«واشنطن بوست»: علاقة كوشنر مع بن سلمان أثارت مخاوف المسؤولين الأمنيين

حجم الخط
0

لندن- «القدس العربي»: كيف وطد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي علاقته مع جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب؟ تقول صحيفة «واشنطن بوست» إن العلاقة بدأت قبل عام عندما قام أميران شابان بتوطيد علاقتهما في مناسبة غداء قاعة المآدب بالبيت الأبيض. وفي ذلك اليوم منعت عاصفة ثلجية الرئيس دونالد ترامب من لقاء المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بشكل منح الرئيس ومستشاريه بمن فيهم كوشنر وقتاً إضافياً لقضائه مع الزائر للبيت الأبيض، وهو نجل الملك سلمان.
وكان كوشنر والأمير محمد بن سلمان قد تقابلا من قبل ولكن هذه هي المرة الأولى التي جلسا فيها معاً بشكل رسمي منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وقد وطد هذا اللقاء العلاقة بينهما حسب ناس مطلعين على ملامح العلاقة. وتضيف الصحيفة أن كوشنر كمسؤول عن ملف التسوية في الشرق الأوسط والأمير السعودي كانا يحاولان تأكيد اهميتهما على المسرح الدولي. وواصلا الاتصال ببعضهما البعض في الأشهر المقبلة واستشارا بعضهما البعض عبر المكالمات الهاتفية. واستطاع كوشنر وبنجاح إقناع الرئيس ترامب أن يجعل السعودية أول محطة لزيارته الخارجية بعد انتخابه رغم اعتراض عدد من مستشاريه البارزين، وفي الخريف الماضي زار كوشنر الرياض والتقى مع محمد بن سلمان.

طريقة غير تقليدية

وأشارت الصحيفة للدور الذي لعبه وسيلعبه كوشنر في أثناء زيارة ولي العهد لواشنطن هذا الأسبوع وسيحضر معه عدداً من دعوات العشاء إلى جانب مسؤولين أمريكيين وسعوديين.
وتقول إن محاولة التقرب من السعودية كشف عن مدخل غير تقليدي للدبلوماسية بشكل أثار المسؤولين في الأمن القومي والاستخبارات – وهو الاعتماد على العلاقات الشخصية بدلاً من اتباع المعايير والقنوات الحكومية لمعالجة المشاكل المعقدة. ويخشى عدد من المسؤولين من أن صهر الرئيس يتابع دبلوماسية غير محترفة في أكثر المناطق التهاباً في العالم. وهناك حذر واضح بشأن علاقة كوشنر مع بن سلمان الذي حصل على ثناء في الغرب بشأن خطواته نحو التحديث ونقداً بسبب اعتقاله المعارضين له والنقاد.
وتضيف إن كوشنر رفض التعليق على تقريرها فيما وصف بعض الحلفاء والمساعدين له علاقته الشخصية غير تقليدية ولكنها فعالة وقالوا إنه أقام علاقة مع زعيم في تصاعد مستمر ويعتقد أنه يساعد على تحقيق الإستقرار بالمنطقة. وتكشف الصحيفة أن الاثنين حاولا فحص طرق جديدة. وفي الوقت الذي كان يتعامل كوشنر في الماضي مع المسؤولين الأجانب حرة إلا أنه اليوم بات يقدم للمسؤولين الكبار تقارير عن اتصالاته. وقال بيتر ميريجانيان المتحدث الرسمي باسم محامي كوشنر إن «غياب التسريبات بشأن عمل كوشنر، سواء عن عمل فريقه في الشرق الأوسط، العلاقات مع المكسيك أو إصلاح السجون- دليل على أنه يهتم بالنتائج لا الدعاية ويفهم كيفية الحفاظ على المعلومات مع الأشخاص في الإدارة الذين يجب أن يحتفظوا بها». وأضاف أن من يتم استبعادهم «أصبحوا على ما يبدو مصدراً للمعلومات الزائفة».
وقال إن كوشنر يلتزم بالبرتوكول الداخلي المطلوب وأفعاله معروفه لمن يتصل معهم ومنسقة وتصل لمن يجب عليهم أن يعرفوا بها. وقال مسؤول سعودي إن الملك سلمان وابنه تحادثا مع ترامب وكوشنر «حسب ما تتطلبه الأحداث» فيما يتصل السفير السعودي مع المسؤولين الأمريكيين والخارجية ومؤسسة الأمن القومي لمواصلة العلاقة القوية بين البلدين. وقال المسؤول في بيان مكتوب «كلف الرئيس ترامب كوشنر بعمل هام وهو الإشراف على العملية السلمية وهذا هو موضوع الحديث الرسمي بين كوشنر وسمو ولي العهد».

