اللواء المتقاعد عبد الإله الأتيري لـ «القدس العربي»: حطمنا ببنادقنا وتضحياتنا أسطورة الجيش الذي لا يقهر

حجم الخط
1

الناصرة ـ «القدس العربي»: يؤكد اللواء المتقاعد عبد الإله الأتيري (أبو خليل) ابن مدينة نابلس، أن معركة الكرامة التي تصادف ذكراها الخمسون اليوم، شكلت علامة فارقة في مسيرة النضال الفلسطيني، بل أظهرت للعرب والفلسطينيين أنهم قادرون على الصمود والانتصار في حال توفرت العزيمة والإيمان بأنفسهم.
يشار إلى أن إسرائيل شنت في مثل هذا اليوم قبل نصف قرن، عملية أسمتها «الجحيم» لتصفية معاقل الفدائيين في منطقة الأغوار الأردنية، فتورطت في معركة بالقرب من قرية الكرامة وسميت المعركة باسمها، حيث تعرضت فيها لخسائر مؤلمة ولضرر بالغ بهيبتها رغم أنها استخدمت وفق أرشيف جيشها 80 طنا من المتفجرات، وقامت خلالها بـ 360 غارة جوية. وربما يفسر ذلك طمس هذه المعركة من سيرتها العسكرية وتغييبها من ذاكرة الإسرائيليين حتى اليوم. ولم يعلن عن أي فعالية خاصة بمعركة الكرامة داخل إسرائيل سوى إعلان عن جولة في مكان قريب اليوم بمبادرة جنود وضباط سابقين شاركوا فيها.
في تصريحات لـ « القدس العربي « استذكر اللواء الأتيري عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن نكسة 1967 تركت آثارا عميقة لدى العرب بوصفها هزيمة ساحقة لهم حتى سطع نجم الفدائيين بأسلحتهم المتواضعة وقدموا نموذجا مغايرا وفتحوا الطريق لتدفق آلاف العرب والفلسطينيين نحو الثورة الفلسطينية.
واستذكر أبو خليل أيضا اجتياز الرئيس الراحل ياسر عرفات مع مجموعة فدائيين مسلحين نهر الأردن نحو الضفة الغربية سيرا على الأقدام، في يوم مشهود، يوم الرابع من آب/ أغسطس 1967 حينما كان هو شابا يافعا قد التحق في مدينته نابلس بحركة التحرير الوطني (فتح). موضحا أن أبو عمار دخل في ذاك اليوم ليباشر العمل التنظيمي والعسكري فيها ونجح بمهامه خلال مكوثه فيها شهورا طويلة، مما شق الطريق نحو استدعائه من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حيث جمعهما لقاء حميمي في تشرين الثاني/ نوفمبر 1967.
وتابع « كانت هذه مقدمة لمعركة الكرامة التي سميت بهذا الاسم على اسم قرية الكرامة الأردنية، وسبقتها عمليات فدائية كثيرة على طول الحدود الأردنية ـ الفلسطينية. وقتها انتشرت خلايا فدائية بمحاذاة نهر الأردن والعربة، وكان هدفها الدخول الى فلسطين للاستقرار فيها كخلايا مطاردة للتدريب والتنظيم أو الاشتباك والاستشهاد أو العودة. وفعلا دخل عدد كبير من الفدائيين الضفة الغربية واستقروا في جبال نابلس والخليل وبدأوا أعمال تدريب وتسليح».

أي نصر معنوي

منوها أن العرب وقتها كانوا بحاجة لأي نصر ولو معنوي، وهذا ما قاله عبد الناصر على مسامع عرفات في ذاك اللقاء الأول. وتابع «عشنا في تلك الفترة مرحلة صعبة، وكان وزير أمن إسرائيل موشيه ديان يعبر عن نشوة النصر والتباهي بأن جيشه لا يقهر، وأن جنوده يرسمون حدود إسرائيل بأحذيتهم العسكرية. وأشار إلى أن إسرائيل أغارت على بعض مواقع الفدائيين في الأردن لكنها بدأت في آذار 1968 التخطيط لعملية واسعة هدفها إنهاء الحالة الفدائية المنتشرة على طول نهر الأردن وإرغام الملك حسين على توقيع اتفاق سلام منفرد معها. في المقابل لم يكن بحوزة الفدائيين سوى سلاح بسيط وبلا صواريخ ولا مدافع هاون ولا غيرها.

