«بلومبيرغ»: تغييرات الهرم العسكري السعودي… تعزيز لقوة ولي العهد أم محاولة لإبعاد شبح اليمن؟

حجم الخط
0

لندن – «القدس العربي»: تناولت الصحافة الغربية موضوع التعديلات التي أجراها العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز من أكثر من زاوية، فقد علق موقع «بلومبيرغ» بأنها ربما كانت مرتبطة بالحرب اليمنية التي ستحل ذكراها الثالة الشهر المقبل. ومع أنه لم يتم تقديم أي سبب للخطوة الملكية وتوقيتها إلا أن الموقع ذكر أنه تعديل جديد في مركز القيادة التقليدية في هذا البلد الغني بالنفط.
وربط التقرير بين التغييرات الجديدة والحملة التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن الذين يتلقون الدعم من إيران. وبعد ثلاثة أعوام لم يستطع التحالف هزيمة المتمردين أو إخراجهم من العاصمة صنعاء.
ويعلق الموقع أن التدخل السعودي جاء في سياق السياسة الخارجية الحازمة التي بدأها الملك سلمان بعد وصوله للعرش عام 2105. كما حاول الملك وابنه تقوية موقعهما داخل البلد بعد التغيرات التي حدثت خلال العام الماضي وترفيع الأمير محمد لمنصب ولي العهد بطريقة هزت الطريقة التقليدية التوافقية التي اتبعها آل سعود وهو تبادل السلطة بين أبناء مؤسس المملكة، الملك عبد العزيز بن سعود. وبتعيين بن سلمان أصبح خط الحكم في فرع واحد من العائلة.
ويرى أن عملية اعتقال أمراء ورجال أعمال ومسؤولين بارزين كجزء من محاولات تقوية موقع الامير بن سلمان وتحت ذريعة مكافحة الفساد. وتم تعيين جيل جديد من البيروقراطيين المقربين من ولي العهد في المناصب المهمة.
ويرى بول أوسيلفان، المتخصص في الشؤون السعودية في جامعة جورج تاون بواشنطن أن التغيرات في سلك قيادة الجيش قد تكون جزءاً من هذا التوجه. وعلق قائلاً: «يبدو أن الملك وابنه يريدان أن تمضي الأمور في اتجاهات جديدة» و»يريدان أشخاصاً نشيطين وشباباً لمواصلة الضغط على إيران وفي سوريا واليمن». فالقوى التي دعمتها السعودية هزمت على يد قوات بشار الأسد الذي يحظى بدعم من الروس والإيرانيين.
وفي اليمن تدخل السعوديون لإعادة الشرعية وطرد الحوثيين من العاصمة صنعاء إلا أن الحرب أدت لما سمته الأمم المتحدة أسوأ كارثة إنسانية في العالم.

«تقوية سلطته»

ولاحظ الموقع أن الإعلان عن التعديل في قيادات الجيش جاء في وقت اجتمع فيه مسؤولون وشركات أسلحة دولية في معرض للسلاح نظم في الرياض. ويعلق الكاتبان بأن خلق صناعة سلاح محلية هو جزء مهم في خطة التحول الاقتصادي التي ترغب بتخفيف اعتماد المملكة على النفط. ويرى هاني صبرا، مؤسس الشركة الإستشارية «ألف» أن تغيير القيادات العسكرية يمكن وضعه في سياق أوسع «وهو دفع محمد بن سلمان لتقوية السلطة». مشيراً إلى أن ولي العهد مستعد لاستبدال المسؤولين غير الناجحين خاصة من ينعكس أداؤهم سلباً عليه وعلى مبادراته. وتواجه المملكة انتقادات دولية بسبب الطريقة التي أدارت فيها الحرب التي خلفت أكثر من 10.000 شخص.
وتنتقد جماعات الإغاثة الإنسانية السعودية والحصار الذي فرضته على اليمن حيث دفع البلاد إلى حافة المجاعة. ورغم الصورة التي حاول الأمير رسمها لنفسه في الخارج على أنه إصلاحي والوعود بإعادة هيكيلة الإقتصاد السعودي إلا ان تبعات حرب اليمن تلاحقه.
ونقلت «وكالة أنباء أسوشيتدبرس» عن بيكا واسر، المحلل في مجموعة «راند» أن التغييرات ليست متعلقة فقط بحرب اليمن وإنما محاولة تحسين أداء الجيش وتدريبه وتغيير قياداته واستبدالها بأشخاص مستعدين لسماع أفكار جديدة. وقال واسر إن الحرب في اليمن «دفعت باتجاه هذه التغييرات لكنها ليست العامل الرئيسي. ويرى كريستيان كوتس أولرتشسن، من جامعة رايس إن التغيرات اشتملت على «توازن حذر» بتعيين الآخرين في عائلة آل سعود و «على ما يبدو أن التعديل هو للتحرك أماماً مع محاولة بن سلمان وضع جيل جديد من القيادة يدعم رؤيته الهادفة لتحويل بنية اتخاذ القرار في السعودية. ومثل حملة مكافحة الفساد فإن التعديلات في القيادة تتناسب مع عمليات تعزيز سلطات الأمير محمد بن سلمان.

جولة خارجية

كما أن التعديلات الجديدة مرتبطة بالجولة الخارجية التي سيبدأها الامير الأسبوع المقبل حيث يطوف فيها على عواصم غربية وهي باريس ولندن وواشنطن. ولاحظت صحيفة «تايمز» أن المرسوم الملكي الذي حدد فيه رؤية التغيير في المناصب العسكرية وحكام المناطق جاء عشية زيارة ولي العهد لبريطانيا.
وكتب ريتشارد سبنسر، مراسل الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط قائلاً إن التغييرات مرتبطة بحرب اليمن التي ستكون موضوعاً في زيارته للندن حيث تخطط جماعات معارضة للحرب القيام باحتجاجات على الطريقة التي أدار فيها ولي العهد ملف الحرب. وقال سبنسر أن الجيش السعودي متورط في مستنقع اليمن حيث انتقلت آثار الحرب إلى السعودية من خلال الصواريخ. كما لم تعد الحرب تحظى بشعبية بين السعوديين. ولاحظت الصحيفة أن جولة ولي العهد هي الأولى في الخارج بعد «انقلاب القصر» في الصيف الماضي.
وفي بريطانيا سيلتقي بن سلمان مع رئيسة الوزراء تيريزا ماي ووزير الخارجية بوريس جونسون وأفراد من العائلة المالكة في قلعة ويندسور. ويرغب وزراء الحكومة البربطانية أن يتم طرح أسهم شركة النفط السعودية في السوق المالي السعودي وتفضيلها على عروض من نيويورك وطوكيو وهونغ كونغ. وأشارت الصحيفة إلى أن مستشاري الأمير يشعرون بعصبية وعبروا عن قلقهم من الطريقة التي سيتم فيها استقبال ولي العهد خاصة في بريطانيا حيث تخطط جماعات باحتجاجات لانتقاد تدخل السعودية في اليمن. ويرى سبنسر أن عزل الجنرالات ربما كانت محاولة لتقوية موقع الأمير في الداخل حيث كان يشعر بالتهديد منذ اعتقاله عدداً من الأمراء ورجال الأعمال بتهمة الفساد في تشرين الثاني (نوفمبر). ورغم الإفراج عن معظمهم بعد الموافقة على تسويات مع الحكومة. ولهذا فتعيين أمراء جدد في المواقع الحساسة داخل القوات المسلحة قد يعطيه ثقة إضافية قبل مغادرته البلاد.

«أتلانتك»: روسيا تحرّض على القتل الجماعي في سوريا… وأمريكا تتفرج

في مقال في مجلة «أتلانتك» ناقشت إيفلين فاركس، ناقشت فيه الموقف الدولي من الأحداث السورية. وبدأته بالإشارة إلى وصف رونالد ريغان الشهير للاتحاد السوفييتي السابق بـ «إمبراطورية الشر». و»رغم اختفاء الإمبراطورية إلا أنه كان علينا الاحتفاظ بـ «الشر» للكرملين اليوم، وهو مصطلح يصلح لوصف حكومة تقوم وبلا هوادة بقصف المدنيين الأبرياء ومستشفياتهم وقوافل المساعدة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في محاولة مقصودة لتطهير مناطق المعارضة وسكانها». وتتساءل عن بقية المصطلحات لوصف دعم وتحريض حكومة تقوم باستخدام الأسلحة الكيميائية وتسقط البراميل المتفجرة المحشوة بغـاز الكلـور على الأطـفال والنـساء. وتشير إلى ما أسمته المؤامرة الروسـية لتأخـير قـرار مجلس الأمن يهـدف إلى وقـف المعانـاة وخسـارة أرواح المدنيـين في سـوريا.
وتقول الآن ويا للمفارقة الساخرة إنها تريد التوقف لفترة قصيرة للحاجيات الإنسانية مع انه كان يجب عليها أن تتوقف بشكل كامل. وتشير إلى أن الحكومة الروسية حتى هذا الوقت قد نجت من العقاب على عملياتها الجوية الدموية بالتعاون مع نظامي الأسد وإيران المثيرين للإشمئزاز. وأدت هذه العمليات لقتل مئات الألوف من المدنيين في سوريا بما فيها آلاف من حلب نهاية عام 2016 حيث تم تدمير ودك المدينة التاريخية وتحويلها إلى أنقاض وعظام. وكان الهدف من عملية حلب هو طرد المعارضة وإجبارها على الخروج إلى مناطق أخرى من سوريا مثل محافظة إدلب التي قام الروس والسوريون بقصفها بدون رحمة. ويحاولون الآن التخلص من الغوطة الشرقية التي تعد آخر معقل للمعارضة قرب مدينة دمشق. وهو المكان الذي ضربه النظام عام 2013 بغاز السارين. وفي الأسبوع الماضي قتل أكثر من 500 شخصا فيما جرح حوالي 2.500.
واستطاعت روسيا الهروب من الملامة لأن إدارتين أمريكيتين فرقتا بين الحرب الأهلية السورية والحملة ضد تنظيم الدولة. ومثلما بدأت الخطوط على الأرض بالتلاقي فقد صار من الصعب تجاهل الحقيقة التي ترى أن القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية هي قتال أيضا على مستقبل سوريا والشرق الأوسط. وأكثر من هذا فالحرب تتوسع على ما يبدو. فالقوات السورية والميليشيات المدعومة من إيران وحزب الله باتت قاب قوسين على المواجهة مع القوات الأمريكية التي تدعم المقاتلين الأكراد في شرق سوريا. وتشير إلى حادث 7 شباط (فبراير) في دير الزور حيث نقلت روسيا أكياس الموتى بالمئات إلى بلادهم. وكانت العملية محاولة من الكرملين الراغب بإعلان النصر وفحص قدرة أمريكا.

مسؤولية واشنطن

وتشير الكاتبة إلى أن مسؤولية الولايات المتحدة تتزايد مع بقاء 2.000 من جنودها على الأرض. ولا يمكنها والحالة هذه الجلوس متفرجة على مجزرة بطيئة مثل راوندا. ولا نستطيع تجاهل الحقيقة أن غياب التحرك السياسي- العسكري يعمل على إطالة أمد النزاع الذي كانت الولايات المتحدة قادرة على حله في البداية. وتعتقد أن الحالة السورية ليست استثنائية، فقد كنا هنا في السابق. فما بين 1993- 1995 واجهت الولايات المتحدة وحلفاؤها كارثة في البوسنة نجمت عن حملة تطهير عرقي مقصودة وجهتها حكومة صربيا. وعملت الولايات المتحدة ولثلاثة أعوام على زيادة حجم القوات التابعة للأمم المتحدة في وقت تزايدت في جثث القتلى وموجات المهاجرين.
وفي النهاية لم يوقف الحرب والمعاناة سوى استخدام القوة. ففي عام 1995 بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها بقصف القوات الصربية التي كانت تهاجم المدنيين العزل. وسيدفع الرئيس الصربي سلوبدان ميلوسوفيتش وحلفاؤه ثمن محاولاتهم حيازة أراض وإجبارالسكان على ترك بيوتهم. وقامت القوات الكرواتية – البوسنوية المسلحة والمدربة أمريكيا بصد هجمات القوات الصربية وإخراجها من الأراضي التي سيطرت عليها من قبل. وكانت النتيجة هي اتفاقية دايتون1995 والتي حققت السلام أخيرًا في البوسنة.

الردع مفتاح الحل

وتعتقد الكاتبة أن القوة العسكرية والردع هي المفتاح لوقف الحرب السورية. فقد دعت روسيا الأطراف المتصارعة أكثر من مرة إلى طاولة المفاوضات في محاولة لدفع المجتمع الدولي التنازل والموافقة على بقاء الأسد. وفي الوقت واصلت روسيا حرب الإستنزاف في ظل غياب للتصميم الأمريكي. وبدون ضغط اقتصادي وعسكري ودبلوماسي في وقت واحد فلن توافق روسيا ولا النظام السوري أو إيران على التنازل. فالمعتدون سواء كانت بلغراد أم موسكو أو دمشق وطهران لا يوجد ما يحفزها على التنازل إلا إذا أجبرت على عمل هذا. وفي عام 1995 عنى هذا قيام الولايات المتحدة قصف القوات الصربية التي كانت تقتل المدنيين المسلمين أما اليوم فهو التأكد من تطبيق قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في الغوطة، من خلال التهديد واستخدام القوة إن اقتضت الضرورة لمن يقومون بضرب المنطقة.
ويجب السماح بدخول المواد الإنسانية للمنطقة خلال ساعات وليس أياماً. وتعني زيادة الضغوط العسكرية والدبلوماسية حتى تجبر كل الأطراف الذهاب إلى طاولة المفاوضات. وفي الوقت الحالي يعني هذا الكشف عن جرائم الروس والسوريين والإيرانيين وجمع المعلومات لليوم الذي تتم فيه محاسبتهم على جرائمهم. وتختم بالقول إن الحرب في سوريا لن تنتهي إلا عندما يعرف المعتدي أن أمريكا جادة بشأن الدبلوماسية ومعاقبة المعتدين. وهي جادة بشأن استخدام القوة العسكرية ليس ضد تنظيم الدولة بل ولحماية السوريين. والفشل في عمل هذا يجعل من أمريكا مسهلة للشر.

… وتحولت إلى قوة عظمى حيث يكتشف بوتين تعقيدات المشهد السوري

جرى الحديث في الصحافة الغربية عن تورط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا، وأن مقامرته على الرئيس السوري بشار الأسد هي مقامرة سيئة. إلا أن ألينا بولياكوفا، الأستاذة المساعدة بجامعة جون هوبكنز، كتبت في المجلة «أتلانتك» نفسها قائلة إن روسيا أصبحت مرة أخرى دولة عظمى. وقالت إن تدخل بوتين في سوريا أنقذ الأسد إلا أن الرئيس الروسي مستعد لما سيأتي بعد ذلك. وبدأت مقالتها بالقول بإعلان بوتين عن «النصر» على تنظيم الدولة في الحرب وذلك في كانون الأول (ديسمبر).
ومع أن ملاحقة الإرهاب كان الهدف المعلن إلا أن التدخل الروسي من بدايته عن إنقاذ نظام الأسد، فقد ظل الطيران الروسي يضرب مواقع غير تابعة للجهاديين. واستطاع الأسد عبر الدعم الروسي استعادة مناطق واسعة خسرها لصالح المعارضة التي دعمتها الولايات المتحدة. وتحدثت الكاتبة عن الحادث في دير الزور عندما قتل الطيران الأمريكي مئات من المتعهدين الروس في 7 شباط (فبراير) كانوا يتقدمون باتجاه موقع تحميه قوات تدعمها الولايات المتحدة. وهو الحادث الذي وصفه وزير الدفاع الأمريكي بالمحير.

جس نبض

وترى بولياكوفا أن دوافع الحادث ربما كانت محاولة روسية لجس نبض الأمريكيين او استفزازهم لسحب ما تبقى من قواتهم في سوريا. وتقول الباحثة إن التفاصيل لا تزال غامضة بشأن الحادث لكن لا يوجد هناك غموض بالنسبة لنهاية اللعبة التي بدأها بوتين في سوريا. فنصر بوتين الجيوسياسي الحقيقي هو نجاحه في إضعاف المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وفي الوقت نفسه تأكيد موقع روسيا كعراب للسياسة والقرار بالمنطقة. وتضيف أن مواجهة تنظيم الدولة لم يكن أبداً هدف روسيا الرئيسي، وكان هذا واضحاً وضوح الشمس عندما هاجمت روسيا حلب في نهاية عام 2016. فقد استهدف الطيران الروسي وبشكل مقصود المناطق المدنية والمستشفيات والمقاتلين الذين دعمتهم الولايات المتحدة. وكالعادة فقد أنكر الروس ارتكاب أخطاء. مع أن ستيفن أوبراين، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة الطارئة وصف القصف الروسي العشوائي وقتل الآلاف بأنه «عار جيلنا». وخلال الأشهر التي شن فيها الهجوم قامت روسيا بتعطيل قرارين لمجلس الأمن بشان سوريا وخرقت اتفاقيات عدة لوقف إطلاق النار. وبناء على هذا السياق فأحداث الأسابيع الماضية تبدو وكأنها حلم مكرر. فمرة اخرى أفرغت روسيا تحرك مجلس الأمن الدولي من معناه. وفي هذه المرة دعمت روسيا قوات الحكومة السورية في تسوية الغوطة الشرقية بالتراب.
واستجاب بوتين لمناشدة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وقرر عدم استخدام الفيتو. ولكن القصف استمر حتى بعد تمرير القرار يوم السبت. كما أن دعوة بوتين لتوقف إنساني قد تنتهي النهايات السابقة نفسها. وفي الوقت الذي يتواصل فيه هجوم الغوطة استطاع الأسد تثبيت سلطته. وبالنسبة لروسيا فإن إنقاذ الأسد كرئيس لم تكن أولوية في حد ذاتها بقدر ما هي عن وقف «لعبة الدومينو» التي بدأتها الولايات المتحدة من خلال ثورات التغيير في العالم العربي. وتقول إن سقوط الديكتاتور الليبي معمر القذافي أزعج بوتين. وحسب عدد من التقارير فقد أصيب بالصدمة للطريقة المرعبة التي انتهى فيها القذافي ولام الولايات المتحدة وتحديداً هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية في حينه.
ووفقاً لمجلة «نيويوركر» فالتدخل الذي قادته الولايات المتحدة في ليبيا هو بمثابة «حالة دراسة للتدخلات الغربية» وهي سياسة تهدف لتغيير الانظمة مغلفة بدعم حقوق الإنسان. ففي صيف عام 2011 راقب بوتين الربيع العربي وقد وصل إلى سوريا مدخلاً إياها في حرب أهلية. ولأنه كان رئيس وزراء في حينه فلم تكن لديه إلا سلطات محدودة للتحرك بطريقة فردية. وفي عام 2013 عندما اندلعت الإحتجاجات في أوكرانيا التي ينظر إليها الكثير من الروس بمثابة الأخ الصغير، لم يكن بوتين، الذي أصبح رئيساً ليقف مكتوف اليدين ويسمح بعملية انقلاب ناجحة هندستها الولايات المتحدة ضد نظام موال للكرملين.

