سيناريوات متوقعة لمستقبل «غصن الزيتون» في حال دخول قوات النظام السوري إلى عفرين؟

حجم الخط
2

إسطنبول – «القدس العربي» : مع تزايد المؤشرات على قرب دخول النظام السوري أو القوات المتحالفة معه إلى مدينة عفرين السورية ضمن اتفاق مع الوحدات الكردية، تتزايد التساؤلات حول السيناريوات المتوقعة ومستقبل عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي في المدينة، واحتمالات المواجهة بين تركيا ونظام الأسد.
منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» قبيل أكثر من شهر، أعلنت تركيا رسمياً عن أهداف العملية وكررتها مراراً، وقالت إنه ليست لديها أي أطماع في الأراضي السورية ولا ترغب في المواجهة والحرب فقط، وأن العملية تهدف إلى إبعاد خطر الوحدات الكردية عن الحدود التركية.
وعلى الرغم من أن إبعاد خطر المسلحين كان أحد أبرز الأهداف المعلنة للعملية، وهو ما يبدو أنه تحقق بالفعل حيث توقف سقوط الصواريخ والقذائف على البلدات الحدودية التركية منذ أكثر من 10 أيام، إلا أن هناك هدفاً أكبر وأهم لتركيا يتمثل في تقليل فرص إقامة دولة أو كيان كردي على حدودها في شمالي سوريا، والسيطرة على عفرين تعني تقليل فرص وصل مناطق سيطرة الوحدات الكردية في شرقي وغربي نهر الفرات.
وعلى الدوام، رأت تركيا في احتمال قيام كيان كردي في شمالي سوريا وعلى امتداد حدودها الجنوبية الخطر الأكبر والاستراتيجي على أمنها القومي، بينما تعتبر تركيا رئيس النظام السوري بشار الأسد أنه «قاتل ومجرم يجب تغييره»، وبالتالي فإن خطر بقائه لا يقارن بخطر قيام كيان كردي وهو ما يحتل الأولوية الأولى في السياسة التركية على المدى الاستراتيجي.
ومع التغيرات الأخيرة في سوريا، لا سيما مع تعاظم الدعم الأمريكي للوحدات الكردية في العامين الأخيرين وتمكن المسلحين الأكراد الذي تعتبرهم تركيا تنظيماً إرهابياً من السيطرة على قرابة 75% من الحدود السورية مع تركيا، فتحت أنقرة الباب أمام أي حلول «تحافظ على وحدة الأراضي السورية»، حتى وإن كان ذلك من باب إعادة سيطرة النظام السوري على البلاد، وإن كان ذلك أيضاً موقفاً غير معلن بشكل مباشر.
والاثنين، قالت وكالة أنباء النظام السوري إن قوات شعبية (تابعة للنظام) ستصل إلى عفرين خلال الساعات القليلة المقبلة، وذلك عقب أسابيع من المفاوضات التي لم تصل إلى نتائج في السابق بسبب إصرار النظام على تسليم الوحدات الكردية أسلحتها الثقيلة، وهو ما رفضته الأخيرة.
وبالطبع، سيكون دخول قوات النظام السوري إلى عفرين، بمثابة نقطة تحول كبيرة في مسار عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي في المدينة، ويمكن أن تؤدي إلى توقفها تدريجياً أو انحسارها في مناطق معينة، وتلغي فكرة دخول الجيش التركي إلى وسط المدينة.
وبحسب التطورات السابقة، فإن الاتفاق المزعوم بين النظام والوحدات الكردية جاء بإشراف روسي على الأغلب وهو ما يعني أن موسكو ستكون ضامنة لآليات تنفيذه التي ستشمل توافقات مع تركيا لتجنب حصول أي صدام عسكري بين النظام السوري من جهة، والجيش التركي وقوات المعارضة السورية التي تقاتل معه من جهة أخرى.
في المقابل، لا يتوقع أن يلجأ الجيش التركي إلى سحب قواته من المناطق التي سيطر عليها في عفرين، لا سيما وأنه تعمد منذ انطلاق العملية على التوسع افقياً، حيث يتوقع أن يبقي الجيش التركي على سيطرته على الشريط الذي يمتد على معظم حدود عفرين بعمق 5 إلى 7 كيلومترات.
وبالعودة إلى ما قبل عملية «غصن الزيتون» فإن تركيا كانت قد طلبت من موسكو الضغط على الوحدات الكردية من أجل الانسحاب من مدينة عفرين وتسليمها لأطراف أخرى من بينها النظام السوري، وهو ما رفضته هذه الوحدات وأصرت على الاحتفاظ بالمدينة، ما دفع موسكو لمنح أنقرة الضوء الأخضر للقيام بالعملية عقب سحب القوات الروسية التي كانت تعيق الهجوم التركي.
والآن، وعقب 32 يوماً من العملية التركية، وعقب مناشدات متعددة من قبل الوحدات الكردية للنظام السوري بالقدوم إلى المدينة، يرى محللون أتراك أن ما يحصل يعد انتصاراً للجيش التركي وتحقيقاً واضحاً لأهداف العملية مع تقليل في الخسائر والتكاليف المتعددة للعملية العسكرية.
ومع إعلان الجيش التركي السيطرة على 70 نقطة في المدينة، بينها العديد من المناطق والتلال الاستراتيجية، واقتراب الجيش التركي من السيطرة على منطقي جندريس وراجو الهامتين، وقتل المئات من المسلحين، يبدو أن الوحدات الكردية وصلت إلى قناعة باستحالة صمودها امام الجيش التركي، واستبقت انهيار قواتها بالتنازل والاتفاق مع الأسد، وهو ما تعتبره تركيا إنجازاً لم يكن من الوارد تحقيقه بدون العملية العسكرية.
لكن تركيا ستكون أمام سيناريوهين مختلفين، الأول يتعلق بأن يكون الاتفاق يتعلق بانسحاب للمسلحين الأكراد من المدينة وسحب الأسلحة الثقيلة منهم، مع ضمانات روسية من النظام السوري يتعهد فيها بعدم الانسحاب لاحقاً من المدينة للمسلحين الأكراد، وهو ما سترى فيه تركيا تحقيقاً شبه كامل لأهداف عملية غصن الزيتون.
بينما السيناريو الثاني يتمثل في دخول قوات النظام السوري إلى المدينة بدون اتفاق واضح، وتحالف قوات النظام مع الوحدات الكردية ومواصلة احتفاظها بمواقعها وأسلحتها في المدينة، وهو ما يعني تغيير قواعد العمل العسكري في المدينة، والذي يمكن أن يتحول من عملية عسكرية شاملة، إلى مناوشات واستهدافات محددة من الجيش التركي لمواقع وعناصر الوحدات الكردية في المدينة، ما يعني بقاء خطر حصـول مناوشـات مع قـوات النـظام هناك.
وفي هذا الإطار، وفي أول تعقيب رسمي تركي على هذه التطورات، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من عمان: «لا مشكلة إن كان النظام السوري سيدخل عفرين من أجل تطهيرها من «ي ب ك»، لكن إنّ كان دخولهم لحماية هذا التنظيم، فلا أحد يستطيع وقف الجنود الأتراك».
وعلى الرغم من عدم اتضاح الأسباب التي سرعت في التوصل لاتفاق بين النظام والوحدات الكردية، رجحت مصادر تركية أن تكون موسكو ضغطت بقوة للتوصل إلى هذا الاتفاق بهدف توجيه رسالة قوية لتركيا بقدرتها على تعطيل العملية العسكرية في عفرين في حال ذهبت أكثر في توافقات مع أمريكا، وذلك على خلفية احتمالات التقارب الأمريكي التركي عقب الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى أنقرة.

 

السيناريوات متوقعة لمستقبل «غصن الزيتون» في حال دخول قوات النظام السوري إلى عفرين؟

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الحرحشي:

    جاويش اوغلو يصطحبة وزير الدفاع التركي فلا جدال ولا غرابه لامكانية الاتصال مع النظام السوري والتشاور والتنسيق معه بشأن عفرين.

  2. يقول د. خالد أبو أشرف/ ماليزيا:

    روسيا وأمريكا هم اللاعبون الكبار
    أما تركيا والأكراد ونظام الأسد وداعش والإخوان ووالنصرة والجيش الحر … ما هم إلا كراكيز يتحركون وفق أجندة اللاعبين الكبار
    هذه هي رقعة الشطرنج
    وحسبنا الله ونعم الوكيل

إشترك في قائمتنا البريدية