الناصرة – «القدس العربي»: بعد سنوات من الصداقة المتينة بينهما، تلوح نذر أزمة دبلوماسية بين إسرائيل وبولندا، على خلفية تشريع الأخيرة قانون جديد تعتبره تل أبيب محاولة لإنكار المحرقة أو على الأقل التنصل من المسؤولية عنها.
ومشروع القانون، الذي صادق عليه البرلمان البولندي بالقراءة الأولى، يمنع الحديث عن «جرائم الشعب البولندي» خلال فترة المحرقة النازية، ويهدد بسجن كل من يستخدم عبارة «معسكر الإبادة البولندي»، ويقضي بالسجن الفعلي الطويل على من يتهم بولندا بالمشاركة في المحرقة.
وردت بولندا على لسان نائب وزير القضاء فيها بالقول، إن إسرائيل ذاتها شرعت قانونا مشابها يجرّم من يذكر النكبة ويتهمها بالمسؤولية عنها.
إسرائيل التي تواصل منذ عقود تعميم خطاب الضحية والتلويح بالمحرقة ومحاولة استثمارها سياسياً، طالبت بولندا بتغيير مشروع القانون.
وأمس الأحد، أفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها استدعت القائم بالأعمال البولندي بيوتر كوزلسكي إلى مقرها لتقديم «توضيحات».
وحسب البيان «تم تأكيد معارضة اسرائيل لصياغة مشروع القانون»، موضحا ان «توقيت القانون- عشية اليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة – كان مفاجئا ومؤسفا بشكل خاص».
وأكدت الوزارة أن هذا القانون قد «يسيء الى حرية البحث بالإضافة الى انه قد يمنع النقاش حول إرث الحرب العالمية الثانية».
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال إن القانون لا أساس له، ويعارضه بشدة، ويستحيل تغيير التاريخ، ويجب عدم التنكر للمحرقة».
وأضاف: «أصدرت تعليمات إلى السفيرة الإسرائيلية في بولندا، للاجتماع مع رئيس الوزراء البولندي مرة أخرى والتعبير عن موقفي الثابت ضد القانون».
وترتبط حكومة نتنياهو بعلاقات جيدة مع الحكومة البولندية، التي تصوت بشكل تقليدي إلى جانب إسرائيل في المؤسسات الدولية.
وقالت وزارة الخارجية إن «إمكانية إعادة السفيرة للمشاورات لا تزال مطروحة على جدول الأعمال، ولكن مهمتها الأولى هي نقل موقف إسرائيل من القانون إلى رئيس الوزراء البولندي».
وقامت سفيرة إسرائيل لدى بولندا، آنا أزاري، أمس، بشجب القانون.
وفي خطاب ألقته في مراسم الذكرى الرسمية لتحرير معسكر اوشفيتس، التي أقيمت في الموقع التذكاري في بولندا، وتم بثه على الهواء مباشرة، قالت إن «الحكومة الإسرائيلية ترفض مشروع القانون وتأمل بإجراء تعديلات عليه».
وأضافت أن «إسرائيل تفهم من بنى أوشفيتس وبنى معسكرات أخرى، والجميع يعلم أنهم ليسوا بولنديين، لكننا تعتبر هذا القانون مخالفا للحقيقة حول المحرقة. أؤمن أن إسرائيل وبولندا، كصديقتين جيدتين جدا ستجدان لغة مشتركة وتقرران كيف نتذكر معا تاريخنا».
كما رد رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، على القانون، قائلاً : «حتى بين الشعب البولندي كان هناك أولئك الذين مدوا يدهم للجرائم النازية، وينبغي التنديد بكل جريمة، بكل مخالفة. يجب فحصهم وكشفهم. وكان من بينهم من مدوا أيديهم وساعدوا اليهود وحاربوا وحظوا بالاعتراف كأنصار لأمم العالم».
وأضاف «في يوم ذكرى المحرقة، أكثر من أي يوم آخر، سيقف أمام أنظارنا التزامنا بذكرى إخواننا وأخواتنا الذين قتلوا فوق كل الاعتبارات».
كما أدان متحف المحرقة «ياد فاشيم» القانون الجديد، زاعماً أن التشريع «يمكن أن يمس بالحقيقة التاريخية حول المساعدات التي تلقاها الألمان من السكان البولنديين خلال المحرقة».
وفي الوقت نفسه، أكد أن بولندا على حق في معارضة استخدام مصطلح «معسكرات الإبادة البولندية».
وأضاف: «لا شك أن مصطلح معسكرات الإبادة البولندية هو تشويه تاريخي. لقد أنشئت معسكرات الإبادة في بولندا المحتلة من قبل النازية من أجل قتل الشعب اليهودي في إطار برنامج الحل النهائي».
وسيطبق القانون الجديد على المواطنين البولنديين والأجانب «بغض النظر عن القوانين التي تنطبق على المكان الذي يتم فيه الفعل»، وفقا للقانون.
ولذلك، من الناحية النظرية، فإن اليهود البولنديين الناجين من المحرقة، والذين يعيشون في إسرائيل وينشرون علناً أن «الشعب البولندي شريك في قتل جدي في المحرقة» أو «قتلت والدتي في معسكر إبادة بولندي» قد يخضعون لإجراءات جنائية في بولندا، الأمر الذي قد يؤدي بهم إلى السجن. ولا ينطبق القانون على النقاش الأكاديمي أو الفني، ومن ناحية أخرى لم يستثن الصحافيون من القانون.
ودخل رئيس حزب «يوجد مستقبل» النائب يئير لبيد، في سجال مع السفارة البولندية على تويتر حول موضوع القانون، وردت عليه السفارة بالقول :»في إسرائيل، أيضا، هناك حاجة إلى التثقيف في موضوع الكارثة»، ووصفت لبيد بأنه «عديم الخجل».
كذلك، هاجم وزير الاتصالات يسرائيل كاتس، على تويتر، القانون البولندي، وكتب: «بالذات في الأسبوع الذي يتذكر فيه العالم كله فظائع المحرقة، التي قتل خلالها ستة ملايين يهودي، يصادق البرلمان البولندي على قانون خطير لا هدف له إلا التنكر لدور بولندا ومسؤوليتها عن المذبحة الرهيبة التي وقعت على أراضيها. لن ننسى ولن نغفر».
وانضم عدد كبير من الوزراء لمهاجمة مشروع القانون البولندي والسلطات البولندية، مكررين موقف إسرائيل في احتكار المحرقة وطمس ضحاياها الآخرين من غير اليهود.
الرد البولندي
ومساء السبت، دافع رئيس الوزراء البولندي، ماتيوش مورافيتسكي، دفاعا مستميتا عن بلاده على «تويتر» قائلا إن «(مجمع معسكرات) أوشفيتس هو أكثر الدروس قسوة عن كيف يمكن أن تقود الأفكار الشريرة إلى جهنم على الأرض. اليهود والبولنديون وكل الضحايا يجب يكونوا حراسا لذكرى كل الذين قتلوا من قبل النازيين الألمان. أوشفيتس بيركيناو ليس اسما بولنديا كما أن أربيت ماخت فراي ليست جملة بولندية».
موقف النواب العرب
وبادر النائب أحمد الطيبي (القائمة المشتركة)، لإدانة القانون البولندي، وكتب وزميله أيمن عودة على «تويتر» أن «قرار الحكومة البولندية مخجل وخطير. إنكار المحرقة هو تشريع لأحلك اللحظات في التاريخ. الاعتراف العميق بمظالم الماضي فقط، هو ضمانة لقدسية الحياة».
أما زميلتهما حنين زعبي، فاعتبرت هي الأخرى أن «القانون البولندي القاضي بإنكار المسؤولية الأخلاقية عن مقتل ملايين اليهود في المحرقة هو قانون خطير حيث الفصل بين الجريمة والمجرم، هو بمثابة الانتصار المتجدد للشر. لكنها أضافت «لكن ذلك يرسل رسالة خطيرة للأجيال القادمة، حيث لا معنى للتضامن مع الضحية، عندما لا نأخذ موقفا حازما وواضحا ضد من تسبب في مأساتها. من جهة أخرى، على الذي يستغل المحرقة ويستعملها استعمالا أداتيا ألاّ يستغرب من إنكارها، ومن ينكر جرائمه ضد الآخرين عليه ألا يستغرب من هذا القانون. هذا القانون هو الصيغة البولندية لقانون النكبة».
وخلصت إلى أن «الطريق الأخلاقية للاعتراف الحقيقي بالمحرقة، تكمن في وقف الاستغلال الإسرائيلي الرخيص لها، والتعامل معها كأحد تجليات الشر الإنساني والصمت على الشر على حدّ سواء. والجرائم المتمثّلة بالقتل والملاحقة والتنكيل، هي جرائم بعض النظر عن مرتكبها وعن ضحيتها».
وديع عواودة:
الصهاينه لم ينسوا قتلاهم بعد مرور عشرات السنين ويجبرون أوروبا علي الإعتذارودفع المليارات لدولة الصهاينه وذلك إعتراف منهم بأنها ممثله لليهود في العالم وهي ليست كذلك…. وشهدائنا الذي قتلهم ويقتلهم الصهاينه لابواكي لهم……والنواب العرب في الكنيست إرتكبوا حماقه عندما هاجموا قرار بولندا تماماً كما تفعل حكومة نتنياهو كان من الأفضل لهم إلتزام الصمت إحتراماً لقتلي اليهود ولشهدائنا الذي قتلهم الصهاينه…