عندما يعبر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عن قلقه من تغير طعم ماء زمزم بعد ساعات من مشهد ايفانكا ترامب وهي تسدل الستارة عن مقر سفارتها في القدس الشريف.. ينبغي أن يتحسس الأردني رأسه.
وعندما يحاول جاويد كوشنر استباق الأحداث والتجهيز لمراسم تشييع «الوصاية» الأردنية على القدس بعبارته الصادمة والتي يتحدث فيها عن وصاية إسرائيل على كل ما في القدس مع تكرمه بالسماح للمسلمين بأداء الصلاة.. عندما يحصل ذلك ينبغي لعمان كعاصمة سياسية أن تتحسس رأسها.
عندما يجد الأردن باعتباره راعي المقدسات في القدس نفسه مضطرا للتحدث إلى زعيم لا ناقة له ولا بعير في مسار الأحداث مثل الفرنسي ماكرون، علي أنا كمواطن اردني وببساطة أن اقلق ثم أتحسس رأسي لأن التداخل الأردني في النقاط والمراحل التاريخية كان يجري عبر مؤسسات واشنطن نفسها.
في الماضي القريب كان الأردن يستطيع تهديد الرئيس بيل كلنتون بمعادلة تساوي حياة خالد مشعل بعملية السلام نفسها.
في الماضي الأقرب كان المسؤول والسياسي الأردني يصر على ترويج البضاعة التي تقول إن المشكلة الأردنية وليس الفلسطينية تكمن فقط في بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء المتشدد والذكي والذي ألف كتبا تتحدث عن الوطن البديل شرقي نهر الأردن وليس في المؤسسات الإسرائيلية العميقة التي لا تزال عندما يتعلق الأردن في مستوى «الحليب الصافي».
الحليب تعكر ويتعكر ولم يعد صافيا ليس فقط لأن بنية المؤسستين العسكرية والأمنية في إسرائيل تغيرت وتبدلت لصالح اليمين المتطرف ولكن ايضا لأن الأردن فقد سحره القديم في التأثير بمعادلات الداخل الأمريكي والإسرائيلي.
اليوم لم يعد سرا على الاطلاق أن مؤسسات العمق الإسرائيلي يمكنها أن تعبث حتى بالداخل الأردني.
ولم يعد سرا على الاطلاق أن البعض يشتم رائحة هذا العبث وعلى اكثر من صعيد وأن الانقلاب على شريك السلام الأردني لا علاقة له فقط كما يدعي رموز السلطة باليمين الاسرائيلي المتطرف بقدر ما له علاقة بمؤسسات العمق الإسرائيلي التي انقسمت في مسألة الأردن إلى جزأين الأول لا يبالي، والثاني قد يبالي لكنه خارج التأثير في عمق القرار الإسرائيلي.
وليس سرا بالتوازي أن المجتمع الدولي الذي يخاطبه الناطق الرسمي الأردني تكرارا ودوما هو نفسه المجتمع الدولي الذي هضم وتقبل فكرة الفوضى في العراق ولا حقا الفوضى في سوريا.
وهو نفسه المجتمع الذي بقي خارج التأثير تماما حتى عندما حسنت النوايا بالنسبة للحرب التي تدمر اليمن أو للحصار الذي يحاول اخضاع قطاع غزة.
وليس سرا بكل الأحوال أن الأردن وحيد تماما بعدما ارتمت جبهته التحالفية في السعودية ومصر وكذلك الإمارات والبحرين بحضن التكتيك الإسرائيلي. لافت جدا هنا أن هذا الارتماء تم أصلا بدون أي تشاور مع الأردن.
ومخيف أكثر أنه ينمو ويتواصل في أجندة قد تستهدف المصالح الأردنية بما فيها ثوابت الدولة الأردنية بعدما دفنت تماما عملية السلام وخياراتها وهي العملية التي تمأسست حولها فكرة المشروع الأردني السياسي والاقليمي منذ عام 1993 حيث تقلص تدريجي للدور والوظيفة في خريطة المنطقة انتهى بتعقيدات اقتصادية في الداخل الأردني ثم بذوبان تام لمظاهر التأثير الأردني في مسارات واتجاهات الأمور حتى بات الأردن اليوم كاليتيم على مائدة اللئام فلا احد يتحدث معه ولا احد ينتبه لمصالحه.
وبالتأكيد ثمة تقصير ذاتي كبير هنا نتج عن أزمة الادوات وتغييب الطبقة السياسية التي تضم رجال دولة ومفكرين ومثقفين قادرين على المناجزة والمواجهة وابتكار تقنيات وافكار يمكنها استعادة الدور الاقليمي الأردني.
الأخطر قد يكون ما يلي : عدم وجود ضمانات لا أمريكية ولا اسرائيلية لها علاقة باحتمالات العبث في الداخل الأردني وضمن سياق الهوامش الكونية والعالمية التي تقبل الفوضى اليوم في الدول.
الأهم ايضا عدم وجود ضمانات بأن ينجح الإسرائيلي بعد ضم القدس وبالتواطؤ مع الطاقم الأمريكي الجاهل في التفاصيل والذي يدير الامور اليوم في تحويل دور المملكة الأردنية الهاشمية التاريخي في القدس إلى مجرد دور صغير له علاقة بتنظيم الصلاة في المسجد الأقصى وهو امر يخص هيبة الأردنيين وتاريخهم في الدفاع عن الأقصى الذي يسبق تاريخ تأسيس دولة العدو.
نقولها بوضوح أكثر مع كل أنواع الأسف: صحيح أن الأردن قد يكون اليوم هو البلد العربي الوحيد الذي يتخذ موقفا صلبا ومبدئيا من ازمة القدس ويتباين مع موقف كل المزايدين العرب.
لكن الصحيح بالمقابل هو أن جرعة الاهتمام المرجعي السعودي المفاجئة بطعم مياه زمزم وفي توقيت حرج للغاية وبعد تضحيات الفلسطينيين الكبيرة بالدم والأردنيين بكل امكاناتهم لا توجد ضمانة من اي صنف بأن لا يتآمر مجددا الخندق العربي المرتمي بالحضن اليميني الإسرائيلي مستثمرا في حالة الشلل الوطنية الفلسطينية وبهدف تحويل الدور الأردني في الوصاية على المقدسات إلى مجرد رعاية تخص المسجد الأقصى فقط ولها علاقة بإقامة الصلاة وتنظيم المصلين وتوفير «أباريق الوضوء».
هي بالتأكيد رسائل وخطوات مدروسة تتآمر على الأردن والأردنيين.
ومن الواضح أن الانقلاب الأمريكي والإسرائيلي على الأردن نظاما وشعبا أكبر بكثير مما تخيله الجميع. ومن الأوضح أن «تصغير الاكتاف» والاكتفاء بالحد الادنى من ردود الفعل والصبر يؤشر تماما على أن مجسات الأردن العميقة والمهمة تستشعر مثلنا جميعا ذلك الخطر الذي قد لا يقف عند الرغبة في اعادة تصنيف وتسوية وتقنين الدور الاقليمي وقد يصل إلى ما هو اخطر وابعد من ذلك في مؤامرة اعمق على حلم الأردنيين ومستقبلهم ودولتهم ولا نبالغ إذا قلنا هويتهم ومشروعهم.
نحن نقول ذلك ونحذر منه رغم أنه لن يعجب الحكومة ولا الطبقة الحالية من أدوات الادارة التي ساهمت في صناعة المشهد بكل تأكيد.
ونجازف بمثل هذا التشخيص من باب الحرص على الولاء للنظام والانتماء للتراب الأردني ومن باب لفت النظر إلى ان الجميع مستهدف وأن المسألة لا تقف عند حدود تستوجب الاستمرار في انكار الواقع.
ولا تقف عند حدود الرغبة في النفي فقط مع الاسترخاء لأننا نقف مع الشريحة الوطنية الأردنية التي تسأل بحرارة وحرقة وانطلاقا من ولائها وانتمائها عما إذا كانت المؤسسات السيادية العميقة جادة فعلا ليس في قراءة الواقع الذي نتحدث عنه ولكن في الاستعداد لمواجهة في معركة باتت وجودية وبالأدوات البائسة والمراهقة الحالية في مستوى الادارة.
الاستدراك لا يزال ممكنا..ماذا نحن فاعلون؟
٭ إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»
بسام البدارين
طعم ماء زمزم لا يتذوقه الا عباد الرحمن الطيبون. اما بنسبه للمقدسات الاسلاميه اعتقدت اننا حلافاء امريكيا والتي لن تتخلى عن الاردن ولكن ماذا كانت النتيجه. تم تجاهلنا كأننا لم نكن موجودين.
كلام سليم حقيقي وصادق من صحفي عربي منتمي لأمته وغير مأجور . الأردن في محنه منذ فتره ، فقد بريقه وأهميته عندما صعد وتسلم اليمين الامريكي واليمين الإسرائلي سده الحكم ، واصبحت المصلحه الأميركيه عند اليمين ألأمريكي غير مهمه وتسبقها المصلحه الاسرائيليه وان حصل تناقض تاتي مصلحه اسرائيل أولا . كانت القيادات الأمريكيه السابقه جميعها دون أستثناء منحازه لاسرائيل لكنها كانت تأخذ المصلحه الوطنيه الأمريكيه بعين الأعتبار والامثله على ذلك كثيره في زمن كارتر وبوش الأب وكلنتون وغيرهم من الرؤساء السابقين . كان حينها الأردن ودوره في المنطقه في غايه الاهميه وكانت اسرائيل تعلم ذلك ولم تجرأ على الاقتراب منه . أما الآن فالوضع تغير ولا داعي لطول الشرح . بأمكان الأردن تحدي هذا الأمر الواقع بل والانتصار عليه بطرق شتى باستطاعتها أن تزعج وتربك اليمينيين الأمريكي والأسرائيلي وافهامهما أنه ليس بالأمكان تعدي الأردن ودوره . تلك سياسات واستراتيجيه عليا من المؤكد أن ولاه الأمر والمسوؤلين ورجال السياسه في الأردن على درجه من الذكاء والوعي ويفهمونها تماما . لكن المهم والأهم هو رص الصفوف والوحده الوطنيه الحقه بين جميع فئات الشعب دون أسثناء وعدم السماح أو اعطاء دور لمن يتصيدوا الفرص والتكسب منها وذلك سهل اذا ما كان الأخلاص موجودا والعيون والعقول مفتوحه ومنفتحه .
لو صدقت النوايا فان الحل موجود والشعب جاهز وعنده القدره على الصبر والمواجهه وأهل غزه ليسوا ارجل من الأردنيين مع فارق القدرات الموجودة في الدولة الأردنيه ،الكل يعلم انه على الاْردن ان يجهز الدولة وكأنها سوف تتعرض للغزو في اَي لحظه وعند ذالك سيتم الاستماع للأردن وقيادته ،ولكن اعود وأقول لو صدقت النوايا فاني اقسم ان سيناريو الوصول الى ألقوه جاهز بخطوات بسيطه ولكن ……!!!.