السوري كيف اضطر الوزاني إلى اعتناق المسيحية كنوع من التقية.
بالنسبة للغة قال الطويل إنه يتكلم الآرامية باعتباره يتحدّر من قرية قرب معلولا، البلدة المسيحية المعروفة قريباً من دمشق، والتي ما زال أهلها يتوارثون إلى اليوم تلك اللغة. أما بخصوص التقية فقد رأى الممثل، وهو قد تعرّض لتجربة اعتقال على يد أمن النظام السوري، أن إجباره على تلك المقابلة في التلفزيون الرسمي بعد تهديد بتصفية أهله، يشابه تقية ليون الأفريقي.
هكذا إذاً نكون قد صرنا أمام ليون السوري. هذا ما يجب أن تفضي إليه مقارنة جلال الطويل مع شخصية ليون الأفريقي. ولا يستبعد أن يرى الطويل في نفسه ما يتفوق على ذاك الأفريقي بنجومية مزدوجة، فناناً على شاشات التلفزيون، ونجماً ثورياً لا تنقصه سوى بيريه جيفارا الشهيرة.
يقول الفنان إن الناس يتحدثون عن «نجم ثورة»، و»بطل ثورة»، ويؤكد، مرة أخرى بتواضع ساطع، حتى أنه يخجل من إكمال العبارة «يمكن كنت بلحظة أحد أبطال.. لكن هذا حتى لحظة خروجي من سورية»، ثم يستأنف القول «لكن مستحيل أن أقارن نفسي ببحصة علقانة بسفل حذاء ثائر على الجبهة، أو متظاهر في الشارع.. ما فيي قارن بطولتي، بتطلع سخيفة، هزيلة». لكن جلال الطويل يتحدث عن مشاركته بالتظاهرات حتى بعد أن أجبر على الظهور على الشاشة الرسمية «خرجت في مظاهرة بعد خروجي من الاعتقال»، وهنا يعود الممثل للتأكيد «عن جد بسوريا في أبطال».
ولأن مستمعي الإذاعة أذكياء، رغم هشاشة انتباههم، فقد بات بمقدورهم الاستنتاج أن ضيفهم بطل، ونجم ثورة، لكن لديه من التواضع ما يكفي كي يلقي ببطولته عند كعب حذاء ثائر.
هكذا يكون ليون السوري، أو لا يكون.
حكي سوري
المذيعة لينا الشواف، التي أجرت المقابلة مع الفنان جلال الطويل على راديو «روزنة»، ظلت طوال الوقت تهزّ برأسها وحسب، بدت وكأنها تتواطأ مع الفنان ضد المستمع، لا أدري كم مرة كررتْ عبارة «ما بدنا نحرق القصة»، تقولها حتى قبل أن ينطق بها الضيف، لتحرم المستمع الشغوف بمعرفة حدث دار حوله جدل تساؤل، ألا وهو مشاركة فنان سوري معارض في عمل مسرحي مدعوم من السفارة الإسرائيلية ومن مسرح إسرائيلي، كما يشارك فيه ممثلان إسرائيليان،
وهي على ما يبدو لا تريد أن تخوض في الأمر، حتى على سبيل إتاحة الفرصة لضيفها كي يدافع عن نفسه.
هذا هو حال الصحافي القنوع والكسول، الذي يلقي عن كتفه عبء السؤال ليخلد إلى عبارة «ما بدنا نحرق القصة». تنسى الشواف أنها تخاطب مستمعاً سورياً ليس بإمكانه أن يشاهد المسرحية الباريسية، وبالتالي من واجبها، وضيفها، أن تعطيه فكرة عن العمل، أن تنقل له صورة صوتية مكثفة.
ثم ألا تعلم المذيعة، أن عبارة «حرق القصة» أكل عليها الزمن في المسرح! فليست قصة المسرحية هي ما يشغل بال المتفرج الحق، يذهب المرء لمشاهدة أنتيجون وهو يعرف حكايتها مسبقاً، هذه التي وردت في الأسطورة، وفي نصوص مسرحية عديدة لاحقة حافظت على القصة، ولكن بمعالجة جديدة في كل مرة. كذلك فإن مسارح كثيرة تمدّ مشاهديها بملخص عن العرض لقراءته قبل البدء، فالمهم ليس الحكاية، بل كيف تروى الحكاية، كيف جسدّها الممثل، والضوء والديكور والموسيقى..
لم يسبق أن استمعت للمذيعة الشواف في برنامجها الإذاعي «حكي سوري»، لكن حين استمعت إليها أخيراً، عرفت أحد أسباب الكارثة في الإعلام السوري المعارض. استمعوا إلى برنامج الشواف (وهي للمناسبة مديرة هذه الإذاعة الممولة أوروبياً والموجهة لسورية) لتروا أي أمية تدير هذا الإعلام، ولماذا تقفل تلك المؤسسات واحدة تلك الأخرى.
زلة لسان باسيل!
كانت لتلفزيون «الجديد» مساهمته بتغطية الجدل حول تصريحات وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لقناة «الميادين»، التي قال فيها، رداً على سؤال حول التطبيع مع إسرائيل «نحن بالنسبة لنا ليست قضية أيديولوجية. نحنا مش رافضين تكون موجودة إسرائيل، بحقها أن يكون عندها أمان، مش رافضين. نحنا عم نقول بدنا كل الشعوب تعيش بأمان، ومعترفة ببعضها البعض، ومعترفة بالآخر. القضية ليست عمياء. نحنا شعب بدنا الآخَر، وعلى اختلافنا معه، لكن لما الآخَر ما بدو اياكِ..».
ما برز في تقرير «الجديد» هو تعليق بيار أبي صعب، أحد حَمَلة لواء رفض التطبيع في إعلام الممانعة، إذ راح أبي صعب يكرر، وبحنان لا يخفى «إنها زلة لسان»! هكذا، عندما يتعلق الأمر بممن ينتمي إلى نظام الممانعة، يصبح كل شيء عادياً ولا يستحق أن نلتفت إليه.
أبي صعب الذي سبق له أن تزعّم حملة رفض أمسية محمود درويش الأخيرة في مدينته حيفا، بعد غياب طويل عنها، وغيرها من قضايا أدرجت في سياق ترويج أفكار التطبيع، يصبح في منتهى الوداعة والرأفة حين يتعلق الأمر بـ «زلمتنا».
أكثر من ذلك، لقد استحق التيار الذي ينتمي إليه باسيل، بسبب تلك التصريحات، مديحاً لم يكن ليحلم به، حيث استطاع زعيم التيار، ميشيل عون نقل «المسيحية السياسية»، حسب تعبير أبي صعب، «إلى قلب الوطن، إلى أفق العروبة الرحب، إلى طليعة المواجهة مع الاحتلال. إلى حيث هم المسيحيون العرب منذ ما قبل الحروب الصليبية، صنّاع نهضة ومقاومة..». كل ذلك بصدد «زلة لسان» باسيل!
كاتب فلسطيني سوري
راشد عيسى
زلات وزراء الخارجية العرب مقصودة لإختبار ردات فعل الشعوب العربية !
ولا حول ولا قوة الا بالله
عام جديد سعيد لك أخي راشد وللجميع. عندما قرأت القسم الأول من المقال تسائلت ومالذي يريد أن يقوله لنا الأخ الكاتب راشد اليوم, ولربما اعتقدت أن الكاتب أراد أن يغير قليلاً من باب التشويق فقدم نقداً ظريفاَ لفنان من المعارضة. لكن صدقاً أصابتني صدمة عندما قرأت المقطع الثاني وهل هذا فعلا «حكي سوري» أم قباحة و”حكي وقح” باسم (الشعب) السوري وثورته. وعلى جميع الأحوال ماذا نتوقع من إذاعة ممولة أوروبياً. والخوف الآن ماذا ستكون المسرحية القادمة, مسرحية في القدس المحتلة؟ لاسمح الله لكن الشعب السوري لهم بالمرصاد.