درس أوكرانيا

وترى الكاتبة أن الطريقة التي ردت فيها الولايات المتحدة على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وغزو شرقي أوكرانيا جرأت روسيا على التدخل في سوريا. فقد تعلم بوتين من درس أوكرانيا أن إدارة باراك أوباما تذهب لمدى معين في دعم حلفائها. ورأى أن استخدام الحرب المهجنة التي تستخدم الأساليب الحربية غير المتكافئة لدعم العمليات العسكرية ، وسيلة مفيدة لتشويش الغرب والإلتزام بموقف المنكر لأي دور في أوكرانيا ومناطق أخرى. واعتمدت هذه الحرب على استخدام جماعات وكيلة وجنود بدون زي عسكري ( الرجال الخضر الصغار، كما أطلق عليهم) وحرب تضليل من أجل حرف وصرف الأنظار عن الواقع على الأرض. وليس غريبا أن تقوم روسيا بالتكتم على قتلاها في سوريا التي يتظاهر فيها بوتين بلعب وسيط السلام. وترى الكاتبة أن تدخل بوتين في الحرب السورية كان مقامرة مليئة بالمخاطر حيث كان سيضعها في مواجهة مع الولايات المتحدة. إلا أن المقامرة أثمرت. فمن وجهة نظر الكرملين فقد أدت الحرب ذات الكلفة القليلة إلى محو فكرة تغيير النظام.
وأكثر من هذا أعادت المغامرة الروسية موسكو إلى دائرة لعبة الأمم. فقد كان بوتين وليس الرئيس دونالد ترامب هو الذي اتصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وطلب منه وقف غاراته على المواقع الإيرانية في سوريا. وكان بوتين هو الذي اتصل مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمناقشة الهجوم ضد الجماعات الكردية المدعومة من أمريكا في سوريا. وكانت روسيا وليس الولايات المتحدة هي التي استضافت مؤتمراً للسلام (لم يكن ناجحا) لحل الأزمة السورية. ومع استمرار الحرب، فقد تجد روسيا نفسها أمام وضع غامض تحاول فيه المناورة بين شبكة من التوترات الإقليمية المعقدة. وبالتأكيد فمن الصعب رؤية خروج نظيف لروسيا من سوريا تترك فيه الأسد عرضة للخطر مع أن بوتين متردد في نشر قوات برية لدعم الأسد خاصة أن الاقتصاد الروسي يعيش حالة ركود. وفي حالة صمد فيها الشركاء القدماء وتم تدمير آخر معاقل المقاومة فقد يضع بوتين خطة لإعادة إعمار العراق. ولو حدث هذا، فيجب على المجتمع الدولي أن لا يسمح لنفسه بأن يخدع. فمسؤولية تدمير سوريا تقع على كتفي بوتين. وإن أرادت روسيا أن تلعب اللعبة الكبرى فعليها مواجهة الآثار التي تأتي معها.

«بلومبيرغ»: تغييرات الهرم العسكري السعودي… تعزيز لقوة ولي العهد أم محاولة لإبعاد شبح اليمن؟

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية