سنغافورة/نيويورك/طوكيو – رويترز: تسارع شركات تكرير النفط الآسيوية إلى إيجاد إمدادات بديلة تأهبا لمواجهة تداعيات إعادة فرض عقوبات أمريكية على إيران، أحد كبار مُصَدِري النفط، في ظل سوق تشهد بالفعل شحا في المعروض.
وإيران ثالث أكبر منتج للنفط داخل منظمة البلدان المُصَدِّرة للنفط «أوبك»، وأحد كبار المُوَرِّدين خصوصا لشركات التكرير في آسيا.
وتخطط الولايات المتحدة لفرض عقوبات مجددا على إيران من جانب واحد بعد انسحابها من الاتفاق النووي.
ويعتمد الاقتصاد الإيراني اعتمادا شديدا على إيرادات النفط. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية ان العقوبات الجديدة ستشمل إجراءات تستهدف قطاعي النفط والشحن، مع منح الشركات الأمريكية مهلة مدتها ستة شهور لإنهاء العقود والأعمال وسحب أموالها من البلد.
ولم تتشاور إدارة ترامب مع الشركات قبل اتخاذ قرار الانسحاب من الاتفاق النووي.
وقال مسؤول كبير في إفادة بهذا الشأن لوزارة الخارجية الأمريكية «لم نتحدث مع أي من شركات القطاع الخاص قبل إعلان الرئيس».
يذكر أنه في الجولة السابقة من العقوبات هبطت إمدادات النفط الإيرانية بنحو مليون برميل يوميا، لكن طهران عادت مجددا إلى مصاف كبار مُصَدِّري النفط بعد رفع العقوبات في يناير/كانون الثاني 2016.
ومنذ ذلك الحين عززت إيران الإمدادات وأنتجت 3.81 مليون برميل يوميا في مارس/آذار الماضي وهو ما يشكل نحو أربعة في المئة من الإنتاج العالمي. وبلغ متوسط صادراتها من الخام ما يزيد على مليوني برميل يوميا في الفترة بين يناير ومارس.
ويتوقع محللون الآن أن تتراجع إمدادات إيران بما يتراوح بين 300 ألف برميل يوميا إلى مليون برميل يوميا وفقا لعدد الدول التي ستصطف مع واشنطن.
وكما هو متوقع ستسعى الدول الآسيوية التي تعتمد بدرجة كبيرة على الإمدادات النفطية الإيرانية إما إلى إقناع أمريكا باستثنائها من تأثيرات العقوبات، أو إلى البحث عن مصاددر بديلة في سوق شحيحة.
وبالفعل قالت وزارة التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية أنها تخطط لتقليص الضرر الواقع على شركاتها قدر الإمكان، مضيفة أنها ستسعى للحصول على إعفاء من العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية.
وتظهر البيانات التجارية بالفعل تراجعا في إمدادات النفط الإيرانية إلى اليابان وكوريا الجنوبية. وأكدت مصادر في قطاع التكرير أنهما بدأتا في تعديل مشترياتهما استعدادا لتجديد العقوبات.
فقد أوضحت بيانات تتبع السفن أن شحنات النفط الخام الإيرانية إلى اليابان وكوريا الجنوبية انخفضت بنحو النصف من ذروتها في فترة ما بعد رفع العقوبات والتي سجلتها في مارس/آذار 2017، لتصل إلى أعلى قليلا من 300 ألف برميل يوميا في أبريل/نيسان.
أما الصين فهي أكبر مشتر منفرد للخام الإيراني، إذ استوردت في المتوسط نحو 900 ألف برميل يوميا في منتصف 2016، لكنها قلصت الشحنات إلى نحو 600 ألف برميل يوميا في عام 2018.
وقال مسؤول كبير في إحدى شركات النفط الصينية الكبيرة، طالبا عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام، إان العقوبات الجديدة ستضر شركات التكرير الصينية لأنها سترفع سعر الخام، أهم لقيم (المادة الأولية الأساسية) في صناعة النفط.
لكن شركات التكرير الصينية قالت ان هناك إمدادات بديلة خاصة في روسيا والسعودية وغرب أفريقيا.
وفي الهند، وهي أيضا من كبار مشتري الخام الإيراني، تأمل شركات التكرير بأن تواصل استيراد النفط الإيراني، ذلك أنه في آخر جولة من العقوبات حصلت الهند على إعفاء يسمح باستيراد كميات محدودة من النفط الإيراني وسداد ثمنها بالروبية وليس الدولار الأمريكي.
وقال ر. راماتشاندران، رئيس المصافي في شركة «بهارات بتروليوم» الحكومية للنفط «سيكون هناك تأثير (للعقوبات الجديدة) في الهند لكنه لن يكون كبيرا جدا».
وعندما تم تخفيف العقوبات المفروضة على طهران في عام 2016، زادت الهند وارداتها من إيران إلى نحو 900 ألف برميل يوميا في أواخر 2016، لكن الإمدادات انخفضت إلى نحو 500 ألف برميل يوميا منذ بداية العام الحالي.
يشار إلى ان التهديد بفرض عقوبات جديدة يأتي في ظل وصول الطلب في آسيا – أكبر منطقة مستهلكة للنفط في العالم – إلى مستوى قياسي، بينما يقيد كبار المنتجين الإمدادات لدعم الأسعار، ومن بينهم السعودية أكبر مُصَدِّر للنفط في العالم وروسيا أكبر المنتجين.
ونتيجة لذلك انخفضت مخزونات النفط الخام في الدول المتقدمة بشدة في فترة العام ونصف العام الماضية إلى 2.85 مليار برميل، وهو ما يتجاوز بقليل متوسط المخزونات في خمس سنوات.