ما إن كتب أحدهم تعليقا تحت مقالها يتهمها فيه بالفشل لأنها نسوية وفاشلة في زواجها وأن عقدها تطفح على نصوصها كالفطر السّام، حتى وجد بعض القراء ما يقولونه في الموضوع، نسفت التعليقات شخص الكاتبة الشابة المقبلة على عالم الكتابة، وصنفت في مصاف «المعقدين» والمرضى النفسيين، وألحقت بها شتائم لم تطلها هي فقط، بل طالت أباها وأمها وسلالة أجدادها جميعهم.
وظلّت تلك التعليقات السّاخطة تتكاثر وتزداد على موقع المجلة الإلكترونية إياها حتى ما عادت كاتبتنا تتحمّل.
في رسالة على الخاص كتبت لي تطلب تدخلي ليشطب مقالها ويتوقف سيل الشتائم عليها وعلى أهلها، والصراحة أن الأمر لم يكن سهلا، ليس لأني لا أعرف من أعضاء الموقع أحدا، بل لأن مؤسسيه حسب أحد الأصدقاء ليسوا أكثر من شبان حانقين على الحياة، فتحوا نافذتهم الإلكترونية تلك لأهداف بعيدة تماما عن نشر الأدب الرّاقي، وآراء ناضجة تنتقد التخلف الاجتماعي الذي أصبنا به منذ عقود. وفي الحقيقة حتى في الزمن الإلكتروني يصعب على الأدب أن يصمد أمام جماهير يسكنها سخط عارم من كل شيء، وقد قيل قديما: «الرجل الفاشل يضرب زوجته» وها نحن نعيش هذه الحالة في عالم الأدب اليوم، وقد ازدهرت بازدهار المنابر المشبوهة على الشبكة العنكبوتية، فأصبح التطاول على شخص صاحب قلم أسهل من مواجهته أدبيا، إذ يجلس أي «نكرة» خلف جهازه ويخرج أسلحته من مخبئه الأمين ويرشق بها من يريد، ولأننا مجتمعات تربّت على الخوف من الذكورة، فإن الأهداف السهلة عادة ما تكون أقلاما نسائية، ولعل تعيسة الحظ من تهتدي لموقع كهذا عبر أحدهم من قوائم الصداقة الفيسبوكية الوهمية وتذهب بنفسها إليه.
في رسالتها الاستعطافية تلك تعتقد الصبية، أنني صاحبة سلطة، ويمكنني أن أمون على أصحاب الموقع، وقد وجدتني أحزن على الكاتبة الشابة بشكل مضاعف، كوني تعلمت باكرا ألاّ أدخل في علاقات مع أشخاص من هذا النوع، إذ في ظرف جولة لم تتجاوز دقائق في موقعهم أدركت من أي طينة هم، ولم أر سوى وكر دبابير يجذب مزيدا من الدبابير والضحايا. موقع تمتلئ به الشبكة العنكبوتية العربية للأسف، ويعكس المستوى الذي آلت إليه قدراتنا المهدورة على الشر. يؤسس الموقع في بلد عربي لا تحكمه لا أعراف ولا قوانين، ويصطاد ضحاياه من كل بقاع الدنيا مستعملا فخ الكلمة والحرف العربي المسكين، ثم يجمع دبابيره بضحاياه، ولأسباب عديدة يستمر الموقع في الانتشار، ذلك أنه يستقطب تلك الفئة التي تمثل الأكثرية عندنا، فئة كبيرة، ذات تعليم متوسط، وثقافة منعدمة، وتحمل لواء الدين لمحاربة الآخر المختلف، مقتنعة تماما أن إعادة هيبة الإسلام تتم بشتم الآخر والاعتداء عليه. إلكترونيا كما في الواقع، نفسها هذه الفئة التي حددت مصير العالم العربي الإسلامي، وهي الفئة التي ينطبق عليها المثل القائل «ضربني وبكى، سبقني واشتكى» إذ تملك قرون استشعار عجيبة لاصطياد أي بادرة محبة أو نهوض بالعقل، فتنهال عليها باللسع.
نصيحتي للكاتبة المقبلة على الحياة الأدبية بقلب غض أن تنسى الموقع بما فيه، فحياة الكاتب العربي ليست وردية، وهي هكذا حتى خلال ما سمي بعصر النهضة، ولعلّها اليوم أصبحت أصعب، حتى إن بدا ظاهرها أسهل، فالعالم فتح على بعضه، وكما سهلت عملية تجنيد مقاتلين لإشعال مزيد من الحروب وإحداث المزيد من الخراب والدمار في عالمنا، فإن عملية تجنيد مدمري العقل أيضا أصبحت سهلة بكبسة زر. بعض النصوص أيضا تُزكّى من طرف هذا الجمهور الإلكتروني العرمرم فقط لتقتل الكتاب الجيدين، إذ يبدو أننا لا نزال بعيدين عن النّحت الشاق للكلمة حتى تصبح صقيلة وجيدة لتوضع في مكانها الحقيقي في مشهدنا الأدبي. وإن كنت أعتب اليوم على أحد، فعلى من رموا المنشفة وخرجوا من حلبة الصراع الشريف، وتركوا الدهماء تتقاتل بكل ما هو مباح وغير مباح.
تضعضع الكيان العربي دفعة واحدة بعد تراجع مستوى التعليم أولا، وازداد انهيارا بعد تخرج دفعاته الأولى من الجهلة وأدلجتها، تلتها لقاحات مغشوشة حقنت بها لتفادي أي عملية إنقاذ ممكنة، وهكذا أصبحنا نرفل على مدى نصف قرن من الزمن في أوحال الجهل، حتى أن الأصوات التي كانت تنادي بإصلاح التعليم كممت سريعا، أو دُبِّر أمرها بما يجب لتبقى نائية، وسلمت أقدارنا لعجلة الجهل التي جرتنا إلى ما نحن عليه اليوم. كل هذا الكلام جاء بسبب قلم صبية موهوبة قمعها جمهور غبي، وهي ليست الوحيدة في عالمنا المنكسر، إنها واحدة من مواهب كثر، تنطفئ في اللحظة نفسها التي تولد فيها، تماما كتلك الأزهار التي تشق الصخر فتمتد يد لقطافها ورميها بعد حين.
في النّقد الذي يتناول النصوص، تعرض كتاب كبار لأنواع من النقد اللاذع، ولكننا اليوم بعيدون جدا عن أي نوع من النقد، سواء بالسلب أو الإيجاب، فقد تعرض تولستوي لانتقاد قاس لروايته «آنا كرنينا» حين كتب أحدهم: «رجاء أعطوني صفحة واحدة من الرواية تحوي فكرة»، وكانت تلك الجملة ناسفة لرأس تولستوي، لكنها لا تشبه الكلام السوقي الذي تزخر به مواقع إلكترونية اليوم تدعي أنها مواقع أدبية. وفي زمن فلوبير أيضا وقفت جريدة «الفيغارو» في وجهه حين نشر روايته «مدام بوفاري» واتهم بأنه ليس كاتبا، لكن التهمة رغم ضخامتها وقساوتها تبقى أكثر احتراما من تلك العبارات التي تتهم بعض كتابنا بالكفر، والعهر، وتلعن أمهاتهم وآباءهم وكأن الأمر متعلق بشجار شخصي بين الكاتب ومن يفترض أن يكون قارئه.
وفي معلومة قد لن يصدقها أحد، فقد وصف فولتير «هاملت» لشكسبير بأنها «عمل مبتذل، ووحشي صدر عن مخمور». أمّا أجاثا كريستي فقد لقبت بملكة الجريمة، واعتبرت قصصها مجرد خطط لمساعدة المجرمين على ارتكاب جرائمهم، وقضت أربع سنوات تتوسل ناشرين عدة لنشر نصوصها، وحين اشتهر اسمها، اكتسحت العالم بكتبها، وقد باعت ما يفوق الأربعة مليارات نسخة بعناوينها التسع والسبعين.
وهذا النقد «القاتل» ـ حسب مفهومي الخاص أو اللاذع كما يتفق عليه ـ شهدنا مثله على أيام عمالقة أدبنا العربي أيضا، فقد اتهم عباس محمود العقاد إبراهيم ناجي بالسرقة، ومسح بالشاعرين صلاح عبد الصبور وعبد المعطي حجازي الأرض، وكانت تلك المعارك الأدبية طاحنة بينهم، بل بلغت مبلغ الكراهية أحيانا، لكن منبع التجريح النابع من العقاد مثلا مضى بالبعض إلى التربع على عرش الشعر، فقد طوى الزمن لغة العقاد، فصنف كلاسيكيا مع عميد الأدب العربي طه حسين، واستلم الشعراء المجددون واجهة المشهد الأدبي، ليس فقط في القاهرة، بل في العالم العربي كله، فقط بالطاقة العجيبة التي تحملها الكلمة في زمن ورقي لم يعرف التجني الإلكتروني والإسفاف الذي نعيشه اليوم، وأتساءل ماذا لو توفرت كل هذه الأدوات الإلكترونية في زمنهم، تراهم سيسقطون في ما وقعنا فيه اليوم، أم أن الأخلاق كانت طاغية في ذلك الزمن، وكانت حتى العداوات الأدبية راقية؟
٭ شاعرة وإعلامية من البحرين
بروين حبيب
ياأختي الدكتورة العزيزة بروين : بالمباشر…حالة فتاتك ليست الوحيدة بل هي ظاهرة تنتشركما يقولون كالفطر…السُباب شيء قليل بل هناك المساومات الرخيصة من دون تردد.ربما قلت ذلك من قبل ؛ السبب المركزيّ ( عدم الخوف من الله الرحمن ).عدم الخوف من الله السبب الذي جعل الكثيرمن شباب اليوم يفقدون بوصلة المسؤولية.هي التربية المنزلية العائلية قبل المدرسة والحارة والصداقة ووو.الخوف من الله لا علاقة له بالدّين بل هوإحساس تربوي في نفوس الناس أجمعين.تابعي مفردات الحياة اليومية لأية عائلة شرقية ولا نقول غربية…لا تسمعي عبارة { الله يسمع ويرى }.وبالتالي النشأ يفطرون على التحديّ والاستجابة الاجتماعية فقط ؛ من دون ضابط ذاتي أخلاقي.في إسرائيل لا توجد رقابة على وسائل الإعلام ؛ بل هناك الرقابة الذاتية من قبل العاملين في وسائل الإعلام.فهم يعرفون المسؤولية في الكتابة ؛ وهذه المسؤولية لديهم مرتبطة بالأمن.فلا يفضحون سرًا ولا يعطوا إحداثية ولا معلومة تضرّبشؤونهم.يجب تربية الناس على الشعوربالمسؤولية الذاتية ؛ وهذا ليس ضد الحريّة الفردية كما يثرثرون.لا توجد دولة محترمة تسمح لمواطنيها ( الفلتان ).هناك ضوابط.لماذا أمثال أصحاب الموقع المشارإليه في المقال لا يجرأؤون على المساس بأمن النظام ؟ لأنّ هناك عقوبات رادعة عليهم؟ قرأت لدكتورة فرنسية متخصصة بالتربية وعلم النفس ؛ أنّ غياب العقاب التربويّ من المدارس مسيء للعملية التعليمية والتربوية معًا ؛ على عكس ما يردده الغواة.شخصيًا ألغيت الفيسبوك ؛ رغم تواجد أخواته من أنستغرام ووتساب وفايبر…لأنّ السطحيات فيه لا تستحق اضاعة الوقت على سفسفات قال وقال.فكلّ ما هومنشورومغري ؛ أصبح من ورائه ( ذئب مفري ). وأفضل أسلوب لقطع ووقف تأثيرمثل تلك التخرّصات ؛ عدم الردّ عليها ولوقدّموا معها الصورة والصوت.فالتزويروالتوليف والمونتاج ؛ هي تجارة سريعة ( الرواج ).وهناك ظاهرة أخرى قريبة وغريبة.حينما يتوب مسيء يتمّ التطبيل والتذكيربماضيه الأسـود. وهذا ضد الدّين والعُرف الحميد.فجميع المؤمنين الأوائل من الصحابة كانوا مشركين وبعد إسلامهم لم يذكّرهم أحد بماضيهم الكافر.فما بالنا نحن لانفرق بين الليل والنهار؟ لدي صديق قالها لي : ) والله أخشى الكتابة والتعليق لئلا تُستغل كلماتي لمآرب أخرى ).نعم القمامون كثيرون ؛ وأكل لحم الناس صناعتهم المزجاة وتجارتهم الرائجة.
