هل استعادت أمريكا انقلاب مصر من روسيا؟

حجم الخط
0

في أقل من شهر تتبدل المجريات الميدانية والمواقف السياسية على الساحة الدولية والعربية في الشأن السوري الذي له ارتباط كبير مع الحالة التي تمر بها مصر، وكنا سابقا تحدثنا عن سيناريو سرقة روسيا للانقلاب في مصر من الأمريكان الذين كان لهم دور كبير في تسهيل مهمة عزل الرئيس المنتخب؛ غير أن ضمير الأمريكان الذي أفاق لحيظات بشأن سورية بحجة معاقبة الأسد على جرائمه الكيماوية عاد ونام من جديد على وقع صفقة بدت ملامحها تطل على مصر.
فالمتابع لموقف أمريكا من الانقلاب في مصر يجد أنه مر في منحنيات صعود فهبوط وصعود من حيث التأييد؛ فكان البرادعي وعمرو موسى في واجهة الأحداث برفقة السيسي وفجأة غاب البرادعي وغيب موسى وبقي السيسي في الصورة التي كانت دموية بامتياز، وعدم الرضا الأمريكي عنه كان واضحا من تصريحات وزير الدفاع وماكين والناطقين باسم البيت الأبيض والمجازر التي قام بها وطريقة إدارة البلاد بصورة غير ديمقراطية وتوقف تغيرات البرادعي، كلها أمور تدلل على البصمة الروسية التي سرقت الانقلاب.
ولكن وبعد أن هددت أمريكا بعصا الحرب ضد الجزار السوري عادت الأوراق لتختلط ببعضها حتى أن سلاح الجو الفرنسي كان سيضرب خلال ساعات أهدافا للجزار، وباتصال أوباما بالرئيس الفرنسي وإخباره أنه ينتظر مصادقة الكونغرس على الضربة أعاد الأمور إلى المربع الأول بعد جلسة بوتين وأوباما في قمة العشرين، فماذا حدث كي يعود الضمير الأمريكي لسباته الذي تحرك فجأة؟
في الاعتقاد أن هناك سيناريو آخر وهو أن الروس أتموا الصفقة مع الأمريكان على أن يعود الانقلاب في مصر إلى أروقة الأمريكان وأن ذلك سيكون مقابل عدم توجيه الضربة العسكرية للجزار بشار ونقاش الموضوع في أروقة مجلس الأمن، والذي يضيف للاعتقاد دقة أكثر أن أوباما بدأ يجمل ويزين الانقلاب في مصر ويهاجم الرئيس محمد مرسي حتى يفسح المجال أمام تغيرات في قيادة الانقلاب تكون لها شعبية وهذا يقودنا إلى أن السيسي ستتم الإطاحة به قريبا لصالح قيادات عسكرية أو سياسية أخرى تأتمر بأوامر البيت الأبيض ورأينا عودة التغيرات للبرادعي واستلام موسى لجنة الخمسين أثناء تهديد أمريكا بضرب سورية.
وعلى وقع الصراع الأمريكي – الروسي في المنطقة نجد أن خطوطا حمراء يحافظ عليها أعداء الأمة العربية والإسلامية وأبرزها:
– منع وجود الديمقراطية في الساحة العربية والإسلامية وإن وجدت فيحاربونها حتى يملها ويكفر بها المواطنون لصالح الديكتاتوريين والفاسدين على حساب المنتخبين والشعوب.
– إقصاء الحركات الإسلامية عن المشهد يدلل على أنها فاعلة في تنفيذ مشروع النهضة الذي يخافه الغرب والشرق ويعلمون أنه يضع حدا لبطشهم واستعبادهم للعرب والمسلمين.
– أمن الكيان الصهيوني أولوية الأطراف التي تستولي على الانقلاب في مصر وهذا يعني أنه لو قادت الانقلاب روسيا أو أمريكا فإن غزة تحت النار والحصار لمنع المقاومة وتفتيتها ولكل جهة أسلوبها.
– الدماء التي تسيل من أطفال سوريا ومصر والعالم بأسره لا تعني الأمريكان والمجتمع الدولي كثيرا وما يعنيها أمنها وأمن الاحتلال الصهيوني، والحديث عن الضمير مسرحية كشفت الأقنعة عن مخرجيها في ساحة سورية بشكل كبير.
ولذلك وعلى ما تقدم فإن فرصة الشعب المصري هي الأكبر منذ بداية الانقلاب خلال الأيام القادمة أن ينتفض بشكل كبير في الميادين وأن تكون هناك هبة جماهيرية واسعة لمنع مرحلة انتقالية متوقعة داخل قيادة الانقلاب والتركيز على عودة الرئيس الشرعي محمد مرسي؛ لأن الشعب المصري دفع ثمنا كبيرا للمحافظة على الشرعية ولذلك فرصته الآن لمنع دخول الانقلاب مرحلة جديدة يراد منها تضليل الداخل والخارج بأن مرحلة السيسي انتهت وأن القائد العسكري أو السياسي الجديد له أجندة لصالح مصر. وبالتالي إن كان التوقع الذي ذكر أعلاه بأن أمريكا استعادت الانقلاب في مصر من روسيا صحيحا فإن التغيرات ستكون قريبة وبعدة أساليب وإفشال تمرير المخطط هو الاعتصامات والهبات والاستنفار الجماهيري حتى تخلو دفة قيادة الانقلاب ويعود الرئيس الشرعي قبل تمرير انقلاب آخر تحت إطار انتفاض الشرفاء على السيسي ويكونون تبعا لأمريكا لأن أوباما لن يرضى أن يبقى السيسي في نفس الدور الذي لعبه إن كان مال إلى الروس في المرحلة السابقة كون أرضيته الناصرية مبنية على الدم والقتل والتعذيب والإقصاء والانتهازية، ولذلك في فترة الانتقال يكون دور الشعب وحجم التأثير حتى تستعاد الشرعية ويتوقف تبادل الأدوار في الانقلاب.
محمد القيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية