تباين آراء الاقتصاديين بشأن سلامة الاصول الخليجية بالسندات الأمريكية اذا تفاقمت ازمة اغلاق الحكومة وسقف الدين بالولايات المتحدة
11 - أكتوبر - 2013
حجم الخط
0
الرياض – من فارس كرم:’ حذر اقتصاديون سعوديون من تأكل الاصول الحكومية السيادية للحكومة السعودية والحكومات الخليجية نتيجة لتراجع سعر صرف الدولار على المديين المتوسط والطويل في حال تفاقم الأزمة الأمريكية. واقترحوا استثمار هذه الأموال في الاقتصادات المحلية، أو البحث عن سندات أخرى بدرجة أمان مرتفعة منها السندات الالمانية أو اليابانية. لكنهم قللوا من تأثير الأزمة على البنوك السعودية أو الخليجية نظرا لانكشافها الضئيل على الخارج. وتستثمر السعودية، أكبر اقتصاد عربي وأكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، 73′ من احتياطاتها البالغة 700 مليار دولار في الخارج، وخصوصا في أوراق مالية بما يعادل 512 مليار دولار. وكان البيت الأبيض قد أصدر أوامره إلى دوائر الحكومة الفيدرالية بوقف جزئي للعمل فيها، بعدما أخفق الكونغرس في التوصل إلى اتفاق بشأن ميزانية العام الجديد. وحذر رئيس الأبحاث والمشورة لدى شركة البلاد للاستثمار بالسعودية، تركي فدعق، من تآكل الاصول الحكومية السيادية للسعودية والحكومات الخليجية نتيجة لتراجع سعر صرف الدولار على المديين المتوسط والطويل نتيجة الأزمة الأمريكية. وقال في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول إنه من المهم على الجهات المسؤولة عن إدارة تلك الاستثمارات أن تعيد النظر بها. وعن البدائل المتاحة لهذه الاستثمارات، قال: يمكن استثمار جزء منها داخليا، لكن الاقتصاد السعودي لا يستوعب كامل هذه الأموال، واستثمارها كاملة بالداخل سيؤدي لرفع مستوى التضخم محليا. واقترح فدعق أن يتم استثمار جزء من الاحتياطيات في الخارج دون التركيز على السندات الأمريكية، على أن يتم تنويع هذه الاستثمارات. وقال ان تحديد الدول أو الأدوات المالية التي سيتم الاستثمار بها تحتاج لدراسة من قبل الجهات المسئولة وفقا لأهدافها من تلك الاستثمارات. واستبعد فدعق تأثر البنوك السعودية أو الخليجية بالأزمة، نظرا لعدم وجود استثمارات في السندات الأمريكية، أو لضالتها اذا كانت موجودة. وقال فهد التركي، كبير مديري إدارة الأبحاث في شركة جدوى للاستثمار، إنه لا توجد معلومات رسمية عن الاستثمارات الحكومية أو الخاصة للدول الخليجية أو السعودية في السندات الأمريكية أو البورصات الأمريكية. وذكر في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، أنه من المهم الإعلان عن هذه البيانات خاصة وأن دول الخليج تنتهج سياسة تثبيت سعر صرف عملاتها مقابل الدولار. وقال التركي انه بحسب تقديرات منظمات دولية فإن دول الخليج تستثمر 70 إلى 85′ من إجمالي استثماراتها في الأوراق المالية في الخارج في السندات الحكومية الأمريكية. وأضاف أن التقديرات تشير إلى أن السعودية تستثمر ما بين 350 إلى 380 مليار دولار من إجمالي استثماراتها في الأوراق المالية في الخارج والبالغة 512 مليار دولار بنهاية آب/أغسطس 2013. وذكر ان الأزمة الأمريكية لها شقين، الأول خاص بالميزانية وهذا سيستغرق وقتا طويلة لكنه لا يؤثر على الدين العام للدولة. والشق”الثاني خاص بالدين العام الأمريكي وهذا مر بأكثر من مرحلة، والذي غالبا سيتم التوصل لحل قبل الهاوية كما حدث في المرة الأخيرة العام الماضي حسبما يرى التركي. وتوقع التركي ان يتم رفع الدين الأمريكي وألا يحول الخلاف السياسي دون ذلك. وقال ان الدولار الأمريكي لم يتراجع كونه العملة الرئيسية للاحتياطيات، والنفط يتم تسعيره به، لا تأثير للأزمة على سعر صرف عملات دول الخليج. وأوضح التركي ان عدم تراجع الدولار رغم الأزمة ناتج عن العوامل السابقة ولعدم وجود بديل له، ولم يعد اليورو أو الين بعد لأن يكون بديلا للدولار في الاحتياطيات، لذا لا تزال الثقة كبيرة في السندات الأمريكية والدولار كعملة. وعن المصارف الخليجية وتأثرها بالأزمة قال إن تأثرها ضعيف جدا نظرا لان انكشافها على الخارج بشكل عام ضئيل جدا بعد الأزمة المالية العالمية. واضاف ان مطلوبات البنوك السعودية ونظيرتها الخليجية من الخارج محدودة للغاية، إضافة إلى أن معدلات السيولة لدى البنوك السعودية والخليجية مرتفعة جدا وليست في حاجة لسيولة خارجية. ويرى التركي أن البدائل أمام الاستثمارات الخارجية للسعودية ودول الخليج في حال تفاقم الأزمة الأمريكية، سيكون بالاستثمار”في سندات حكومية أخرى مصنفة عند’AAA’ويأتي على رأسها السندات الالمانية واليابانية. وذكر ان استراتيجية البنوك المركزية بشكل عام تعتمد على 3 أسس هي الأمان، والسيولة، والعائد إلا أنه أقل أهمية. وقال الكاتب الاقتصادي والمحلل المالي ،محمد العنقري، إن ما يحدث في الولايات المتحدة لم يصل إلى مرحلة الأزمة بعد، بل ما زالت هناك مفاوضات لم تنتهي إلا 17 من الشهر الجاري. وقال في اتصال هاتفي مع”الأناضول إنه في حال عدم التوصل لحل سيكون هناك أثار اقتصادية عدة على الاقتصاد الأمريكي، منها تراجع النمو والناتج المحلي، وارتفاع معدل البطالة. وأضاف أن ذلك سينعكس بالضرورة على نمو الاقتصاد العالمي، وعلى الدول المصدرة للولايات المتحدة ومنها السعودية و الدول الخليجية التي تصدر اليها النفط والبتروكيماويات. أما عن الاستثمارات السعودية في السندات الأمريكية قال العنقري إن الضمانات لهذه السندات مرتفعة جدا بالتالي مخاطر الاستثمار بها منخفضة، لكن في حال تفاقم الأزمة ستتراجع الثقة في السندات الأمريكية، وسيرتفع سعر الفائدة عليها. وأوضح ان البديل الأنسب للاستثمارات السعودية والخليجية، هو الاستثمار المحلي في مشروعات البنية التحتية مثل التعدين والنقل والصناعات المختلفة. ولفت إلى”أن الاستثمار الداخلي دائما أفضل لأنه يرفع الناتج المحلي للدولة ومستوى انتاجيتها والصناعات لديها، ويخلق ثروات ضخمة للاقتصاد. وقال العنقري إن الاستثمار الداخلي لابد أن يكون الاقتصاد قادرا على استيعاب هذه الأموال. واشار إلى أن الاستثمارات السعودية ليست جميعها في الولايات المتحدة، بل موزعة على دول اخرى، ومن الأفضل مستقبلا ان يتم تنويع وتوزيع تلك الأموال. واتفق العنقري مع التركي، في ان المانيا واليابان اقرب البدائل في حال اللجوء للاستثمار الخارجي لقوة الدولتين الاقتصادية، وارتفاع درجة الأمان لديهما. وكان عضو اتحاد المصارف العربية والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية بالبحرين، عدنان يوسف، قد قال ‘للأناضول’، إن استثمارات الحكومات والأجهزة السيادية الخليجية في السندات والبورصات الأمريكية، والتي تفوق تريليون دولار، ستتأثر سلباً في حال استمرار أزمة الميزانية الأمريكية. وذكر أن استثمارات المصارف العربية في السندات الأمريكية تتراوح ما بين 200 و 30 مليار دولار.ورغم ضخامة الرقم، قال يوسف، إن تأثر هذه الاستثمارات بالأزمة الأمريكية لن يكون كبيراً، نظراً لسرعة حركتها دخولا وخروجا في سوق السندات الأمريكية.