دور الجيش الأردني

وقال أبو خليل الذي شارك في معركة الكرامة، إن الراحل أبو عمار تلقى عدة نصائح عربية وأجنبية بعدم خوض المعركة الخطيرة في ظل فقدان تام لميزان القوى، لاسيما أن إسرائيل أعدت ثلاثة ألوية وتشكيلات عسكرية أخرى. ويوضح أن أبو عمار قرر الصمود مهما كان الثمن ومحاولة إيقاع الخسائر بالجانب الإسرائيلي المعتدي. وشدد على أن صمود الفدائيين في المعركة التي بدأت عند الخامسة والنصف صباحا شجع الجيش الأردني على التدخل ومساندة الفدائيين في المعركة، لافتا لدور القائد الأردني مشهور حديثة.
واستذكر أن الهجوم بدأ بثلاثة محاور مستهدفا خلايا الفدائيين، في ظل تغطية مدفعية وجوية واسعة. ويشدد على أن صمود الفدائي الفلسطيني والجندي الأردني ساهم في مجابهة الجيش الذي أعلن أنه لا يقهر. وتابع «فعلا جوبه المعتدون الإسرائيليون بدفاعات فلسطينية وأردنية لكن عامل الصمود والنصر الأول هو شهداء المعركة، فظفر واحد منهم أفضل منا جميعا لأنهم قاتلوا ببنادق خفيفة لكن عزيمتهم وإيمانهم بذواتهم دفع الإسرائيليين للتوجه للعالم طالبين وقف إطلاق النار قبيل ظهر ذاك اليوم المشهود».

كيّ الوعي

ويشير أبو خليل إلى أن الكرامة شهدت عدة بطولات بفضل فدائيين فلسطينيين وجنود أردنيين شجعان، منوها إلى أن الجندي عارف شخشير كان أول من وصل لرتل الدبابات الإسرائيلية الأول وتمكن من إحراق دبابتين. وتابع «وهناك أبطال حزموا أنفسهم بالألغام والمتفجرات وألقوا بأنفسهم تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية وفجروها، منهم أبو الشريف هواش والفوسفوري وأبو أمية وآخرون، وامتزج الدم الفلسطيني بالدم الأردني»، مشيرا إلى أن «المخطط الإسرائيلي لـ»كيّ وعي «العرب، كان كيدا مرتدا على إسرائيل لأن نجاح الفلسطيني والأردني بالصمود وإلحاق الخسائر الفادحة بالمعتدين برهن قدرة العرب في حال صمموا، مثلما كانت فاتحة لانضمام أعداد هائلة من الفلسطينيين والعرب للثورة الفلسطينية، وصارت كلمتنا هي العليا في الوطن العربي بعدما هزمت إسرائيل الجيوش العربية ثانية في النكبة».

بيضة المقاومة

وأضاف « قبيل المعركة كان موشيه ديان يتباهى متغطرسا بأن المقاومة الفلسطينية بيضة وسيكسرها بيده، فوجد نفسه متورطا مع بضع مئات من الفدائيين والجنود في معركة كانت فاصلة لأنها أوصلت رسالة للعرب والعالم بأنهم قادرون على مجابهة « الجيش الذي لا يقهر». أبو خليل الذي أصيب في المعركة ووقع أسيرا وتنقل بين السجون الإسرائيلية أربع سنوات، يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي هرول منسحبا في نهاية ذاك النهار تاركا وراءه دبابات ومجنزرات معطوبة. وتابع «بسبب ضيق المنطقة دار القتال عن قرب وأحيانا وجها لوجه وعلى بعد أمتار وبعض الفدائيين الرابضين في كمائن للدبابات اشتبكوا معها حتى داستهم وكان بعضهم قد انفجر بها.

