لا يوجد أسوأ من مواطن عربي يستعين بالأجنبي ضد بلده. ولا يوجد أسوأ من شخص يُصفق ويُطبل لقوات أجنبية غازية تقوم بتدمير ما بناه آباؤه وأجداده، ولذلك فلا أسوأ من الذين يؤيدون مجازر روسيا في سوريا، إلا أولئك الذين أيدوا القصف الأمريكي على سوريا.
لا فرق بين موت وموت، وبين قنابل وآخرى.. ولا فرق بين حرب وأخرى، ولا بين قصف وآخر، وليس مطلوباً منا الاختيار بين أنواع القتل المتاحة والمفاضلة بين الموت في قصف روسي أو آخر أمريكي، كما ليس مطلوباً منا المفاضلة بين هيمنة روسية وأخرى أمريكية.. وإنما كلهم سواء.. والمطلوب هو وقف نزيف الدم ووقف العدوان الأجنبي وإنهاء الاحتلال أينما كان على الأراضي العربية.
في الزمن العربي الرديء، أصبح الكثير من العرب يؤيد العدوان الأجنبي على بلاده، ويبرر الاستعانة بالأجنبي ضد بلده، رغم أن العرب أنفسهم خرجوا بملايينهم إلى الشوارع عام 2003 (أي قبل 15 عاما فقط من الآن) يحتجون على التدخل الأمريكي في العراق ويهتفون بحياة الرئيس صدام حسين، الذي كان يريد الأمريكيون إسقاطه بالقوة العسكرية المباشرة. منطقياً، من يعارضون القصف الروسي على مواقع المعارضة السورية، يتوجب أن يعارضوا أيضاً القصف الأمريكي والغربي على مواقع النظام، لأن الأخلاق لا تتجزأ والمبادئ يتوجب أن تقوم على قواعد وأسس راسخة حتى تحظى بالاحترام، أما معارضة القصف الروسي ثم تأييد القصف الأمريكي، فهذا معناه أن ثمة موقفا سياسيا لا يُعارض مبدأ التدخل الأجنبي، وإنما يتحدد تبعاً لهوية ذلك الأجنبي الذي يشن العدوان. عندما هبّت شعوب العرب في ثورات الربيع العربي عام 2011 للانتفاض على أنظمتها كانت غاية الأمل لديها تحقيق الحرية والعدالة، وهذه تتنافي جذرياً مع التدخل الأجنبي، ولذلك فان الأنظمة المستبدة والقمعية هي التي استعانت بالقوات الأجنبية والمرتزقة واستعانت بالدول الكبرى التي تستمد منها الشرعية، أما الشعوب الحرة الثائرة فلا يجوز أن تستعين بالأجنبي، وليس من المنطق ولا المباح للثوريين أن يتحالفوا مع الاستعمار الأجنبي أو يضعوا أيديهم في أيدي هذا الاستعمار.
أضف الى ذلك أن من البديهي والمعلوم بالضرورة أن الولايات المتحدة لم تكن في السابق ولا في الوقت الراهن حريصة على مصالح أمتنا العربية ولا غيرها من الشعوب المستضعفة، ولنا في العراق وفلسطين وأفغانستان دروسٌ وعبر، ومن لم يتمكن من قراءة «درس العراق» وفهمه جيداً فعليه أن يراجع قدراته العقلية. على الثوريين العرب أن يقفوا بوضوح ضد التدخل الأجنبي وضد العدوان الخارجي أياً كان مصدره، وأن يتذكروا بأن الذين أحرقوا أنفسهم في 2011 وضحوا بحياتهم عندما وقفوا بأجسادهم العارية أمام دبابات وبنادق الأنظمة القمعية، إنما كانوا يريدون الحرية، والحرية تتنافى بالضرورة مع الاستعانة بالأجنبي وتتنافى أيضاً مع القبول بالاحتلال أو القبول بالتخريب والقتل والتدمير.. كانت ثورات سلمية ويتوجب أن تظل كذلك حتى يسقط الطغاة بما لديهم من أدوات القمع.
وخلاصة القول هنا إن من يبرر الاستعانة بالولايات المتحدة ضد نظام الأسد أو يفرح بالضربات الإسرائيلية التي تستهدف المواقع السورية بين الحين والآخر، فعليه أن يقبل بالقصف الروسي في المقابل، لأن المبدأ ذاته وإن اختلفت أدوات القتل.. أما من يريد التحرر من الظلم والطغيان وأجهزة القمع وأنظمة الاستبداد فعليه أن يرفض العدوان الخارجي أياً كان مصدره، ويرفض الاحتلال على اختلاف الهويات وامتداد الجغرافيا.
كاتب فلسطيني
محمد عايش
يبدو أن الكاتب مؤيد للنظام. عدوان روسيا لا يتساوى مع عدوان أمريكا، الأول قتل الآلاف والثاني لم يقتل أحدا!!!!!!!!
فعلا شيء مؤلم ان يصبح العرب مؤيدون لامريما واسرائيل ضد سوريا…!!!! رحم الله ناجي العلي الذي تنبأ بهذا الواقع الرديء قبل ثلاثين سنة في رسم كاريكاتيري!!!