غزة ـ «القدس العربي»: تسارعت وتيرة الإجراءات والاجتماعات الإسرائيلية خشية من تطورات دراماتيكية قد تحدث بعد يوم غد الجمعة، مع أول أيام انطلاق فعاليات «مسيرة العودة الكبرى»، من بينها تنفيذ «اعتقالات جماعية» على حدود غزة، وذلك في ظل استمرار نجاح شبان فلسطينيين في اختراق الحدود الفاصلة، حيث عقد المجلس الوزاري المصغر «الكابينيت» اجتماعا هو الثالث منذ مطلع الأسبوع الجاري.
وفي عملية جديدة أظهرت ضعف المنظومة الإسرائيلية على الحدود الفاصلة مع غزة، التي تستعد لأن تشهد احتجاجات سلمية واسعة النطاق، تبدأ يوم الجمعة المقبل، ويخطط لها أن تشهد لاحقا اختراق الحدود ضمن «مسيرة العودة الكبرى»، تمكن شبان من اختراق السياج الحدودي الفاصل عن شرق مدينة غزة، وإشعال النيران في حفار إسرائيلي يشارك في عمليات إقامة «الجدار الإسمنتي» على الحدود، قبل العودة من جديد إلى القطاع، قبل وصول الجيش الإسرائيلي.
وهذه هي الحالة الثالثة التي يتمكن خلالها شبان من اجتياز الحدود، خلال الأسبوع الجاري، والثانية التي تشهد إشعال النار في أحد الحفارات، حيث أحرق أربعة شبان حفارا آخر السبت الماضي شرق مدينة خانيونس، قبل أن يتسلل أول أمس ثلاثة شبان إلى داخل إسرائيل، حيث جرى القبض عليهم بعد ساعات من التسلل.
وشاهدت «القدس العربي»، دخانا يتصاعد من الجانب الإسرائيلي من الحدود، قبل وصول تعزيزات إسرائيلية، أطلقت النار قبل أن تشرع باستهداف مدفعي لنقاط رصد للمقاومة الفلسطينية قريبة من مكان الحدث، ولم يسفر القصف الإسرائيلي عن وقوع إصابات، غير أنه أحدث أضرارا مادية.
وتوجد في تلك المنطقة حفارات إسرائيلية كبيرة، وآليات وجرافات تشارك في أعمال بناء «الجدار الإسمنتي، الذي تبينه إسرائيل على طول الحدود، لصد «الأنفاق الأرضية الهجومية».
وشكلت الحوادث وآخرها يوم أمس حرجا كبيرا لمنظومة الأمن الإسرائيلية، التي تستعد لسيناريوهات أسوأ، تقوم على مشاركة حشود كبيرة من القطاع، في عملية اجتياز لتلك الحدود الممتدة على طول حدود القطاع الشمالية والشرقية، لتثبيت «حق العودة»، وهو ما أمر أربك حسابات قادة تل أبيب العسكريين قبل السياسيين.
ومن المقرر أن تتواصل اليوم في عدة نقاط خصصت لتجمع «مسيرة العودة الكبرى»، التجهيزات النهائية الخاصة بعملية «التخييم»، خاصة في المناطق التي لم تجهز بعد للغرض، وذلك من خلال نصب خيام جديدة مخصصة للمبيت، وأخرى كبيرة لإقامة الفعاليات اليومية.
وفي إسرائيل واستعدادا لتلك الفعالية الكبيرة التي تقلق كافة المستويات، عقد المجلس الوزاري المصغر أمس اجتماعه الثالث هذا الأسبوع، لمناقشة أفكار تهدف إلى التصدي إلى الفعالية الفلسطينية، التي تعمل على إقرار «حق العودة» سلميا.
جاء ذلك بعد مشاورات وعمليات تقييم سياسية وأمنية وعسكرية للمرحلة المقبلة، شهدت طرح الكثير من الأفكار على طاولة المجلس الإسرائيلي، وجرى خلالها مناقشة خطة جيش الاحتلال العسكرية لصد المتظاهرين، والتي شملت الدفع بقوات إضافية ونشر القناصة على طول الحدود.
وفي هذا السياق حمل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي إيزنكوت، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، مسؤولية إرسال سكان قطاع غزة إلى الحدود، ونقل عنه القول «إن الجيش سيتخذ جميع الإجراءات الممكنة من أجل منع دخول المتظاهرين إلى إسرائيل عبر السياج الفاصل».
وأكد أن إسرائيل «أمام مواجهة عسكرية حتمية» خلال هذا العام، مبينا أن إمكانية التصعيد والمواجهة العسكرية مسألة وقت، وخاصة على الساحة الفلسطينية، وقد عبر الجنرال الإسرائيلي عن قلقه من حالة الإحباط التي وصل إليها السكان في قطاع غزة، نتيجة الأوضاع الإنسانية الصعبة.
وأكد في الوقت ذاته أن تل أبيب تسعى لـ «عدم تفجير الأوضاع والحفاظ على الواقع الأمني القائم في قطاع غزة لنهاية العام، من أجل استغلال الوقت للقضاء على جميع الأنفاق».
وكان أيزنكوت قام بجولة على حدود غزة أول أمس، برفقة وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، للاطلاع على استعدادات جيش الاحتلال لمسيرة العودة، المزمع تنظيمها يوم الجمعة المقبل، حيث عبر وزير الجيش عن أمله بألا يرتكب الفلسطينيون «أي حماقة»، وكان بذلك يشير إلى نوايا اختراق الحدود.
وترافق ذلك مع تهديد الناطق باسم جيش الاحتلال سكان غزة من خطر اختراق الحدود، حيث قال «لن نسمح باجتياز جماعي وجماهيري للجدار الأمني مع قطاع غزة يوم الجمعة المقبل (..) أنصح بعدم اختبار قوة ردنا، سنأتي إلى هذه الأحداث من منطلق قوة».
وأكد أن قوات جيشة أقامت كافة الاستعدادات اللازمة لذلك، ومن بينها تعزيز وجودها، واصفا المسيرة المنوي تنظيمها بأنها «استفزاز وفوضى تقف خلفها حركة حماس لصرف النظر عن المشاكل التي يعاني منها القطاع».
وفي هذا سياق الاستعدادات الإسرائيلية كشف النقا عن قيام جيش الاحتلال بوضع سيناريوهات مختلفة، من بينها استعداد مصلحة السجون لاستقبال «اعتقالات جماعية»، ينفذها الجيش في صفوف المتظاهرين الذين يحاولون عبور السياج الفاصل، مع بحث إمكانية تفعيل حالة الطوارئ لتجاوز قرارات المحكمة الإسرائيلية العليا في ما يتعلق بظروف الاعتقال.
ولأجل ذلك جرت مناقشات بين وزير الأمن الداخلي غلعاد اردان ، وكبار المسؤولين في دائرة السجون الإسرائيلية وقادة الوحدة الخاصة» نخشون» ، بحثت الطرق التي يمكن من خلالها نقل مئات المعتقلين إلى السجون الإسرائيلية.
وقالت القناة العاشرة الاسرائيلية ان القضية الرئيسية التي أثيرت في الاجتماع هي المكان الذي سيتم فيه إيواء هؤلاء المعتقلين، بسبب الاكتظاظ الموجود داخل السجون الإسرائيلية، حيث القدرة الاستيعابية في سجون الاحتلال الإسرائيلية تقدر بنحو 426 أسيرًا إضافيًا، وإذا زاد عدد المعتقلين الفلسطينيين، يوم الجمعة، أو في الأحداث اللاحقة، عن هذا العدد، ينوي إردان اللجوء للحكومة وطلب الحصول على إذن خاص لاستخدام قوانين الطوارئ التي تسمح بالتحايل على توجيهات المحكمة العليا بشأن ظروف الاعتقال.
وفي قطاع غزة أعلنت وزارة الصحة عن رفع «حالة الجهوزية والاستعداد» في كافة مرافقها الصحية استعداداً لمسيرة الجمعة. وأوضح أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة، أن الوزارة رفعت حالة الجهوزية والاستعداد في المستشفيات والمراكز الصحية والنقاط الطبية في محافظات قطاع غزة لـ «مواكبة فعاليات مسيرة العودة التي ستنطلق الجمعة المقبل».
ومن المقرر أن تبدأ عملية تجميع فعاليات «مسيرة العودة» قبل ظهر يوم الجمعة المقبل، حيث سيتم نقل المشاركين لأداء صلاة الظهر في عدة أماكن خصصت للغرض، لتكون بداية الفعاليات التي لم يُحدد لانتهائها موعد زمني.
وفي هذا السياق قال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم إن «مسيرة العودة الكبرى» تأتي لـ «فرض معادلة جديدة في مشوار الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، لنقل القضية الفلسطينية وحق العودة إلى مراحل متقدمة، تحول دون تمرير أية مشاريع من شأنها المساس بحقوق شعبنا وتقطع الطريق على كل مخططات العدو ومشاريعه».