القاهرة ـ «القدس العربي»: انطلقت، أمس الأربعاء، المرحلة الأولى من انتخابات النقابات العمالية، وسط انتقادات لأداء الأجهزة الأمنية التي استبعدت ما يزيد عن 1500 مرشح من قوائم المرشحين في محافظة القاهرة وحدها، حسب برنامج حرية تعبير العمال والحركات الاجتماعية في «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان».
وأدان البرنامج ما وصفها بـ«عملية الإقصاء الممنهجة» التي تتبعها الأجهزة التنفيذية لاستبعاد ما يزيد عن 1500 مرشح من قوائم المرشحين في محافظة القاهرة في المرحلة الأولى من الانتخابات النقابية التي تشمل اللجان النقابية التي تتبع وزارة القوى العاملة ومديرياتها.
وتجرى الانتخابات اليوم في باقي لجان المرحلة الأولى التي تتبع التصنيف النقابي للعاملين في النقل البري، والسكة الحديد، والمرافق العامة، والتجارة، والزراعة والري والصيد، والبنوك والتأمينات، والتعليم والبحث العلمي، والسياحة والفنادق، والخدمات الإدارية والاجتماعية، والإنتاج الحربي، والبترول، والضرائب والأعمال المالية.
وكانت حالة من السخط الشديد سادت وسط المرشحين الذين توافدوا على مقر لجنة التظلمات في قاعة الفروسية في استاد القاهرة لمعرفة الكشوف النهائية. وجلس المئات من القيادات النقابية في الشمس والحر الشديد على الرصيف، محاطين بشاحنات وجنود الأمن المركزي بعد اختفاء المستشار المسؤول عن إعلان نتيجة التظلمات عن الأنظار دون أن يسلم الكشوف النهائية للمرشحين.
إقصاء
واستبعدت لجنة التظلمات في القوى العاملة نحو 1500 مرشح نقابي من الكشوف النهائية للمرشحين، بينهم 11 مرشحا لرئاسة وعضوية اللجنة النقابية في مصنع 63 الحربي. ومن بين المستبعدين المرشحون الخمسة لرئاسة اللجنة النقابية، في الوقت الذي فوجئ فيه المستبعدون بإضافة اسم جديد لرئاسة اللجنة والفوز بالتزكية.
وحسب «برنامج حرية تعبير العمال والحركات الاجتماعية» في «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، فإن «عملية إقصاء القيادات النقابية غير الموالية للسلطة التنفيذية هي استمرار لمسلسل التعسف تجاه حقوق العمال وبشكل خاص حقهم في التعبير عن رأيهم، واختيار ممثليهم، ونحمل مسؤوليته لوزارة القوى العاملة».
وأضاف أن «استبعاد القيادات النقابية الجادة يأتي بناءً على تعليمات جهاز الأمن الوطني لتخلو قوائم المرشحين من القيادات النقابية الناشطة وسط العمال».
واعتبر أن «إجبار القيادات النقابية على اﻻنتظار في الشمس وفي جو شديد الحرارة والرطوبة، هو عملية عقاب فرضتها عليهم الأجهزة الأمنية نتيجة اعتراضهم على القرارات البوليسية باستبعادهم من الترشح».
وبين أن «مرحلة توفيق أوضاع النقابات العمالية طبقا لقانون التنظمات النقابية، شهدت عددا من اﻻنتهاكات لوضع العراقيل الإدارية أمام اللجان النقابية المستقلة لتوفيق أوضاعها من مثل رفض الوزارة لاستلام الأوراق المطلوبة رغم اكتمالها وفقا للقانون واللائحة التنفيذية ما دفع العديد من اللجان النقابية إلى إرسال المستندات المطلوبة على يد محضر».
وطالب وزارة القوى العاملة بـ«وقف تدخل الجهات البوليسية في عملية اﻻنتخابات النقابية وإعطاء الفرصة للعمال للتعبير عن إرادتهم الحرة».
السيطرة على المؤسسات
حركة «الاشتراكيون الثوريون»، اتهمت نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالسعي للسيطرة بالقوة على كل المؤسسات التمثيلية سواء رئاسية أو برلمانية أو طلابية.