كثير من مناكفات الادباء ..تنبع من الحقد والغيرة والادلجة لكن كيف يكون كاتبا ماهرا من ليس له جمهور عرمرم ! حتى لو القى جيش الكتروني عبوة ناسفة ذرية التأثيرعليه فلها فضاؤها وله فضاؤه والمكان واسع كبوابات السماء حين تفتح لدعاء الصديقين ! .. لا احب الشتائم واحتقر احتقار الناس واولهم ( الغوغاء والدهماء ) فبربك لمن يكتب الكاتب ان فشل ان يخاطب الجميع ان تفوق الكاتب وامتلاكه لغة عالية لا ترتفع عن افهام الناس ولا تنخفض الى مستوى اقل من اديب حارق للجهل والتخلف والعهر المتلفع بشرف حرية الكلمة خارق للعقول والقلوب من كل الطبقات والتوجهات والاديان والايديولوحيات عبر ذكاء الكلمة وفصاحة التعبير والتحلي بالادب قبل البلاغة فأنا واثقة ان هناك تمجيدا لفصحاء امتلكوا زمام الكلمات لكنهم فعلا تلفعوا بالعهر ولست اخاف ولا يسوؤني اللحظة ان يرميني بالجهل والرجعية من شاء فهل لا يكون الادب حرا وفدائيا الا اذا دعا الى احياء بطولة سدوم وعمورة في هدم الانسانية والاخلاق هل لا يكون الادب حرا الا اذا نزع اخر ورقة توت عن جسد امرأة شهي في غرفة نوم حمراء هل هذا معيار البطولة الادبي ان تنحاز ضد الله وضد الانسانية وضد كل شيء لتثبت بطولتها في عالم حرية الرذيلة والانفلات .. انا يا سيدتي لا اسقط كلامي هذا على الصبية ولا انحاز لها ولا ضدها لكني اعيب على المقال تنميط الغوغاء وتجريمهم فهؤلاء الغوغاء دااائما يحملون لواء الدين ! وهل الدين الا كلمة بليغة فصيحة تحدت عكاظ قريش في قمة الادب والتفوق والموسيقى يوم عزف محمد ارفع كلام عرفته البشرية ..سيدتي انني اعشق ان ارى مدائن لوط (الادبية) قلبت فوق راس ساكنيها ممن يسمون زورا ادباء وهم اجراء عند ابليس ولا ياخذون اوراق اعتماد بطولتهم الادبية الا عندما ينحازون الى الرذيلة الادبية هناك فرق بين الكلمةةالراقية والكباريه الادبي سيدتي .. الحرف امانة والخرف اصبح ذكاء والتخريف( الادبي ) بات بحاجة الى مستشفى مجانين وكثير من ادباء النجمة الواحدة واقلام الشحار تحولوا الى ادباء على صهوة الفلتان وخدش الحياء العام فصاروا انبياء رذيلة اتخذوها للشهرة وسيلة ولم يجدوا غيرها حيلة كان لا بد ان تفهمينا ماذا كتبت الصبية وماذا فعلو على الاقل لنقيم موقفنا مع او ضد .. .. الحرف سلاح يملكه كثر وقلة الحياء اصبحت موضة .. واحتقار الجمهور هو ميزة انطوانيتات الادب ويحيا البسكويت ويسقط الخبز !
العلاقة يجب ان تكون كاملة وخصوصا بالذي هو مقصود , فلا يمكن للشعر تعويض الفكر بشكل كامل ..
الشعر يحاول التعبير بجزء والكتابة بجزء والنقد بجزء والدين بجزء والانسانية الايمانيه بجزء والخبره والواقع والعلم بجزء الاخر
تحية استاذة بروين
رغم اني لم اقرا ما كتبته صديقتك وسواء ان نكون متفقين عن المحتوى ام لا فلا يحوز لاحد ان يشتم او يجرح اخر لاختلافه مع ما ينشر
فاذا سلمنا ان للادب مكانة متميزة بين الفنون فكما للموسيقى المبتذلة جمهور و للسينما المبتذلة جمهور و للرقص المبتذل جمهور فلماذا نبخل على الادب هذه النوعية من الجمهور هل للدلالة اللفضية لاسمه ؟
اقول لكاتبتك الشابة رب ضارة نافعة
إذا اتتك مذمةمن « مبتذل»فاعلم انك كامل
*كما قال أخونا الدكتور جمال المبدع.
الأساس (التربية) تربية البيت أولا
ولأن التربية ف البيوت ماتت أو على وشك
(إلا من رحم ربي).
نجد الفوضى والكذب والتطاول والتضليل
منتشر في وسائل التواصل الإجتماعي.
*(النقد) يجب أن يكون بناءا بعيدا عن
الحقد والحسد والعنصرية والطائفية.
سلام
شكرا دكتورة بروين انا كذلك تعرضت لنفس الموقف.لكن تجاوزت المشكلة بالنسيان.