يعرف كثيراً

وبدا دور كوشنر محورياً في الأسبوع الماضي عندما سأل مدير طاقم البيت الأبيض جون كيلي سؤالاً حول تقرير عن سياسة حساسة تتعلق بالسعودية والتحضير لزيارة ولي العهد. وفي رد وصل إليه تقرير أمني جاء فيه إن كل المحادثات أجراها المسؤولون الأمريكيون مع السعوديين جرت بين كوشنر وبن سلمان حسب أشخاص لهم معرفة بالقصة. مع أن متحدثاً باسم كيلي رفض التعليق. وحسب مصادر مطلعة على نشاطات كوشنر وفريقه فإنه يقوم بترتيب لقاءات وحوارات خاصة مع ولي العهد وغيره من القادة الأجانب في بلدان خارجية والتي عادة ما لا يتم تنسيقها مع مجلس الأمن ولا الدبلوماسيين. وأثارت اللقاءات وجهاً لوجه مخاوف مسؤولي الأمن القومي، خاصة أن كوشنر كان يعمل بناء على تصريح أمني مؤقت. وكانت «واشنطن بوست» قد كشفت في شباط (فبراير) أن لقاءات كوشنر مع المسؤولين الأجانب كان وراء عدم حصوله على تصريح أمني دائم. ولأن وضعية كوشنر لا تزال محلاً للتدقيق فقد قرر كيـلي حـظره من الإطـلاع على الموضـوعات الحسـاسة جداً.
وعبر ريكس تيلرسون، وزير الخارجية المعزول وأتش أر ماكمستر، مسؤول الأمن القومي عن طريقة إدارة كوشنر للدبلوماسية بطريقة غير تقليدية وخوفًا من اتخاذ قرارات ساذجة. ولم يكن المسؤولون يعرفون عن كوشنر ومكالماته إلا بعد وقوعها بدلاً من إطلاعهم عليها مسبقاً. وفي بعض الأحيان كان ماكمستر يعبر عن قلقه من غياب السجل الرسمي لما جرى في المكالمات. وكان تيلرسون أكثر حنقا حيث عندما علق قائلا «من هو وزير الخارجية هنا». ورفضت الخارجية التعليق فيما قال ماكمستر في بيان مكتوب إنه يثمن مساهمته. «لدي وجارد علاقة عمل وننسق بهدوء علاقاتنا مع القادة الأجانب» مضيفا أن مساهمة كوشنر كان مهمة لإيصال استراتيجية الرئيس إلى عدة مناطق حيوية. ويرى ستيفن هول، مسؤول سي آي إيه السابق إن معظم مسؤولي الإدارة حاولوا دمد تجربة مؤسسة الأمن القومي وعمليات الإستخبارات أثناء التعامل مع القادة الأجانب بخلاف طريقة عمل كوشنر القائم على تجاوز التجربة الماضية. والخطر من عدم المشاركة في المعلومات مع مسؤولي الإدارة هو إمكانية حدوث أشياء غير متوقعة كما يقول.