وقالت في بيان: «مجزرة الشطب، التي تشهدها الانتخابات العمالية التي تجرى للمرة الأولى منذ عام 2006 سبقتها عراقيل شتى لمنع النقابات المستقلة من توفيق أوضاعها». وتابعت أن «النظام الرأسمالي الاستبدادي الحاكم يواصل مسلسل تكميم الأفواه بمنع الملايين من العاملين بأجر من اختيار مُمَثِّليهم، فكل من ضُبِطَ مرة يدافع عن حقوقه وحقوق زملائه تم شطبه».
وزاد: «المطلوب أن يتصدَّر المشهد رجال الإدارة والأمن، بعد أن باتت اللحظة مناسبةً لعودة رجال موقعة الجمل لكي يتصدَّروا مشهد الحركة النقابية المصرية على خلفية انتصار الثورة المضادة».
يذكر أن موقعة الجمل، هي حادثة شهيرة هاجم خلالها بلطجية الثوار المعتصمين في ميدان التحرير يوم 2 فبراير/ 2011، لإجبارهم على مغادرة الميدان، وقتل وأصيب فيها المئات، واتهم بالتخطيط لها عدد من قيادات الحزب الوطني المنحل، منهم عائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة وحسين مجاور رئيس اتحاد العمال آنذاك، قبل أن تبرئهم محكمة مصرية.
في المقابل، قال وزير القوى العاملة، محمد سعفان، إن «الانتخابات العمالية التي تجرى على مستوى الجمهورية ستفرز نسبة 80٪ قيادات شابة قادرة على ممارسة العمل النقابي، وتؤدي أدوارا فاعلة لتحقيق الاستقرار في المنشآت وزيادة الإنتاج وتحسن الأداء الاقتصادي بالتبعية».
وأضاف خلال تصريحات صحافية على هامش إجراء الانتخابات العمالية، أن «الأمر لن يتوقف عند إجراء الانتخابات، لكن الوزارة ستشارك في أعمال تثقيف هؤلاء القيادات الجدد من خلال برامج تدريبية متنوعة».
وتجرى الانتخابات العمالية على 3 مستويات تنظيمية بشكل هرمي، يبدأ باللجان النقابية للمنشآت والمصانع والشركات، وذلك على مرحلتين (23 ـ 24 مايو/ أيار) و(31 مايو/ أيار) الجاري، والثاني يتعلق بمجالس إدارات النقابات العامة، التي تشكلها تلك اللجان النقابية (7 يونيو/ حزيران المقبل).
أما المستوى الأخير، فيتعلق بـ«الاتحادات النقابية العمالية» (13 يونيو/ حزيران) التي تشكلها مجالس إدارات النقابات العامة، استجابة لتشريع أقره البرلمان نهاية 2017.
وعدد المتقدمين للترشح على مستوى الجمهورية 20 ألفا و87 متقدما، منهم 17 ألفا و974 للعضوية اللجان النقابية، و2113 متقدما لرئاسة اللجان التي يصل إجماليها إلى 1191 لجنة نقابية، من 2114 لجنة وفقت أوضاعها.
الانتخابات ستتم على مرحلتين، الأولى يومي 23 و24 مايو/ أيار الجاري، والثانية يوم 31 مايو/ أيار الجاري.
وقبل ثورة يناير، لم تسمح الدولة بتشكيل نقابات مستقلة أو بالتعدد النقابي، وقاد العمل النقابي في مصر التنظيم الرسمي، لكن بعد ثورة يناير اتجه العمال لتشكيل تنظيماتهم المستقلة، ما أفقد التنظيم الرسمي التابع للنظام الحاكم دوره المعتاد في السيطرة على العمال.
وبعد أحداث 30 يونيو/ حزيران 2013، اتجهت الدولة لحصار التنظيمات النقابية المستقلة، وتم تشريع قانون يلغي وجودها ويطالبها بإعادة توفيق أوضاعها، وهو القانون الذي عرف بقانون المنظمات النقابية العمالية رقم 213 لسنة 2017. وصدرت اللائحة التنفيذية للقانون في 15 مارس/ آذار الماضي، ومنحت المنظمات المستقلة مدة 60 يوماً لتوفيق أوضاعها، واتهمت المنظمات الأجهزة الحكومية بمحاولة التضييق عليها وعرقلتها حتى لا تتمكن من توفيق أوضاعها خلال المدة المحددة.