الاقتصاد التركي: نسبة نمو عالية وصادرات قياسية وارتفاع في نسبة التضخم

حجم الخط
0

اسطنبول – «القدس العربي»: على الرغم من بعض المؤشرات السلبية إلا أن الاقتصاد التركي حقق أرقاماً هامة خلال عام 2017 في خطوة أثبتت، بحسب مراقبين، مناعته أمام الأزمات المتلاحقة التي تمر بها البلاد، والتي بات تأثيرها محدوداً على الاقتصاد الذي اكتسب «مناعة» متقدمة من آثارها السلبية.
ومنذ محاولة الانقلاب منتصف عام 2016، واجهت البلاد عدداً كبيراً من التحديات أبرزها استمرار آثار الأزمة في سوريا والتهديدات الأمنية الداخلية والخارجية ومواصلة الحرب على تنظيمي الدولة والعمال الكردستاني، وتصاعد الأزمة مع أوروبا خلال العام الماضي، وأزمة استفتاء انفصال إقليم شمال العراق، والأزمة الأخيرة مع الولايات المتحدة والمتعلقة بمحاكمة رئيس أحد البنوك التركية، وجميعها ألقت بظلالها السلبية على الاقتصاد التركي.
وعلى الرغم من ذلك، حقق الاقتصاد التركي أرقاماً لافتة مقابل أرقام أخرى «مُقلقة»، فبينما حقق أرقاماً عالمية للنمو العام الماضي، وأرقاماً قياسية للصادرات، إلا أن تواصل التذبذب في أسعار صرف العملة التركية مقابل الدولار والارتفاع الكبير في نسب التضخم ألقى بظلاله السلبية على النظرة العامة للاقتصاد.

نسب نمو عالية

تقول الأرقام الرسمية التركية إن اقتصاد البلاد حقق نسبة نمو بلغت 11.1% في الربع الثالث مع العام الماضي، وهي نسبة اعتبرت الأعلى بين دول مجموعة العشرين الأقوى اقتصادياً في العالم، وكسرت التوقعات الداخلية والخارجية وأدت إلى رفع توقعات النمو في الربع الأخير والعام بشكل إجمالي.
وأدت هذه الأرقام إلى رفع توقعات النمو للعام 2017 إلى ما بين 6.5% و7%. يذكر أن أعلى نسبة نمو حققها الاقتصاد التركي كانت في 2011، بنسبة 11.1 في المئة، وأدنى نسبة نمو كانت عام 2016 الذي شهد محاولة انقلاب فاشلة، بنسبة 2.3 في المئة، وهو ما أعاد الثقة للحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي اعتمد منذ وصوله للحكم في البلاد على التباهي بنسب النمو العالية التي حققها تباعاً.
وبينما قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم إن «اقتصاد تركيا حقق رقماً قياسياً حول العالم، تخطينا الصين والهند في النمو وتربعنا على القائمة»، وعد الرئيس رجب طيب أردوغان بأن يصل النمو الإجمالي لعام 2017 إلى 7.5%.
وتقول الحكومة التركية إن الدخل القومي للبلاد ارتفع من 236 مليار دولار إلى 863 مليار خلال الأعوام الـ 15 الأخيرة – فترة حكم حزب العدالة والتنمية -، فيما ارتفع حجم الصادرات من 36 مليار دولار إلى 155.5 خلال الفترة ذاتها، وإن نصيب الفرد من الدخل القومي ارتفع أيضًا بمعدل 3.5 أضعاف خلال الفترة ذاتها، وأن الحكومة وفّرت لـ1.5 مليون موطن عمل جديد خلال العام الأخير فقط.

خلل في الميزان التجاري

وحسب البيانات الرسمية ارتفعت قيمة إجمالي الصادرات التركية في عام 2017 لتصل إلى ثاني أعلى مستوى لها في تاريخ الجمهورية بنسبة 10.22% عن العام الذي سبقه، وبقيمة إجمالية بلغت 157.1 مليار دولار، فيما أعلن وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي أن بلاده تهدف لأن يصل إجمالي الصادرات العام الحالي إلى 170 مليار دولار. في المقابل ارتفعت قيمة الواردات التركية من الخارج خلال 2017 بنسبة 17.92 في المئة إلى 234 مليارا و156 مليون دولار أمريكي، ليرتفع بذلك عجز الميزان التجاري (الفرق بين قيمة الصادرات والواردات) نحو 77 مليارا و62 مليون دولار في 2017، بزيادة قدرها 37.50 في المئة مقارنة بالعام الذي قبله.
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وصلت نسبة التضخم في تركيا إلى أعلى مستوى لها منذ 14 عاماً عندما لامست حاجز الـ13% وهو النسبة الأصعب التي تواجهها حكومات العدالة والتنمية، فيما اتهمت المعارضة الحكومة بالتضليل معتبرةً أن نسب التضخم والغلاء بلغت نسباً أعلى من التي تعلنها الحكومة.
والشهر الماضي، تراجعت نسب التضخم إلى حدود 12% إلا أنها بقيت في خانة العشرات، وسُجلت أعلى ارتفاعات بالأسعار في قطاع النقل فيما تراجعت أسعار الملابس. وبينما يهدف المصرف المركزي التركي إلى أن يبلغ معدل التضخم سنويا خمسة في المئة، فإن الأرقام الصادرة خلال الأشهر الأخيرة تشير إلى أن الواقع غير ذلك.
وبينما يصر الاقتصاديون على ضرورة رفع أسعار الفائدة في البلاد من أجل محاربة الصعود الكبير في أسعار الفائدة، يواصل الرئيس التركي معارضة هذا التوجه ويدعو على العكس إلى تخفيض نسب الفائدة لتعزيز الاستثمارات في البلاد ورفع نسب النمو.
ويتوقع اقتصاديون أن يستمر التضخم بمعدل عشري خلال النصف الأول من 2018 إذ قد يحتاج إلى وقت أطول للانخفاض في حال استمر ضعف الليرة التركية. في المقابل يقول نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك: «سيبدأ التضخم اتجاها نزوليا مستداما في ديسمبر/كانون الأول… ستواصل حكومتنا تقديم الدعم اللازم لهذا الهدف».
خلال العامين الأخيرين وبفعل كم كبير من الأزمات التي شهدتها البلاد، فقدت الليرة التركية قرابة 30% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، وظلت طوال الأشهر الماضية ترتفع وتنخفض مع كل حدث سياسي واقتصادي في البلاد ما أثار مخاوف المستثمرين وأثر على أداء الاقتصاد.
وبعد أن كان سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار عند متوسط 2.5 ليرة لكل دولار، وصل الشهر الماضي إلى حاجز 4 ليرات مقابل كل دولار مع تصاعد أزمة «هالك بانك» مع الولايات المتحدة، وعادت الليرة لتستقر الخميس عند 3.78 ليرة للدولار الواحد.
وكما في حالة التضخم، يرفض أردوغان بقوة أي رفع في أسعار الفائدة يمكن أن يؤدي في تحسين أسعار الليرة مقابل الدولار وذلك خشية تراجع النمو والاستهلاك وهو ما سيؤثر على حملاته الانتخابية استعدادا للانتخابات المصيرية التي ينوي خوضها في 2019.
وقبل أيام، وافق البرلمان التركي على الموازنة الحكومية لعام 2018 وتشمل زيادة الإنفاق الدفاعي وتتوقع زيادة العجز المالي إلى 65.9 مليار ليرة (17.28 مليار دولار)، وشملت الموازنة على رفع الضرائب على الشركات ورسوم السيارات للمساعدة في سداد تكلفة تعزيز الأمن.

الاقتصاد التركي: نسبة نمو عالية وصادرات قياسية وارتفاع في نسبة التضخم
دعوات لتعزيز الاستثمارات واستقرار الليرة فيما الرئيس يرفض رفع أسعار الفائدة
إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية