يجتمع أبو خالد الحديثي بوالده في تركيا بعد رحلة نزوح شاقة، من بروانة في حديثة غربي العراق إلى الشمال السوري وصولا للحدود التركية، مع عائلته المكونة من 13 فردا، واجهت فيها العائلة، شهرين، خطر الموت وابتزاز المهربين وأطماع أمراء الحرب «تجار البشر».
وعلى مدى الأشهر الماضية، وصل آلاف النازحين العراقيين إلى تركيا قادمين من المدن السنية التي اكتوت بنار الحرب بين تنظيم «الدولة» والقوات العراقية، وسلك النازحون طريقين رئيسيين نحو تركيا، الأول عبر شمال سوريا وصولا لريف إدلب، والثاني عبر كردستان العراق وصولا للحدود التركية العراقية.
ظلم ذوي القربى أشد!
ينتمي أبو خالد لعشيرة العكيدات، الممتدة من غرب العراق حتى شرق سوريا، حيث دير الزور التي وصلتها عائلة الحديثي هربا من المعارك التي استعرت غربي الأنبار قبل شهور، تمكنت العائلة من الوصول لمنطقة الجزيرة شمال دير الزور، حيث قرى أبو حمام، درنج والسويدات، لكن المهربين من أبناء المنطقة تعاملوا مع أبن عشيرتهم كتجار حرب، بالرغم من انتمائهم للعشيرة نفسها، فيقول الحديثي «رغم وقوف العديد من أبناء العكيدات في دير الزور مع النازحين العراقيين وخصوصا ممن يرتبطون بأواصر عشائرية كعائلتي، إلا ان المهربين في تلك المناطق كانوا متجردين من أي اعتبارات عشائرية أو حتى إنسانية، فقاموا بطلب مبالغ طائلة نظير نقل العائلات، وفي كل مرة تكتشف انهم كاذبون، إذ ينقلونك إلى نصف المسافة المتفق عليها، ثم يتولى مهرب آخر العملية وندفع له من جديد».
المسلحون الأكراد أكثر
إنسانية من «أقاربنا العرب»!
«ما ظلت أخلاق، حتى أخلاق العشائر راحت» يقولها أبو خالد والمرارة تعتصره من هول ما تعرض له مع مئات العائلات العراقية النازحة، ولعل أكثر ما كان يؤلم أبو خالد العكيدي الحديثي، خلال حديثه لنا، هو مقارنته الدائمة بين سلوك المهربين والمسلحين العشائريين وعناصر الجيش الحر، وسلوك نظرائهم من الأكراد. وفي أحد المرات تصادم أبو خالد مع أحد قادة الجيش الحر بعد دخوله منطقة درع الفرات، حيث يتواجد مقاتلون من عشيرة الشعيطات المنتمية للعكيدات، وقال لهم باللهجة العشائرية «يابا شو انتو العالم يلا توصلكم، تتلقوها عبالكم غنيمة صارت بايدكم، عيب عليكم مو انتو ولد عشاير».
ولم تقتصر الخسائر على الجانب المالي فقط، بل ان أي شيء ثمين بحوزة النازح قد يصبح عرضة للسلب بطريقة غير مباشرة، «تسليب حضاري» كما يسميه أبو خالد، فالرجل فقد سيارتيه بعد ان اضطر لبيعهما بأقل من نصف سعرهما تحت ضغط وابتزاز المهرب في مناطق كانت قريبة من سيطرة تنظيم «الدولة» حين وصلها الحديثي قادما من العراق بها قبل شهر ونصف، كما يروي «في قرى كأبو حمام ودرنج والسويدات التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة، حين وصلناها من الحدود العراقية، قام المهربون بالضغط علينا في بعض الأحيان، ببيع ما نملك بأسعار زهيدة. فأنا مثلا عندما دخلت بسيارتين نقلت بهما عائلتي الكبيرة، قام المهربون بخداعي بالقول ان سياراتك سيأخذها الأكراد، فاضطررت لبيعها لهم بنصف قيمتها، واستخدام سياراتهم بالتنقل، تحاشيا لمناطق تنظيم الدولة كما قالوا، لنتفاجأ عندما نصل لمناطق الأكراد انهم لا يصادرون سيارات النازحين، بل كان الأكراد ومسلحيهم أفضل في تعاملهم من المقاتلين العشائريين العرب من المنضوين ضمن قوات سوريا الديمقراطية»
في مخيم عين عيسى
عليك ان تحلق لحيتك!
بعد مناطق دير الزور، يكمل الحديثي وعائلته طريقهم نحو مدينة تل أبيض، حيث مخيم عين عيسى للنازحين، هي مناطق تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الخاضعة لهيمنة الأكراد، هناك يتم تنظيم أسماء النازحين في قوائم خاصة وخلال فترة الانتظار، فان الحلاقين يحققون أرباحا طائلة من حلق اللحى الطويلة للقادمين حديثا من مناطق تنظيم «الدولة»، التي تفرض إطالة اللحية.
من مناطق الأكراد في عين عيسى، إلى مناطق درع الفرات غرب منبج، ينتقل النازحون بباصات لدخول المنطقة الخاضعة للسيطرة التركية، يقول أبو خالد «أسوأ حالات الابتزاز المالي التي واجهناها تحصل من الفصائل السورية المنضوية في درع الفرات، بالذات عند الحواجز في منطقة عون وتل عيشة، غرب منبج، حيث يتم تدقيق أسماء النازحين والتواصل مع حكومة بغداد في بعض الأحيان، للتحقق من عـــدم وجود مطلوبين من تنظيم الدولة».
لكن عملية تدقيق الاسماء هذه، حسب عشرات النازحين الذين تحدثت إليهم «القدس العربي»، ليست سوى حجة لابتزازهم وتهديدهم بالاعتقال بدعوى انتماءهم لتنظيم «الدولة»، بهدف الضغط عليهم لدفع مبالغ مالية لفصائل درع الفرات المسؤولة عن حاجزي تل عيشة وعون، وهو ما يؤكده أبو خالد «عندما وصلنا إلى حاجز عون، اوقفوا الباصات، واتهموا شابا يبلغ من العمر 19 عاما، بالانتماء لتنظيم الدولة، وهو الابن الوحيد لرجل عجوز بدأ بالبكاء نافيا ان يكون ابنه من عناصر التنظيم، المصادفة اني عرفت هذا الشاب، وهو من منطقتنا، وكان طالب معهد صحي لا علاقة له أبدا بأي نشاط للتنظيم، وعندما تحدثت مع المسؤولين من فصائل درع الفرات عن ذلك، تراجعوا عن اتهامهم، وطالبونا بدفع مبلغ ألف دولار لإطلاق سراحه وإعادته لوالده، لتحدث مشادات كلامية بيننا وبينهم، بالتزامن مع وصول لواء من الجيش الحر واطلاعه على المشكلة، ليأمر بإطلاق سراحه، وكذلك إطلاق سراح نحو 90 شابا عراقيا، كانوا محتجزين بالتهمة نفسها، بانتظار قيام أقربائهم بدفع فدى مالية لإطلاقهم، ورغم ذلك، فان عناصر الحاجز حصلوا على مبلغ 100 دولار من والد الشاب البريء!».
فيسبوك لتدقيق هويات النازحين
طريقة أخرى يتبعها عناصر الفصائل السورية في تلك المنطقة لتدقيق أسماء النازحين من الشباب، وهي عرض صورهم على صفحة خاصة على فيسبوك. فحسب نازحين تحدثت إليهم «القدس العربي» فان بعض الشباب من النازحين العراقيين وكذلك السوريين القادمين من مناطق تنظيم «الدولة»، يخضعون لتدقيق الهوية من خلال عرض الصور على تلك الصفحة في فيسبوك وانتظار ردود أفعال المتابعين من مناطق سكناهم، ان اتهموهم بالانتماء للتنظيم أو ارتكاب أعمال عنف أو جرائم.
بعد مغادرة منطقة درع الفرات، تتوجه قافلة النازحين إلى اعزاز، ومن ثم الدخول لمناطق الأكراد مرة أخرى، وبعدها يصل النازحون لوجهتهم الأخيرة في ريف إدلب، حيث يقضون بضعة أيام في بلدات حدودية، كسرمدا وحارم ودركوش، لحين الاتفاق مع مهربين لنقلهم في ظروف صعبة للغاية لداخل الحدود التركية، معرضين أنفسهم لخطر إطلاق النار من القوات التركية.
وعادة ما يفشل النازحون بالدخول للأراضي التركية إلا بعد ثلاثة أو أربع محاولات، أما الطرق المتبعة فهي كلها شاقة، طريق جبلي وعر تحتاج لاجتيازه لنحو سبع ساعات، يخبرك المهرب بداية انها مجرد ساعتين، الطريق الآخر عبر نهر العاصي في أوقات الضباب، وكلها طرق شاقة محفوفة بمخاطر القتل قنصا برصاص الجندرمة التركية، إذ تجاوزت أعداد القتلى 300 شخص، كما بتعرض الكثير من النازحين للاعتقال وللضرب من قبل حرس الحدود التركي قبل الإبعاد للجانب السوري.
وفي تقريرها الأخير الذي صدر قبل أيام، قالت «هيومان رايتس واتش» انها تحدثت إلى 16 لاجئا سوريا دخلوا تركيا مع مهربين العام المنصرم، وأضافت أن «13 شخصا منهم قالوا إن حرس الحدود التركية أطلقوا النار عليهم أثناء محاولة العبور، أدى ذلك لمقتل 10 أشخاص، من بينهم طفل». ونقلت المنظمة عن شهود آخرين قولهم إن «حرس الحدود التركي في معابر حدودية أخرى أطلقوا النار في الهواء لكنهم لم يصيبوا بأذى طالبي اللجوء مباشرة».
وأضافت المنظمة أن اللاجئين يتعرضون للألغام المزروعة وسط الجبال الحدودية، والمسارات الضيقة على طول الوديان. وأكدت أن اللاجئين يدفعون للمهربين ما بين 300 و8 آلاف دولار للشخص الواحد للوصول إلى تركيا.
من الموصل إلى تركيا
عبر جبال كردستان
بعد معركة الموصل، شهد العراق واحدة من أكبر موجات النزوح لمئات الآلاف من السكان الذين فقدوا منازلهم جراء القصف، لم يسمح لمعظمهم بدخول العاصمة بغداد، فاتجه البعض لمخيمات اللجوء البائسة في كردستان، بينما آثر البعض الآخر الهجرة نحو دول الجوار وخصوصا تركيا.
طريق الآلام الذي سلكه النازحون إلى تركيا، مر عبر بوابتين، الأولى هي الشمال السوري، والثانية جبال كردستان العراق.
بدأت رحلة محمد الدليمي نحو تركيا من المدينة القديمة في الموصل، برفقة عائلته الصغيرة المكونة من زوجته الحامل وطفلته شهد، وتوجه جنوبا نحو الشرقاط، بعد ان نجح بتجاوز سيطرة العقرب، التي كانت تعتقل الكثير من أهالي الموصل لمجرد الشبهة. وعند أول حاجز أمني للحشد الشيعي، في الشرقاط، طلبت منه قوات الحشد ما يسمى بالتصريح الأمني، وهو إجراء قد يطول، إذ يتطلب مراجعة جهات أمنية، وبعد ان أبلغهم بحالة زوجته الحامل، سمح له بالانضمام لقافلة من العائلات النازحة المتجهة نحو تكريت، إذ يتم تجميع العائلات النازحة التي لا تحمل تصريحا أمنيا وتدقيق أسماءها أمنيا عند سيطرة تسمى «الأقواس» قرب تكريت، وعادة ما يتم اعتقال عدد من الأشخاص المشتبه في انتمائهم لتنظيم «الدولة» قبل السماح لبقية العائلات بالتحرك نحو تكريت وبغداد، شرط مرافقتهم بسيارات عسكرية ترافق سيارات الأجرة التي تنقل النازحين. ويعلق الدليمي على ما يحدث عادة في سيطرة الأقواس «هناك ثلاث أجهزة كمبيوتر لتدقيق أسماء النازحين، وفي كل مرة يحدث ان يقع تشابه أسماء، بين شخص ما وأسم عنصر لتنظيم الدولة، فيقوم الجنود بضربه وإهانته لمجرد الاشتباه، وبعد تدقيق الاسم رباعيا وأسم الأم، يتم إطلاق سراحه. في الحقيقة الجنود يبحثون عن أي شخص مشتبه لضربه حتى وان لم يكن هناك تشابه أسماء».
وليمة للنازحين
تتواصل الرحلة، يقضي النازحون ليلتهم الأولى في بلدة العلم قرب تكريت، معاناتهم وجدت من يتعاطف معها أخيرا، شاعر من بلدة العلم يدعى مروان جبارة يدعوهم لوليمة عشاء، يستضيف نحو عشرين عائلة في مضافته في مقر سكنه، بينما تقضي النسوة ليلتهن بعد العشاء في أحد الجوامع.
المهرب سردار
ينحرف رتل السيارات عن وجهته جنوبا ويلتف في طريق ترابي قرب سد العظيم، لتجاوز حواجز عسكرية لميليشيات الخراساني التابعة للحشد، ويتجه نحو كركوك، هناك كان على محمد الدليمي وعائلته الصغيرة الانتظار لعدة أيام لحين تأمين الاتصال بأحد المهربين في أربيل.
يقول الدليمي ان الدخول لأربيل أيضا ليس مسألة سهلة لسكان الموصل، كما هو الحال مع بغداد، لكن العائلات عادة ما تجد من يقوم بكفالتها، أو تشتري دخولية بمئة وخمسين دولارا.
في أربيل، يلتقي محمد وعائلته بالمهرب سردار، وهو كردي سوري. بضعة أيام من الانتظار، تبدأ فصول الرحلة الأصعب من شقلاوة قرب أربيل، نحو تركيا عبر جبال زاغروس الشاهقة التي تربط الحدود التركية بحدود إقليم كردستان العراق. يتابع الدليمي سرد قصته «اتفقنا مع المهربين على ألف ومئة دولار للشخص الواحد، أصعب ما في هذه اللحظات، أنك سلمت نفسك وعائلتك تحت رحمة مهربين. شعور مقلق وأنت غريب. انضمت إلينا عائلة لامرأة وابنتيها، وبدأت الرحلة في التاسعة ليلا عبر الجبال الوعرة، قال المهربون انكم ستمشون ساعتين حتى تصلوا، لكن ما حدث أننا مشينا سبع ساعات. أصبحت أكره الجبال من ذاك اليوم، كنت أمسك طفلتي بيد، وحقيبتي على ظهري، وزوجتي الحامل تمسك بيدي الثانية، فنحن على حافة منعطفات جبلية وعرة، مجرد ان تنزلق قدمك ستصبح في قاع الوادي. حذرنا المهرب قائلا، انتبهوا من يقع هنا لن ننقذه، وسنتابع المشي. تابعنا المشي، لكن أمرا آخر أوقفنا، العطش، استهلكنا كل الماء الذي في حوزتنا، لان المهرب قال لنا ان الرحلة ساعتين، ولكننا أمضينا سبع ساعات نمشي، زوجتي قالت اذهبوا واتركوني فلن أستطيع مواصلة الرحلة، هنا فكرت في أمر، وهو ان أنزل من الجبل لأسلم نفسي للسلطات، ولكن المهرب حذرني ان النزول سيعني تلقي حتفي بسبب المنحدرات الوعرة والشاهقة التي كنا نرى منها أضواء القرى وكأننا في الطائرة، وبعد انهاكنا، ساعدنا المدرب نحن والعائلة الأخرى، حمل معنا الأطفال، كانت لدى المهربين لياقة عجيبة، ثم اضطر المهرب لمنحنا وقتا من الراحة، استعدنا بعده قوتنا وواصلنا المشي بين الجبال، حتى وصلنا إلى طريق رئيسي، وبدأنا الهبوط زحفا حتى نتجنب السقوط. وصلنا للشارع الرئيسي بقعر الوادي، وجاءت ثلاث سيارات لأخذنا برحلة استمرت نصف ساعة نحو آخر نقطة من كردستان العراق».
الذهب في قنينة الحليب
الخوف من السرقة خلال رحلة التهريب، يدفع النازح لان يخبئ مقتنياته الثمينة التي اضطر لجلبها معه، وهكذا فعل الدليمي عندما خبأ ذهب زوجته في قنينة حليب طفلته، بعد ان وضعه في كيس بلاستيكي مغلق داخل الحليب، وعندما أعد قنينة الحليب لطفلته صباحا، نسيها في سفح الجبل، وعندها أخبر المهرب انه يريد القنينة، ولإقناعه بأهميتها اضطر ليكشف ان هناك كيسا من الذهب بداخلها، ضحك المهرب الكردي كما يقول الدليمي «كان شهما، بحث عنها وأعادها دون الحليب، لكن مع الذهب».
التحرش بالفتيات من قبل المهربين
قبل الوصول للجبل المطل على نقطة الحدود التركية، سلم المهربون الأكراد العائلات إلى مهربين آخرين من أكراد تركيا، وهنا اجتمعت سبع عائلات عراقية أخرى مع عائلة الدليمي، إحدى هذه العائلات، تركمانية فقيرة من تلعفر، كانوا ثلاث شابات مع والدهم العجوز، وطفل صغير مريض بالتهابات جلدية في قدمه، وقد غزاها الدود، أردنا نقله لأنه كان عاجزا عن المشي، واضطررنا لدفع خمسمئة دولار للمهربين من أكراد تركيا ليقوموا بحمله وإيصاله للجانب التركي.
امتدح الدليمي المهربين الذين أوصلوه من كردستان العراق، لكن بعد ان وصلوا للجبل المطل مباشرة على نقطة الحدود التركية. استلمه مهربون آخرون من القرى الكردية من الجانب التركي، «كانوا غير مهذبين» يقول الدليمي، وبدأوا بالتحرش بالفتيات من العائلة التركمانية، يضيف «كانوا يؤشرون للهاتف لطلب الرقم، يغمزون بعيونهم، وهنا اتفقت مع الشباب الآخرين من العائلات النازحة على التصدي لهم، إذ صرخنا بهم وأوشكنا على الاقتتال معهم، وتدخل زملاؤهم وهدأوا الموقف، كنا مطمئنين أيضا لأننا رأينا العلم التركي قريبا منا، وتوقعنا انهم لن يقدموا على مواصلة التحرش، أو الدول في شجار معنا».
بعد دخولهم الجانب التركي، ظهرت مشكلة جديدة للعائلات، كان الاتفاق إيصالهم لمحافظة وان، لكن المهربين، وكما العادة، تركوهم عند الحدود وذهبوا، لتلجأ العائلات لمخيم للنازحين، يقيم في هذا المخيم بمحافظة هكاري نحو 400 عائلة، قليل من الأفغان، وأغلبهم من العراقيين والأكراد السوريين، مع نسبة كبيرة من تركمان تلعفر، الذين كانوا ينسجون علاقات خاصة مع الموظفين الأتراك في المخيم الذين يمنحونهم معاملة تفضيلية بحكم قوميتهم المشتركة. وهنا أشرفت قصة الدليمي على النهاية، فيقول «قضينا 39 يوما في هذا المخيم، من أسوأ الأيام التي عشتها في حياتي، خيم رثة وقذارة منتشرة، لكن المسؤولية الكبرى يتحملها النازحون، الموظفون الأتراك كانوا يقدمون لنا وجبات طعام على الأقل، وبعد هذه الأيام، انتظرنا إذن المغادرة لمحافظة وان، التركية للحصول هناك على لجوء من الأمم المتحدة، ولان أوراقنا الثبوتية غير مكتملة، لم تقبل باصات النقل ان نسافر على متنها، فاضطررنا لدفع مئات الدولارات مجددا لسيارات أجرة لنقلنا لمحافظة وان».
قصة الدليمي، تختصر معاناة آلاف النازحين العراقيين الذين هاجروا من الموصل وغيرها من المدن المنكوبة في العراق، واضطروا للبحث عن طرق للتهريب للوصول إلى بلد آمن، وخلال الأعوام الأخيرة وصلت إلى تركيا آلاف العائلات منحتها الحكومة التركية إقامات إنسانية، أو حصلت على إقامة لاجئ حسب برنامج مخصص للاجئين العراقيين بالتنسيق مع الأمم المتحدة في تركيا.
حسبي الله و نعم الوكيل
أضرار الحرب أشد من منافعها