التخلف والتراجع اللذان يخيمان على قطاعي الشباب والرياضة في بلداننا العربية قادني الى البحث واجراء مقاربات ومقارنات في الشكل والمضمون بدون الخوض في الفعالية والنوعية بين وزاراتنا ونظيراتها في العالم، أخبركم أن صدمتي كانت كبيرة انطلاقا من تسمية الوزارة المكلفة بالرياضة والتي لم تخرج عندنا عن اطارها الكلاسيكي القديم الذي جعل منها وزارة للشباب والرياضة بمفهومها التقليدي المجرد، في حين راح الغرب يعطيها بعدا سياسيا وحضاريا وفكريا مختلفا تماما، فمنهم من ربطها بالثقافة، ومنهم من دمجها مع وزارة الصحة، وآخر جمع بينها وبين التربية في وقت جعلت ألمانيا من هذا القطاع مجرد مديرية في وزارة الداخلية تهتم بالرياضة على غرار مديريات أخرى مكلفة بالإدارة العمومية ومكافحة الإرهاب والجريمة، والأمن الداخلي وتكنولوجيات الاعلام والاتصال!
توقفت طويلا عند النموذج الألماني الذي جعل من قطاع الرياضة مجرد إدارة في وزارة الداخلية صنعت من الممارسة الرياضية وسيلة ترفيه وثقافة عند الشعب الألماني حيث تم السنة الماضية إحصاء 30 مليون شخص ممارس في 100 ألف ناد رياضي لمختلف الرياضات، وهو الأمر الذي يفسر التألق الألماني المستمر في كل الرياضات، بما في ذلك كرة القدم التي توجت فيها ألمانيا بأربعة كؤوس عالمية وثلاثة كؤوس أوروبية للأمم مع استضافة كأسين عالميتين ودورتين للألعاب الأولمبية وبطولات عالمية مختلفة، ما جعلها واحدة من أكثر بلدان العالم تطورا، خاصة من حيث المنشأت والتشريعات، الأمر الذي جعل من الممارسة حقا وواجبا وثقافة راسخة لدى الألمان، يمارسونها في الساحات العمومية والمدارس والجامعات والنوادي، في ظروف وأجواء لا نظير لها.
في ألمانيا تتكفل مديرية الرياضة التابعة لوزارة الداخلية برسم الخطط والسياسات وتوفير المرافق والامكانات التي تسمح للألمان بممارسة الرياضة الجماهيرية للعامة ورياضة النخبة والمستوى العالي للمتميزين. المكلف بالرياضة في وزارة الداخلية الألمانية لا يتدخل في الجمعيات العمومية للاتحادات الرياضية من أجل تعيين رؤسائها، ولا يتدخل في تعيين مدربي المنتخبات الوطنية واستدعاء اللاعبين الدوليين، ولا شأن له بالتفاصيل والجزئيات والتفاهات.
المكلف بالرياضة يحترم نفسه ووزارته ويحترم اللجنة الأولمبية الألمانية والهيئات الرياضية المنتخبة ولا تقتصر مهامه على توديع الرياضيين واستقبالهم في المطارات قبل وبعد مشاركتهم في المنافسات الرياضية، يفي بالتزاماته ووعوده ولا يكذب على الشعب الألماني، ولا يمارس التهريج والتضليل وتعبئة وتجنيد الرياضيين والجمعيات الرياضية من أجل دعم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أو غيرها في الاستحقاقات الانتخابية.
الإدارة المكلفة بالرياضة في ألمانيا لا تقبل بتأخر مشاريع انجاز الملاعب لمدة تفوق عشر سنوات، ولا تتدخل في تحديد الملعب الذي يحتضن مباراة الكأس بين هامبورغ وفرانكفورت مثلا، ولا في المشاركة من عدمها في منافسة دولية، ولا حتى في علاقات الاتحادات والنوادي ومع هيئات رياضية خارجية. الألمان لا يعرفون لا اسم ولا شكل المسؤول المكلف بالرياضة، وألمانيا ليست لديها وزارة مكلفة بالرياضة، لكن لديها سياسة رياضية وقوانين وتشريعات محترمة ومرافق متطورة أنتجت رياضيين ونوادي ومنتخبات تتألق في كل مناسبة، بينما نحن في الجزائر مثلا، لدينا وزير لكرة القدم يتدخل في كل شيء ولا يقرر في أي شيء، لا علاقة له بالقطاع نصبته جماعات مصالح استحوذت على قطاع الرياضة مثلما استحوذت على ثروات البلد، ونملك وزارة بدون إمكانيات ولا صلاحيات، لا تقدر على مراقبة المال العام، ولا على متابعة مشاريع القطاع التي تراوح مكانها منذ أكثر من عشر سنين، على غرار ملاعب سطيف ووهران وتيزي وزو وبراقي التي انطلقت اشغال انجازها منذ 2005 ولم تنته!
قد تبدو المقاربة والمقارنة بين ألمانيا والجزائر وبقية البلدان العربية ضربا من الجنون، لكنها في نظري عين العقل لأن الإمكايات المادية والبشرية والطبيعية التي تتوافر بالجزائر مثلا تفوق إمكانات ألمانيا بكثير، وتعلق الجزائريين بالرياضة ونزعتهم نحو اثبات الذات رياضيا، تفوق نزعة الألمان الذين تتوافر لديهم فضاءات وميولات أخرى متنوعة قد تجعل من الرياضة أخر اهتماماتهم! الاختلاف بين مديرية الرياضة التابعة لوزارة الداخلية الألمانية ووزارة الشباب والرياضة في الجزائر يكمن في الشكل كما في المضمون، وفي الرؤية والاستراتيجية كما في التعاطي مع قطاع الشباب والرياضة ككل، أما جوهر الاختلاف فيكمن أيضا في طبيعة ونوعية وكفاءة وثقافة وأخلاق وصلاحيات مديرهم ووزيرنا، أما الاختلاف بين الجزائر التي أنفقت ألف مليار دولار في التفاهات، وألمانيا التي صارت قوة عظمى بعدما حطمتها الحرب العالمية الثانية كلية، فهو اختلاف بين السماء والأرض والليل والنهار، واختلاف بين ألمانيا والجزائر!
ربما المقارنة ظالمة بين بلد حطم رياضته وآخر نهض بها، بين بلد عنده كل شيء ولا يملك شيئا، وبين بلد لم يملك شيئا وصنع كل شيء من العدم!
إعلامي جزائري
حفيظ دراجي
يا سي دراجي وهل يعقل اعتبار هؤلاءالكائنات الممسوخة عقلا ومنظرا ومظهرا (وزراء أو اطارات سامية)كما يحلو لهم تسمية أنفسهم..والله لتصيبني الضحكات الى حد السخرية والاحتقار عند رؤيتــي لهؤلاء(الوزراء أوالاطارات)..
تصدق بالله اخي حفسظ الدراجي انني من بين ملايين الجزائريين الذين اصبحوا يخجلو (نحشموا) من الوضع الذي آل اليه قطاع الرياضة بالجزائر والذي لايختلف عن الكثير من القطاعات الاخرى ( ومنها الصحة والتربية ) …. حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن اوصلنا حتى اصبحنا ( نخجل ونحشم من انفسنا ) ومافعله السفهاء منا .الله لايتربحهم ان شاء الله
اخي المحترم حفيظ دراجي، لتعلم بأنني أحترمك كثيرا وأحبك كثيرا ولدرجة لا تتصورها، لكنني سأعاتبك يا حفيظ ليس لأنك مخطئ ولا لأي شيء آخر بل كل ما تقوله هو عين الصواب وواقع وصفته بموضوعية وحياد، لكني أرى يا حفيظ بأننا كلنا نعرف هذا التعفن وأكثر والإشكال لم يعد في كشف المعروف او التعرف على المكشوف بل في دراسة تسبقها نظرة وقراءة من أجل معالجة التعفن حتى لا نصل إلى البتر، لأن الأمر زاد عن حد حده ولا يكون ذلك إلا من طرف المخلصين الأوفياء وهم الغالبية المطلقة من أهل وطننا الحبيب.
تقبلوا من أخيكم بالغ المودة والإحترام.
السلام عليكم الأخ حفيظ الفرق واضح وجلي بين الشعب ونضام الحكم (الشعب متقف ودو مستوى عالي في كل المجالات. ونضام الحكم دون مستوى علمي ولا رصيد تقافي يعيشون على الماضي والاستنجاد بفرنسا ) أما بخصوص الرياضة دبرو خطط ممنهجة لتصفية حسابات لدور شعبية أشخاص صنعوا الفرحة في قلوبنا والخوف من ترشيحات الرئاسية ( والفاهم يفهم ) .
السلام عليك الاخ حفيظ .. اننا نعرف ان مشكلتنا ليست رياضية فحسب باعتبار الرياضة اولا هي تربية.اننا نعيش في جو ساءد من التعفن الاخلاقي في كل المجالات حتى المعملات بيننا كمواطنين بسطاء.اختم كليماتي اننا طاب جنانا قبل الوقت.un pays plein de paradoxe