بيروت – «القدس العربي»: لا حلّ بعد للمواجهة القائمة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون ، لا بل إن هذه المواجهة تتسع.
وبعد التظاهرات والاحتجاجات التي نفّذها مناصرو «حركة أمل» في الشارع انتقلت هذه الاحتجاجات إلى اتحاد النقل الجوي في لبنان حيث نفّذ حوالي 100 شاب من مناصري «أمل» وقفة تضامنية مع الرئيس بري امام مبنى الجمارك قرب المطار، رافعين الصور والأعلام الحزبية ومعترضين على سفر وزير الخارجية جبران باسيل إلى مؤتمر الطاقة الاغترابية في أبيدجان، وذهب المعتصمون إلى حد التلويح بـ»العصيان في المطار اذا تطورت الأمور حتى رحيل الوزير الساعي للفتنة».
واذا كان الرئيس بري ومعه «حركة امل» ينتظران اعتذاراً لا يزال بعيداً من باسيل، فإن رئيس المجلس نبيه بري أعلن امام نواب لقاء الاربعاء أنه «يمتلك من القوة والشجاعة والوعي والوطنية والأمانة والحرص على كل اللبنانيين ما يدفعه إلى ان يقدم اعتذاراً إلى كل اللبنانيين الذين لحق بهم اذى على الأرض، رغم ان الجميع يعرف ان لا الرئيس بري ولا حركة «امل» لها علاقة من قريب او بعيد بما حصل على الأرض».
استقالة الحكومة؟
وقال النائب علي بزي نقلاً عن بري « إن دولته كان يعمل دائماً خلال الأيام القليلة الماضية من اجل منع التحركات والتظاهرات والسيارات وقد اتصل بالقيادات الأمنية عبر المسؤول الامني في حركة «امل» وبالجيش من اجل الحفاظ على مصالح البلاد والعباد وعدم التعرض للمواطنين في اي منطقة». وأضاف بزي «هناك كلام قيل كثيراً في الصالونات وفي الشاشات حول ما يحصل في الفترة الأخيرة. ويهم دولة الرئيس بري ان يقول انه دائماً لم يكن السبب لمثل هذه النتيجة وبطبيعة الحال هو لم يطلب إعتذاراً بل المطلوب تقديم إعتذار إلى اللبنانيين كل اللبنانيين للإهانات والإساءات التي حصلت».
وعما يُحكى عن استقالة مرتقبة من الحكومة قال النائب بزي «دولة الرئيس بري يعتبر ان كل كلام يشاع حول استقالة الحكومة وغيرها لم يناقش ولم يطلب من احد اللجوء إلى هذا الخيار، ولكننا بالسياسة ما زلنا على مواقفنا، وفي الملفات ما زلنا عند موقفنا ولم ولن نتراجع قيد أنملة عن مقارباتنا الدستورية والنظامية والقانونية في كل هذه الملفات «.
من جهته، لقي الرئئيس بري دعماً من « اللقاء الديمقراطي « عبّر عنه الوزير مروان حماده بقوله من عين التينة «حضرت اليوم ليس كوزير، بل احببت ان اكون مع زملائي النواب، نواب اللقاء الديمقراطي وزملائي النواب من كل الكتل لأؤكد على شيئين أساسيين: أولاً تضامني مع الرئيس بري وتضامن كتلتنا. وثانياً لأذكر كل من يتناسى هذا الامر وهو اننا وفق الطائف والدستور وحتى الميثاق الوطني من عام 1943 نحن في جمهورية ديمقراطية برلمانية ولسنا في نظام رئاسي. فليتذكر الجميع هذه العبرة الأساسية التي تؤمن التوازن في البلد واحترام الجميع للجميع، وعدم وقوع البلد بأي فخ من افخاخ الإنقسام».
الى ذلك، وبعد بيان التسامح الذي دعا اليه الثلاثاء، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه «مصمّم على ممارسة الصلاحيات التي حددها الدستور لرئيس الجمهورية من دون زيادة ولا نقصان، وذلك انطلاقاً من القسم الذي ادّاه والخطاب الذي حدد فيه توجهاته خلال ولايته الرئاسية». وجدد « التزامه اتفاق الطائف»، داعياً «الى تطبيقه من دون انتقائية واحترام مبادئ وثيقة الوفاق الوطني التي تحمي الوحدة الوطنية وتصونها وتحقق التوازن بين مكونات المجتمع اللبناني كافة «.
وشدد الرئيس عون على « أن الشارع لم يكن يوماً مكاناً لحل الخلافات السياسية، بل المكان الطبيعي هو المؤسسات الدستورية لأن اللجوء إلى الشارع يؤذي الاستقرار الذي ينعم به لبنان وسط جواره المتفجر»، لافتاً إلى «أن ما حصل في اليومين الماضيين يجب أن لا يتكرر».
واضاف «سأبقى أعمل على تمتين الوحدة الوطنية مهما كانت العراقيل التي يضعها البعض أمامي، لأني ادرك ان هذه هي رغبة اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وخياراتهم السياسية ولن نوفر جهداً إلا ونبذله في سبيل تلبية هذه الرغبة ولتحصين الموقف اللبناني في مواجهة التحديات على انواعها وآخرها ما قاله اليوم وزير الدفاع الإسرائيلي عن البلوك رقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية الذي لزّمه لبنان لأن مثل هذا الكلام يشكل تهديداً مباشراً للبنان ولحقّه في ممارسة سيادته الوطنية على مياهه الاقليمية، يُضاف إلى سلسلة التهديدات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقرار 1701 في الجنوب».
تضامن مع عون
ولقي رئيس الجمهورية تضامناً من قبل الرابطة المارونية التي قال رئيسها انطوان اقليموس «إن الرابطة فوجئت كما جميع اللبنانيين بالمنحى الذي اتخذه السجال السياسي على خلفية مرسوم ترقية الضباط، وما كشفه من ثغرات سببها عدم الوضوح في الدستور احياناً ووجود نوايا لدى البعض لتكريس اعراف بقوة الامر الواقع تناقض مبدأ الفصل بين السلطات وروحية الميثاق الوطني».واضاف « بمعزل عما ورد على لسان وزير الخارجية من كلام مؤسف بحق رئيس مجلس النواب الذي نحترمه بما يمثل ومن يمثل، تعتبر الرابطة المارونية أن الخطاب يقابله خطاب والخطأ لا يقابله خطأ أكبر. ولقد قيل الكثير سابقاً في حق البطريركية والطائفة المارونية وغيرها ولم تحصل ردّات فعل عنيفة في الشارع كالذي شهدناه. وبالمقابل، أن تجري استباحة الامن وترويع الناس وقطع الطرقات، فهذا أمر مرفوض يستوجب تحرك الأجهزة الأمنية والقضائية ويستدعي العودة فوراً إلى لغة الحوار وسحب فتيل الأزمة من الشارع. فالاعتراض على أي أمر هو مبدأ ديموقراطي يمارس في اطار دستوري وحضاري، أما ممارسته في الشارع في ظل شعور بفائض القوة، فهذا أمر مرفوض ولقد آن الاوان لوضع حد لاستخدام الشارع لتجييش العصبيات او تصدير الخلافات إلى بلاد الاغتراب».