غزة ـ «القدس العربي» : من المفترض أن يشهد ملف المصالحة المتعثرة بين حركتي فتح وحماس دفعة قوية خلال الأيام المقبلة، تتمثل بدفع القاهرة الوسيط الرئيسي بوفدها الأمني من جديد إلى قطاع غزة، للإشراف على تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق التطبيق، الذي ينص على «تمكين» حكومة التوافق من العمل، وهي خطوة على الأرجح ستتلوها زيارة الوفد القيادي الرفيع من حركة فتح للقطاع.
وعلى الرغم من عدم جمع الطرفين فتح وحماس، حاليا في العاصمة المصرية القاهرة الى طاولة واحدة، حيث يوجد قادة من الطرفين هناك، لعقد لقاءات منفردة مع المسؤولين المصريين، إلا أن اللقاءات التي أشرف عليها مدير المخابرات المصري الجديد اللواء عباس كامل، أعادت النشاط من جديد لملف المصالحة، الذي شهد تكاسلا كبيرا خلال الشهرين الماضيين، بسبب خلاف الفريقين على طريقة تطبيق الاتفاق.
وعلمت «القدس العربي» أن أفكارا طرحت على الطرفين من قبل الراعي المصري، تتمثل بإنهاء عقبات «تمكين» الحكومة، بما في ذلك نقل عمليات «جباية غزة» إلى خزينة السلطة الفلسطينية، والتوافق على حل سريع لملف الموظفين الذين عينتهم حركة حماس بعد سيطرتها على غزة.
إلى ذلك أكد الناطق الجديد باسم حركة فتح، عاطف أبو سيف، لـ «القدس العربي» أنه لم يحدد بعد موعد نهائي لوصول وفد اللجنة المركزية لفتح إلى القطاع، من أجل متابعة عدة ملفات، من ضمنها ملف المصالحة الوطنية.
وجدد تأكيد حركته على أن المصالحة تعتبر «خيارا استراتيجيا»، رغم أنها قد تواجه في بعض الأوقات «بعض العقبات»، مشددا على ضرورة الانتهاء من ملف «تمكين» الحكومة، ورحب بأي جهد يقود لـ «دفع المصالحة» إلى مزيد من التقدم.
وأكد المتحدث باسم فتح على ضرورة وجود «خطوات عملية» لإنهاء ملف «التمكين»، وحل القضايا العالقة، من أجل الوصول إلى مرحلة إنهاء كامل للانقسام، والدعوة لإجراء الانتخابات العامة.
يشار إلى أن هناك عضوين رئيسين من وفد حركة فتح يوجدان حاليا خارج المناطق الفلسطينية، وهما مسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، الموجود برفقة الرئيس محمود عباس في زيارة روسيا.
وبالعودة إلى اللقاءات الجارية في مصر، ففي الوقت الذي لا تزال حركة حماس تتكتم بشكل رسمي على نتائج لقاءاتها هناك، بعد وصول وفدها القيادي برئاسة إسماعيل هنية يوم الجمعة الماضي، أشار الأحمد، إلى أنه لا ترتيبات حتى اللحظة لعقد اجتماع بينه وبين وفد حماس في القاهرة، لكنه كشف أن عودة الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة ستكون خلال الأيام القليلة المقبلة لمتابعة تنفيذ اتفاق المصالحة.
وكان هذا الوفد قد غادر القطاع قبل شهرين، دون أن يحدد سببا لذلك، حيث شهدت من وقتها عملية المصالحة تراجعا كبيرا، ولم تنفذ بنود الاتفاق حسب المواعيد المحددة لذلك.
وبدا واضحا أن اللقاءات التي عقدها المسؤولون المصريون مع قادة فتح وحماس خلال الساعات الـ 48 الماضية، كان هدفها الوصول إلى «رؤية عملية» لإنهاء الخلافات حول ملفي «دمج الموظفين»، و»جباية غزة»، وكلاهما مرتبطان ببعضهما البعض، إذ تريد حماس حل مشكلة الموظفين قبل تسليم الجباية، التي تعتمد عليها حاليا في توفير سلف من رواتب موظفيها المفترض أن تنتهي مشكلتهم وفق قرارات اللجنة الإدارية والقانونية.
وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» قال الأحمد الذي التقى مدير المخابرات المصرية، إن اللقاء تمركز حول المصالحة بشكل خاص، وجرى خلال اللقاء «استعراض تفصيلي» للعقبات التي حالت حتى الآن دون تنفيذ حماس لكامل نقاط الاتفاق الموقع في12 اكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حول تمكين الحكومة في غزة بشكل كامل.
وأوضح أن اللقاء تناول استعراضا شاملا للخطوات المتعلقة بتنفيذ اتفاق القاهرة الموقع بين حركتي حماس برعاية مصر من أجل البدء بتنفيذ الخطوة الأولى من اتفاق الوفاق الوطني لإنهاء الانقسام على الساحة الفلسطينية، الذي يتعلق بـ «تمكين» حكومة التوافق الوطني من بسط سلطتها الكاملة على قطاع غزة كـ «خطوة أساسية ومركزية لاستكمال الخطوات اللاحقة المطلوبة من أجل إنهاء الانقسام وطي صفحته المؤلمة».
وأشار الأحمد إلى أن خطوات التنفيذ «بطيئة جدا»، بسبب العراقيل التي توضع بـ «شكل مدروس» من قبل حماس لغرض عدم تنفيذ الاتفاق بشكل دقيق، مشيرا الى أن هناك الكثير من العراقيل ما زالت توضع أمام أعضاء حكومة الوفاق وتحول دون ممارسة مهامهم الطبيعية في وزاراتهم.
وقال في هذا السياق إن اللجنة الإدارية التي أعلنت حماس عن حلها لا تزال قائمة، وإن الكثير من أعضائها يمارسون العمل في وزاراتهم بشكل مخالف للنظام وللاتفاق والأنظمة والقانون، موضحا أن حماس حتى الآن «لم تلتزم بتسليم مسألة جباية الضرائب والواردات لحكومة الوفاق الوطني وهذا يعتبر خروجا صارخا على جوهر الاتفاق».
وأوضح أن مدير المخابرات المصرية الوزير عباس كامل أكد خلال اللقاء، على أن مصر ستستمر بجهودها مع كافة الأطراف وعلى الأرض في قطاع غزة، لمساعدة الشعب الفلسطيني، وإخراج قطاع غزة من محنته من خلال دفع كل التحركات التي تقوم بها القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
يشار إلى أن الأحمد بحث مساء أول من أمس مع وزير الخارجية المصري، التداعيات المترتبة على قرار الرئيس الأمريكي الأخير دونالد ترامب بخصوص القدس، والتحرك الفلسطيني والعربي على كافة الصعد لمحاصرة آثاره والمخاطر المترتبة على وضع عملية السلام، إضافة إلى بحث ملف المصالحة.
وينتظر أن تشهد عملية المصالحة «إجراءات عملية» خلال الأيام المقبلة، وتحديدا بعد انتهاء زيارة وفد حماس الحالي للقاهرة، وذلك في ضوء اللقاءات التي عقدتها المخابرات المصرية مع الطرفين.
أشرف الهور: