بغداد ـ «القدس العربي»: إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن اعتقال خمسة من قيادات «الدولة الإسلامية»، زاد من أهمية الانجاز، الذي كشفت عنه الحكومة العراقية، أمس الخميس، وبثت اعترافات لثلاثة من أبرز قيادات التنظيم في سوريا.
واثنان من الذين بثت اعترافاتهم يعتبران من أشهر وجوه «الدولة» في دير الزور، واعتمد عليهما التنظيم في تمدده وخوض أهم معارك التوسع في المناطق العشائرية، وهما أبو سيف الشعيطي، وصدام الجمل.
وكتب ترامب في تغريدة على تويتر «أبرز خمسة مطلوبين من قادة الدولة الإسلامية اعتقلوا توا» دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.
المستشار الأمني للحكومة العراقية هشام الهاشمي، قال إن ضباطا في المخابرات العراقية يحتجزون أحد مساعدي أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم «الدولة»، وأنهم استخدموا تطبيقا على هاتفه المحمول للإيقاع بأربعة من قادة التنظيم.
وبين أن «السلطات التركية ألقت القبض على إسماعيل العيثاوي المعروف كذلك بكنيته أبو زيد العراقي في فبراير/ شباط في تركيا وسلمته لمسؤولين في المخابرات العراقية.
ووصف، العيثاوي بأنه مساعد مباشر للبغدادي وكان مسؤولا عن التحويلات المالية إلى الحسابات المصرفية للتنظيم في عدة دول.
وقال إن ضباط المخابرات العراقية استخدموا تطبيق تليغرام للرسائل على هاتف العيثاوي للإيقاع بقادة آخرين من التنظيم واستدراجهم لعبور الحدود من سوريا إلى العراق حيث ألقي القبض عليهم.
وتابع أن من بين المقبوض عليهم صدام الجمل وهو سوري كان والي منطقة شرق الفرات في التنظيم.
وأوضح أن «العملية تمت بالتعاون مع المخابرات الأمريكية من ضمن التحالف والمخابرات التركية» مشيرا إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية على جانبي الحدود السورية العراقية.
وتابع أن ضباط المخابرات العراقية والأمريكية تمكنوا، بعد القبض على العيثاوي، من الكشف عن الحسابات المصرفية للتنظيم وجميع الشفرات التي كان يستخدمها.
وإلى جانب العيثاوي والجمل، تم اعتقال ثلاثة قادة ميدانيين هم السوري محمد حسين حضر، والعراقيان عمر شهاب الكربولي وعصام عبد القادر الزوبعي.
وقال الهاشمي إن «الحبل يضيق» حول البغدادي زعيم التنظيم واسمه الحقيقي إبراهيم السامرائي..
ومع اجواء عدم الثقة بروايات الأجهزة الرسمية العراقية، تداول بعض المطلعين فرضيتين لاعتقال قادة «الدولة»، الأولى، أن تركيا اعتقلتهم مع القيادي الذي أعلن عنه قبل أيام، أبو زيد العراقي العيثاوي، لكن هذه الفرضية تتجاهل لأن اثنين من لأبرز المعتقلين يحملان الجنسية السورية، ولا يمكن للحكومة التركية تسليمهما للعراق.
الفرضية الثانية، تحدثت عن عملية إنزال أمريكية قبل نحو شهرين، نفذتها قوات التحالف في بلدة الشعفة في ريف دير الزور، التي لا تزال لليوم من المعاقل القليلة الباقية بيد التنظيم.
ووقعت العملية في حي الكشمة، وأعلن حينها عن اعتقال عدد من قيادات التنظيم، ولكن ما تسرب عبر مصدر مطلع على أوضاع التنظيم، تحدثت إليه «القدس العربي» في ريف دير الزور، يشير إلى أن رواية المسؤولين الاستخباريين العراقيين، والتي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، حول استدراج قادة التنظيم، تبدو صحيحة.
فقد نقل المصدر، وهو من السكان المحليين في ريف دير الزور، أن الكثير من عناصر وقيادات التنظيم في البلدات المحاصرة في الباغوز وهجين والشغفة في دير الزور، يتحدثون عن كمين و خدعة، وقعت فيها القيادات المعتقلة، من خلال استدراجهم من القيادي الذي سبق أن اعتقل في تركيا، وهو عضو اللجنة المفوضة، لأبو زيد العيثاوي.
استجواب العيثاوي
وتتطابق هذه الرواية مع ما نشرته الصحيفة الأمريكية عن أن محققي الاستخبارات العراقية والأمريكية تتبعوا العيثاوي، وأبلغوا الجانب التركي بتواجده في مدينة سكاريا مع زوجته السورية، ليتم اعتقاله وتسليمه للعراق، وبعد تسليمه، قاموا باستجوابه على مدى عدة اسابيع ليحصلوا من خلاله على معلومات قيمة عن مواقع تواجد قيادات التنظيم في ريف دير الزور، وإن عملية الاستهداف التي تمت في منطقة هجين، وأسفرت عن مقتل عدد من القادة منتصف أبريل/ نيسان المنصرم.
ولكن «الفخ» الأهم الذي نصب لقيادات التنظيم، كان من خلال قيام العيثاوي بالاتصال بهم، دون معرفتهم باعتقاله، واستدراجهم للجانب العراقي لتتمكن القوات الأمريكية من اعتقال القيادات، ومن ضمنهم إضافة للشعيطي والجمل، الزوبعي وحضر والكربولي.
من «الحر» إلى التنظيم
أبو سيف الشعيطي، واسمه الحقيقي، محمد حسين الديري، من أبناء بلدة الكشكية، انضم للفصائل المعارضة ضد النظام منذ بداية الثورة السورية، ومنها لواء أبو جعفر الطيار ولواء «أحفاد الرسول» مع صدام الجمل، وأسس «لواء الامة» وذهب معه للقصير في محاولة لمساندة فصائل المعارضة التي تعرضت لهجوم النظام.
وكان التحاقه بـ«الدولة» مفاجئا، كونه ضمن المطلوبين على قوائم التنظيم، وبعد التحاقه به، شارك بقوة في عمليات السيطرة على الميادين والعشارة وقرى عشيرته في الشعيطات، مع القياديين الآخرين في التنظيم، جعفر الخليفة ومحمو المطر وعامر الرفدان.
أما صدام الجمل، فكان نائباً لرئاسة أركان الجيش الحر في المنطقة الشرقية، وهو ينتمي لبلدة البو كمال على الحدود العراقية السورية، وانخرط في عدة فصائل مثل «لواء الله أكبر» ولواء «أحفاد الرسول» بقيادة الضابط المنشق ماهر النعيمي.
وتولى الجمل قيادة تجمع «الوية أحفاد الرسول» في المنطقة الشرقية لفترة من الزمن، قبل أن يدخل بنزاعات مع جبهة «النصرة» التي كانت تعتمد على بلدة الشحيل وأبنائها، مما ولد نزاعات عشائرية دفعته وغيره من قيادات الفصائل في دير الزور للانضمام لتنظيم «الدولة».