لندن – “القدس العربي” ـ إبراهيم درويش:
عبر المشرعون الأمريكيون من كلا الحزبين عن قلقهم من خطط الرئيس دونالد ترامب المضي قدماً في سحب القوات الأمريكية من سوريا وبدون استراتيجية حقيقية لتأمين الأهداف الأمريكية هناك. وعلقت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لمراسلتها كارين دي يونغ على التساؤلات التي تحدى فيها المشرعون مسؤولي وزارة الخارجية أثناء جلسة استماع يوم الأربعاء وكيف تريد الإدارة تحقيق أهدافها من ناحية هزيمة تنظيم الدول وبناء سوريا مستقرة بدون الرئيس بشار الأسد ومنع داعميه الإيرانيين والروس من السيطرة على البلاد.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إداورد رويس، النائب الجمهوري عن كاليفورنيا “من المغري القول كفى والإنسحاب إلى شواطئنا، ولكن يجب أن تكون المشاركة الذكية والمركزة والمصممة هي مدخلنا في الشرق الأوسط”، وأشار لضرورة الحديث عن الإستراتيجية مع الإدارة. وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، النائب الجمهوري عن ولاية تنيسي بوب كوركر قد قال إنه “متأكد من رغبة ترامب في الإنسحاب” من سوريا رغم نصيحة عدد من مستشاريه في الأمن القومي. وأضاف أن الإدارة الحالية لا تقوم “بتشكيل ما يجري على الأرض فيما يتعلق بالنظام”. وجاءت التعليقات بعد لقاء مغلق مع الجيش جرى يوم الثلاثاء “أثار عصبية” المشرعين حسب السناتور ليندزي غراهام، الجمهوري عن ساوث كاورلينا. وقال غراهام إن الإدارة التي لا تملك استراتيجية عسكرية أو دبلوماسية ومستعدة لأن “تتخلى عن سوريا للأسد وروسيا وإيران”.
خطة سيئة
ونقلت شبكة “سي أن أن” عن السناتور كريستوفر كونز، الديمقراطي عن ديلوار قوله :”خطة سيئة هي أسوأ من عدم وجود خطة في سوريا وفشل الرئيس وإدارته بتوفير خطة تقدم للإمام”. وترى دي يونغ أن استعداد المشرعين للحديث علانية جاء بعد سلسلة من الأحداث المشوشة وفاقمت مظاهر القلق الموجودة والتي تعود إلى فترة باراك أوباما الذي دعا لرحيل الأسد ولكنه لم يقدم الدعم الكافي للمعارضة كي تقوم بالإطاحة به. وبعد ذلك فشل في تنفيذ تهديده عندما اجتاز الأسد الخط الأحمر واستخدم السلاح الكيميائي. وفي عهد ترامب الذي كان شعاره الإنتخابي وقف المشاركات الأمريكية في النزاعات الأجنبية إلا أنه زاد من دعمه لحرب منفصلة ضد تنظيم “الدولة” وأعطى العسكريين حرية ميدانية واسعة أسهمت في وضع نهاية لـ”تنظيم الدولة” في كل من العراق وسوريا. ولكن ترامب، بخلاف أوباما، عبر عن استعداده لاستخدام القوة في سوريا كما في العام الماضي والأسبوع الأخير. ومع ذلك يواجه الرئيس الحالي المعضلة نفسها التي واجهت سلفه. فمع نجاح الولايات المتحدة وشركائها على الأرض بهزيمة تنظيم الدولة، استطاع الأسد وبدعم من روسيا وإيران تشتيت المعارضة وهو يقترب من الإنتصار في الحرب الأهلية.
ويرى مسؤولون في الإدارة ومشرعون في الكونغرس أن بقاء الأسد في السلطة يعني تقسيم سوريا. وفي الوقت نفسه يخشى حلفاء الولايات المتحدة مثل إسرائيل ودول الخليج من تهديد نظام الأسد وروسيا وإيران أمنهم والمنطقة بشكل عام. وكانت خطة الإدارة حتى وقت قريب تتكون من شقين. الأول متعلق بأجزاء من شمالي سوريا وشرقها التي كانت خاضعة لتنظيم الدولة ويديرها الآن حلفاء أمريكا الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية التي تحتوي على عناصر عربية ويتم بناء الإستقرار في هذه المناطق لتكون حاجزاً أمام نظام الأسد وحلفائه وكورقة ضغط دبلوماسية في المفاوضات.
بقاء القوات الأمريكية
أما الشق الثاني فهو بقاء القوات الأمريكية لتأمين الأمن والتأكيد على جدية الولايات المتحدة. وتحدث جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي في تشرين الثاني (نوفمبر) قائلا:” سنتأكد من تهيئة الظروف للحل الدبلوماسي” للحرب الأهلية و “ليس فقط إنجاز الجزء العسكري منها ويتمنى حظاً سعيداً للباقي”. إلا أن ترامب خرب هذا الهدف عندما دعا في الأسابيع الماضية، ولدهشة العسكريين، إلى سحب القوات وسريعاً. وحاول الإستعانة بالحلفاء والشركاء بالمنطقة لتوفير الدعم المالي والعسكري، خاصة دول الخليج. وفي الوقت الذي عبرت فيه دول الخليج عن استعدادها للمساهمة المالية ولم تستبعد مشاركة عسكرية إلا أن الخبراء في المنطقة يقولون إن هذه الدول لا تملك إلا خبرة قليلة كي تقوم بهذه العملية الواسعة. وفي المقابل بدت جهود ترامب لمعاقبة روسيا على دعمها الأسد في حالة من الفوضى عندما قال مسؤولون في البيت الأبيض ان نيكي هيلي، مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة كانت مخطئة عندما تحدثت عن عقوبات وأن ترامب تدخل شخصياً لوقف خطوات كهذه.
وقال النائب الديمقراطي عن نيويورك إليوت إنجيل “بعد أن خالف الرئيس خطة إدارته لفرض عقوبات على روسيا بسبب دعمها للأسد” فهناك حاجة لأن يدفع الكونغرس باتجاه فرض عقوبات جديدة. وأضاف أن “عدم التماسك واضح للعيان” معبراً عن أمله في تقديم الإدارة خطة تدفع باتجاه إنهاء العنف لتضع حداً للعنف وتسهل الطريق نحو الانتقال السياسي وتعبد الطريق أمام مستقبل سوريا لا دور للأسد فيها”. وتتحكم روسيا بالطريق الدبلوماسي الوحيد من خلال مبادرة أستانة فيما يواصل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا جهوده الحثيثة بدون أية نجاحات.
وقال إي ويز ميتشل، مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا في شهادة أمام لجنة الشؤون الخارجية: ” في الأيام والأسابيع المقبلة ستقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بإضعاف وهزيمة تنظيم الدولة ودعم سوريا مستقرة وتحديد التأثير الإيراني”. ولكن لا ميتشل أو ديفيد ساترفيلد، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط والذي جلس خلفه قدم ما قال أعضاء الكونغرس خطة لتحقيق هذه الأهداف. والتقى المشرعون بمسؤولين من الشرق الأوسط عبروا عن قلقهم من الدور الإيراني وما كانوا يريدون معرفته إن كانت خطة الإنسحاب ستهدد الأردن وإسرائيل وهل سيعني هذا نهاية للبنان وماذا تعني هذه لحلفائنا في المنطقة، وتساءل نائب “ما هي الاستراتيجية، أين الاستراتيجية خاصة في سوريا”.