خسائر الطرفين

وأشار الأتيري إلى أن الفدائيين فقدوا نحو 92 من زملائهم، كما استشهد عدد مواز من الجنود الأردنيين. وحسب مصادر إسرائيلية فقد قتل 33 جنديا إسرائيليا وأصيب 160 آخرون وفقد ثلاثة جنود في معركة أسماها الجيش الإسرائيلي بـ «الجحيم»، لكنها انقلبت عليه باعترافاته وإجماع قادته على ذلك. وقال المعلق الإسرائيلي أفيتار بن تسداف إن محاولة إسرائيل احتلال قرية الكرامة فشلت بعد شهور من انتصارها على 3 جيوش عربية في 1967 وفشل جيشها حتى بوقف المعركة والتراجع قبل أن يتعرض لضربات موجعة.
ويستذكر بن تسداف في مقال نشره موقع « نيوز 1 « أمس أن الجيش الإسرائيلي أمر بعد اكتشاف فشله، الجنرال يسرائيل طال قائد المدرعات بالعملية بوقف القتال والانسحاب لغربي نهر الأردن. كما يستذكر إقالة الجيش لقائد المنطقة الوسطى وقتها الجنرال عوزي نركيس الذي قاد العملية.

مع أبو جهاد

أبو خليل الذي عمل سويا مع الشهيد الراحل خليل الوزير( أبو جهاد) كمسؤول عسكري عن القطاع الغربي، وبقي في بيروت 28 سنة حتى عاد لنابلس مع العائدين في 1994 يؤكد أن الكرامة بالنسبة له ذكرى غالية وعبرة كبيرة مفادها أن صاحب العزيمة والإرادة سينتصر. معتبرا أنه لا فرق بين يمين وبين يسار في إسرائيل، مشددا على ضرورة استمرار النضال الفلسطيني حتى استعادة الحقوق رغم اختلال موازين القوى اليوم.
ويضيف «كنا عام 1948 نحو مليون ونصف مليون وتضاعفنا عدة مرات ونحن متمسكون بثوابتنا ولن نسمح بتكرار نكبة 1948. إسرائيل دولة عظمى وتملك سلاحا نوويا لكن شعبنا مارس ويمارس صموده على أرضه ولن يفرط بثوابته رغم إقباله على مرحلة ستكون قاسية. شعبنا معطاء وجبار، من يمتلك رواية البلاد سينتصر في المعركة، فنحن هنا منزرعون وهنا باقون منذ آلاف السنين ومستمرون بنضالنا جيلا بعد جيل بالوسائل المتاحة، ونحن نملك عدة خيارات أهمها البقاء فوق أرضنا». وردا على سؤال أعرب أبو خليل عن رضاه من كمية وكيفية إحياء ذكرى معركة الكرامة فلسطينيا. وأشار لتنظيم عدة فعاليات ولاستعداد المدارس لإحيائها.

اللواء المتقاعد عبد الإله الأتيري لـ «القدس العربي»: حطمنا ببنادقنا وتضحياتنا أسطورة الجيش الذي لا يقهر
اليوم ذكراها الخمسون… معركة الكرامة.. علامة فارقة في مسيرة الثورة الفلسطينية
وديع عواودة:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول abu:

    صدقني يا(اللواء)أن لاأحد سيصدق ترهاتكم التي لاتخجلون من تكرارها كل مناسبة….وهل فعلا قدمت الثورات (التحريرية) العربية قوافل من الشهداءللانعتاق واسترجاع السيادة للشعب…فأين هي السيادة السياسية والاقتصادية والصناعات الحربية والسيادة الدولية على غرار أسيادها الحقيقيين*امريكا.وروسيا..وبريطانيا..وفرنسا..والصين..والمانيا..وكل دول(اليهود والنصارى) السادة والقادة والناس المحترمين….أين الأعراب من كل هذا الزخم السيادي لهؤلاء الأسياد الحقيقييـــن…..الكثير من الشعوب العربية في المشرق والمغرب العربي يترحمون على سنوات المحتل الفرنسي والاسباني والايطالي والبريطاني……لماذا يا(اللواء)

إشترك في قائمتنا البريدية