بيروت – رويترز: قال رئيس «البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير» ان البنك يرى فرصا كبيرة في لبنان، لكن المستثمرين المحتملين بحاجة إلى أن يروا تقدما على صعيد الإصلاح الاقتصادي والتوصل إلى تسوية للحرب السورية.
وقال سوما تشاركابارتي خلال أول زيارة له للبنان، منذ بدأ البنك عملياته هناك في سبتمبر/أيلول الماضي، أنه يتوقع دورا للبنك في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية وتحسين كفاءة استخدام الطاقة التقليدية.
ويوم الخميس الماضي أبرم لبنان أول اتفاقين مع «البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير» وهما شراء 2.51 في المئة في «بنك عوده»، أكبر بنك في لبنان، وتقديم خط لتمويل التجارة بقيمة 50 مليون دولار مع «فرنسبنك» ثالث أكبر بنك لبناني.
وقال تشاركابارتي في مقابلة «أعتقد أن آفاق البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير في لبنان كبيرة»، مضيفا أن البنك لم يضع حدا أقصى للاستثمار هناك. وقال «يتوقف الأمر على الطلب الذي نتلقاه من القطاع الخاص».
لكن وفي ظل استمرار الحرب في سوريا، فإن أكبر تحد أمام لبنان سيظل المخاطر الإقليمية.
وقال تشاركابارتي «إذا استمر (لبنان) في عملية الإصلاح (الاقتصادي) تلك، وإذا كانت هناك عملية صوب تسوية في سوريا، فأعتقد أن الآفاق جيدة بالفعل».
مساعي التمويل
لدى لبنان واحد من أعلى معدلات الديون في العالم من حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغة نحو 150 في المئة. وانخفضت معدلات النمو والإيرادات الحكومية لسنوات، تأثرا بالحرب في سوريا المجاورة والأزمة السياسية الداخلية.
وبغية تحفيز الاقتصاد، يسعى لبنان إلى جمع ما يصل إلى 16 مليار دولار لقطاع البُنية التحتية هذا العام من مستثمرين ومانحين. وسيبدأ جمع التمويل في مؤتمر يُعقد في باريس في السادس من أبريل/نيسان.
وقال تشاركابارتي ان البنك سيعبر عن دعمه للبنان في باريس وأنه حريص على الاستثمار أكثر، خاصة في المشاريع التي تجري بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأضاف «الستة عشر مليار دولار لا يمكن تمويلها ما لم يكن هناك المزيد من مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص». وقال تشاركابارتي ان «البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير» ومقرضين آخرين «سيركزون بشكل كبير» على الكيفية التي ينفذ بها لبنان الإصلاحات والمشاريع التي تعهد بها. وأضاف «ليس لأحد أن يعتقد أن مجرد عقد مؤتمر في باريس هو نجاح في حد ذاته».
وبعد الاتفاق على انتخاب الرئيس واختيار رئيس الوزراء في أواخر 2016 إثر سنوات من الشلل السياسي، أقر لبنان أول ميزانية للبلاد منذ 2005، ووقع أول اتفاقات للنفط والغاز البحريين، وعلى قانون للشراكة بين القطاعين العام والخاص طال انتظاره.
وقال تشاركابارتي ان تلك التطورات زادته ثقة، بالمقارنة «مع ما كان عليه الوضع قبل عامين». وأضاف «الحوارات التي أجريناها… تشير إلى أن هناك توافقا متزايدا على ضرورة إجراء مزيد من الإصلاح». ومن المقرر أن يعقد لبنان أول انتخابات برلمانية في البلاد منذ 2009 في أوائل مايو/أيار. وستُجرى الانتخابات وفقا لقانون انتخابي جديد مما يجعل من الصعب التنبؤ بالنتيجة.
وقال «الناس يتحدثون بشكل منفتح للغاية بأنهم لا يعتقدون أن الانتخابات البرلمانية ستخرج هذه العملية عن مسارها. حتى بعد الانتخابات فإننا نتوقع استمرار الدفع في الاتجاه الصحيح».
ضرورة زيادة الإقراض
يقول تشاركابارتي ان بنكه يأمل عبر استثماره في «بنك عوده» في أن يرسخ حضوره في القطاع المصرفي اللبناني حيث يريد مساعدة البنوك في الوصول إلى عملاء جدد. ويضيف «إذا حقق لبنان معدلات النمو الاقتصادي التي يمكنه تحقيقها، فإن الإقراض سيزيد في الأمد المتوسط دون شك».
ومن بين مجموعة العملاء التي يتحمس تشاركابارتي بشأنها سيدات الأعمال. وقال أيضا «لدينا برامج لدعم سيدات الأعمال في 17 دولة. لقد تعملنا كيف نقوم بهذا بشكل جيد حقا»، وأضافان البنك يمكن أن يعمل جيدا مع روح ريادة الأعمال في لبنان وتحركه صوب نموذج للتنمية يركز على القطاع الخاص.
وأضاف ان البنك يجري محادثات مع الحكومة اللبنانية بشأن مشاريع لمساعدة المجتمعات المضيفة واللاجئين. لكن هذا يتطلب أن يساهم المانحون بأموال إلى جانب قروض البنك الأوروبي للإنشاء التي تركز على متطلبات السوق.
وقد أُنشئ البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير» على يد حكومات الدول الأوروبية الغربية في 1991 للاستثمار في الاقتصادات الشيوعية السابقة في شرق أوروبا. وهو مملوك في الأساس لهذه الدول. ووسع نطاق عمله في العقد الأخير ليعمل في نحو 40 دولة.
وانضم لبنان إلى مصر والأردن والمغرب وتونس في منطقة عمل البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير في جنوب وشرق المتوسط، حيث استثمر البنك ما يزيد على 6.5 مليار يورو (ثمانية مليارات دولار) في 170 مشروعا منذ 2012.