مونتيفيديو: تواجه دول أمريكا اللاتينية معضلة دبلوماسية كبيرة تحتم عليها الاختيار ما بين ابقاء سفارتها في تل أبيب ونقلها إلى القدس بعد قرار الولايات المتحدة المثير للجدل.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعلن في 6 كانون الاول/ ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده اليها من تل ابيب ما أثار استياء المجتمع الدولي والفلسطينيين.
وحتى الآن اعلنت دولتان فقط من أمريكا اللاتينية هما غواتيمالا وباراغواي نقل سفارتيهما إلى القدس.
وسيحضر رئيس غواتيمالا جيمي موراليس حفل افتتاح سفارة بلاده في القدس الاربعاء، بعد يومين من تدشين السفارة الأمريكية في المدينة الذي يصادف في الذكرى السبعين لقيام دولة إسرائيل.
أما باراغواي فقد اعلنت انها ستنقل سفارتها في اواخر ايار/ مايو الجاري.
– تفسير القرارات؟
ويقول مارسيو بالاسيوس مدير كلية العلوم السياسية في جامعة سان كارلوس في غواتيمالا “إنه تصرف وضيع من قبل رئيس (موراليس) تكبل يديه السياسة الخارجية للولايات المتحدة”.
ويتابع بالاسيوس أن الطائفة الانجيلية لرئيس الدولة تلعب أيضا دورا في ذلك معربا عن “اسفه لعدم تمييز الرئيس موراليس بين ما يمثله وما يؤمن به”.
وبحسب احدى عقائدهم يؤمن الانجيليون إن إعادة بناء اليهود لهيكل سليمان في القدس يمهد لعودة المسيح.
ويمكن اعتبار قرار الرئيس موراليس بمثابة مبادرة للحصول على دعم واشنطن في وقت يوجه القضاء الغواتيمالي واللجنة الدولية لمكافحة الافلات من العقاب في غواتيمالا وهي بعثة تابعة للامم المتحدة مكلفة التحقيق في قضايا الفساد، اتهامات له بالحصول على تمويل غير مشروع لحملته الانتخابية.
ويقول المستشار الاكاديمي باتريسيو نافيا في “مركز الانفتاح والتنمية في أمريكا اللاتينية” (كادال) إن غواتيمالا وباراغواي “تتبعان اجندة الولايات المتحدة. كلما كانت الدول ضعيفة كانت اكثر عرضة للضغط”.
– دول أخرى قد تحذو حذوهما
يخوض كل من الاسرائيليين والفلسطينيين حملة مكثفة في المنطقة تتناول عدة ملفات، من التفاوض على اتفاقات تجارية الى التحذير من “التهديد” الايراني مرورا باماكن وجود السفارات في اسرائيل.
ومؤخرا أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس جولة في أمريكا اللاتينية زار فيها فنزويلا وتشيلي وكوبا.
وقال عباس خلال قمة مع نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو في كراكاس “نأمل من بعض دول القارة الاميركية ان لا تنقل سفاراتها الى القدس لأن هذا الامر يتعارض مع الشرعية الدولية”.
وفي ايلول/ سبتمبر اجرى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو زيارة هي الاولى لرئيس وزراء اسرائيلي إلى أمريكا اللاتينية رافقه خلالها العشرات من رؤساء الشركات.
ويقول غاسبار استرادا مدير مرصد أمريكا اللاتينية التابع لمعهد العلوم السياسية في باريس إن “اسرائيل تنشط سياسيا في أمريكا اللاتينية مستفيدة من الانعطافة اليمينية في المنطقة”.
ويتابع نافيا الاستاذ المحاضر في جامعة نيويورك “لن اكون متفاجئا اذا حذت دول اخرى في أمريكا اللاتينية حذوهما، لكن يبدو لي أن ذلك (نقل السفارات إلى القدس) يصعب أكثر على الدول الكبرى والأقوى في المنطقة”.
وكانت هندوراس وقفت إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل في 21 كانون الاول/ ديسمبر في تصويت في الأمم المتحدة على نص يدين القرار الأمريكي، الا انها لم تعلن نقل سفارتها على الرغم من تصويت البرلمان على نقل السفارة إلى القدس.
– منطقة متمسكة بتعددية الاطراف
اواخر 2017 دانت غالبية دول أمريكا اللاتينية القرار الاميركي واكدت ابقاء سفاراتها في تل أبيب.
كما اعلنت تمسكها بقرارات الأمم المتحدة مكررة التأكيد على أن الوضع النهائي للقدس يجب أن يتم التفاوض بشأنه بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويقول غاسبار إنه بمعزل عن المواقف الأكثر تشددا في أمريكا اللاتينية التي تغذيها معاداة الولايات المتحدة، فإن “المنطقة لطالما تمسكت بتعددية الاطراف”.
ويقول غبريال اوريانا وزير خارجية غواتيمالا السابق (2000-2002) إن قرار الرئيس موراليس يضع البلاد “على هامش الامم المتحدة”.
ويحذر اوريانا من ان “غواتيمالا تضحي بموقعها في عالم تعددي من اجل علاقات ثنائية (…) لا تفيد البلاد كثيرا وتضعها في مرمى نيران دول اخرى في العالم العربي”، مشيرا على غرار مارسيو بالاسيوس الى احتمال أن تشهد غواتيمالا اعتداءات. (أ ف ب)