مدريد -“القدس العربي” ـ حسين مجدوبي:
أعلنت السلطات السعودية الافراج عن معظم المحتجزين في فندق ريتز كارلتون بتهمة الفساد وتبييض الأموال، واحتفظت فقط بـ 56 شخصا ستحيلهم على المحاكمة، مؤكدة استرجاع 107 مليار دولار من تسويات مالية مع المحتجزين. لكن واقع الاقتصاد السعودي والعدد الحقيقي للمليارديرات السعوديين يطرح تساؤلات عريضة حول المبلغ، وقد يكون فقط للتمويه للحديث عن نجاح العملية.
وبعملية حسابية واقعية فإن 107 مليارات دولار مبلغ ضخم للغاية يبدو من الصعب جمعه بهذه السهولة من المعقلين.
اللافت أن السلطات السعودية لم تكشف عن لائحة جميع المعتقلين، واكتفت بالمعروفين مثل الأمير طلال ورجل الأعمال العامودي ومتعب بن عبد الله وتركي بن ناصر. ولا يعني أن كل المعتقلين من المليارديرات بل منهم من يمتلك ثروة أقل من خمسين مليون دولار.
ومن خلال جرد لائحة “فوربس” خلال العشر سنوات الأخيرة، سنجد أن نسبة المليارديرات السعوديين لا تتجاوز العشرة ضمن الثلاثين ملياردير عربي، والثلاثة أو الأربعة ضمن العشرة الأوائل وفي لائحة المليارديرات العرب لسنة 2016 وهي 31 ملياردير يوجد فقط ستة سعوديين. ولم تعتقل السلطات السعودية كل المليارديرات السعوديين.
وعليه، ففي حال قبول اللائحة الأولى وهي مائتي شخص، فهذا يعني مصادرة ما معدله نصف مليار دولار من كل معتقل لتحقيق مبلغ 107 مليار، وفي حال قبول لائحة 381 معتقلا ، فهذا يعني مصادرة ما معدله 255 مليون دولار تقريبا من كل معتقل.
وواقع الاقتصاد السعودي لا يسمح بوجود فئة عريضة من المليارديرات وأصحاب الملايين، رغم عمليات الاستيلاء على المال العام في السعودية من طرف فئة من الأمراء والمسؤولين. وفي آخر المطاف الناتج الإجمالي للسعودية هو 640 مليار دولار فقط، واقتصاد متوسط من هذا الحجم الذي هو نصف اقتصاد اسبانيا وربع اقتصاد فرنسا لن يسمح بوجود فئة عريضة من المليارديرات.
واستنادا إلى لوائح “فوربس” حول الأغنياء في السعودية، ليس من المبالغة القول بأنه في حال استيلاء الدولة على كل أموال المعتقلين الموجودة في السعودية لن تصل إلى مبلغ 107 مليار دولار بل حتى الى نصف هذا المبلغ، علما أن معظم المعتقلين لهم حسابات وممتلكات في الخارج لا يمكن المساس بها. ويضاف الى هذا، رفض أكثر من ثلثي المعتقلين التسوية المالية ومنهم الوليد بن طلال. ولم تنشر السعودية لائحة المعتقلين ليتبين الحجم الحقيقي لممتلكاتهم.
ويبقى مبلغ 107 مليار دولار غير واقعي، ومن المحتمل جدا أن السلطات تتحدث عن هذا المبلغ للقول بمدى محاربة ولي العهد للفساد، لأن في دولة يسود فيها الغموض وتطغى فيها الحسابات السياسية تبقى الأرقام الضحية الأولى، لكن أرقام الاقتصاد السعودي تجعل من 107 مليار دولار رقما غير مقبول.
قرأت كتاب في الثمانينيات ، عن السياسة الدولية ، و كانت المعلومات التي فيه اعاجيب بالنسبة لي ، فدولة اوربية متوسطة و اقرب الى الصغيرة ، هي بلجيكا ، اقتصادها كان اكبر من مجموع اقتصاديات الدول العربية بضمنها العراق و دول الخليج في ذلك الحين !
.
كان امر يدعو الى العجب للوهلة الأولى ، حتى يبدأ الكتاب بتوضيح الأسباب !
.
في ذلك الوقت كان الذي يهيمن على الاقتصاد العالي ، هي ما يسمى بالشقيقات السبعة ، و هي اكبر 7 شركات امريكية ، تتصدرها جنرال موتورز ، قبل ظهور ثورة التكنولوجيا و شركاتها العملاقة هذا اليوم !
تلك الشقيقات السبعة ، كان مجموع ارباحها السنوية، الارباح و ليس قيمة الشركات تلك في السوق او اصولها ، اكبر من الدخل القومي لعشرات الدول و بضمنها الدول العربية مرة اخرى ، يقول ذلك الكتاب.
.
لهذا فإن الكلام عن غنى الدول العربية هو مجرد اسطورة ، طالما تدار اقتصاديتها بهذه الطرق الطفولية و البوليسية الغبية
هناك افراد وعوائل حاكمة اغنياء بإعداد لا تقارن نسبة الى عدد السكام، اما الدول كمؤسسات فهي دول و مؤسسات مدينة و فقيرة و مفلسة !