الناصرة – «القدس العربي»: تربط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشكل مباشر، بين عملية دهس الجنود، يوم الجمعة الماضي، التي قتل فيها جنديان وجرح اثنان، وبين سياسة الرفض التي يتبعها الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، أو سياسة اللاءات الثلاث، كما تدعي صحيفة «يسرائيل هيوم» المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
ووفقاً لهذه السياسة، طالما لم يتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اعترافه في القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة، سيواصل الفلسطينيون رفضهم التفاوض ومقاطعة الإدارة في واشنطن ومبعوثي ترامب إلى المنطقة، ومواصلة «الانتفاضة السياسية» ضد إسرائيل وتحميلها المسؤولية عن الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى إسرائيل.
وزعم وزير الأمن افيغدور ليبرمان، أمس في حديث للقناة الثانية، أن الرئيس أبو مازن يحاول دهورة المنطقة إلى التصعيد وعدم الاستقرار بواسطة السياسة التي بلورها منذ إعلان ترامب. ووفقا لقوله فإن «الأمر البارز بشكل خاص هو محاولة أبو مازن دهورة الأوضاع والتسبب بمواجهة بين حماس وإسرائيل.
وتابع في مزاعمه «ينوي أبو مازن وقف التمويل تماما لقطاع غزة، بما في ذلك مدفوعات الكهرباء والماء والصحة. انه يستغل العملية ضد قافلة الحمد الله من أجل وقف كل جهود المصالحة. الوضع متوتر، ونحن نشهد جهود أبو مازن لإحداث مواجهة مباشرة بين حماس وإسرائيل. في اللحظة التي ستتوقف فيها عن الدفع لقاء الخدمات الإنسانية، من الواضح أن هذا سيدهور الوضع بشكل أكبر».
ونقلت صحيفة « يسرائيل هيوم « التي يتميز كثير من مضامينها بالمواد الدعائية عادة، عن ضابط كبير في الجهاز الأمني قوله لصحيفة «يسرائيل هيوم» إن أبو مازن يدرك أن سياسته قد تؤدي إلى تصعيد أمني». وحسب هذه المصادر فإن الافتراض العملي للجهاز الأمني هو أن سياسة أبو مازن منذ إعلان ترامب بشأن القدس هي سياسة خطيرة يمكن أن تكون لها تداعيات إقليمية خطيرة. وتابعت « يمكن أن تسموها سياسة الرفض أو سياسة اللاءات الثلاث، ولذلك فإن المسؤولية عن ذلك تقع على أبو مازن وعدم رغبته في إجراء أي نوع من الحوار».
الخطوط الحمر
واستذكرت أن أبو مازن أكد أخيراً أنه لن ينهي ولايته بعملية سياسية تتضمن أي نوع من التسوية حول قضية القدس المحتلة. ونسبت له القول في اجتماع للقيادة في رام الله قبل بضعة أيام:»لن أنهي حياتي بالخيانة».
وادعى مسؤولون كبار في رام الله أن سياسة اللاءات الثلاث التي وضعها أبو مازن منذ إعلان ترامب كانت في الواقع الأساس للسياسة التي يريد توريثها لجيل القيادة القادم في رام الله. وأضافوا أنه «سيكون من المستحيل التخلي عن الخطوط الحمراء، وهي دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وحل عادل لحق العودة».
وفي مقال نشره الأسبوع الماضي معهد القدس لشؤون الجمهور والدولة، شدد المستشرق يوني بن مناحيم على أنه «يجب أن نتذكر حقيقة مهمة ينساها الكثير من الناس أحيانا: لقد كان أبو مازن يقود دائما خطا متطرفا في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. خلال مؤتمر كامب ديفيد في يوليو/ تموز 2000، غادر المحادثات وترك ياسر عرفات بمفرده مع الرئيس كلينتون ورئيس الوزراء آنذاك إيهود باراك، لأنه لم يوافق على أن يكون جزءاً من أي تنازل عن «الخطوط الحمراء» للفلسطينيين، وبذلك عزز موقف عرفات أيضاً. وتابع متسائلا نتيجة كامب ديفيد معروفة، فهل يُتوقع لـ»صفقة القرن» التي يعرضها ترامب مصير مماثل بسبب سياسة أبو مازن؟.
أسير سابق
وفي هذا السياق تتهم سلطات الاحتلال الشاب علاء راتب عبد اللطيف كبها،( 27 عاما) من قرية برطعة بالقيام بالدهس عمدا وبدوافع قومية، وأشارت لكونه أسيرا قد أفرج عنه قبل عام. وقالت المخابرات العامة «الشاباك» إن كبها اعترف خلال التحقيق معه بأنه نفذ عملية الدهس عمدا. ويستعد جيش الاحتلال لهدم منزله، فيما قام من يعرف بـ «منسق أعمال الحكومة في المناطق» بسحب تصاريح العمل والتجارة في إسرائيل من أقاربه. والحديث عن 67 تصريح عمل في إسرائيل، و26 تصريح تجارة وأربعة تصاريح عمل في الضفة الغربية. وكشف أنه في أعقاب العملية من المحتمل أن يوصي جيش الاحتلال القيادة السياسية بتغيير مسار الجدار الفاصل في منطقة القرية التي شطرت لنصفين في 1948 واستكمل احتلالها في 1967. ورحبت حركة حماس بالعملية، وقالت إنها جاءت في ذكرى مرور 100 يوم على إعلان ترامب عن الاعتراف بالقدس المحتلة. كما رحبت الجهاد الإسلامي بالعملية واعتبرتها كفاحا ضد الاحتلال والمستوطنين. وحمل وزير الأمن افيغدور ليبرمان المسؤولية عن العملية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
تهديدات نتنياهو
ويتبين من التحقيق الأولي أن الضابط والجندي القتيلين كانا يقفان بعيدا عن الجنديين الآخرين، وكانا أول المصابين نتيجة عملية الدهس، ومن ثم أصيب الجنديان الآخران. كما تبين من التحقيق الأولي أنه لم يتم إطلاق نيران تحذيرية على السائق لأن الجنود لم يتمكنوا من فتح النيران قبل إصابتهم. وقال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بعد الحادث انه سيتم هدم بيت «المخرب» وتنفيذ القانون بحقه. كما قال رئيس اسرائيل رؤوبين ريفلين إن إسرائيل لن تهدأ حتى تتم محاكمة المتعاونين مع الإرهاب، ولن تسمح بتحول الإرهاب إلى واقع.
وقال ليبرمان انه سيعمل من أجل فرض عقوبة الإعدام على «المخرب» وهدم بيته ومعاقبة كل من تعاون معه. ووفقا للوزير «لا يوجد شيء اسمه «إرهاب» أفراد، معربا عن خشية الجيش من الاقتداء بمنفذ العملية. وتابع متهما الرئيس عباس مجددا «هذا إرهاب يدعمه أبو مازن والسلطة الفلسطينية التي تدفع المال لعائلات المخربين. نحن سنوقفهم».
رواية الوالد
وفيما أعلن «الشاباك» بأن علاء اعترف خلال التحقيق معه بأنه تعمد دهس الجنود، قال والده راتب كبها، لصحيفة «هآرتس» إنه مقتنع بأن ابنه لم يخطط للعملية وان المقصود حادث طرق». وتابع: «ابني خرج لنقل أخيه الذي يدرس في جنين، حتى مفترق بلدة عرابة قرب جنين. كان المفروض أن أقوم أنا بنقله، لكنني تأخرت في الصلاة، فقرر علاء نقله، ولدى عودته وقع الحادث. مقطع الشارع الذي وقع فيه الحادث خطير، وكما يبدو فإنه فقد السيطرة على المقود وأصاب الجنود». وأضاف انه تم اعتقال ابنه في الماضي بسبب رشق حجارة وليس على مخالفات أمنية» لا توجد له أي علاقة بأي نشاط سياسي أو قومي. انه يعمل معي في الدهان، ومنذ إطلاق سراحه لا يهمه إلا العمل. لا اصدق انه نفذ عملية رغم كل التقارير، وإنما وقع حادث طرق مؤسف».
وقال الآب انه قام أخيرا بشراء قطعة أرض والتخطيط لبناء بيت لعلاء لأنه كان ينوي الزواج، وتساءل «فهل من يخطط لبناء بيت والزواج يقوم بتنفيذ عملية؟».
وديع عواودة: