دبي – الأناضول: قال خبراء اقتصاديون ان تأثير الإجراءات الأمريكية الأخيرة المتمثلة في فرض رسوم على واردات الصُلب والألومنيوم سيكون محدودا على الاقتصادات العربية لأن حجم تجارتها مع الولايات المتحدة لا يتجاوز 5 في المئة.
وذكر الخبراء في تصريحات خاصة أن الآثار السلبية قد تظهر على المدى الطويل في حال تصاعد وتيرة القرارات المماثلة، ما سيؤدي إلى خفض أسعار النفط (مصدر الإيرادات الرئيسي لدول الخليج) جراء تباطؤ النمو العالمي.
وبدت بوادر حرب تجارية عالمية في الأفق، خاصة بعدما أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا بفرض رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم بنسبة بلغت 25 في المئة و10 في المئة على التوالي.
وحاليا تشكل الواردات الأمريكية من المعدنين نحو 23 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي مقارنة مع 17 في المئة عام 2000.
وقال فخري الفقي، أستاذ التمويل الدولي في جامعة القاهرة، ان التأثير محدود على اقتصادات الدول العربية، لأن حجم تجارتها ما زالت تحت مستوى 10 في المئة من التجارة الأمريكية أغلبها في النفط.
وذكر في اتصال هاتفي من القاهرة، أن تصاعد وتيرة القرارات الحمائية سيلقي بآثار سلبية على الاقتصاد العالمي، مضيفا “ الكل خاسر جراء مثل هذه السياسات».
وأوضح الفقي، الذي عمل سابقا كمستشار لدى «صندوق النقد الدولي»، أن النمو سيتأثر جراء قرارات الولايات المتحدة (أكبر اقتصاد حول العالم)، وهناك مخاوف محتملة من تزايد حدة القرارات المضادة. وأضاف «على المدى الطويل، إذا قام الاتحاد الأوروبي والصين باتخاذ إجراءات مماثلة، فإن ذلك سيؤدي إلى نشوب حرب تجارية تقود لخفض حجم التجارة العالمية، وبالتالي تراجع الطلب على الطاقة وانخفاض أسعار النفط (المصدر الرئيسي لإيرادات النفط لدول الخليج).
وقال جاسم عجاقة، الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة اللبنانية، ان حجم تجارة الدول العربية ضئيل، لذلك التأثير لن يكون بالكبير.
وأضاف ان سياسة ترامب الحمائية تأتي في ظل ما يسميه «إستراتيجية شاملة بهدف حماية القطاع الصناعي الأمريكي من المُنافسة العالمية».
وتابع «إن ضرر هذه الإستراتيجية على الدول العربية سيظهر في قطاع النفط، حيث يهدف ترامب إلى لعب الولايات المتحدة الدور الأول في سوق النفط من خلال استخراج النفط الصخري».
وأشار إلى أن ذلك سيدفع إلى زيادة العجز المالي في موازنات الخليجية مع انخفاض الأسعار، في المقابل سيكون له تأثير إيجابي على موازنات الدول غير النفطية التى تستورد النفط.
وذكر أن الإجراءات سيكون لها تداعيات على كل دول العالم المصدرة إلى أمريكا، وعلى رأسها الصين، وكذلك على الولايات المتحدة نفسها.
وقال أن العديد من الشركات الأميركية تستورد موادها الأولية إلى حدود الـ60 في المئة، وبالتالي يمكن ان تؤدي قرارات ترامب إلى تراجع التجارة الدوّلية. وقال الخبير الاقتصادي عدنان الدليمي، ان اقتصادات الدول العربية جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، وأي تأثير سلبي سيطال الجميع.
وأوضح أن الأسواق ستعاني من تقلبات كبيرة مع تصاعد التوترات التجارية، وقد يتجه الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي) إلى رفع أسعار الفائدة مما قد يؤثر على دول الخليج التي تربط عملاتها بالدولار.
ورجح إمكانية تراجع الولايات المتحدة عن القرار في حال تصاعد وتيرة القرارات المضادة، مثلما حدث في 2002.
وأشار الدليمي إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش فرض رسوما جمركية نسبتها 30 في المئة على واردات الصلب، واستمرت لمدة سنة ثم ألغيت خوفا من تدابير انتقامية.
من جهة ثانية تباينت ردود الأفعال الصادرة من جانب الشركات الخليجية الكبرى المنتجة للألومنيوم والصُلب جراء رسوم ترامب.
وقللت شركات إماراتية عاملة في صناعات الألومنيوم والصُلبد، من تأثير قرار الولايات المتحدة الأمريكية بفرض رسوم على واردات الفولاذ والألمنيوم حال اتخاذه.
وأوضحت الشركات الإماراتية، أن تأثير القرارات الأمريكية على المنتجات الإماراتية حال تطبيقها سيكون محدوداً، لاسيما وأن هناك أسواقا أخرى يتم التصدير إليها مثل السوق الأوروبية.
وقال عبد الله جاسم بن كلبان، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة «الإمارات العالمية للألمنيوم»، ان شركته جاهزة للتعامل مع التأثيرات المحتملة لفرض رسوم على صادرات الألمنيوم.
وأضاف «نحن ملتزمون باستمرار توريد منتجات الألمنيوم عالية الجودة إلى أسواق الولايات المتحدة لتلبية احتياجات شركات التصنيع الأمريكية».
يذكر ان الإمارات ثالث أكبر مُصَدِّر للألمنيوم إلى الولايات المتحدة بعد كندا وروسيا، كما أن شركة «الإمارات للألمنيوم» هي ثالث أكبر منتج للألمنيوم الأولي (الألومينا) خارج الصين.
وأوضح بن كلبان أن السوق الأمريكية تستحوذ على 18 في المئة من إجمالي إنتاج الإمارات للألمنيوم بواقع 450 ألف طن سنويا. لكنه أشار إلى أن تأثير قرار ترامب على مستويات العرض والطلب لن تتبلور بوضوح إلا مع مرور الوقت.
وتورد «الإمارات للألومنيوم» منتجاتها إلى السوق الأمريكية منذ 1999، وهي أكبر شركة صناعية مملوكة من قبل حكومتي أبوظبي ودبي بعد دمج شركتي دوبال وإيمال في عام 2014.
من جهة ثانية أعلنت شركة «صحار « لعمانية، وهي من أكبر منتجي الألومنيوم في الشرق الأوسط، إنها قد تتضرر بشكل غير مباشر من الرسوم التي فرضتها الحكومة الأمريكية على واردات الألومنيوم.
لكنها أشارا إلى أنها لن تتأثر مباشرة لأنها حالياً لا تصدر خام الألمنيوم إلى الولايات المتحدة، ولكن التأثير سيكون في الأسواق الإقليمية التي تنشط بها الشركة.
ويرى بنك قطر الوطني (أكبر مصرف في منطقة الشرق الأوسط)، أن الخطر الحقيقي على الاقتصاد العالمي يكمن في حدوث ردود مماثلة من الاتحاد الأوروبي والصين.
وأوضح البنك في تحليل بحثي، أن زيادة الرسوم الأمريكية لن يكون له تأثير سلبي كبير على الاقتصاد العالمي.