خطة إسرائيلية جديدة لمساومة غزة: ماء وكهرباء مقابل الهدوء

حجم الخط
2

الناصرة – «القدس العربي»: توصي جهات أمنية في إسرائيل القطاعات السياسية المختصة بإدخال أدوية ومواد غذائية ومياه لقطاع غزة بشكل عاجل لمنع كارثة إنسانية تؤدي لانفجار. وكشف أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمر للمرة الأولى بإدراج مقترح لوزير المخابرات والمواصلات ببناء جزيرة اصطناعية مقابل سواحل غزة في الاجتماع القريب لحكومته.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة أمس إن معلومات بلغت المؤسسة الحاكمة في الأسابيع الأخيرة، تتحدث عن أزمة كبيرة في غزة تنذر بكارثة إنسانية من شأنها التسبب بحالة فوضى وانزلاق لمواجهة عسكرية رغم أن «الجانبيين غير معنيين» بها. ونقلت عن عدة مصادر أمنية عليا في إسرائيل قولها إنه لا مصلحة لحركة حماس بمواجهة عسكرية الآن لكن في حال خرج مئات آلاف من أهالي القطاع للشوارع احتجاجا على الأزمة المعيشية فمن المرجح أن تبادر للمواجهة لصرف الأنظار والغضب منها إلى الاحتلال.
كما نقلت عن وزراء مركزيين في حكومة الاحتلال قولهم إنه في حال شعرت حركة حماس أنها أمام خطر داهم واحتجاجات شعبية لا يمكن السيطرة عليها، فإن الطريق الوحيد أمامها سيكون توجيه الاحتقان المتفجر نحو إسرائيل. وتشير الإذاعة الى أنه حتى الآن لا تتسع الاحتجاجات داخل غزة، ولكن هناك ارتفاعا في عدد محاولات تسلل للمستوطنات المحيطة بالقطاع من قبل فلسطينيين يفضلون المكوث داخل سجن إسرائيلي على البقاء في غزة المسجونة بحصار كبير.

البطالة في غزة 50٪

وتؤكد الإذاعة الإسرائيلية أن مشاكل غزة أخذت تقلق في الأسابيع الأخيرة قادة إسرائيل على المستويين الأمني والسياسي مثلما تقلق المجتمع الدولي. وأوضح موقع «واي نت» الإخباري أن المعطيات التي طرحت على طاولة الحكومة تفيد بارتفاع نسبة البطالة في غزة إلى نحو 50٪ خاصة لدى الفئات العمرية الشبابية، علاوة على نقص حاد في الماء لأن مياه القطاع باتت ملوثة بالكامل وغير صالحة للشرب. كما أشار الى مشكلة مياه الصرف الصحي التي يضخ قسم منها الى الشوارع ويتسبب بمشاكل صحية والبقية تضخ نحو البحر وتتسبب بتلوث سواحل القطاع وسواحل عسقلان داخل أراضي 48. كذلك تشير المعطيات الى مشكلة النقص بالتيار الكهربائي الذي يصل للبيوت لمدة أربع ساعات فقط في اليوم. كما تم إطلاع الحكومة الإسرائيلية على إغلاق مستشفيين في غزة أحدهما للأطفال نتيجة فقدان الوقود المطلوب لتشغيل مولدات الكهرباء. ونتيجة النقص بالكهرباء تدنت القدرة الإنتاجية في القطاع مع كل ما يترتب على ذلك، حيث يعني ذلك انخفاضا بنسبة العمل والقدرة الشرائية. وتشير معطيات الحكومة الى أن عدد شاحنات البضائع التي دخلت إلى غزة انخفض من 800 شاحنة إلى 300 شاحنة في الشهر الأخير لعدم وجود كمية كافية من المشترين.

خيارات لتزويد الطاقة

كما يوضح «واي نت» نقلا عن الوزراء الكبار قولهم إن السلطة الفلسطينية بتوقفها عن تسديد الرواتب لآلاف الموظفين في القطاع زادت الطين بلة. كما كشف أن ما يعرف بمنسق عمليات الحكومة في الأرض المحتلة قد بلور خطة لتحسين الأوضاع المعيشية في غزة، وقد صادق عليها المجلس الوزاري المصغر بعدما طرحها وزير التعاون الإقليمي تساحي هنغبي على مؤتمر الدول المانحة قبل أيام في بروكسل، التي التأمت بشكل عاجل بمبادرة وزير الخارجية النرويجية. وتشمل الخطة المذكورة ربط القطاع بتيار كهربائي إسرائيلي مما سيضاعف كمية الكهرباء فيه، لكن ذلك يقتضي بناء مرفق خاص لاستيعاب هذه الطاقة وتوزيعها. وتحتاج الخطة الى 80 مليون دولار. وحسب «واي نت» فإن إسرائيل مستعدة لخيار آخر يستغرق وقتا أقل يتمثل بإدخال عدد كبير من مولدات الطاقة للقطاع. كذلك تتضمن الخطة إقامة محطة لتحلية المياه في مركز القطاع قدمت دول مانحة نصف كلفتها حتى الآن ويجري البحث عن استكمال تمويلها وهي معدة لإنتاج 55 مليون كوب ماء ويستغرق بناؤها عامين.
أما بشأن الغاز فإن إسرائيل مستعدة لربط غزة بخطوط الغاز الطبيعي فيها وخفض أسعاره، ولكن هذا أيضا يحتاج الى ميزانية لبناء أنظمة استيعاب كميات كبيرة من الغاز. وحسب المصادر المذكورة فإن إسرائيل مستعدة لإقامة أجهزة لإنتاج طاقة في غزة من خلال استخدام تكنولوجيا إسرائيلية خاصة بإنتاج الماء بواسطة التبخير والتقطير. وهناك أفكار مقترحة لبناء مناطق صناعية مشتركة في شمال القطاع  لتشغيل قوى عاملة فلسطينية دون الحاجة لتصاريح دخول لها، وكل هذه المشاريع تحتاج لمليار دولار لإنجازها. ويكشف «واي نت»أن الدول المانحة مستعدة لتوفير هذه الميزانية لكنها ترفض تحويلها لحركة حماس خوفا من توظيفه في ابتياع معدات عسكرية وحفر أنفاق وطائرات شراعية قتالية. ويقول الموقع إن حماس أعلنت تنازلها عن مسؤولية الشؤون المدنية داخل القطاع لكن السلطة الفلسطينية ترفض أن تكون «مقاولا» للتنفيذ لدى حماس وهي تشترط ذلك بأن تستلم المسؤولية الأمنية عن القطاع.

تجاهل حصار عمره 11 عاما

ويوضح الوزير هنغبي لموقع «واي نت» أن حماس تعزز علاقاتها مع إيران في ظل الأزمة مما يزيد احتمالات الاندفاع نحو «الإرهاب»، وأن إسرائيل مستعدة لتقديم قدراتها التكنولوجية من أجل منع «دمار مدني» داخل القطاع. مشترطا ألا تستفيد حماس عسكريا من هذه المبادرات، وأن يمول المجتمع الدولي هذه المشاريع المقترحة من قبل إسرائيل التي تواصل محاصرة القطاع منذ 11 عاما ونيف. وتابع هنغبي «لا يمكن معرفة متى تنفجر الأوضاع في وجهنا، ولكن واضح أنه كلما مر الزمن نحتاج لمواجهة مركبة أكثر مع مشاكل أساسية في غزة لا سيما ما يتعلق بالبنى التحتية الخاصة بالطاقة، والعمل، والصحة، ومخاطر التصعيد ستزداد. زاعما أن الميزانيات التي حولتها قطر لحركة حماس في السنوات الأخيرة وظفت بالتدريبات والتجهيزات العسكرية.
وقال هنغبي إن حماس غير راغبة بالمواجهة العسكرية، ولكن في «الجرف الصامد» عام 2014 لم تكن راغبة بها وما لبث أن حصل التدهور لأن «السيطرة ليست دائما بيد من يفكر أنها يسيطر».
ويتفق معه وزير التعليم نفتالي بينيت بضرورة تخفيف وطأة الأوضاع المعيشية في غزة، ليس من منطلقات أخلاقية بل رغبة بخدمة مصلحة إسرائيلية. وقال بينيت إن الحكومة تعمل من أجل إدخال كل ما لا يشكل تهديدا أمنيا للقطاع. وكرر اتهامات الاحتلال لحماس بأنها توظف ميزانيات ضخمة للقدرات العسكرية وللأنفاق بدلا من بناء مدارس ومستشفيات. وأضاف ان مصلحة إسرائيل تقتضي الهدوء في غزة والازدهار المدني فيها. وزعم أن تأثيرها محدود، متجاهلا الحصار السياسي المفروض من قبلها منذ 2007 والمدعوم بحصار مصري من الجهة الأخرى.
 
جزيرة اصطناعية

وحاليا أمر نتنياهو بمعاينة خطة كاتس لبناء جزيرة اصطناعية قبالة سواحل غزة قبل طرحها على المجلس الوزاري المصغر. والحديث يدور عن جزيرة مساحتها 8 كيلومتر مربع يتم ربطها بغزة من خلال جسر طوله 4.5 كيلومتر تقام عليه نقطة فحوصات أمنية إسرائيلية. وحسب الخطة الإسرائيلية هذه ستكلف الجزيرة الاصطناعية نحو 5 مليارات دولار تشمل بناء ميناء ومحطة لتحلية مياه البحر المتوسط ومطار لاحقا. وأعرب كاتس عن رضاه لموافقة نتنياهو على تداول خطته في اجتماع وشيك للحكومة وهي الآن قيد الدراسة الأمنية الجادة.
ويتفق كاتس مع هنغبي برؤيته ويقول إن حماس غير معنية بالمواجهة العسكرية الآن، ولكن من جهة أخرى المصالحة مع السلطة الوطنية تعرج ومصر تواصل الحصار والولايات المتحدة توقف دعمها لوكالة الغوث والدول المانحة غير مستعدة لاستثمار ميزانيات ضخمة من الممكن أن تذهب هدرا. وتابع  معترفا بدوافع خطته «من الواضح جدا أننا أمام سؤال عملي لا أخلاقي، هل نحن مستعدون لكارثة إنسانية في غزة؟»
ويخلص الى القول إنه في لحظة الحقيقة وفي حال كانت هناك حاجة لتحمل مسؤولية فمن المفضل أن يتحملها العالم لا إسرائيل، لافتا إلى أن الجزيرة الاصطناعية ستزود خدمات مدنية للقطاع. وتابع مهددا ومساوما «في حال هاجمونا سيخسرون الماء والكهرباء والغاز».

خطة إسرائيلية جديدة لمساومة غزة: ماء وكهرباء مقابل الهدوء

وديع عواودة:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dinars:

    من لا يهدأ من الفلسطينيين فهو يُعادل قوة إسرائل وقد فضل جميعهم الصمود في وجه إسرائيل وعلى هذه الأخيرة أن تتراجع عن محاولتها الفاشلة.

  2. يقول Ahhmad:

    من يحاصر غزة هم العرب وأولهم مصر وليس إسرائيل

إشترك في قائمتنا البريدية