سازلبوسنا(تركيا) – رويترز: عندما حاول سكان قرية سازلبوسنا التركية القريبة من مدينة إسطنبول حضور اجتماع عام عن خطة الحكومة لحفر قناة عرضها 400 متر عبر أراضيهم الزراعية منعتهم الشرطة.
وستربط «قناة إسطنبول» التي ستقطع مسافة 45 كيلومترا بين المياه شمالي وجنوبي المدينة وستخفف من حركة المرور في مضيق البوسفور الممر العالمي الكبير للشحن. وستعيد القناة رسم خريطة إسطنبول إحدى أكبر المدن في أوروبا إذ ستحول شطرها الغربي إلى جزيرة.
وشكك منتقدون، بينهم اتحاد الغرف التركية للمهندسين والمهندسين المعماريين، في الحاجة إلى حفر القناة، وحذروا من أن المشروع سيدمر موقعا أثريا قريبا من اسطنبول يعود تاريخه إلى 8500 عام وسيتسبب في ضرر بيئي واسع النطاق.
ومن المقرر أن تصل تكلفة القناة إلى نحو 16 مليار دولار. وهي من أبرز مشروعات البُنية التحتية الطموحة للرئيس رجب طيب اردوغان الذي وصفه بأنه مشروعه «المجنون».
وعندما وصل القرويون، الذين يصفون أنفسهم بأنهم مؤيدون لاردوغان إلى مكان الاجتماع في غرب اسطنبول في مارس/آذار، أوقفهم أفراد شرطة مسلحون بالبنادق وأقنعة الغاز المسيل للدموع، وأبلغوهم إن القاعة تكدست ولا تسع المزيد. وكان الهدف من الاجتماع هو السماح للناس بالتعبير عن مخاوفهم ومعرفة المزيد عن المشروع.
وعقد الاجتماع مع عمال قالوا أنهم نقلوا في حافلات من موقع مشروع حكومي كبير آخر. وظل سكان القرية في الخارج وكانوا أكثر من مئة بقليل وبينهم نشطاء مدافعون عن البيئة لم يسمح لهم أيضا بالدخول.
وقال أقطاي تيكيه وهو مسؤول محلي في سازلبوسنا «ينبغي أن يكون ملاك هذه الأراضي في الداخل. إذا جرت مصادرة أراض فستكون أراضينا. سنفقد منازلنا».
وفي حينه شوهد عشرات الرجال يغادرون القاعة ويركبون حافلات بعد الاجتماع. وعند الاقتراب منهم قال ثلاثة رجال أنهم عمال في مشروع بناء مطار جديد ضخم في اسطنبول سيفتتح في أكتوبر/تشرين الأول على الطرف الشمالي من القناة المزمعة.
وقال أحد العمال طالبا عدم نشر اسمه «شارفت المشروعات في المطار على الانتهاء. هذه (القناة) فرصة عمل بالنسبة لنا».
وقال فاتح سانلاف وهو متحدث باسم بلدية أرنافوتكاي ان عددا محدودا من الناس تمكن من حضور الاجتماع. ونفى نقل أي عمال في حافلات لملء القاعة.
ويرى اردوغان أن القناة ستحد من الضغط على مضيق البوسفور، وستحول دون وقوع الحوادث فيه. ويقول ان «المشروعات الكبرى» مثل ثالث مطارات اسطنبول تسهم بشكل كبير في الاقتصاد.
وانتقد اتحاد الغرف التركية للمهندسين والمهندسين المعماريين القناة بوصفها «كارثة» بيئية وحضرية يجب صرف النظر عنها.
ويعيش نحو 369 ألفا في المنطقة التي قد تتأثر بالقناة وفقا لمركز تحليل البيانات التركية، وهو مؤسسة بحثية.
وذكر الاتحاد أن القناة ستدمر مواقع أثرية حول بحيرة كوتشوك شكجمة يعود تاريخها إلى عام 6500 قبل الميلاد، وتضم أقدم دليل على وجود الحِثِّيين في تراقية. وأضاف أن النظام البيئي للبحيرة والضروري للحيوانات البحرية والطيور المهاجرة سيدمر أيضا.
وأشار الاتحاد أيضا إلى أن القناة ستدمر حوضين يزودان قرابة ثلث إسطنبول بالمياه العذبة وستزيد ملوحة المياه الجوفية مما سيؤثر على أراض زراعية وصولا إلى منطقة تراقية المجاورة.
وذكر الاتحاد أن مشروع القناة سيزيد أيضا مستويات الأكسجين في البحر الأسود وسيضر بالحياة البرية.
وستبني تركيا ثلاث مجموعات من الجزر الصناعية قبالة الساحل في بحر مرمرة مستخدمة التراب والحجارة الناجمين عن الحفر لشق القناة. لكن نشطاء في مجال الدفاع عن البيئة يقولون إن ذلك سيتسبب في تلوث.
ولم ترد وزارة البيئة التركية على طلبات تعقيب.
وكتب تيكيه، المسؤول في بلدة سازلبوسنا، خطابا إلى إردوغان ورئيس الوزراء والأجهزة الحكومية للمطالبة بالمزيد من المعلومات عما سيحدث لكن دون جدوى.
ووعد اردوغان بطرح العطاء الخاص بمشروع القناة قريبا قائلا إن المشروع سينفذ بغض النظر عن أي شيء. وقال «سواء أرادوها أم لا… سنحفر قناة اسطنبول».