زيارة السعودية

وتقول الصحيفة إن واحدًا من المهام التي عمل عليها كوشنر كانت زيارة ترامب للسعودية التي عارض فكرتها وزيرا الدفاع جيمس ماتيس والخارجية تيلرسون. ولهذا تكتم عليها حتى لا يتم الكشف عنها وإعلانها. وحث ماتيس الرئيس على تأجيل الزيارة مدة عام لأنه كان خائفاً من الرسالة الخطأ التي تحملها للأنظمة الديمقراطية حول العالم. وكان ماتيس مشككاً في وعود السعوديين لمواجهة التأثير الإيراني ومحاربة تنظيم الدولة. وحل ترامب المسألة عندما قال لكوشنر إنه سيذهب للرياض حالة وعد السعوديون بشراء السلاح وزيادة جهود مكافحة الإرهاب. واعتبر ترامب زيارته ناجحة من خلال المعاملة الخاصة التي لقيها واستقباله في قصور العائلة وبحفلة كلف الملايين على شرفه وبكرسي يشبه العرش مخصص له.
وفاخر ترامب بأن القمة أدت لشراء السعوديين أسلحة بـ 110 مليارات دولار بالإضافة لاستثمارات أخرى. مع أن معظم صفقات السلاح والاستثمارات لا تزال على الورق ولم تتقدم منذ زيارته العام الماضي. ويرى عدد من المسؤولين في الإستخبارات والأمن القومي ان حديث ولي العهد عن حل النزاع في الشرق الأوسط تبسيطية وكذا جدله بشأن الخطر الإيراني. ويخشون من دعم مسؤولين في البيت الأبيض له ممن لا علاقة أو معرفة لهم بسياسة الشرق الأوسط.
وصدقت مخاوف المخابرات الأمريكية في حزيران (يونيو) 2017 عندما أطاح بابن عمه الأمير محمد بن نايف، الذي أقام علاقة قديمة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وأصبح نفسه هدفاً للإرهاب عندما تعرض في عام 2009 لمحاولة اغتيال نفذها ناشط من القاعدة في اليمن.

«بطل صادق»

ويعلق بروس ريدل قائلا إن بن نايف كان «أفضل شيء حصلت عليه السعودية، بطل صادق في هذا القرن». وقال ريدل الذي عمل لمدة 30 عاماً في الإستخبارات الأمريكية إن صعود بن سلمان أزاح «واحداً من أهم مكافحي الإرهاب اليوم». وفوجئت المخابرات في تشرين الأول (اكتوبر) بزيارة كوشنر للرياض والتي تم التكتم عليها وعقد اجتماعا خاصا مع ولي العهد. ولم يعرف معظم المسؤولين في البيت الأبيض فحوى ما جرى فيها.
وقال مسؤول بارز في الإدارة إنه تم تنسيق الزيارة مغ مجلس الأمن القومي. وبعد الزيارة قال المسؤولون إن الهدف منها كان مناقشة التسوية في الشرق الأوسط دونما الكشف عمن تحدث. وأخبر كوشنر بعض مساعديه أن المقابلة مع ولي العهد كانت مجرد «عصف دماغي» للاستراتيجيات إلا ان المخابرات عبرت عن قلقها من عدم توفر المعلومات حول ما جرى. وبعد أيام من زيارته بدأ محمد بن سلمان حملة لمكافحة الفساد مع أن خبراء الشرق الأوسط ومنظمات حقوق الإنسان وصفوا عملية اعتقال رجال الأعمال والأمراء كمحاولة لتقوية سلطته. وكان الملياردير الأمير الوليد بن طلال واحداً من الذين شملتهم الحملة الذي هاجم علناً ترامب عام 2016 ووصفه بـ «العار» على أمريكا. وأيد ترامب حملة بن سلمان في تغريدة.

«نيويورك تايمز»: حل معاناة اليمن يبدأ من الكونغرس الأمريكي لا الرئيس

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن الدور الأمريكي في اليمن يجب أن ينتهي في «الكابيتال هيل». وأشارت إلى زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لواشنطن هذا الأسبوع التي يحاول فيها الترويج لصورته كمصلح متنور راغب بتحديث بلده المحافظ وتشجيع المستثمرين الأجانب للاستثمار فيها. إلا أن الصورة شوهتها سياسته الخارجية والكارثة الإنسانية – أي الحرب في اليمن والتي أدت لمقتل أكثر من 10.000 شخص معظهم فقد حياته بسبب الغارات الجوية التي نفذتها السعودية وجيرانها في الخليج. وأضافت أن الولايات المتحدة هي الداعم الأول في مجال السلاح وغير ذلك من المساعدات العسكرية. وقللت الصحيفة من طرح الرئيس ترامب الموضوع في لقائه مع ولي العهد. و»من حسن الحظ فهناك أعضاء في الكونغرس يريدون ممارسة مسؤوليتهم الدستورية بشأن الطريقة التي تدير فيها الولايات الأمريكية الحرب. وعبر قرار يوافق عليه الحزبان يقضي بإنهاء التورط الأمريكي فيها بغضون 30 يوماً إلا في حالة صرح الكونغرس وبشكل رسمي المشاركة فيها، ويمكن التصويت عليه قريباً وهناك جهود تشريعية أخرى ستعرقل صفقات السلاح الأمريكية للسعودية بملايين الدولارات.

حالة انسداد

وتقول الصحيفة إن هناك طرقاً عدة معقولة لنهايه الهجمات خاصة ان الحاجة لحل سياسي في اليمن الذي يعتبر من أفقر الدول العربية بات ملحاً في كل يوم. وهو يعاني من حرب أهلية منذ عام 2014 عندما قام المتمردون الحوثيون الذين تدعمهم إيران بالسيطرة على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى من البلاد. ويواجه حوالي 8 ملايين نسمة المجاعة ومليون يعتقد أنهم مصابون بالكوليرا ومليونا نازح. ويقول الخبراء القانونيون وحقوق الإنسان إن قتل المدنيين ومنع منظمات الإغاثة يمكن أن يصل لحدود جريمة الحرب. وفي عام 2015 قادت السعودية وبدعم من إدارة الرئيس باراك أوباما بحملة عسكرية شملت آلاف الغارات الجوية ضد قوات تحالف الحوثي- صالح لدعم الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي.
وتواجه الحرب الآن حالة من الانسداد. وفي الوقت الذي يقوم فيه الحوثيون بالقصف المدفعي على المدن وأطلقوا الصواريخ على السعودية وعرقلوا عمليات الإغاثة إلا أن القصف الذي تقوده السعودية هو السبب الرئيسي لكل المعاناة خاصة أن التحالف بقيادة الرياض يمارس حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً والذي يمنع وصول الكميات الكبيرة من الدواء والغذاء إلى ملايين المحتاجين. وتناقش البنتاغون الدعم العسكري الذي تقدمه وتقول إنه لأغراض غير عسكرية مثل تقديم الإستشارات العسكرية للقوات الجوية السعودية حول كيفية ضرب القنابل ولتجنب قتل المدنيين. ورغم تعهد السعوديين بتخفيض عدد القتلى المدنيين في عام 2017 إلا أن منظمة «هيومان رايتس ووتش» وثقت خمس هجمات قتلت 55 شـخصاً.

«لسنا جزءاً من النزاع»

ويقول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط «نحن لسنا جزءاً من النزاع» إلا أن كلامه ليس مؤكدًا. وسيجد التحالف الذي تقوده السعودية صعوبة في مواصلة الهجوم بدون الدعم الأمريكي والذي يضم توفير الوقود في الجو بالإضافة للمعلومات الأمنية والنصح العسكري. وبالإضافة للمأساة الإنسانية فإن أعضاء الكونغرس الذين دعموا القرار قلقون من الأساس القانوني للمشاركة الأمريكية في الحرب باليمن. فقد دعمت الولايات المتحدة الحرب ضد القاعدة بناء على التشريع الذي أصدره الكونغرس في مرحلة ما بعد 9/11. إلا أن الكونغرس لم يحدد المشاركة في الحرب السعودية – الحوثية مع أن الدستور وقانون سلطات الحرب لعام 1973 يعطيان المشرعين سلطة.
ودعا السيناتور بيرني ساندرز عن ولاية فيرمونت والجمهوري عن ولاية اوتا مايك لي لقرار جديد حول التدخل الأمريكي في الحرب وتحديد سلطات الرئيس لإعلان الحرب. وتحاول الإدارة وعدد من المشرعين الوقوف أمام القرار لأنه موعد الثلاثين يوما سيجبرهم على إنهاء العملية التي يريدون استمرارها ويخشون من أن تخرب العلاقات مع السعودية. ومع أن الموعد مفاجئ إلا أن القرار سيعطي مرونة ويمكن تمديد المدة لو طلب الرئيس ووافق الكونغرس. ولمدة سنوات طويلة تخلى الكونغرس عن دوره عندما أطالت أمريكا وجودها في بعض الحروب وأبدى الرئيس تردداً في مشاركة المشرعين في بعض قرارات الحرب. وقرارات كهذه يجب أن تؤدي إلى نقاش ومحاسبة.

«واشنطن بوست»: علاقة كوشنر مع بن سلمان أثارت مخاوف المسؤولين الأمنيين
«توصيف ولي العهد لمشاكل المنطقة تبسيطي»
إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية