الناصرة ـ «القدس العربي»: كشفت المعلومات عن قيام إسرائيل بـ 100 غارة جوية في سيناء خلال العامين الأخيرين ما يدلل على عمق تعاونها الأمني بل الإستراتيجي مع مصر بقيادة رئيسها عبد الفتاح السيسي. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قالت قبل أسبوع إن الطائرات الحربية الإسرائيلية شنت غارات جوية على سيناء لضرب مواقع لـ تنظيم «الدولة» بطلب من السيسي بعدما أبلغ إسرائيل أنه عاجز عن مواجهة التحديات في سيناء وحده. وقالت إن عناصر التنظيم في شمال سيناء قتلوا مئات الجنود وضباط الشرطة، وبدأوا في إقامة نقاط تفتيش. وفي أواخر 2015، أعلنوا مسؤوليتهم عن إسقاط طائرة ركاب روسية فكانت هذه نقطة تحول دفعت السيسي لطلب النجدة من العدو اللدود الذي صار صديقا حميما. ويتفق كثير من المراقبين في إسرائيل على أن المخفي أعظم في العلاقات المصرية – الإسرائيلية المستندة على مصالح ثنائية وإقليمية مشتركة. كما يتفق المحللون الإسرائيليون العسكريون على أن العداء المشترك لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوصفها امتدادا لحركة الإخوان المسلمين، يشكل ركنا هاما في علاقات التعاون الرسمي بين مصر وإسرائيل وعلى مستوى بنيامين نتنياهو وعبد الفتاح السيسي. وكشفت الصحف الإسرائيلية مرات كثيرة في الماضي عن توسط إسرائيل لدى الولايات المتحدة من أجل تغيير نظرها للانقلاب العسكري الذي قاده السيسي ولم يرق للبيت الأبيض في عهد باراك أوباما. وشهد العامان الأخيران إجراءات أمريكية تجاه نظام السيسي حيث أوقفت حكومة واشنطن صرف مبلغ 95.7 مليون دولار من المعونة الموجهة للنظام وتأجيل صرف 195 مليون دولار أخرى، قالت إنه بسبب «فشل في إحداث تقدم تجاه احترام حقوق الإنسان والأعراف الديمقراطية». كما قامت لجنة المساعدات الخارجية في الكونغرس بخفض المساعدات العسكرية للعام المقبل بمقدار 300 مليون دولار والمساعدات الاقتصادية بمقدار 37 مليون دولار، قالت إنه بسبب السياسات القمعية وعدم احترام حقوق الإنسان، وسط هجوم كبير من مؤسسات حقوقية وصحافية على الإرهاب الذي يمارسه السيسي ضد الشعب كان من بينه النداء الذي وجهته مجلة «فوربس» بمعاقبة السيسي الذي وصفته بفرعون مصر الذي حول البلاد إلى سجن مفتوح. أمام هذه الرؤية الأمريكية وجد السيسي وما زال في إسرائيل وسيلة لتأليف قلوب الأمريكيين لتغيير تعاملهم وإغفالهم عن ممارساته القمعية نحو تثبيت حكمه واستقراره.
واعتبرت أوساط إسرائيلية أن علاقات التعاون بين المؤسستين الحاكمتين في مصر وإسرائيل قد بلغت ذروتها خلال عدوان «الجرف الصامد» على غزة صيف 2014 وقتها وقفت مصر موقف المتفرج على إغراق غزة بالنار طيلة 51 يوما وساندت إسرائيل في محاولاتها لوقف إطلاق النار بشروط مريحة لحكومة الاحتلال. ومنذ اعتلائه الحكم يأمر السيسي بإغلاق معبر رفح الذي لا يفتح إلا نادرا وللحالات الإنسانية وبذلك يشارك إسرائيل في حصار سياسي ظالم عمره 11 عاما بهدف تركيع أهالي القطاع واضطرارهم لرفع راية بيضاء، كما أكد وزير الطاقة الإسرائيلي السابق الجنرال في الاحتياط إيفي إيتام للقناة العبرية الثانية قبل أيام. أما القناة العاشرة فقالت على لسان محللها الأبرز رفيف دروكر إن الهجمات الإسرائيلية الجوية في سيناء حلقة في مسلسل بدأ قبل ذلك بسنوات، مبديا دهشته إزاء عمق هذا التعاون. وأضاف «وقتها سجل السيسي موقفا سلبيا من غزة وحماس لم تتوقعه حتى حكومة نتنياهو ويبدو أن السيسي بات عضوا في حزب البيت اليهودي» المشارك في الائتلاف والممثل للمستوطنين في البرلمان والحكومة.
ويرى المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان أن التعاون الكبير بين إسرائيل ومصر يمر بمرحلة جديدة في تطور علاقتهما التاريخية. ويعود كثيرا للوراء ويقول إنه بعد عداء في ثلاث حروب، ثم خصوم في سلام غير مستقر، أصبحت مصر وإسرائيل الآن حليفين في حرب سرية ضد عدو مشترك ليس في غزة حسب بل في سيناء. ويتابع في مقال نشرته «يديعوت أحرونوت» أنه بالنسبة للقاهرة، ساعد التدخل الإسرائيلي، الجيش المصري على استعادة تواجده في معركته التي دامت خمس سنوات تقريبا ضد المسلحين، وبالنسبة لإسرائيل، عززت الغارات أمن حدودها واستقرار جارتها، معتبرا أن تعاون مصر وإسرائيل في شمال سيناء هو الدليل الأكثر دراماتيكية على أن سياسة المنطقة يعاد تشكيلها بهدوء، فقد جلب أعداء مشتركون مثل داعش وإيران بهدوء قادة العديد من الدول العربية إلى التقرب من إسرائيل سرا وعلانية وطواعية».
في المقابل يسخر عدد كبير من وسائل الإعلام الإسرائيلية من «ديمقراطية» انتخابات الرئاسة في مصر ويعتبرها مسرحية يمثل فيها ممثل وحيد يدعى عبد الفتاح السيسي كما قال حيزي سيمنطوف معلق الشؤون العربية في القناة العاشرة. وذهبت صحيفة «مكور ريشون» للتندر بالسؤال عما إذا كان الرئيس السيسي سيكتفي هذه المرة بفوز بنسبة 97٪ وذلك في إشارة لفوزه في انتخابات 2014 بنسبة خيالية. وتشير الصحيفة إلى أنه لم يبق من ثورة يناير/كانون الثاني 2011 شيء في مصر عدا جرأة المصريين في التعبير عن مواقفهم ومشاعرهم في منتديات التواصل الاجتماعي. لكن السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة تسفي ما زال ينتقد الصحف الإسرائيلية ويدعو لفهم صحيح لما يجري في مصر. وقال: «لا يمكن الحكم على العالم العربي بشكل عام وعلى مصر بشكل خاص دون التنبه للتركيبة القبلية للمجتمعات العربية والتي تضع الحمولة فوق القيم الديمقراطية». كما يزعم أن الثقافة الدينية لم تزل تعيق نمو وتبلور أنظمة ديمقراطية وأن مسرحية السيسي الانتخابية ليست حالة شاذة في العالم العربي. لكنه يدعو للنظر للمنافع الإستراتيجية الكامنة في علاقات إسرائيل مع مصر من الناحية الأمنية والسياسية.
وديع عواودة
السيسي لا يمكن ان يقوم بذاته..انظر الى كلامه و افعاله…لايمكن تفسير صعود السيسي الا بنظرية ان هناك من يحركه